ان الهدف من هذه المقالة، هو تسليط الضوء على مفهوم القيمة المشتركة وأهميتها لتحقيق المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المتوسطة والصغيرة، وخاصة في المراحل الأولى عندما تكون الشركات ( اياً كانت) في مرحلة النمو .
اذ تقوم االمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتحديد المسؤولية المجتمعية لكل هدف تسعى لتحقيقه، وتقييم مدى قدرة هذه الأهداف ( اذا تحققت) على تمكين المؤسسة الصغيرة و المتوسطة من خلق قيمة لجميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك المؤسسة نفسها، من خلال وضع المشروع على الطريق الصحيح ليتمكن من ايجاد القيمة المشتركة ودمجها مع المسؤولية الاجتماعية للشركات.
ظهر مفهوم القيمة المشتركة من خلال مقال كتبه البروفيسور مايكل بورتر من جامعة هارفارد و البروفيسور مارك كريمر، زميل كلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، اذ قدما في هذا المقال مفهوم القيمة المشتركة للمرة الاولى في مجلة جامعة هارفارد (HBR) في مقالة بعنوان “الإستراتيجية والمجتمع”،,وفي يناير 2011 عرض المفهوم نفسه بشكل اكثر وضوحاً بمقال يكمل المقال الاول بعنوان “إيجاد القيم المشتركة” ((
يعرّف إيجاد القيمة المشتركة بأنّه “إستراتيجية الإدارة التي تجد من خلالها الشركات فرص عمل في مجال القضايا الاجتماعية، ومن وجهة النظر الكلاسيكية ” القديمة” تركز جهود المنظمات على الأعمال الخيرية والمسؤولية المجتمعية للشركات على اساس “رد الجميل” أو التقليل من الأعمال التي تسبب ضرراً للمجتمع، أما في ضل مفهوم القيمة المشتركة فان الشركات تركز على تعظيم القيمة التنافسية لحل المشاكل الاجتماعية من خلال إيجاد عملاء وأسواق جديدة، والتقليل في التكاليف، والاحتفاظ بالمواهب،… و غيرها .
لذا فان هذا المفهوم يشجع الشركات على البحث عن القضايا الاجتماعية التي يمكنهم التأثير فيها، وتلك التي يمكن أن تعود عليهم بفوائد فعليه سواء عوائد مالية أو غير مالية، وبالتالي خلق المنفعة المتبادلة التي تصب في خدمة أدائها و المجتمعات التي تعمل فيها.
ويسهم تبني مفهوم إيجاد القيمة المشتركة من خلال المسؤولية المجتمعية للشركات في اختيار الشريك الاستراتيجي من المنظمات الاخرى، والمنظمات الغير حكومية والغير ربحية التي ترتبط مباشرة بمجال عملهم -وبالتالي فان خلق تأثير القيمة المشتركة وزيادة المنفعة يعود على كل من القطاع الخاص والمجتمع.
ويمكن للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ان تؤسس قيمة مشتركة تتبناها كجزء من ثقافة المؤسسة عن طريق التنقيب عن فرص لايجاد قيم مشتركة مع مجتمعاتها أو البيئة التي تعمل فيها بثلاث طرق:
1. إعادة تصميم وتشكيل منتجاتها وأسواقها: ولتلبية الاحتياجات الاجتماعية للبيئة وفي نفس الوقت تؤمن خدمة اسواقها الحالية بشكل أفضل ،فضلاً عن انها تحاول الوصول إلى أسواق جديدة أو عن طريق تخفيض التكاليف من خلال تبني سياسة الابتكار المستمر.
2. إعادة تحديد الإنتاجية خلال سلسلة القيمه: وهذا يكون من خلال قيام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتماد اسلوب تحسين الجودة المستمر، والكمية المنتجة ، والتكلفة، والاعتمادية العالية للمدخلات وللتوزيع فضلا عن انها تعمل بشكلٍ مستمرعلى الإهتمام بالموارد الطبيعية الأساسية ،ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وبالتالي اسناد تعزيز التنمية المستدامة من خلال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
3. اسناد تطوير المجتمعات المحلية: ان المؤسسات المتوسطة والصغيرة بطبيعتها غير قادرة على العمل بمعزل عن المحيط الذي تعمل ضمنه ، وبما ان هذا المحيط لا يخلو من المنافسة ولكي تتمكن المؤسسة الصغيرة والمتوسطة من النجاح في تحقيق ميزة تنافسية والنمو، عليها اعتماد اسلوب الابتكار المستمر واستخدام وتوظيف الامكانيات المحلية بهدف بناء قيمة مشتركة مع مشاريع ريادية صغيرة و متوسطة اخرى من خلال التكامل معها وعلى سبيل المثال التعامل مع موردين محليين موثوقين، واستخدام البنية التحتية والطرق والاتصالات السلكية واللاسلكية، والوصول إلى المواهب لتوظيف ابتكاراتها في عملياتها ضمن البيئة القانونية المحلية.
ان المشكلة الرئيسية التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي التركيز على بناء الميزة التنافسية . ولتتمكن الاستمرار من وجهة نظر اصحاب هذة المشاريع عليها ان تحقق ربحية قصيرة الاجل بهدف الحصول على ثروات سريعة، كونها صفة من صفات المشروعات الريادية ،دون تحقيق الاهداف الاجتماعية كجزء من استراتيجيتها . لذا فانه على هذه المؤسسات ( الصغيرة و المتوسطة )اعتماد هذا المفهوم لبناء علامات تجارية ذات موثوقية ،و مقبولة اجتماعياً ، لتكون اداة لتحقيق الاهداف الاخرى ( الربحية والاستمرار وتحقيق الثروات ).
دكتوره احلام ابراهيم العيثاوي
استاذ مساعد
قسم ادارة الاعمال / جامعة العلوم التطبيقية
أحدث التعليقات