الثلاثاء 20 شعبات 1430هـ – 11 أغسطس 2009 م – العدد 11214
خبراء اقتصاديون لـ<<الشرق الأوسط>>: المصرفية الإسلامية تعيش في «معركة إثبات الوجود»
انتشار ظاهرة طرح بعض المنتجات التي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية
فتح الرحمن يوسف:الرياض
أقرّ عدد من الخبراء المصرفيين و الاقتصاديين بانتشار ظاهرة طرح منتجات غير إسلامية في ثوب إسلامي من قبل بعض البنوك، ما من شأنه أن يلحق بعض الضرر بصناعة المصرفية الإسلامية و مستقبلها، مؤكدين على احتمالية تعرض جميع المنتجات الإسلامية إلى تحور و إخراجها من سياقها الشرعي.
وأشار الخبراء إلى أن (التورق) أكثرها تعرضا لهذا المسلك المصرفي المسيء للمصرفية الإسلامية، مؤكدين على ندرة العلماء المعروفين عالميا في هذا المجال صعّب التواصل المواكب مع ازدياد حجم الطلب المتزايد للمنتجات الإسلامية. وقال الخبراء في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إن طريقة البيع والعقود هي من أهم العوامل المؤثرة في شرعية المنتجات الإسلامية، منوهين إلى أهمية الإجازة الشرعية للمنتجات المصرفية الإسلامية وفق آلية تلزم المصارف بتطبيقها بحذافيرها من دون اجتهاد أو تفريط من قبل موظفي المصارف. وأشاروا إلى حزمة تحديات تواجه صناعة المصرفية الإسلامية، منها غياب المعايير والانسجام بسبب عدم وجود تفسير موحد للقوانين والتعاليم الإسلامية، بالإضافة إلى غياب أساس عمل مصرفية موحدة لجميع البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية.
وما زالت هناك مفاهيم غير واضحة حول بعض المعاملات المالية والإسلامية، نظرا لعدم وجود رأي شرعي موحد بشأنها من قبل علماء الدين، في ظل عدم وجود سوق مصرفية أو مالية إسلامية منظمة بشكل كاف تساعد البنوك الإسلامية على التعبئة والاستخدام الأمثل لمواردها، علما أن معظم العمليات المصرفية فيها موجهة نحو التمويل وليس الاستثمار نظرا لأنه أقل مخاطرة. من جانبه أقرّ الدكتور عبد الرحمن الأطرم الأمين العام للهيئة العالمية للاقتصاد والتمويل الإسلامي بوجود عدد من البنوك التي تدعي أنها إسلامية وتطرح في الواقع منتجات غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وشدد الأطرم على أهمية حسم مثل هذا السلوك المصرفي الذي من شأنه خلق تشويش حول المصرفية الإسلامية وما يتعلق بمنتجاتها الإسلامية، ما قد يعيق تنميتها وتطويرها بالشكل المطلوب. مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مراجعة مسيرة صناعة المنتجات الإسلامية ومراقبتها بشكل دقيق، للوقوف على مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية ومعاييرها الحقيقية، وذلك لتطهيرها مما علق بها من محرمات. أما الدكتورة ناهد طاهر الرئيس التنفيذي لبنك قلف ون فقد أكدت أن لها بعض التحفظات على تجربة بعض البنوك التي تطرح منتجات مصرفية على أساس إسلامية وهي غير ذلك، موضحة أن ما أراده الاقتصاد الإسلامي هو عكس ما يطالب به الإسلام.
وأشارت ناهد إلى أن الاستثمار في المصرفية الإسلامية لا يتعدى 0.6 في المائة من إجمالي أسواق المال العالمية بما يعني (نحن لا نمثل شيئا). لذلك ترى طاهر أن المصرفية الإسلامية «مصرفية ربوية ألبست ثوب الإسلام». مشيرة إلى أن المصرفية تنادي بأن يكون الغطاء الذهبي 100 في المائة، مطالبة بالنظر في ترسيخ حق الفائدة على القروض والديون، باعتبار أن الدين يبقى فقط للشخص المحتاج، مع أنه يمنع في الإسلام بيع المال مقابل المال. وقالت، «غير أننا صورناها على أنها منتجات إسلامية في ظل غياب أو قلة كفاءة توزيع الاستثمار في التجارة والقطاعات المنتجة مع تلمس الحاجات الفعلية». وبينت طاهر أن هناك شركات خاسرة وأخرى جديدة لا تعمل، ما يعني أنها لا تعطي أرباحا للمستثمر الصغير، معتبرة أن ذلك خطأ من حيث المبدأ الإسلامي. إلى ذلك أكد فضل بن سعد البوعينين الخبير المصرفي على أن المنتجات الإسلامية المقدمة من قبل المصارف الإسلامية والتقليدية، متطابقة مع متطلبات الشريعة الإسلامية، وفق فتاوى الهيئات الشرعية التي تتكون من علماء ثقات على اطلاع واسع ومتخصص بالمعاملات المالية، والمصرفية الإسلامية الشاملة، وبعض هؤلاء العلماء أعضاء في هيئة كبار العلماء في السعودية.
وأضاف البوعينين أن هذا ما يعني أن كل ما يصدر عن هؤلاء من فتاوى وإجازات لمنتجات إسلامية إنما صدرت وفق الفقه الإسلامي، ومتطلبات الشريعة، وبعد تمحيص وتدقيق ومتابعة يُفترض أن تُزيل أيا من مصادر الشك حيال المنتجات الإسلامية المقدمة من المصارف السعودية.
