شعر: “الغرب يكتب قصيدة غزل” – د. بشر محمد موفق

بعد بداية إعلان الأزمة المالية العالمية في شهر 9/2008م كبتُ هذه القصيدة، أقول فيها:
 
 

الغربُ يكتب شعرَه بهيامِ —————– غزلاَ بحَلٍّ ناجعٍ وسلامِ

بل يرسل القُبلاتِ تَتْرى نحونا ————– مُتَغَزِّلاً بشريعة الإسلامِ

هو لم يَتُبْ عن غيِّهِ وضلالهِ ———- ويَثُبْ إلى العقل الرشيد السامي

لكنه في الشرع أبصر جُنَّةً ————— من أزمةٍ وتدهورٍ وظلامِ

من أزمةٍ ماليةٍ في غربهم —————- مشهودةٍ ومَهُولةِ الأرقامِ

عشرون مليونا أُقيلوا دفعةً ———— وأتى الكساد كأنه “تسونامي”

قد فَجَّر الرهنُ العقاريُّ البئيـ ———– ـسُ نظامَهم في عالمِ الأصنامِ

صنم الصناعة والتجبُّر والهوى ————- وعبادة الدولارِ والآثامِ

قد كان رهنهمُ ضمانَ ديونِهم ————– فغدا مخاطرةً بغَيْرِ لِجَامِ

وتفننوا في خَلْقِ نَقْدٍ حادثٍ ————– من غير ضبطٍ ظاهرِ الإحكامِ

وأرى بِبَيْعِ الهامشِ اسْتِئْصالَهمْ ———- وجنوحهم للطيش والإضرامِ

فنقودُهم تَلِدُ النقودَ بفضلِهِ ————– ألفاً من الأضعافِ والأوهامِ

لكنْ “جحا” قد قال: (ما مِنْ والدٍ ———- إلا يموت على مدى الأيامِ!)

هذي اقتصاديَّاتُهُمْ في حالةٍ ————– يُرْثَى لها تشكو من الأسقامِ

فالقرضُ يَضْرِبُ فيهمُ أطنابَهُ ————— مُتَفَجِّراً من كثرةِ الآلامِ

ورمٌ على ورمٍ لنهبِ فوائدٍ ———— حتى غَدَتْ هرماً من الأورامِ

والكلُّ ينهشُ راتبَ المستهلكِ الْـ ——– ـمسكينِ حتى باتَ دونَ عظامِ

هذا الركودُ تضخُّمِيٌّ بائسٌ ———– فيهِ الكسادُ مع الغلاءِ الحامي

والآنَ جاؤوا يكتبون قصيدةً ————- غزلاً بِحَلٍّ ناجعٍ وسلامِ

يرجونَهُ مِنَّا لِيُنْقِذَ عالَماً ———— قد بات يَرْعَى دونَ راعٍ حَامِ

وتَعَالَتِ الأصواتُ منهم دعوةً ——— نحوَ اقتصادِ الحلِّ والإسلامِ

فالرهنُ عند المسلمين أمانةٌ ———- ليستْ تُبَاعُ بساحةِ الأورامِ

فالرهنُ لاستيفاءِ حقٍّ ثابتٍ ———— لا للتَّداوُلِ.. إِخْوَةَ الإسلامِ

والقرضُ يَجْنَحُ عندهم لِغَنِيِّهمْ ————- بفوائدٍ وتَزايُدِ الأرقامِ

وتراه يعبث بالفقير كأنه ————– عبدٌ له في غَيْهَبٍ مُتَنَامي

لكنَّ شِرْعَتَنَا تحرِّم قرضَهم ————- وتعدُّهُ من أعظمِ الإجرامِ

وترى اجتماعَ غنيِّنا بفقيرِنا ——— عبرَ القِراضِ ونَفْعِهِ المُتَرَامي

أوْ عبرَ عَقْدِ شَرَاكَةٍ مضبوطةٍ ——- بضوابط الشرع الحكيم السامي

ولذا نراهم يأخذون عقودَنا ————– صَمَّامَ أمْنٍ ثابت الأقدامِ

حتى فرنسا أصدرت تشريعها ——– بالقبض في الصفقاتِ والإلزامِ

من بعد ما عانوا مرارةَ سوقِهِمْ ——– من غيرِ قبضٍ في العقود لِزَامِ

بل كان سوقهمُ بُيُوعَ مؤشِّرٍ ———- لا مِلْكَ فيه سوى جَنَى الأرقامِ

والآن همْ يتغزَّلون بقَبْضِنَا ———— ويروْنَهُ طِبَّ الجريحِ الدَّامي

واسمعْ “مورِسْ آلِيهْ ” يُقِرُّ صراحةً ——- بفداحةِ الأخطار والإجرامِ

يوصي بتصفيرِ الفوائد كلها ———— فهي الدمارُ ومَنْبَعُ الأورامِ

وإعادةِ التوزيعِ للفقراء كَيْ ——— يَسْتَنْهِضُوا حالَ الكَسادِ النَّامي

وقد استقى ما مرَّ مِنْ تشريعنا ——— فالحقُّ كل الحق في الإسلامِ

إن الزكاةَ محرِّكٌ ومحفِّزٌ —————- للبيع والإنتاج باسْتِدْوَامِ

واللهُ حرَّمَ كلَّ قرضٍ بالربا —————- بل عَدَّها من أكبر الآثامِ

بل صَوَّرَ المُرْبِينَ أبشعَ صورةٍ ———- في المَسِّ ثم تَخَبُّطِ الأحكامِ

والآن هم يتخبطون حقيقةً ———— وَجِلِينَ من خَطْبٍ عظيمٍ دامي

يستسلمون لأي حلٍ نافعٍ —————– يتغزَّلون بحَلِّنا الإسلامي

لكن تُرانا هل نكون حقيقة ———— رُسلاً دعاةً للهدى المُتَسَامي؟

هل حالنا ونظامنا حقاً يمثِّـ ———- ـلُ دينَنَا ؟ أم ذاك في الأحلامِ!

يا عاقلي قومي أفيقوا وانهضوا ———- آن الأوانُ لنهضةٍ وقِيَامِ

إن كنتمُ في دارِ أَرْقَمِ مكةٍ ————- فالآن وقتُ الجَهْرِ والإعْلامِ

 المصدر: موقع بشر محمد موفق لطفي  http://www.bishrm.com/?p=70