البذل مع الاحتياج عند سعيد بن عامر ومعاذ بن عفراء رضي الله عنهما
الهيثم زعفان
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “سبق درهم مائة ألف درهم: رجلٌ له درهمان أخذ أحدهما فتصدّق به، ورجلٌ له مالٌ كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألفٍ فتصدَّق بها”
فما أجمل الإنفاق مع الاحتياج فهو نعم البرهان على صدق الإحسان، فالصدقة برهان، والإنفاق في سبيل الله مع العوز من الإحسان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من ضربوا للأمة الإسلامية أروع الأمثلة في البذل مع العوز والاحتياج.
فما يكاد تأتيهم سعة من المال إلا سارعوا ببذله في فقراء المسلمين، رغم احتياج بيوتهم الشديد لهذا المال، لكنه حب الإنفاق في سبيل الله والتقرب إلى الله بهذا الإنفاق، مع اليقين بأن الله لن يضيعهم، وأن ما انفق في سبيل الله هو أبقى وإلى خلود، وما انفق دون ذلك فهو زبد زائل ذاهب إلى جفاء.
ومن هؤلاء العظماء الصحابيان الجليلان سعيد بن عامر و معاذ بن عفراء رضي الله عنهما، واللذان سنعيش مع بعض مواقفها البذلية الخالدة التي تعلم البشرية أن الغنى ليس شرط إنفاق، وتبين كذب مقولة أن من ليس بغني لا يستطيع البذل والعطاء.
أولاً… سعيد بن عامر رضي الله عنه
هو سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح القرشي الجمحي رضي الله عنه.
كان يأخذ من عطائه وراتبه ما يكفيه وزوجه، ثم يوزع باقيه على بيوت فقراء المسلمين.
وقد روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من طريق زيد بن أسلم قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسعيد بن عامر بن حذيم رضي الله عنه إن أهل الشام يحبونك؛ قال لأني أعاونهم وأواسيهم، فقال خذ هذه عشرة آلاف فتوسع بها؛ قال أعطها من هو أحوج إليها مني.
ولايته على الشام والاتجار مع الله
أتى ابن الجوزى في صفة الصفوة برواية عن حسان بن عطية قال: لما عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن الشام، بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي رضي الله عنه فخرج معه بجارية من قريش، فما لبث إلا يسيراً حتى أصابته حاجة شديدة فبلغ ذلك عمر فبعث إليه بألف دينار، فدخل بها على امرأته فقال إن عمر بعث إلينا بما ترين فقالت لو أنك اشتريت أدماً وطعاماً وادخرت سائرها؛ فقال لها أولا أدلك على أفضل من ذلك؟!
نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانها عليه، قالت فنعم! فاشترى أدماً وطعاماً واشترى غلامين وبعيرين يمتاران عليهما حوائجهم وفرقها على المساكين وأهل الحاجة.
فما لبث إلا يسير حتى قالت له امرأته أنه قد نفد كذا وكذا فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح، فاشتريت لنا مكانه؛ فسكت عنها ثم عاودته فسكت عنها حتى آذته ولم يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل.
وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخوله فقال لها ما تصنعين إنك قد آذيته وإنه قد تصدق بذلك قال فبكت أسفاً على ذلك المال.
فدخل عليها سعيد بن عامر رضي الله عنه يوماً فقال على رسلك أنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحب أني صددت عنهم وأن لي الدنيا وما فيها، ولو أن خيرة من خيرات الجنان اطلعت من السماء لأضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر، ولنصيف تكسى خير من الدنيا وما فيها فلأنت في نفسي أحرى أن ادعك لهن من أن ادعهن لك فسمحت زوجته ورضيت.
أمير البلاد في قائمة الفقراء
ما سمعنا من قبل أن أميراً على بلد من البلاد يضمن اسمه في قائمة فقراء البلدة التي يحكمها إلا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على دربهم، وإن دل ذلك فإنما يدل على عظم تحري هؤلاء الرجال ومراقبتهم لله مالك الملك، ولهذا التحري اتسعت رقعة الإسلام، وارتفع شأن هؤلاء الرجال، وتطاير ذكرهم في الأمصار؛ فعن مالك بن دينار أنه قال لما أتى عمر رضي الله عنه الشام طاف بكورها، فنزل بحضرة حمص فأمر أن يكتبوا له فقراءهم، فرفع إليه الكتاب فإذا فيه سعيد بن عامر بن حذيم أميرها، فقال من سعيد بن عامر؟ قالوا أميرنا، قال أميركم؟!! قالوا نعم، فعجب عمر ثم قال كيف يكون أميركم فقيراً أين عطاؤه أين رزقه? قالوا يا أمير المؤمنين لا يمسك شيئاً، فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم عمد إلى ألف دينار فصرها ثم بعث بها إليه، وقال أقرئوه مني السلام وقولوا بعث بهذه إليك أمير المؤمنين تستعين بها على حاجتك.