وتابع، لذا يعتقد أنه لا يمكن القول بوجود منتجات مصرفية إسلامية في الظاهر، خلافا لباطنها غير الإسلامي، وهو قول لا يمكن القبول به خاصة في السوق السعودية التي تشهد تشددا واضحا ودقة متناهية في كل ما له علاقة بالمصرفية الإسلامية. مشيرا إلى إمكانية وجود اختلاف في رؤية العلماء حيال منتج معين، وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحدث في بعض القضايا في فقه المعاملات وفقه العبادات، وقد قيل «إن اختلاف العلماء رحمة».
وأوضح البوعينين أن هذا الاختلاف يجب ألا يوظف ضد المصرفية الإسلامية التي تبدو أنها محاربة على نطاق واسع، وأعظم الخطر الذي تواجهه في الوقت الحالي هو التشكيك في مصداقيتها، من خلال التشكيك في شرعية المنتجات المصرفية الإسلامية. وقال البوعينين، إنه يمكن أن يؤثر البنك في شرعية المنتجات الإسلامية المجازة من قبل الهيئات الشرعية، وربما أخرجها من شرعيتها، بسبب سوء التطبيق. فطريقة البيع، والعقود هي من أهم العوامل المؤثرة في شرعية المنتجات الإسلامية، لذا ينبغي التنويه إلى أن الإجازة الشرعية للمنتجات المصرفية الإسلامية تقوم وفق آلية محددة ينبغي على المصارف تطبيقها بحذافيرها من دون اجتهاد أو تفريط من قبل موظفي المصارف، وأي اجتهاد أو تفريط من المصارف فيما يتعلق بآلية التطبيق يمكن أن يفرغ المنتجات الإسلامية من شرعيتها.
وبين أنه يمكن القول أن بعض المصارف الإسلامية، والتقليدية هي من تمارس، في بعض الأحيان، ونتيجة الخطأ البشري غير المتعمد، عملية إخراج بعض منتجاتها الإسلامية من شرعيتها التي وافقت عليها الهيئات الشرعية. ومع ذلك يعتقد البوعينين أن مثل هذه الأخطاء باتت قليلة جدا، وكل ما تمناه أن تصل المصارف السعودية إلى مرحلة الإتقان في تقديم هذه المنتجات الحساسة وفق معاييرها الأساسية، بعيدا عن الأخطاء. وأضاف البوعينين أن جميع المنتجات الإسلامية إذا ما أخل المصرف في تطبيق معايير الفتوى الشرعية على أصولها فهي معرضة للخروج من الإطار الشرعي. لذا لا يمكن للمصارف الاعتماد على الفتوى الشرعية في تسويق المنتجات الإسلامية في الوقت الذي يتجاهلون فيه معايير التطبيق وفق الفتوى الشرعية، التي يفترض أن تكون من مسؤولية موظفي البيع. وتابع البوعينين أنه مع ذلك يمكن القول إن «التورق» بات أحد صيغ العقود التي تشهد النسبة الأكبر في المخالفات التطبيقية من قبل المصارف الإسلامية والتقليدية على حد سواء، وأن العقود الإسلامية مدعاة لتطهير المال من الحرام، وأن المصارف الإسلامية جاءت لتحل مشكلة أزلية مع المصارف الربوية التي سيطرت على المجتمعات الإسلامية بسبب الاستعمار. ويوضح أن إجراء النقلة الكبرى في إعادة المجتمعات الإسلامية إلى المعاملات الشرعية ليس بالأمر الهين، فهناك المتضررون، والمشككون، والرافضون، ومن لا يريد الخير للإسلام والمسلمين، لذا ما تعيشه المصرفية الإسلامية بات أشبه ما يكون بـ«معركة إثبات الوجود» على الرغم من كونها الأصل في الإسلام، والمجتمعات الإسلامية. وقال البوعينين إنه يجب أن نتعامل مع هذا الوضع بدبلوماسية، وحزم يفضيان بنا إلى تطبيق المصرفية الإسلامية بقوانينها الشرعية كما يجب. ومن هنا يجب أن تُعنى المصارف بالقوى البشرية التي يمكن أن تسيء إلى المصرفية من دون أن تعلم، وهذا هو الخطر الأكبر غير المنظور لكثير من العلماء، ومريدي تحقيق أهداف استراتيجية المصرفية الإسلامية. وفي ذات السياق يرى نواف يوسف أبو حجلة باحث ومدرب في المصرفية الإسلامية أن التطور السريع في المصرفية الإسلامية للتماشي مع التطورات المصرفية العالمية ونمو الطلب على التمويل بشتى أنواعه ومنها التمويل الإسلامي، أفرزا عدداً من النتائج المهمة، من أهمها تطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أو ابتكار منتجات جديدة تستطيع المنافسة مع المنتجات التقليدية من ناحية وتتوافق مع الشريعة الإسلامية. ويعتقد الخبير في المصرفية الإسلامية أن هذا الاهتمام المتزايد بالمصرفية الإسلامية حول العالم لم يأت من فراغ بل من دوافع وأسباب من أهمها، التزايد المستمر في أعداد المسلمين على مستوى العالم، وتنامي طلباتهم على الخدمات المصرفية الإسلامية، وتزايد الفوائض المسجلة في ميزانيات دول الخليج كنتيجة لارتفاع أسعار النفط، وقيام دول الخليج برصد مبالغ ضخمة لعمليات البناء ولإقامة المشاريع الاستثمارية، خاصة مشاريع البنية التحتية والأنشطة العقارية، فضلا عن تداعيات أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وما عرف بالحرب على الإرهاب.
