مقال: خاطرة حول الاستراتيجية الصحيحة لنشاط المصارف الإسلامية – أ. د. فياض عبدالمنعم

لا أحب أن تفوت فرصة التعليق هذاالاستخلاص المفيد والمثمر من د.جريبة الحارثي (على رابط https://iefpedia.com/arab/?p=40902 )

وتعليقي أنما هو من باب آلقاء مزيد من الضوء واستكمال بعض النقاط الهامة.

1-لقد كانت أبرز الجوانب التي لم تحظ بتحليل متعمق في مسيرة المصرفية اﻷسلامية ..وهي تحديد المجال الاستراتيجي لعمل المصارف اﻷسلامية…والذي أعتقد أنه يتحدد في توفير بديل كفء وملائم وصحيح شرعا يقدم اوعية ادخارية متنوعة.. وتمويل مصرفي قصير اﻷجل للأغراض الانتاجية والتجارية والاستهلاكية….

أن تحديد منطقة الربا المصرفي ..هي المنطقة التي ينبغي أن يعمل فيها المصرف اﻷسلامي..وينافس فيها بقوة ويرفع معصية التعامل الربوي عن المسلمين.ان منطقة التمويل الاستثماري طويل اﻷجل بانشاء المشروعات والشركات يوجد بها أداة مشروعة وهي اﻷسهم…لكن المنطقة التي ينبغي أن نجتهد فيها جميعا هي التمويل بالربا قصير اﻷجل أي في نشاط المصارف..لقد غاب عن المؤسسين ذلك..وتصوروا -كما يظهر ذلك في قوانين والنظام اﻷساسي للعديد من البنوك اﻷسلامية-..فنجدها تنص علي أن يتولي المصرف اﻷسلامي القيام بالتنمية الاقتصادية وتحقيق عدالة التوزيع في المجتمع…الخ..وهي كلها أهداف عامة للنظام الاقتصادي ككل..وتتولاها الخطط والاستراتيجيات التنموية..وتستعمل في سبيل ذلك السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والقطاعية…الخ.وتحميل البنوك اﻷسلامية بهذه اﻷدوار ظلم لها..وأمر خارج قدراتها.

2-وكان ذلك يقتضي طرح هيكل مصرفي اسلامي ملائم لذلك الهدف(مقاومة شيوع الربا في الادخار والتمويل والائتمان قصير اﻷجل لمختلف اﻷغراض..وفي المقدمة التمويل المتغير للمؤسسات الانتاجية والاقتصادية) ..هيكل يصف اﻷليات والعلاقات والوظائف والعناصر ..وقواعد العمل ومجالاته.. الخ.

أي نحرر أصل القضية(أزالة الربا من التمويل القصير اﻷجل ) ثم نقيم النظام الفعال والكفء لمعالجتها ونستخدم أدواته في هذا العلاج.

 

2-موارد المصرف اﻷسلامي موارد مشاركة في الربح والخسارة،هذا أساس لا بد أن ننطلق منه ولا يمكن اغفاله بأي حال…ومنه ينبغي أن تكون أصوله وتمويلاته ايضا علي أساس المشاركة…ﻷسباب فنية مصرفية ..اهمها تحقيق التناغم والانسجام بين خصائص الالتزامات،الودائع،واﻷصول..وتغطية الفجوات في العوائد والمخاطر واﻷجال..وهذا هو أقوي العناصر في ادارة المخاطر علي جانبي الموارد والاستخدامات.

وأهم ما ننتبه اليه في هذا الخصوص هو:جلب الموارد المتنوعة المخاطر واﻷجال واﻷغراض بما ينسجم مع فرص الاستخدام والتشغيل.

3-نحتاج الي ابتكار و تجديدات في أليات المشاركات..لتغطي احتياجات جميع اﻷنشطة الاستثمارية والتجارية…وبهذا نرسخ أعرافا مصرفية جديدة ..

4-وفي هذه النقطة يمكن لهذه المجهود في التجديد والابتكارات في أليات المشاركة أن نولد مؤشرا لتخصيص المدخرات المصرفية..وتسعير مخاطرة المشاركة في نتائج النشاط واﻷسواق…بدلا من تلقي دخل مقرر سلفا بغض النظر عن نتائج النشاط..وذلك يتشابه .مع سعر الفائدة ..وهو السعر المركزي في تسعير المخاطروالاقراض الزمني المضمون..

5-يا د.جريبة..أرجو أن تعرف أن بنك فيصل في مصر عندما تأسس عام 1977 م.تأسس وفق قانون خاص ..استثني البنك بموجبه من جميع القوانين اﻷخري من قانون البنوك ومن قانون النقد اﻷجنبي ومن قانون التجارة…بل وكان خاضعا ﻷشراف وزير اﻷوقاف أنذاك..وهو العلامة والمفسر والداعية الكبير المرحوم الشيخ محمد الشعراوي….ومع ذلك ..وبعد مرور عقدين تقريبا من الزمان..وجدت السلطات المصرفية أن البنك يمارس جميع أنشطته في جلب الودائع ومنح التمويل بأسلوب قريب أو يتشابه مع اﻷسلوب التقليدي..ووجدت أنه لم يمارس التمويل بالمشاركة…فقامت بألغاء تلك الامتيازات ..وأخضعته لذات القواعد المصرفية السائدة في القطاع المصرفي..

وأيضا هناك دول أصدرت قوانين خاصة بالمصرفية اﻷسلامية…الي غير ذلك..ومع ذلك لم يتغير نمط أداء المصارف اﻷسلامية لنشاطها..مما يعني أن الخلل في الفكر الحاكم لممارسة النشاط..وقناعات وخبرات اﻷدارة..وما القوانين اوتقرير الخصوصية للمصارف اﻷسلامية الا عاملا واحدا من بين عوامل اخري..وأنه ليس الشرط الضروري والكافي في هذا الصدد.