د/ آدم دكم محمد هارون
التعسّف في أستعمال حق الملكية في الفقة الإسلام
حقيقة التعسّف لغة :
1/ عسفاً من باب ضرب أخذ بقوة ، وعسفت الطريق إذا سلكه علي غير قصد
(1) والتعسف والإغتسال مثل
2/ معناه : هو أستعمال الأنسان لحقه علي وجه غير مشروع (2)
نجد أن الفقهاء لم يستعملوا هذا الإصطلاح وأن كانت حقيقته كثيرة التداول بينهم ولم يبحثوا التعسّف كنظرية عامة أو يخضعوا له أبواباً تجمع أحواله حتي أنتقل عنهم مايقابل هذا الأصطلاح وجميع أحوال التعسّف ومعاييره (3)
نجد الفرق بينه وبين أستعمال ماليس من حقه الأنسان أو مجاوزة الحق .
أن الأول : مزاولة الأنسان لحقه لكن بطريقة غير مشروعة .
والثاني : مزاولته ماليس من حقه من أول الأمر ، فمن يركب سيارته ويفرط من السرعة : متعسّف في إستعمال الحق .
فمن يركب سيارة غيره مغتصباً لها : مستعمل غير حقه . ومن يسأجر داراً للسكن فيتخذها مقهي مجاوز لحقه ومن أستعملها في السكن لكن أثقل سقفها بالأمتعة متعسّف ومن يهدي للقاضي الذي سيفصل في دعواه ، متعسّف لأنه يتوصل بالهدية التي هي من حقه إلي رشوة القاضي ، من يٌرشي القاضي مستعمل ماليس من حقه ومجاوز له قال تعالي (( ومن يتعدَّ حدود الله فأولئك هم الظالمون )) وقال : تعالي(( تلك حدود الله فلاتعتدوها )) والتعدي والإعتداء الإخلال بحق الغير بمجاوزة حقك وبالتعسّف في أستعماله فكل من مجاوزه الحق والتعسّف في أستعمال الحق من التعدي ومن هذا .
إن الأساس الذي يقوم عليه مفهوم التعسّف في الشريعة الإسلامية الأصل الأعمال بالنيات أو الأساس القصدي ، ومن ذلك قال الشاطي : (( أنَّ المقاصد أرواح الأعمال )) (1)
فقد صار العمل ذا روح علي الجملة وإذا كان كذلك أعتبر بخلاف ماإذا خالف القصد ووفق العمل . أوخالفا معاً ، فإنه جسد بلا روح فلا يهدف عليه مقتصر قوله (( الأعمال بالنيات )) لعدم النيَّة في العمل ، وأثر النيَّة في الأعمال غير مقتصر علي العبادات بل يجري في العبادات والمعاملات (2) .
والقواعد التي يعرف بها التعسّف في أستعمال الحق وأحكامها :
صور التعسّف في أستعمال الحق ومسائله كثيرة منثورة في أبواب الفقة وفتاوي ، ويمكن بالاستقراء ضبطها في خمس قواعد (3)
القاعدة الأولي :
أن يستعمل الأنسان حقه : لايقصد من ذلك إلأّ الإحذار بغيره وليس لديه مصلحة فيه وذلك كمن يدعي علي آخر جريمة أو عملاً غير لائق لايقصد بذلك إلاَّ الإحزار به فهذه الدعوى لاتسمح ويعذر المدعي إذا ثبت ذلك بالقرائن .
وكمافي تبصره الحكام : لو إدعي الصعاليك علي أهل الفضل دعاوي باطلة وليس غير منهم من هذا إلاَّ أن يٌشهَّروا بهم ويوقفوا أمام القضاء للإيلام والإمتهان لايسمع الدعوي ويؤدب المدعي (4)
ذلك لأنه أساءه في أستعمال حق الدعوي ، وفيه لو حفر إنسان حفرة أو بئر في ملكه يقصد بذلك الإضرار بغيره فتلف به مال ضمنه .
ومن ذلك ماإذا ماأراد الزوج أن يسافر بزوجته إلي بلد بعيد وهو غير مأمون عليها ، يريد الإضرار بها وإيذائها أوسلب مالها : فيٌقضي بمنعه من السفر بها لإضرار
وقال تعالي : (( ولاتضاروهنّ لتضيقوا عليهنّ )) يعني لاتضاروا المعتدات في السكن فالزوجات أولي أن لاتضاروهنّ .