أقرّ عدد من الخبراء المصرفيين و الاقتصاديين بانتشار ظاهرة طرح منتجات غير إسلامية في ثوب إسلامي من قبل بعض البنوك، ما من شأنه أن يلحق بعض الضرر بصناعة المصرفية الإسلامية و مستقبلها، مؤكدين على احتمالية تعرض جميع المنتجات الإسلامية إلى تحور و إخراجها من سياقها الشرعي.
وأشار الخبراء إلى أن (التورق) أكثرها تعرضا لهذا المسلك المصرفي المسيء للمصرفية الإسلامية، مؤكدين على ندرة العلماء المعروفين عالميا في هذا المجال صعّب التواصل المواكب مع ازدياد حجم الطلب المتزايد للمنتجات الإسلامية. وقال الخبراء في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إن طريقة البيع والعقود هي من أهم العوامل المؤثرة في شرعية المنتجات الإسلامية، منوهين إلى أهمية الإجازة الشرعية للمنتجات المصرفية الإسلامية وفق آلية تلزم المصارف بتطبيقها بحذافيرها من دون اجتهاد أو تفريط من قبل موظفي المصارف. وأشاروا إلى حزمة تحديات تواجه صناعة المصرفية الإسلامية، منها غياب المعايير والانسجام بسبب عدم وجود تفسير موحد للقوانين والتعاليم الإسلامية، بالإضافة إلى غياب أساس عمل مصرفية موحدة لجميع البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية.
وما زالت هناك مفاهيم غير واضحة حول بعض المعاملات المالية والإسلامية، نظرا لعدم وجود رأي شرعي موحد بشأنها من قبل علماء الدين، في ظل عدم وجود سوق مصرفية أو مالية إسلامية منظمة بشكل كاف تساعد البنوك الإسلامية على التعبئة والاستخدام الأمثل لمواردها، علما أن معظم العمليات المصرفية فيها موجهة نحو التمويل وليس الاستثمار نظرا لأنه أقل مخاطرة. من جانبه أقرّ الدكتور عبد الرحمن الأطرم الأمين العام للهيئة العالمية للاقتصاد والتمويل الإسلامي بوجود عدد من البنوك التي تدعي أنها إسلامية وتطرح في الواقع منتجات غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وشدد الأطرم على أهمية حسم مثل هذا السلوك المصرفي الذي من شأنه خلق تشويش حول المصرفية الإسلامية وما يتعلق بمنتجاتها الإسلامية، ما قد يعيق تنميتها وتطويرها بالشكل المطلوب. مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مراجعة مسيرة صناعة المنتجات الإسلامية ومراقبتها بشكل دقيق، للوقوف على مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية ومعاييرها الحقيقية، وذلك لتطهيرها مما علق بها من محرمات. أما الدكتورة ناهد طاهر الرئيس التنفيذي لبنك قلف ون فقد أكدت أن لها بعض التحفظات على تجربة بعض البنوك التي تطرح منتجات مصرفية على أساس إسلامية وهي غير ذلك، موضحة أن ما أراده الاقتصاد الإسلامي هو عكس ما يطالب به الإسلام.
وأشارت ناهد إلى أن الاستثمار في المصرفية الإسلامية لا يتعدى 0.6 في المائة من إجمالي أسواق المال العالمية بما يعني (نحن لا نمثل شيئا). لذلك ترى طاهر أن المصرفية الإسلامية «مصرفية ربوية ألبست ثوب الإسلام». مشيرة إلى أن المصرفية تنادي بأن يكون الغطاء الذهبي 100 في المائة، مطالبة بالنظر في ترسيخ حق الفائدة على القروض والديون، باعتبار أن الدين يبقى فقط للشخص المحتاج، مع أنه يمنع في الإسلام بيع المال مقابل المال. وقالت، «غير أننا صورناها على أنها منتجات إسلامية في ظل غياب أو قلة كفاءة توزيع الاستثمار في التجارة والقطاعات المنتجة مع تلمس الحاجات الفعلية». وبينت طاهر أن هناك شركات خاسرة وأخرى جديدة لا تعمل، ما يعني أنها لا تعطي أرباحا للمستثمر الصغير، معتبرة أن ذلك خطأ من حيث المبدأ الإسلامي. إلى ذلك أكد فضل بن سعد البوعينين الخبير المصرفي على أن المنتجات الإسلامية المقدمة من قبل المصارف الإسلامية والتقليدية، متطابقة مع متطلبات الشريعة الإسلامية، وفق فتاوى الهيئات الشرعية التي تتكون من علماء ثقات على اطلاع واسع ومتخصص بالمعاملات المالية، والمصرفية الإسلامية الشاملة، وبعض هؤلاء العلماء أعضاء في هيئة كبار العلماء في السعودية.
وأضاف البوعينين أن هذا ما يعني أن كل ما يصدر عن هؤلاء من فتاوى وإجازات لمنتجات إسلامية إنما صدرت وفق الفقه الإسلامي، ومتطلبات الشريعة، وبعد تمحيص وتدقيق ومتابعة يُفترض أن تُزيل أيا من مصادر الشك حيال المنتجات الإسلامية المقدمة من المصارف السعودية.
