العمل التطوعي والفكرة الأخلاقية للإسلام – أمجد نيوف
يتضمن العمل التطوعي ، بشكله المفاهيمي ، جهودا فردية أو جماعية تبذل برغبة ذاتية لتحسين واقع ما، سواء أكان شخصيا أم تعلق بأفراد آخرين أم مجتمع ما.
لكن هذا ” التحسين ” قد يتضمن غموضا من حيث أن وسيلة لتحسين الذات قد تكون على تضاد مباشر مع الوسائل اللازمة لتحسين واقع يرتبط بفرد آخر أو مجتمع ما.
ومع ذلك فان العمل التطوعي هو عمل تقتضيه المواطنة والبذل في سبيل الإنسانية. وهو، أيضا، تقديم للجهد والمهارة بإرادة حرة.
و عليه فالعمل التطوعي، بالدلالة العامة، امتداد عملي لحسن الجوار. فالنجاح في الحياة هي ما تنجزه في سبيل الآخر.وهنا تكمن الفكرة الأخلاقية للإسلام.
والخدمة التطوعية يتيحها خيار بموجب تفويض ذاتي. خيار يسهم في رفاه الفرد أو المجتمع، أي من اجل بناء مجتمع أفضل.ومجتمع أفضل يعني إنسانا أفضل.
لكن الانسان الذي يقدم الخدمة ، عبر التبرع بالوقت والجهد والمهارة ،غالبا ما لا يحصل على الدعم أو الاعتراف أو التقدير. وعليه فالمجتمع بحاجة إلى حماية وتعزيز أخلاقيات العمل التطوعي حتى لا يتم هجر الفكرة الأخلاقية للإسلام..
لا شك أن المتطوع يأتي من مناحي الحياة جمعيها.ويختار المتطوع المشارك تقديم خدمة لازمة أو الدفاع وحماية قضية ذات قيمة.ومع التطوع يتواصل الناس، وتكتسب المهارات، وأحيانا يتم تغيير مسار الحياة.
والمتطوع لا يعمل من اجل المال، بل من اجل أشكال أخرى من الأجر كالارتياح والتقدير والفرصة لبناء المهارات ، ويسعى بشكل متزايد للاهتمام بمعنى المسؤوليات والمهام.
وطالما انه للعالم الإسلامي تقليد راسخ للعمل الخيري، فليكن العمل التطوعي واحدا من أدوات مهمة لمعالجة الاستبعاد.وليفتح المجال أمام الأفراد، عبر التطوع، للحصول على فرص المشاركة في بناء المجتمع.ولأن العمل التطوعي هنا ، بوصفه قيمة ، فلا بد من إضافته إلى استراتيجيات وبرامج التنمية.هذا من جانب.
ومن جانب آخر ، تحض أخلاقيات الدين الإسلامي على العمل التطوعي.والأمر لا يقتصر على التبرع من اجل بناء مسجد هنا وهناك.
ونحن كمسلمين لا بد أن نظهر دورنا كمواطنين عالميين.وفكرة العمل من اجل مجتمع أفضل فكرة جيدة، لكن يجب ألا تقتصر على المجتمع المسلم، بل يجب أن تمتد إلى المجتمع غير المسلم أيضا.فالإسلام جاء من اجل خير الإنسانية جمعاء.
إن دعوة الآخرين إلى الدخول في الإسلام تتخذ أشكالا متعددة. لكن شكلا واحدا هو الواضح من بينها،ألا وهو تثقيف الناس عن الإسلام والمبادئ المنصوص عليها فيه.لكن الأقل وضوحا هو وضع إطار جلي ومتناسق يمكن أن يتحرك داخله العمل التطوعي بحرية.
كم من جهود تبذل ولا تنال التقدير، بل غالبا ما تنتقد أو تحارب. نحن بحاجة إلى تغيير نظرتنا إلى العمل التطوعي، وكمجتمع مسلم لا بد من غرس ثقافة العمل التطوعي…. فلا مجال للتفاخر أو التباهي عندما يتطوع الانسان بالوقت والجهد والمعرفة في سبيل الله.
أحدث التعليقات