التطوع القيمة والمثال – حمدي ابو بري
التطوع هو الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه، بدافع منه؛ للإسهام في تحمل مسؤوليات المؤسسة الاجتماعية التي تعمل على تقديم الرفاهية الإنسانية.
وهو في رأي الآخرين تسخير الشخص نفسه، عن طواعية ـ دون إكراه أو ضغوط خارجية ـ لمساعدة ومؤازرة الآخرين؛ بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى باتجاه واحد. وهو ـ أيضا ـ أن يخدم الإنسان وطنه وأهله.
وتستند فكرة “التطوع” بعمل شيء ما إلى رؤية معرفية، أساسها الإرادة الحرة والقدرة على التصرف دون إكراه؛ لتحقيق مصلحة أو منفعة جماعية وليست فردية فقط. وهكذا تتعدد صيغ العمل التطوعي بتعدد الإرادات الفردية، وتنضبط بضوابط الشرائع والقوانين، وبالمصالح الاجتماعية، والمنافع العمومية التي يراها أفراد أي مجتمع في زمن معين يعيشون فيه، فالتطوع هو ما تبرع به الإنسان من ذات نفسه، والمتطوع هو الذي يفعل الشيء الإيجابي تبرعًا دون انتظار مقابل مادي؛ بل ابتغاء مرضاة الله.
إن كافة صور العمل التطوعي في المنظور الإسلامي مرتبطة بعقيدة الإيمان بالله تعالى، وهذا الارتباط هو الذي يوفر لها القوة المعنوية، والطاقة الروحية اللازمة لدفع الفرد للقيام بها طائعًا مختارًا. كما تستند منظومة العمل التطوعي إلى بناء متماسك من القيم والأخلاقيات التي تعلي من شأن المشاركة في الشؤون العامة، وتحض على المبادرة بفعل الخير، وتجعل من الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين فضيلة من الفضائل التي يسعى إليها الفرد ويقدرها المجتمع.
الفكرة التطوعية تكون أكثر فاعلية عندما تتبلور في شكل مؤسسة ذات قدرة على البقاء والتجدد والابتكار، على نحو يمكنها من الإسهام في تلبية الاحتياجات الاجتماعية المتجددة والمتغيرة من فترة إلى أخرى. ولذلك نجد انتشاراً واسعاً للجمعيات الخيرية أو التي تعتمد على الأعمال التطوعية التي لا يستهدف القائمون عليها كسبا أو ربحا ماديا.
وهنا في قطر توجد عديد من المؤسسات، ومنها: مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية، وجمعية قطر الخيرية، ومؤسسة الشيخ جاسم بن جبر الخيرية، بجانب جمعية الهلال الأحمر القطرية، وهي جمعيات تقوم على دعم أعمال الخير والبر سواء داخل قطر أو خارجها، مع تركيزها على الدول والمناطق المنكوبة أو الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا، وهو ما يبدو جليا مع مؤسسة الشيخ عيد بن محمد والهلال الأحمر القطري؛ حيث برزت جهودهما في لبنان، وإعادة إعمار الجنوب، وفي إندونيسيا مع المناطق المنكوبة بسبب تسونامي، في ظل إشراف ودور هيئة الأعمال الخيرية التي تعد مظلة للعمل الخيري والتطوعي في قطر. ولا يمكن أن ننسى أعمال حفر الآبار، وبناء المساجد والمدارس في الدول الإسلامية الفقيرة، ومنها: موريتانيا، والنيجر، وباكستان، وغيرها من الدول.
وعلى الصعيد الداخلي تبدو نشاطات جمعيات عديدة مثل: جمعية مكافحة السرطان، وجمعية مكافحة السكري، والمؤسسة القطرية لرعاية الأيتام، والمؤسسة القطرية لرعاية المسنين. وهنا لا ننسى دور مركز قطر للعمل التطوعي في نشر الوعي بأهمية العمل التطوعي في قطر، ومن ثم ازدياد عدد المتطوعين بالمركز، والذين يسهمون في العمل العام والمؤتمرات والندوات والأنشطة الرياضية، كما يقوم المركز بعمل الاحتفالات بيوم التطوع القطري في العاشر من إبريل، ويوم التطوع العربي في 15 سبتمبر، ويوم التطوع العالمي في الخامس من ديسمبر، كما يقوم المركز بتدريب جميع المتطوعين في مجالات الأعمال التطوعية، ووضع برامج تدريبية متخصصة للمتطوعين والفرق التطوعية حسب احتياجات المتطوعين والمركز والجهات الأخرى. ويقوم على المركز الشيخة منى بنت سحيم آل ثاني ـ رئيس مجلس الإدارة، ورئيس الاتحاد العربي للعمل التطوعي ـ ومعها الأستاذ يوسف الكاظم ـ الأمين العام للاتحاد العربي للعمل التطوعي ـ؛ لذا فالعمل التطوعي في قطر يشهد نهضة واسعة في الآونة الأخيرة بدعم من القيادة الحكيمة للدولة؛ إيمانا منها بأهمية التطوع في تدعيم الانتماء بين أفراد المجتمع وقيادته، ومساعدة المؤسسات المجتمعية، ومنها الهيئات الإسلامية، على أداء وظائفها، بل إن المتطوعين هم أكثر الفئات إحساسا بالمشكلات التي يعاني منها المجتمع .
كما أن التطوع يدعم المشاركة بين الجهود الأهلية والجهود الحكومية،و يعمل على تدعيم الثقة بين المواطن والقادة
أحدث التعليقات