وتابع، لذا يعتقد أنه لا يمكن القول بوجود منتجات مصرفية إسلامية في الظاهر، خلافا لباطنها غير الإسلامي، وهو قول لا يمكن القبول به خاصة في السوق السعودية التي تشهد تشددا واضحا ودقة متناهية في كل ما له علاقة بالمصرفية الإسلامية. مشيرا إلى إمكانية وجود اختلاف في رؤية العلماء حيال منتج معين، وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحدث في بعض القضايا في فقه المعاملات وفقه العبادات، وقد قيل «إن اختلاف العلماء رحمة».
وأوضح البوعينين أن هذا الاختلاف يجب ألا يوظف ضد المصرفية الإسلامية التي تبدو أنها محاربة على نطاق واسع، وأعظم الخطر الذي تواجهه في الوقت الحالي هو التشكيك في مصداقيتها، من خلال التشكيك في شرعية المنتجات المصرفية الإسلامية. وقال البوعينين، إنه يمكن أن يؤثر البنك في شرعية المنتجات الإسلامية المجازة من قبل الهيئات الشرعية، وربما أخرجها من شرعيتها، بسبب سوء التطبيق. فطريقة البيع، والعقود هي من أهم العوامل المؤثرة في شرعية المنتجات الإسلامية، لذا ينبغي التنويه إلى أن الإجازة الشرعية للمنتجات المصرفية الإسلامية تقوم وفق آلية محددة ينبغي على المصارف تطبيقها بحذافيرها من دون اجتهاد أو تفريط من قبل موظفي المصارف، وأي اجتهاد أو تفريط من المصارف فيما يتعلق بآلية التطبيق يمكن أن يفرغ المنتجات الإسلامية من شرعيتها.
وبين أنه يمكن القول أن بعض المصارف الإسلامية، والتقليدية هي من تمارس، في بعض الأحيان، ونتيجة الخطأ البشري غير المتعمد، عملية إخراج بعض منتجاتها الإسلامية من شرعيتها التي وافقت عليها الهيئات الشرعية. ومع ذلك يعتقد البوعينين أن مثل هذه الأخطاء باتت قليلة جدا، وكل ما تمناه أن تصل المصارف السعودية إلى مرحلة الإتقان في تقديم هذه المنتجات الحساسة وفق معاييرها الأساسية، بعيدا عن الأخطاء. وأضاف البوعينين أن جميع المنتجات الإسلامية إذا ما أخل المصرف في تطبيق معايير الفتوى الشرعية على أصولها فهي معرضة للخروج من الإطار الشرعي. لذا لا يمكن للمصارف الاعتماد على الفتوى الشرعية في تسويق المنتجات الإسلامية في الوقت الذي يتجاهلون فيه معايير التطبيق وفق الفتوى الشرعية، التي يفترض أن تكون من مسؤولية موظفي البيع. وتابع البوعينين أنه مع ذلك يمكن القول إن «التورق» بات أحد صيغ العقود التي تشهد النسبة الأكبر في المخالفات التطبيقية من قبل المصارف الإسلامية والتقليدية على حد سواء، وأن العقود الإسلامية مدعاة لتطهير المال من الحرام، وأن المصارف الإسلامية جاءت لتحل مشكلة أزلية مع المصارف الربوية التي سيطرت على المجتمعات الإسلامية بسبب الاستعمار. ويوضح أن إجراء النقلة الكبرى في إعادة المجتمعات الإسلامية إلى المعاملات الشرعية ليس بالأمر الهين، فهناك المتضررون، والمشككون، والرافضون، ومن لا يريد الخير للإسلام والمسلمين، لذا ما تعيشه المصرفية الإسلامية بات أشبه ما يكون بـ«معركة إثبات الوجود» على الرغم من كونها الأصل في الإسلام، والمجتمعات الإسلامية. وقال البوعينين إنه يجب أن نتعامل مع هذا الوضع بدبلوماسية، وحزم يفضيان بنا إلى تطبيق المصرفية الإسلامية بقوانينها الشرعية كما يجب. ومن هنا يجب أن تُعنى المصارف بالقوى البشرية التي يمكن أن تسيء إلى المصرفية من دون أن تعلم، وهذا هو الخطر الأكبر غير المنظور لكثير من العلماء، ومريدي تحقيق أهداف استراتيجية المصرفية الإسلامية. وفي ذات السياق يرى نواف يوسف أبو حجلة باحث ومدرب في المصرفية الإسلامية أن التطور السريع في المصرفية الإسلامية للتماشي مع التطورات المصرفية العالمية ونمو الطلب على التمويل بشتى أنواعه ومنها التمويل الإسلامي، أفرزا عدداً من النتائج المهمة، من أهمها تطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أو ابتكار منتجات جديدة تستطيع المنافسة مع المنتجات التقليدية من ناحية وتتوافق مع الشريعة الإسلامية. ويعتقد الخبير في المصرفية الإسلامية أن هذا الاهتمام المتزايد بالمصرفية الإسلامية حول العالم لم يأت من فراغ بل من دوافع وأسباب من أهمها، التزايد المستمر في أعداد المسلمين على مستوى العالم، وتنامي طلباتهم على الخدمات المصرفية الإسلامية، وتزايد الفوائض المسجلة في ميزانيات دول الخليج كنتيجة لارتفاع أسعار النفط، وقيام دول الخليج برصد مبالغ ضخمة لعمليات البناء ولإقامة المشاريع الاستثمارية، خاصة مشاريع البنية التحتية والأنشطة العقارية، فضلا عن تداعيات أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وما عرف بالحرب على الإرهاب.
