دور مؤتمرات العمل الخيري الخليجي في دعم وتطوير العمل الخيري الإسلامي
الكاتبة : مايسة مرزوق
بمناسبة عقد مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثالث في الفترة من (21- 23 يناير2008) والذي تنظمه دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري بدبي تحت شعار ” العمل الخيري زيادة ونماء” ، فإن هذا المقال سيحاول تسليط الضوء على دور مؤتمرات العمل الخيري الخليجي في دعم وتطوير العمل الخيري الإسلامي من خلال استعراض ما تطرحه من أجندات للعمل. خاصة وأن العمل الخيري الإسلامي ومؤسساته في هذه المرحلة يواجه تحديات خارجية متمثلة في الضغوط الدولية الغربية الأمريكية لتجفيف منابع الخير بحجة ربطها ” بالإرهاب ” وتحديات داخلية أشهرها (الضعف المؤسسي، جودة تنفيذ المشروعات، تنويع مصادر التمويل).
وسنبدأ أولاً باستعراض أهمية هذه المؤتمرات:
تنبع أهمية عقد هذه المؤتمرات من أنها بمثابة ضخ ماء الحياة من جديد في البنية التحتية ” لوحدة الأمة الإسلامية ” والكشف عن عناصرها المشتركة وإعادة تشكيل الوعي الجماعي حولها، أيضاً، فإن هذه المؤتمرات تترجم المشاعر والعواطف الإنسانية من خلال تجديد الشعور بالانتماء إلى أفعال ومشروعات اجتماعية يتبناها العمل الخيري، والذي يتجاوز بطبيعته الإنسانية الحدود السياسية والجغرافية القائمة بين الدول الإسلامية.
ويذكر أن مؤتمر العمل الخيري الخليجي الأول للجمعيات والمؤسسات الخيرية عقد في الكويت في الفترة من ( 23-25 نوفمبر 2004 ) ونظمته مؤسسة مبرة للأعمال الخيرية، كما عقد مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثاني في الدوحة في الفترة من ( 21-23 فبراير 2006 ) تحت شعار ( شركاء في التنمية )، وقد عملت هذه المؤتمرات عل دحض وتفنيد دعاوى الإرهاب الباطلة التي ألصقت بالمؤسسات والهيئات الخيرية ومحاولة بعض الجهات التشكيك في أنشطة مؤسسات العمل الخيري الإسلامي سواء في داخل العالم الإسلامي أو في خارجه، وما صاحب ذلك من هجوم إعلامي وضغوطات غربية على دوائر العمل الخيري في العالم الإسلامي، أثمرت صوراً متعددة من التضييق عليها فضلاً عن محاولات تجفيف مصادر تمويلها سواء بالتجميد أو المصادرة، كما سعت هذه المؤتمرات إلى تحقيق الوحدة والتماسك في ظل المتغيرات الدولية وتحقيق نوعاً من التكامل والتنسيق بين المؤسسات الخيرية للصمود في مواجهة التحديات الخارجية ومواصلة عملها.
أهداف مؤتمرات العمل الخيري الخليجي( المؤتمر الثالث أنموذجاً ):
• إظهار الوجه الحضاري والإنساني للجمعيات الخيرية في الخليج العربي، ومساهمتها الفاعلة في التنمية الاجتماعية.
• التأكيد على مواكبة ضرورات العصر والتقدم التكنولوجي في مجال العمل الخيري.
• التوافق بين الضوابط الشرعية ومتطلبات المجال الميداني في العمل الخيري.
• التعرف على الاحتياجات العاجلة والدائمة للمناطق المنكوبة على مستوى العالم، والسعي لتلبيتها.
• السعي لإيجاد شراكات عمل دائمة بين أجهزة العمل المتنوعة في المجال الإغاثي والخيري.
• الارتقاء بكفاءات العاملين في العمل الخيري، وثقافتهم.
• إظهار أداء القطاع الخيري الخليجي ومنجزاته، ومدى مساهمته في التنمية الإقليمية والعالمية.
• العمل على تأكيد شفافية الجمعيات الخيرية ووضوح أهدافها ووسائلها وسلمية وحيادية نتائجها.
• العمل على تنسيق النشاطات والتكامل خليجياً.
• توظيف المقدرات والطاقات المتوفرة فعلياً لخدمة المسلمين المحتاجين بفاعلية.
وعلى ضوء هذه الأهداف يناقش المؤتمر عدد من المحاور:
المحور الأول: المحــور الشـرعـي:-
حيث تعرض فيه الآراء الفقهية الجديدة وفق متطلبات العصر الحديث، وبما يحقق فاعلية أكبر في مجال العمل الخيري والإغاثي، وذلك من خلال وضع الضوابط الشرعية التي تحكم عمليات الحصول على الأموال، واستثمارها، وإنفاقها في الأغراض الشرعية.
المحور الثاني: تنمية الموارد الإدارية:-
يتم فيه عرض التجارب الإدارية والإبداعية المستحدثة في مجال الجودة والتميز في الأداء المؤسسي ومجالات تطبيقه في العمل الخيري
وفي هذا الإطار يمكن التطرق إلى الموضوعات من قبيل:-
- إستراتيجية الخطاب الإعلامي القادم لقطاعات العمل الخيري.
- العمل الخيري النسائي: الواقع والتطلعات.
- تنمية الكوادر البشرية عموماً.