فجاء بها إليه الرسول فنظر فإذا هي دنانير؛ فجعل يسترجع و امرأته تقول له ما شأنك؟ أمات أمير المؤمنين قال بل أعظم من ذلك قالت فما شأنك؟ قال الدنيا أتتني الفتنة دخلت علي، قالت فاصنع فيها ما شئت قال عندك عون؟ قالت نعم فأخذ دريعة فصر الدنانير فيها صراراً، ثم جعلها في مخلاة ثم اعترض جيشاً من جيوش المسلمين فأمضاها كلها فقالت له امرأته رحمك الله لو كنت حبست منها شيئاً نستعين به، فقال لها إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى أهل الأرض لملأت ريح مسك وإني والله ما كنت لاختارك عليهن فسكتت.
ولعل الألف دينار الواردة في رواية مالك بن دينار هي نفسها المذكورة في رواية حسان بن عطية، لتشابه البرهان الذي ذكره سعيد بن عامر رضي الله عنه لزوجته وهو حديث نساء أهل الجنة، إلا أن رواية مالك بن دينار كشفت عن جانب آخر؛ وهو رفع اسم الوالي في قائمة الفقراء وهذه من العلامات المشرفة في تاريخ هذا الصحابي الجليل.
ثانياً…معاذ بن عفراء رضي الله عنه
وعفراء: أمه، نسب إليها، وأبوه: الحارث بن رفاعة بن الحارث؛ شهد العقبتين وبدراً.
الإنفاق استتاراً من النار
كان معاذ بن عفراء رضي الله عنه ينفق كل ما يجده في سبيل الله يقيناً منه بأن هذا الإنفاق يستره من النار؛ فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان معاذ بن عفراء لا يدع شيئاً إلا تصدق به؛ فلما ولد له، استشفعت إليه امرأته بأخواله فكلموه وقالوا له: إنك قد أعلت، فلو جمعت لولدك؟ قال: أبت نفسي إلا أن أستتر بكل شيء أجده من النار، رضي الله عنه وأرضاه.
موازنة أخروية
من يتاجر يفكر في كافة الوسائل التي تجلب عليه أفضل الأرباح لكن هذا حال تجار الدنيا، أما تجار الآخرة فالموازنات عندهم بعيدة النظر فتجارتهم مع الله وفي سبيلها يعملون أذهانهم لتحقيق أعلى عائد ربحي، وهذا ما سعى إليه بن عفراء رضي الله عنه، فعن عمر بن شبة قال: حدثنا وهب بن جرير قال: نا أبي قال: سمعت محمد بن سيرين يحدث عن أفلح مولى أبي أيوب قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر بحلل تنسج لأهل بدر يتنوق فيها،
فبعث إلى معاذ بن عفراء حلة فقال لي معاذ: يا أفلح بع هذه الحلة؛ فبعتها له بألف وخمسمائة درهم؛ ثم قال: اذهب فابتع لي بها رقابا؛ فاشتريت له خمس رقاب ثم قال: والله إن امرأ اختار قشرين – يلبسهما – على خمس رقاب يعتقها؛ لغبين الرأي، اذهبوا فأنتم أحرار.
فهل فكر تجار الدنيا ورجال أعمالها في أن يتاجروا مع الله بهذا الفكر اليقيني البذلي؟ .
حال أولاده من بعده
يقول تعالى ” وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا الله وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ” النساء الآية9
وقد امتثل بن عفراء لهذه الآية فعندما خافت امرأته على أبنائهم استشفعت له بواسطة أخوالهم كي يوفر صدقته لعياله، إلا أنه عندما خاف عليهم اتقى الله وبذل كل ما يملك فبارك الله في تجارته معه وأجزل أبنائه خير العطاء؛
فلما مات ترك أرضاً إلى جنب أرض لرجل، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى – وعليه ملاءة صفراء ما تساوي ثلاثة دراهم قال عنها ما يسرني الأرض بملاءتي هذه؛
وقد امتنع ولي الصبيان عن بيع الأرض، حتى احتاج إليها جار الأرض فباعها بثلاثمائة ألف، ليخلف الله على أبناء معاذ جزاء ما كان ينفق رضي الله عنه في سبيل الله .