وأضاف، أن من ضمن الدوافع، إجراءات تجفيف مصادر تمويله على تدفق الرساميل العربية والإسلامية إلى خارج المنطقة، خاصة نحو الغرب عبر البنوك التقليدية، وارتفاع عدد المستثمرين العرب والمسلمين المهتمين بإدارة الثروات المصرفية، والحالة النفسية المهيأة لدى الغالبية من عملاء المصارف للتعامل مع البنوك الإسلامية. إلا أن هذه المصارف قد واجهت بحسب أبو حجلة عددا من التحديات والمشاكل التي يمكن أن تكون عائقا أو محددا لإمكانية التطور والابتكار، منها قلة علماء الشريعة المؤهلين حول العالم لتقييم المنتجات التمويلية الجديدة، وعلى الرغم من وجود نحو 150 عالما في الهيئات التشريعية في المؤسسات المالية، فإن قلة منهم هم الذين يحظون بسمعة عالمية من خلال مساهمتهم في المصارف العالمية، ومن ثم فإن نقص الكفاءات اللازمة من العلماء يقف عائقا أمام الابتكار وتطوير المنتجات الجديدة. وكذلك من التحديات، الطلب على المنتجات التمويلية المطابقة للشريعة الإسلامية يفوق العرض بشكل كبير، كما أن عدد المكتتبين في الصكوك يفوق المتوافر منها، ويكمن الخلل بشكل عام في عدم وجود بنية تحتية في المصارف الإسلامية وأسواق الأوراق المالية، كما أن العلماء المعروفين عالميا لا يمكنهم التواصل باستمرار مع حجم الطلب المتزايد نظرا لقلة عددهم، بالإضافة إلى أن معظم العمليات المصرفية في البنوك الإسلامية موجهة نحو التمويل وليس الاستثمار نظرا لأنه أقل مخاطرة. كما اعتبر المدرب والباحث في المصرفية الإسلامية، أن غياب المعايير والانسجام بسبب عدم وجود تفسير موحد للقوانين والتعاليم الإسلامية تحديا آخر، فقد يعتبر أحد البنوك منتجا ما متفقاً مع الشريعة، في حين يراه البعض الآخر غير مقبول من الناحية الإسلامية، بالإضافة إلى غياب أساس عمل مصرفية موحدة لجميع البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية، حيث ما زالت هناك مفاهيم غير واضحة حول بعض المعاملات المالية والإسلامية؛ نظرا لعدم وجود رأي شرعي موحد بشأنها من قبل علماء الدين. وأضاف إلى ذلك عدم وجود سوق مصرفية أو مالية إسلامية منظمة بشكل كاف، تساعد البنوك الإسلامية على التعبئة والاستخدام الأمثل لمواردها، خاصة أن معظم هذه البنوك يعاني من مشكلة نقص فرص التوظيف ونمو فوائض السيولة. فالمؤسسات المالية الإسلامية بحسب أبو حجلة لديها أموال أكثر مما يمكن استثماره إسلاميا، نتيجة لمحدودية فرص الاستثمارات الإسلامية، بالإضافة إلى أن الودائع التي تحصل عليها المصارف الإسلامية غالبا ما تكون قصيرة الأجل، وبالتالي فالتحدي الرئيسي يكمن في إدارة ما لديها من سيولة. وزاد الخبير المصرفي على ذلك انعكاسات اتفاقية تحرير الخدمات المالية في إطار منظمة التجارة العالمية، وما سينتج عنها من تغيرات في القطاع المصرفي العالمي ومن ثم على قطاع البنوك الإسلامية، إلى جانب التكتلات والاندماجات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن كاندماج العديد من البنوك والمؤسسات المالية التقليدية العالمية لتكوين كيانات قوية قادرة على المنافسة، مما يشكل تحديا كبيرا أمام البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية صغيرة الحجم وحديثة النشأة.
وأضاف إلى ما سبق ذكره من تحديات، نقص التشريعات والخبرات المحلية والقواعد التنظيمية، فضلا عن نقص الموارد البشرية القادرة على قيادة التمويل الإسلامي، إلى جانب الفجوة التكنولوجية مقارنة بالصناعة المالية التقليدية، فصناعة الصرافة الإسلامية لم تصل بعد للمستوى التكنولوجي، الذي تستخدمه الصرافة التقليدية، مما يمثل عائقا أمام قدرة واستمرار البنوك الإسلامية على مواجهة الرغبات المتغيرة المتطورة لعملائها. وأشار أبو حجلة إلى أن العديد من المؤتمرات والهيئات الشرعية والمصرفية قامت بطرح عدد من التوصيات والاقتراحات لتطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة والعمل المصرفي الإسلامي بشكل عام، منها أن تطوير المصرفية الإسلامية وتصميم الإطار التنظيمي والرقابي لها يتطلب المزيد من التعاون المكثف والمتطور بين السلطات والأجهزة الرقابية والمؤسسات المالية في السوق.
ودعا إلى ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا والاتصالات والانترنت في مشاركة الأفكار والدراسات والأحكام الشرعية، وغير ذلك فيما يتعلق بعمل المصرفية الإسلامية، مما يؤدي إلى تعزيز الكفاءة والقدرة التنافسية لدى المؤسسات والأسواق المالية والإسلامية.