- خفض التكاليف الإدارية، ودور الحكومات في دعم الجمعيات.
المحور الثالث: تنمية المـوارد المـالية (كيف ننمي مواردنا):-
ويتم فيه عرض بعض الأفكار الإبداعية والتنموية التي تساهم في زيادة وتنمية الموارد المالية للجمعيات فيما يتعلق باستخدام تقنية المعلومات، وشبكة الإنترنت في إنجاز التبرعات والمساعدات وتلقي الطلبات والمعاملات البنكية.
أيضاً، سيلقى المؤتمر الضوء على تجارب عملية خليجية في تحقيق معاني الريادة والنمو في العمل الخيري لتعريف المتبرعين وغيرهم بها تشجيعاً لهم للتبرع.
ومن خلال استعراض أهداف المؤتمر ومحاوره، يمكن القول أن الجديد في مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثالث 2008 سعيه للتغلب على عقبات العمل الخيري الإسلامي ووضع حلول بديله للمنظمات لإعادة النظر في أعمالها وهياكلها وإعادة ترتيب أولوياتها في ضوء المعطيات المعاصرة وبما يتناسب مع روح العصر وتقنياته.
فعلى صعيد المحور الشرعي، تم التأكيد على أن ثوابت العمل الخيري الإسلامي لم تتغير وعدم التخلي عن ربط الدعوة بالإغاثة وفصل مفهوم العمل الخيري الإسلامي ونشاطه عن الإرهاب. إلا أن الوسائل التي تحكم عمليات الحصول على أموال التبرع هي التي استحدثت في إطار الضوابط الشرعية. أما من الناحية الإدارية، فيسعى المؤتمر لوضع استراتيجيات ودراسات وخطط مستقبلية متكاملة للعمل الخيري في مؤسساته بسرعة ضوئها واعتبار الدراسة والتخطيط نواة العمل الخيري المنظم والتخلص من النمط التقليدي ( العشوائية ، التخبط ، وعدم التخطيط السليم )
أيضاً ، الاعتماد على العمل المؤسسي مستخدماً أحدث الوسائل التكنولوجية لا الطرق القديمة حيث يمثل الفرد فيها العمود الفقري بالإضافة لتحسين عمل الكوادر البشرية وتدريبها لتصل لمستوى أعلى في الكفاءة والفاعلية.
أما من الناحية المالية، استخدام تقنية المعلومات والحاسوب في جمع التبرعات ، والسعي لإيجاد بدائل للتمويل الخيري بعد تراجع الدور الحكومي وانحسار التمويل الدولي والتركيز على القطاع الخاص وتشجيعه على المساهمة في العمل الخيري بصورة أكبر بدلاً من المساهمات المتفرقة والأشبه بالفردية، مع تنمية المؤسسات الخيرية لمواردها المادية بشكل مستمر بحيث تكون قادرة على تنفيذ برامج وخطط دعوية أكبر.
من ناحية أخرى، يركز المؤتمر على عدد من الموضوعات والقضايا التي تخدم وتفعل العمل الخيري مثل:
( أ ) البعد التكنولوجي: لتطوير العمل داخل مؤسسات العمل الخيري لمواكبة ضرورات العصر مع نشر ثقافة الشفافية بين العاملين.
( ب ) البعد الإعلامي: وتوظيفه لتعريف الناس سواء في الداخل أو الخارج بإنجازات العمل الخيري الإسلامي والنتائج المبهرة التي حققها ودحض كافة الاتهامات المنسوبة له.
( ج ) أيضاً، إيلاء العمل الخيري النسائي بعداً هاماً وهذا يرجع لعدة متغيرات فرضت نفسها على الواقع العربي منها:
أولاً : الاهتمام الدولي بقضايا المرأة وما صاحبه من مؤتمرات وأجندات مغايرة للثوابت الإسلامية.
ثانياً: ازدياد نسب تعليم المرأة في دول الخليج، وقدرتها كطاقة نسائية إسلامية على البذل والعطاء المؤسسي الموجه للمجتمع النسائي.
ثالثاً : الانفتاح الإعلامي الخليجي وتناوله لكافة قضايا المرأة بجرأة شديدة عن ذي قبل مما يستدعى التباحث الموضوعي في ضوء الثوابت الشرعية.
رابعاً : مشاركة المرأة في الحياة السياسية سواء بالتعيين أو من خلال الانتخابات التي أجريت في الدول الخليجية التشريعية والبلدية، إضافة إلى تقلدها مناصب عديدة إبتداءً برئاسة الجامعة والاتحادات المختلفة وانتهاء بمنصبي السفيرة أو الوزيرة، وكلها متغيرات يمكنها أن تسهم في إثراء العمل الخيري النسائي في دول مجلس التعاون الخليجي.
على أية حال ، تزداد الطموحات والتطلعات ……… مع اقتراب مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثالث نحو دفع العمل الخيري الإسلامي إلى الأفضل والوصول به إلى المكانة التي يستحقها على الصعيد الدولي …………..
فهل سينجح المؤتمر الثالث في مواجهة التحديات وإزالة العقبات ……… أم أن تطوير العمل الخيري الإسلامي وتعزيز مكانته يتطلب تضافر أكبر للجهود على صعيد ( الحكومات العربية، القطاع الخاص، الدعم الشعبي ) !؟
المصدر: http://www.medadcenter.com/Articles/show.aspx?Id=36
أحدث التعليقات