وقد توفي معاذ بن عفراء رضي الله عنه بعد مقتل عثمان رضي الله عنه.
إنهما نموذجان إسلاميان للبذل مع الاحتياج نادر أن يجود الزمان بمثليهما،
كما أنهما يدحضان أي حجة يرفعها من لا يعرفون للإنفاق والعطاء سبيلاً.
نعم البرهان على صدق الإحسان، فالصدقة برهان، والإنفاق في سبيل الله مع العوز من الإحسان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من ضربوا للأمة الإسلامية أروع الأمثلة في البذل مع العوز والاحتياج.
فما يكاد تأتيهم سعة من المال إلا سارعوا ببذله في فقراء المسلمين، رغم احتياج بيوتهم الشديد لهذا المال، لكنه حب الإنفاق في سبيل الله والتقرب إلى الله بهذا الإنفاق، مع اليقين بأن الله لن يضيعهم، وأن ما انفق في سبيل الله هو أبقى وإلى خلود، وما انفق دون ذلك فهو زبد زائل ذاهب إلى جفاء.
ومن هؤلاء العظماء الصحابيان الجليلان سعيد بن عامر و معاذ بن عفراء رضي الله عنهما، واللذان سنعيش مع بعض مواقفها البذلية الخالدة التي تعلم البشرية أن الغنى ليس شرط إنفاق، وتبين كذب مقولة أن من ليس بغني لا يستطيع البذل والعطاء.
أولاً… سعيد بن عامر رضي الله عنه
هو سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح القرشي الجمحي رضي الله عنه.
كان يأخذ من عطائه وراتبه ما يكفيه وزوجه، ثم يوزع باقيه على بيوت فقراء المسلمين.
وقد روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من طريق زيد بن أسلم قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسعيد بن عامر بن حذيم رضي الله عنه إن أهل الشام يحبونك؛ قال لأني أعاونهم وأواسيهم، فقال خذ هذه عشرة آلاف فتوسع بها؛ قال أعطها من هو أحوج إليها مني.
ولايته على الشام والاتجار مع الله
أتى ابن الجوزى في صفة الصفوة برواية عن حسان بن عطية قال: لما عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن الشام، بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي رضي الله عنه فخرج معه بجارية من قريش، فما لبث إلا يسيراً حتى أصابته حاجة شديدة فبلغ ذلك عمر فبعث إليه بألف دينار، فدخل بها على امرأته فقال إن عمر بعث إلينا بما ترين فقالت لو أنك اشتريت أدماً وطعاماً وادخرت سائرها؛ فقال لها أولا أدلك على أفضل من ذلك؟!
نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانها عليه، قالت فنعم! فاشترى أدماً وطعاماً واشترى غلامين وبعيرين يمتاران عليهما حوائجهم وفرقها على المساكين وأهل الحاجة.
فما لبث إلا يسير حتى قالت له امرأته أنه قد نفد كذا وكذا فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح، فاشتريت لنا مكانه؛ فسكت عنها ثم عاودته فسكت عنها حتى آذته ولم يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل.
وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخوله فقال لها ما تصنعين إنك قد آذيته وإنه قد تصدق بذلك قال فبكت أسفاً على ذلك المال.
فدخل عليها سعيد بن عامر رضي الله عنه يوماً فقال على رسلك أنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحب أني صددت عنهم وأن لي الدنيا وما فيها، ولو أن خيرة من خيرات الجنان اطلعت من السماء لأضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر، ولنصيف تكسى خير من الدنيا وما فيها فلأنت في نفسي أحرى أن ادعك لهن من أن ادعهن لك فسمحت زوجته ورضيت.