ويعتقد أن المؤسسات المالية الإسلامية تستطيع تحسين أدائها عن طريق الاستفادة من الأفكار والتقنيات والخبرة المطورة خارج الصناعة المصرفية، بالإضافة إلى إقامة شبكات جادة مع الجامعات ومراكز الأبحاث للاستفادة من إمكاناتها، خاصة في مجال الهندسة المالية الإسلامية، وذلك من أجل هيكلة صكوك مالية إسلامية متنوعة صالحة للتداول، وتفي بمتطلبات المستهلكين، إلى جانب التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية.
كما دعا أبو حجلة إلى توسع المصارف الإسلامية عبر الحدود، مما يساعد على تقليل المخاطر وتوفير فرص جديدة لها، فضلا عن ضرورة خلق آليات إشرافية للتعاون مع الشركات العالمية من خلال تقسيم المسؤوليات لمواجهة الأزمات التي تعترض العمل، مما يؤدي إلى تطوير واستقرار صناعة الخدمات المالية والإسلامية.
وعلى ذات الصعيد، قال الخبير المصرفي عبد الرحمن الجدعان: «بالرجوع لبداية انتشار المصرفية الإسلامية في بعض البلدان الخليجية والإسلامية، نرى أن بعض البنوك التقليدية ولأسباب تنافسية وتسويقية قدمت بعض الحلول المصرفية الإسلامية البديلة عن التقليدية، بتعديل منتجاتها وإدخال بعض العقود المباحة شرعا على عمليات تلك المنتجات؛ لإكسابها صبغة شرعية». وبين أنه بما أن تلك المصارف كانت تعمل لسنوات في منتجات تقليدية، وعملاء تلك المصارف اعتادوا على بساطة وسهولة إجراءات المنتجات التقليدية، فلقد كان من الصعوبة تطوير منتجات إسلامية كاملة بعقودها ومقاصدها في وقت قصير يسمح لتلك المصارف بالمنافسة. وهذا ما يعيب على تلك المنتجات، فهي تراعي العقود ولكن لا تراعي المقاصد. إذاً لا تستغرب إذا قلنا إن كثيرا من المنتجات الإسلامية التي حورت من التقليدية أصبح يطلق عليها (صورية)، إلا القليل من المنتجات التي كان من الممكن تطويرها، بحيث راعت المقاصد الشرعية المباحة للدخول في الدين. ومن ابرز المنتجات المحورة بحسب الجدعان، هو التورق وهو رغبة العميل في الحصول على تمويل نقدي من دون قصد تملك السلعة التي قام عليها العقد. وبما أن اغلب رغبات العملاء في هذا النوع من التمويل، وبما انه من السهولة بمكان تنفيذ عمليات شراء المعادن سواء محلية أو عالمية وبيعها، أصبحت جل عمليات هذه المصارف تقوم على هذه الطريقة أو عكسها. وهذا ما يعيب على تلك المصارف، خصوصا بعد ما أصبحت تلك العملية منظمة، فهي كمن يمشي على سلك معدني رقيق، فإن زلت به قدم سقط، وهو ما يحدث في تنفيذ هذه العمليات، التي لا تخلو من المخالفات الشرعية الكثيرة. وأكد الجدعان أنه بعد تنامي الملاحظات على تلك المنتجات من كثير من العلماء والعملاء، وبما أن مستقبل المصرفية الإسلامية قائم على الثقة بين المصرف وعملائه، حيث إن تلك الثقة أصبحت مهزوزة، توجب على مديري تطوير المنتجات في تلك المصارف البحث عن حلول إسلامية نوعية تراعي متطلبات عملائه، وفي نفس الوقت تراعي مقاصد الشريعة الإسلامية.
وأشار الجدعان إلى أنه تغيرت أولويات المرحلة السابقة، وهي الانتقال من النظام التقليدي إلى الإسلامي بغض النظر عن التطبيق الشرعي الصحيح، إلى المزيد من البحث عن حلول إسلامية خالية من العيوب تتماشى مع المرحلة المستقبلية المقصودة للمصرفية الإسلامية. ونوه الجدعان إلى أهمية وجود هيئة رقابية شرعية إسلامية موحدة تضع معايير دولية للمصرفية الإسلامية تراعي تنوع المذاهب والثقافات بين البلدان الإسلامية؛ لتكون هي المرجع الوحيد لأي مصرف إسلامي يريد تقديم منتجات إسلامية شرعية صحيحة. من جانبه، أكد الدكتور حسني الخولي، الخبير المصرفي، وجود بعض البنوك التي تطرح منتجات مصرفية في ظاهرها إسلامية وفي باطنها غير إسلامية، وشخص هذا الواقع من خلال إشارته إلى أن التجربة الحديثة للمصارف المتوافقة مع الشريعة الإسلامية عمرها 50 عاما، والتطبيقات الحقيقية لم تزد على الـ30 عاما، إلا أن نجاح التجربة وانتشارها كانا غير مسبوقين.