ومنه وقف المدين ماله فراراً من الدائن ، ومنه طلاق المريض لزوجته فراراً من الميراث ، أو إقرار المريض بالدين لمن ليس له عليه شئ يقصد بذلك الإضرار بالدائنيين أو الورثة فإن هذا الإقرار يقع باطلاً ، والأصل في مسائل هذه القاعدة تحريم المعتدة بقصد الإضرار بها .
والمعوَّل عليه في هذه القاعدة هو قصد الإضرار بالغير وحده ، فان قصد نفع نفسه بمصالح مشروعة وقصد اللإضرار فلا عبره بالقصد وإنماينظر فيما ترتب بالفعل علي أستعمال الحق في مصالح لنفسه ومضار لغيره .
ويعرف بالقرائن ، ومنها الاّ تكون للمستعمل أيّة مصلحة في أستعماله لحقه مع توقع الضرر بالغير ، فمن يسافر بزوجته إلي بلد وبينها قائماً يعتبر ذلك قرينة علي قصد الضرر.
القاعدة الثانية :
إن يستعمل حقهالمشروع عقداً أو غيره يقصد به تحقيق غرضٍ غير مشروع مغاير للغرض ومنعه له الشرع في ذلك زواج التحليل ، فإن الزواج موضوع للعشرة الدائمة وتكوين الأسرة وقصد به عمل مؤقت مذموم عند الله . قال صلي الله عليه وسلم (( لعن الله المحٌلَّل المحٌلَّل له )) وهذا ماثبت بالنفي من جزيئات هذه القاعدة يعتبر أصلاً وغيره يقاس عليه في حكمه والمعول عليه في هذه القاعدة والتي قبلها هو قصد المتصرف ويعرف بالقرئن .
قد ينيب القاعدتين الأولي والثانية علي أصلين عظيمين من الشريعة الإسلامية الأول لأمور بمقاصدها والثاني حكم الحيل (1)
الأصل الأول : الأمور بمقاصدها : هذا أن القصد : هو الإرادة الجازمة المتجهة إلي الفعل وهو معني العزم ، الفرع ، فإن إنضم إليه نية التقرب إلي الله تعالي وإمتثال تكاليفه كان العمل عبادة ، أما الإرادة فهي مجرد الميل إلي الفعل ، حكم علي العمل بأنه لايعتبر شرعاً إلاََّ بالنيَّة .
والقاعدة الثانية : الحيل : في اللغة الحذف في تبرير الأمور والتوصل إلي القصد بعد إعمال الفكر .
وفي الفقه نوعان : محرمة – ومباحة .
فالحيل المحرمة تصرف مشروع لايقصد به التصرف حقيقته وحكمه الذي وضعه الشارع له . بل يقصد به التصرف المحرم وقلب الحكم الشرعي كالتوصل بالبيع الموضوع لنقل ملك المبيع والثمن تحصيلاً لمصلحة التبادل إلي الرياء المحرم ، وكالهية الموضوعية لملك المال بغير عوض إذا قصد بها أسقاط الزكاة كهية ماله لزوجته قبيل آخر الحول ثم هبتها المال له والحيل المباحة أو المخارج :
الحيلة المباحة هي التصرف المشروع الذي يقصد به التوصل إلي منفعة مشروعة أو دفع ضرر وأقع أو متوقع من غير أن يترتب علي ذلك قلب لحكم شرعي أو تسمي بالمخارج لأنه يقصد بها الخروج من ضيق في المعاملات ، ووأقع الحياة والفرق بينها وبين الحيل المحرمة ظاهرة لاأن هذه لايقصد بها تعرف محرم لايترتب عليها إسقاط الحكم الشرعي فمن أمثلتها أن يؤجر دار ويخشي غيبة المستأجر أو مماطلته فيحتال لحماية حقه بأن يشترط منها كفالة فلان الغني لما يستحق علي المستأجر – ويقبل الكفيل ، ومنها أن تخشي المرأة أن يتزوج زوجها عليها فتشترط في العقد أنه تزوج عليها فأمرها بيدها وهذا من تعلق التوكيل بالطلاق علي الشرط .