وأشار الخولي إلى تزايد ونمو عدد هذه المصارف، مؤكدا أن عددها قارب الـ350 بنكا منتشرة حول العالم، بحجم أصول تتزايد بشكل مضطرد، وذلك على الرغم من تشكيك البعض عند النشأة في قدرة تلك المصارف على النجاح وسط المنافسة المصرفية الشرسة، وتتركز القاعدة العريضة لهذه المصارف داخل دول مجلس التعاون الخليجي، تلك النجاحات دفعت عددا من البنوك التقليدية إلى المحاكاة بهدف تعظيم ربحيتها وجذب مزيد من العملاء من خلال تقديم خدمات ومنتجات متوافقة مع الشريعة من حيث الاسم أو الظاهر فقط. ومع ذلك اعتبر الخولي أن تجربة الصيرفة الإسلامية حققت نجاحات كبيرة، ولكن ما كان بالإمكان تحقيقها لولا أن هنالك عملاء لديهم الرغبة في البعد عن الربا، غير أن وقت التقاط الأنفاس قد حان لتصحيح التجاوزات ومن ثم الوصول لمنتجات ومعاملات مصرفية متوافقة مع الشريعة، موضحا أن غياب المعلومات المحدثة يمنعه عن إبداء رأيه بالنسبة للمعاملات الشكلية.
أما عن أبرز أنواع المنتجات التي يمكن أن تطرح على أساس إسلامي بينما واقعها غير إسلامي، أكد الخولي أن كافة المنتجات والخدمات المصرفية التي تقدم على أنها متوافقة مع الشريعة من الممكن أن تقدم بواقع غير متوافق، ويرجع ذلك إلى مدى التزام القائمين على تلك المصارف بالشرع الحنيف أو بقرارات الهيئات الشرعية من دون التفاف وتحايل واستغلال عاطفة الناس.
وأضاف إلى ما سبق ذكره من تحديات، نقص التشريعات والخبرات المحلية والقواعد التنظيمية، فضلا عن نقص الموارد البشرية القادرة على قيادة التمويل الإسلامي، إلى جانب الفجوة التكنولوجية مقارنة بالصناعة المالية التقليدية، فصناعة الصرافة الإسلامية لم تصل بعد للمستوى التكنولوجي، الذي تستخدمه الصرافة التقليدية، مما يمثل عائقا أمام قدرة واستمرار البنوك الإسلامية على مواجهة الرغبات المتغيرة المتطورة لعملائها. وأشار أبو حجلة إلى أن العديد من المؤتمرات والهيئات الشرعية والمصرفية قامت بطرح عدد من التوصيات والاقتراحات لتطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة والعمل المصرفي الإسلامي بشكل عام، منها أن تطوير المصرفية الإسلامية وتصميم الإطار التنظيمي والرقابي لها يتطلب المزيد من التعاون المكثف والمتطور بين السلطات والأجهزة الرقابية والمؤسسات المالية في السوق.
ودعا إلى ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا والاتصالات والانترنت في مشاركة الأفكار والدراسات والأحكام الشرعية، وغير ذلك فيما يتعلق بعمل المصرفية الإسلامية، مما يؤدي إلى تعزيز الكفاءة والقدرة التنافسية لدى المؤسسات والأسواق المالية والإسلامية.
ويعتقد أن المؤسسات المالية الإسلامية تستطيع تحسين أدائها عن طريق الاستفادة من الأفكار والتقنيات والخبرة المطورة خارج الصناعة المصرفية، بالإضافة إلى إقامة شبكات جادة مع الجامعات ومراكز الأبحاث للاستفادة من إمكاناتها، خاصة في مجال الهندسة المالية الإسلامية، وذلك من أجل هيكلة صكوك مالية إسلامية متنوعة صالحة للتداول، وتفي بمتطلبات المستهلكين، إلى جانب التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية.
كما دعا أبو حجلة إلى توسع المصارف الإسلامية عبر الحدود، مما يساعد على تقليل المخاطر وتوفير فرص جديدة لها، فضلا عن ضرورة خلق آليات إشرافية للتعاون مع الشركات العالمية من خلال تقسيم المسؤوليات لمواجهة الأزمات التي تعترض العمل، مما يؤدي إلى تطوير واستقرار صناعة الخدمات المالية والإسلامية.
وعلى ذات الصعيد، قال الخبير المصرفي عبد الرحمن الجدعان: «بالرجوع لبداية انتشار المصرفية الإسلامية في بعض البلدان الخليجية والإسلامية، نرى أن بعض البنوك التقليدية ولأسباب تنافسية وتسويقية قدمت بعض الحلول المصرفية الإسلامية البديلة عن التقليدية، بتعديل منتجاتها وإدخال بعض العقود المباحة شرعا على عمليات تلك المنتجات؛ لإكسابها صبغة شرعية». وبين أنه بما أن تلك المصارف كانت تعمل لسنوات في منتجات تقليدية، وعملاء تلك المصارف اعتادوا على بساطة وسهولة إجراءات المنتجات التقليدية، فلقد كان من الصعوبة تطوير منتجات إسلامية كاملة بعقودها ومقاصدها في وقت قصير يسمح لتلك المصارف بالمنافسة. وهذا ما يعيب على تلك المنتجات، فهي تراعي العقود ولكن لا تراعي المقاصد. إذاً لا تستغرب إذا قلنا إن كثيرا من المنتجات الإسلامية التي حورت من التقليدية أصبح يطلق عليها (صورية)، إلا القليل من المنتجات التي كان من الممكن تطويرها، بحيث راعت المقاصد الشرعية المباحة للدخول في الدين. ومن ابرز المنتجات المحورة بحسب الجدعان، هو التورق وهو رغبة العميل في الحصول على تمويل نقدي من دون قصد تملك السلعة التي قام عليها العقد. وبما أن اغلب رغبات العملاء في هذا النوع من التمويل، وبما انه من السهولة بمكان تنفيذ عمليات شراء المعادن سواء محلية أو عالمية وبيعها، أصبحت جل عمليات هذه المصارف تقوم على هذه الطريقة أو عكسها. وهذا ما يعيب على تلك المصارف، خصوصا بعد ما أصبحت تلك العملية منظمة، فهي كمن يمشي على سلك معدني رقيق، فإن زلت به قدم سقط، وهو ما يحدث في تنفيذ هذه العمليات، التي لا تخلو من المخالفات الشرعية الكثيرة. وأكد الجدعان أنه بعد تنامي الملاحظات على تلك المنتجات من كثير من العلماء والعملاء، وبما أن مستقبل المصرفية الإسلامية قائم على الثقة بين المصرف وعملائه، حيث إن تلك الثقة أصبحت مهزوزة، توجب على مديري تطوير المنتجات في تلك المصارف البحث عن حلول إسلامية نوعية تراعي متطلبات عملائه، وفي نفس الوقت تراعي مقاصد الشريعة الإسلامية.
وأشار الجدعان إلى أنه تغيرت أولويات المرحلة السابقة، وهي الانتقال من النظام التقليدي إلى الإسلامي بغض النظر عن التطبيق الشرعي الصحيح، إلى المزيد من البحث عن حلول إسلامية خالية من العيوب تتماشى مع المرحلة المستقبلية المقصودة للمصرفية الإسلامية. ونوه الجدعان إلى أهمية وجود هيئة رقابية شرعية إسلامية موحدة تضع معايير دولية للمصرفية الإسلامية تراعي تنوع المذاهب والثقافات بين البلدان الإسلامية؛ لتكون هي المرجع الوحيد لأي مصرف إسلامي يريد تقديم منتجات إسلامية شرعية صحيحة. من جانبه، أكد الدكتور حسني الخولي، الخبير المصرفي، وجود بعض البنوك التي تطرح منتجات مصرفية في ظاهرها إسلامية وفي باطنها غير إسلامية، وشخص هذا الواقع من خلال إشارته إلى أن التجربة الحديثة للمصارف المتوافقة مع الشريعة الإسلامية عمرها 50 عاما، والتطبيقات الحقيقية لم تزد على الـ30 عاما، إلا أن نجاح التجربة وانتشارها كانا غير مسبوقين.
وأشار الخولي إلى تزايد ونمو عدد هذه المصارف، مؤكدا أن عددها قارب الـ350 بنكا منتشرة حول العالم، بحجم أصول تتزايد بشكل مضطرد، وذلك على الرغم من تشكيك البعض عند النشأة في قدرة تلك المصارف على النجاح وسط المنافسة المصرفية الشرسة، وتتركز القاعدة العريضة لهذه المصارف داخل دول مجلس التعاون الخليجي، تلك النجاحات دفعت عددا من البنوك التقليدية إلى المحاكاة بهدف تعظيم ربحيتها وجذب مزيد من العملاء من خلال تقديم خدمات ومنتجات متوافقة مع الشريعة من حيث الاسم أو الظاهر فقط. ومع ذلك اعتبر الخولي أن تجربة الصيرفة الإسلامية حققت نجاحات كبيرة، ولكن ما كان بالإمكان تحقيقها لولا أن هنالك عملاء لديهم الرغبة في البعد عن الربا، غير أن وقت التقاط الأنفاس قد حان لتصحيح التجاوزات ومن ثم الوصول لمنتجات ومعاملات مصرفية متوافقة مع الشريعة، موضحا أن غياب المعلومات المحدثة يمنعه عن إبداء رأيه بالنسبة للمعاملات الشكلية.
أما عن أبرز أنواع المنتجات التي يمكن أن تطرح على أساس إسلامي بينما واقعها غير إسلامي، أكد الخولي أن كافة المنتجات والخدمات المصرفية التي تقدم على أنها متوافقة مع الشريعة من الممكن أن تقدم بواقع غير متوافق، ويرجع ذلك إلى مدى التزام القائمين على تلك المصارف بالشرع الحنيف أو بقرارات الهيئات الشرعية من دون التفاف وتحايل واستغلال عاطفة الناس.
وفيما يتعلق بأثر مثل هذا المسلك المصرفي على مستقبل المصرفية الإسلامية، قال الخولي: «إن كثرة السقوط تعلم الوقوف، ما زلت متفائلا، وأرى نصف الكوب المملوء، ودعونا نقيم التجربة في مجملها، لكن يجب ألا يطول تفاؤلنا ويجب أن ننتقد من أجل تصحيح المسار، ونعترف بأننا نواجه عقبات وتحديات يجب العمل على تذليلها أو ستكون الصيرفة المتوافقة مع الشريعة مهددة بمخاطر فقدان الثقة. وأكد الخولي، أنه ليس من مقاصد الشرع الإضرار بالناس، ولا يمكن الاستمرار في محاولات التدليس والغش كستار لقروض بفائدة معلومة، واعتبر أن أهم العقبات والتحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية تبدأ من الإنسان، لأنه هو التحدي الأهم في المعادلة، بعدها سيكون من السهل واليسير التعرف على الوسائل التي تحمي المنتجات والخدمات لتتوافق مع الشريعة ، مشيرا إلى الندرة الواضحة للموارد البشرية.
أحدث التعليقات