هذا وأن الواضح من سد الذريع بأعتبارات كثيرة القصد إلي المفسدة أو كثرة وقوعها يجعل من القيود التي تعرض علي أستعمال الحق بموجب هذه القاعدة قيوداً موضوعية مطلقة تسري علي كافة الأشخاص في كل الأحوال مهما كانت مقاصدهم ونتائج أعمالهم ، فتضع تلك الأفعال دون تمييز بينهما أو إعتبار للظروف المحيطة بها في حين أن نظرية التعسّف تزن أستعمال لمولحق بميزان المقاصد والنتائج حسب معايير النظرية التي تأتي بقيود نسبية يراعي إلزامها أو خرقها في كل أستعمال بظروفه . ولكن لما كانت قاعدة سد الذرائع تهدف في الكثير من الأحوال إلي منع الإستعمال التعسّف للحقوق وحيث يخشي كثرة وتفشي وقوعه . فإنه يمكن أعنبارها مظهرة لتأصيل ورسوخ مفهوم التعسّف في الفقه الإسلامي (1) .
أما قاعدة الحيل غير جائزة فلا تعدوا أن تكون تطبيقاً بارزاً للمعيار المقصدي العام من معايير التعسّف ، أي مناقضة قصد الشارع ، وقد تطّرق الإمام الشاطبي إلي الحيل في بحثه لمقاصد
المكلف قال : (( فالحيل التي تقدم إبطالها وذمها والنهي عنها ماهدم أصلاً شرعياً وناقص مصلحة شرعية فإن الحيلة لاتهدم أصلاً شرعياً ولاتناقص مصلحة شهد الشرع عتبارها ، فغير داخله في النهي ولاهي باطلة (1)
وأما إبتناه قاعدة الحيل علي أصل النظر في مآلات الأفعال ، فمن حيث أنه لايمكن الوقوف علي الناقضة في الحيلة إلاَّ بالنظر في مآل الفعل الذي أستخدم فيها ومن المبادئ التي أستند إليها في تقرير نظرية التعسّف في الفقه الإسلامي مبدأ تقليب روخ الخبر ، ومراعاة المتوسط في الأمور ، والتضامن ، وتحريم مايكون ضرره أكثرمن نفعه (2)
القاعدة الثالثة : قواعد التعسّف :
أن يستعمل الإنسان حقه المشروع : يقصد به تحقيق مصلحة أو دفع ضرر فيترتب عليه ضرر (4)
لاحق بالغير هو أعظم من المصلحة المجلوبة والضرر المدفوع أو مفسدة أعظم أو لهما والأصل في ذلك : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : ((لا ضرر ولاضرار ، من رضي الله عنه شاق شاق الله عليه )) .
والتعسّف في أستعمال الحق يتحقق إذاترتب علي هذا الأستعمال ضرر عام بالجملة أو خاص بفرد أو أفراد أو من مضره إذا لم يستعمل حقه ، أو من ضرره إذا لم يستعمل حقه ، فالكلام علي نوعيين من الضرر:
1 / الضرر العام : هو يلحق جميع بلاد الدولة الإسلامية أو إقليماً من أقاليمها أوجماعة عظيمة : بحيث يغلب عن الظن وقوعه : فعند ذلك يمنع الإنسان من أستعمال حقه وأن ترتب علي هذا الإمتناع ضرر خاص به فعليه أن يتحمله دفعاً للضرر العام (1)
فمن أمثلة ذلك : الإحتكار : وهو جمع مايحتاج إليه الناس من غذاء أو دواء أو كسوة أو علف في أوقات الغلاء أو القحط . ويقصد المحتكر بذلك أن يبيع هذه السلعة للناس بثمن غالٍ : فإن المحتكر يريد من ذلك مصلحة الربح الكثير لكنه يترتب علي هذا ضرر عظيم يلحقه بالجماعة وقد نهي النبي (ص) بقوله (( الجانب مرزوق والمحتكر ملعون )) ، ومن هنا يمنع من الإحتكار ويباح علي المحتكر ما أحتكره بثمن المثل أن أمتنع من البيع بثمن معتدل (2)
2/ الضرر الخاص الأكبر من المصلحة :
إذا ترتب علي إستعمال الحق ضرر لأحق بفرد أو أفراد وكان أكبر من المصلحة التي يرجوها من أستعمال حقه كان إستعماله تعسّفاً يمنع منه (3)
وأيدت هذه القاعدة إتقان العلماء علي أن الضرر الأشد يدفع بالأفق .
الحنفية بما إذا أشتري إنساناً أرضاً وبني فيها أو غرس ثم أستحقت ووجد أن قيمته البناء أكبر من قيمة الأرض فإنَّ الباني يأخذ الأرض بالقيمة .
وما إذا أبتلعت دجاجة لؤلؤة أو أدخل ثوررأسه في قدر من نحاس وتضرر الأخراج إلاَّ بذبح الدجاجة وكسر القدر أخذ صاحب اللؤلؤة والثور والدجاجة والقدر بالقيمة وكذا ماقالوا : أن المرأة حامل ماتت وجنينها يضطرب في بطنها .
القاعدة الرابعة :
إنَّ يستعمل الإنسان حقه الثابت في ملكه أو يعقد إستعمالاً غير متعارف بين الناس كمن سقي زرعه سقياً غير معتاد فتلفي زرع جاره بكثرة الماء ومن يستأجر داراً ويٌحمل سقوفها فوق ما تطيق أو يجري الماء في جدرانها أو يستأجر دابة فيحملها فوق ماتطيق أو يضربه ضرباً غير معتاد .
والحكم إنه يمكن من هذا الإستعمال وإذا ترتب عليه من الضرر ضمنه وإن قلَّ .
أما إذا إستعمله إستعمالاً معتاد فلا يؤخذ بماترتب عليه من الضرر وإن كثٌر .
فلو أراد آلة له إرادة معتادة فشكي الناس من دويها أو أوقد فرنه الذي يستخدمه بين الفينةو الفينة للخبز فتأذّي الجيرات بدخانه أو أدار المذياع إدارة معتادة فشكي بعض الجيران من سماع صوته فل يكون مسئولاً ولايسمع بهذه الشكاياة .
وهذا هو الحكم الحق الثابت بالعقد كمن إستأجر دابة أو إستعارها للركوب أو الحمل فإنّ له حق الضرب المعتاد عند الحاجة فإن ماتت به لم يضمن ، أما إنّ ضربها ضرباً غير معتاد ضمن له غير ماذون فيه (1)
ومن ذلك الطبيب إذا إجري جراحة والختان إذا قطع علي الوجه المعتاد فمات به الإنسان لايضمن وإنّ جاوز المعتاد ضمن الدية .
المعول عليه في هذه القاعدة : وهو العرف في الإستعمال معتاد لامقدار الضرر دليلاً علي مخالفة العرف في الإستعمال : كالكراء اذا إذا حرق الثوب والخيار إذا أحرق الخبز فإن ذلك دليل علي زيادة الحرارة في الأول وشدة النار في الثاني .
القاعدة الخامسة :
أن يستعمل الإنسان حقه الذي يكون بطبيعة عرضه لترتب الضرر عليه لزوح الإحتراس : لكنه يستعمله دون أحتراس ، وثبت فيما يمكنه فيه الأحتراس فيفيص هذا إلي الإحتراس بالغير (2)
وذلك كما إذا أرادأن يصيد طائر فطاش سهمه وأصاب إنساناً أو حيواناً بضرر فإن الصيد حق مباح ولكنه لم يحترس في إستعماله له ولم يثبت فأدي إلي ضرر الغير وهو المعروف بالخطأ في الفعل ، وكما إذا ضرب دابة غيره يظن أنها دابتة فأعطيها أو قطف ثمر غيره يظن أنه ثمرة وهو المعروف بالخأ في التصد، وحكمه ضمان هذا الضرر إنساناً أم حيواناً لأن القرآن يدل علي تضمين المخطئ جبر الدماء والأحوال المعصومة ، ومن ذلك سائق السيارة إذا صدمت إنساناً فقتله أو مالاً فأتلفه لأنه أستعمل حقه في قيادتها لكنه لم يحترس ومن ذلك الزوج إذا أدب زوجته لنشوزها والمعلم إذا أدب تلميذه يضرب أدي ذلك إلي جراحه أو قتل فأنها يضرران ويضمان ، أو جراحه لأنها أستعمالاً حقها دون إحتراس ، ومن ذلك مالو أستعمل في الدفاع الشرعي سلاحاً لايدعو إليه ضرورة الدفاع فأدي إلي ضرر فأنه يضمنه .
والمراد بالحق من هذه القاعدة : ماثبت بالإضافة العامة أو مارفض فيه للتأديب ، والمعول عليه في هذه القاعدة هو حدوث الضرر قل أم كثر ولاينظر إلي العرف في الإستعمال .
في القانون المعاملات المدنية السوداني 1984م (1)
المدني المصري جاء فيه أن أستعمل حقه أستعمالاً لايكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر وهذه المادة “4 ” مدني ، وفي المادة الخامسة علي أنه “يكون أستعمال الحق غير المشروع في الأحوال (2)
الخلاصة :
هذا وأن نظرية التعسّف في أستعمال الحق تقيم توازناً محكماً بين مصالح الفرد ومصالح الجماعة ودليل ذلك أنها لاتلقي فكرة الحق يجعله وظيفة إجتماعية خالصة ، بل يعترف بالحق وبحرية سامية في إستعماله في أوجه النفع غير أنها لم تترك هذه الحرية بلا قيود في أستعمال الملكية .
فأن التعسّف وأضح المعالم لبناءه علي قواعد مضبوطة لاإضطراب فيها فإن مبني القاعدة الأولي قصد من الضرر وهو كان أمراً شخصياً لكن يمكن كشفه بالقرائن الظاهرة . والقاعدة الثانية معيارها معرفة النظم الإسلامية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية .
فكل عمل مأذون فيه يراء تحقيق غرض يخالف هذه الأنظمة يعتبر من التعسّف كمن أهدي ويريد الرشوة أو أشتري ويريد الربا أو تطوع لجندية ويريد التجسس علي أنظمة الجيش .
والقاعدة الثالثة مبنية علي مقياس مادي وهو الموازنة بين المصلحة والمفسدة .
والقاعدة الرابعة مبنية علي عرف العقلاء في أستعمال حقوقهم .
والقاعدة الخامسة مبنية علي عدم الإحتراس في الضرر وحكمها غاية في الوضوح والمعول في القاعدة الخامسة هو حدوث الضرر قل أوأكثر ، ولاينظر إلي العرف في الأستعمال كماهو الحال في القاعدة الرابعة ، أنظر في مسائل القاعدة كتب الفقه في الجنايات والتعذير وضمان الأجير ، وأهل القانون يسمون ماثبتت للأنسان في المباحات العامة وإطلاق الشارع له في إستعمالها رخصة كالسير في الطريق والسقي من النهر العام ، ولايدخلون ذلك في نظام الحقوق ويعتبرون عدم الإلتزام هذه الرخص خروجاً عن الحق لاأساة في إستعماله ولهذا لم يعتبروا مضمون هذه القاعدة الخامسة من معايير التعسّف في إستعمال الحق ، وبماإن في أركان الحق أن ماثبت للأنسان في المباحات العامة من الحقوق لاتطابق التعريف عليه ونسميه بالرخصة بعيد عن أصول الشرع وأن الرخصة ماأبيح للضرر ، وماثبت للأنسان في المباح العام حق أصلي وعزيمة فالشريعة تجعل هذا من الحقوق ، وتقبد إستعماله بشرط السلامة وتجعل مايترتب علي عدم الإلتزام هذا الشرط إساءة في إستعمال الحق لأن إستعمال الحق علي وجه غير مشروع ومن ناحية آخري ، فإن القانون يعترف بالحق وحرية صاحبه في إستعماله في أوجه النفع ، غير أنها لم ترك هذه الحرية بلا قيود في إستعمال الملكية ، بل قيدتها حتي لايقوم صاحب الحق إلي تحقيق أغراض أو مصالح غير مشروعة ، وبذلك القانون السوداني تقريره لهذه النظرية بإتجاهات الفقه الإسلامي والفقه الحديث .
المصادر :
1/ المصباح المنير ، لأبن علي المغربي الفيومي ، الطبعة الأمرية 1909م .
2/النظريات العامة للمعاملات في الشريعة الإسلامية ، للشيخ أحمد فهمي أبوسن ، مطبعة دار التأليف القاهرة 1387-1967م .
3/ الموافقات ، للشاطبي ، طبعة بيروت الطبعة الثانية 1395هـ .
4/ أعلام الموقعين ، لإبن القيم الجوزية مكتبة الكليات الأزهرية .
5/ تبصرة الأحكام في أصول الأقضية ، لإبن فرحون ، الطبعة الآخيرة مطبعة البابي الحبلي 1378-1969م
6/ التعسّف أستعمال حق الملكية في الشريعة الإسلامية د/سعيد أحمد ، محضارات .
7/ المهذب ، لإمام الشيرازي ، مطبعة عيسي البابي الحبلي القاهرة 1969م .
المصدر: http://tanweer.sd/arabic/modules/smartsection/item.php?itemid=22
أحدث التعليقات