أمير البلاد في قائمة الفقراء
ما سمعنا من قبل أن أميراً على بلد من البلاد يضمن اسمه في قائمة فقراء البلدة التي يحكمها إلا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على دربهم، وإن دل ذلك فإنما يدل على عظم تحري هؤلاء الرجال ومراقبتهم لله مالك الملك، ولهذا التحري اتسعت رقعة الإسلام، وارتفع شأن هؤلاء الرجال، وتطاير ذكرهم في الأمصار؛ فعن مالك بن دينار أنه قال لما أتى عمر رضي الله عنه الشام طاف بكورها، فنزل بحضرة حمص فأمر أن يكتبوا له فقراءهم، فرفع إليه الكتاب فإذا فيه سعيد بن عامر بن حذيم أميرها، فقال من سعيد بن عامر؟ قالوا أميرنا، قال أميركم؟!! قالوا نعم، فعجب عمر ثم قال كيف يكون أميركم فقيراً أين عطاؤه أين رزقه? قالوا يا أمير المؤمنين لا يمسك شيئاً، فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم عمد إلى ألف دينار فصرها ثم بعث بها إليه، وقال أقرئوه مني السلام وقولوا بعث بهذه إليك أمير المؤمنين تستعين بها على حاجتك.
فجاء بها إليه الرسول فنظر فإذا هي دنانير؛ فجعل يسترجع و امرأته تقول له ما شأنك؟ أمات أمير المؤمنين قال بل أعظم من ذلك قالت فما شأنك؟ قال الدنيا أتتني الفتنة دخلت علي، قالت فاصنع فيها ما شئت قال عندك عون؟ قالت نعم فأخذ دريعة فصر الدنانير فيها صراراً، ثم جعلها في مخلاة ثم اعترض جيشاً من جيوش المسلمين فأمضاها كلها فقالت له امرأته رحمك الله لو كنت حبست منها شيئاً نستعين به، فقال لها إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى أهل الأرض لملأت ريح مسك وإني والله ما كنت لاختارك عليهن فسكتت.
ولعل الألف دينار الواردة في رواية مالك بن دينار هي نفسها المذكورة في رواية حسان بن عطية، لتشابه البرهان الذي ذكره سعيد بن عامر رضي الله عنه لزوجته وهو حديث نساء أهل الجنة، إلا أن رواية مالك بن دينار كشفت عن جانب آخر؛ وهو رفع اسم الوالي في قائمة الفقراء وهذه من العلامات المشرفة في تاريخ هذا الصحابي الجليل.
ثانياً…معاذ بن عفراء رضي الله عنه
وعفراء: أمه، نسب إليها، وأبوه: الحارث بن رفاعة بن الحارث؛ شهد العقبتين وبدراً.
الإنفاق استتاراً من النار
كان معاذ بن عفراء رضي الله عنه ينفق كل ما يجده في سبيل الله يقيناً منه بأن هذا الإنفاق يستره من النار؛ فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان معاذ بن عفراء لا يدع شيئاً إلا تصدق به؛ فلما ولد له، استشفعت إليه امرأته بأخواله فكلموه وقالوا له: إنك قد أعلت، فلو جمعت لولدك؟ قال: أبت نفسي إلا أن أستتر بكل شيء أجده من النار، رضي الله عنه وأرضاه.
موازنة أخروية
من يتاجر يفكر في كافة الوسائل التي تجلب عليه أفضل الأرباح لكن هذا حال تجار الدنيا، أما تجار الآخرة فالموازنات عندهم بعيدة النظر فتجارتهم مع الله وفي سبيلها يعملون أذهانهم لتحقيق أعلى عائد ربحي، وهذا ما سعى إليه بن عفراء رضي الله عنه، فعن عمر بن شبة قال: حدثنا وهب بن جرير قال: نا أبي قال: سمعت محمد بن سيرين يحدث عن أفلح مولى أبي أيوب قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر بحلل تنسج لأهل بدر يتنوق فيها،
فبعث إلى معاذ بن عفراء حلة فقال لي معاذ: يا أفلح بع هذه الحلة؛ فبعتها له بألف وخمسمائة درهم؛ ثم قال: اذهب فابتع لي بها رقابا؛ فاشتريت له خمس رقاب ثم قال: والله إن امرأ اختار قشرين – يلبسهما – على خمس رقاب يعتقها؛ لغبين الرأي، اذهبوا فأنتم أحرار.
فهل فكر تجار الدنيا ورجال أعمالها في أن يتاجروا مع الله بهذا الفكر اليقيني البذلي؟ .
حال أولاده من بعده
يقول تعالى ” وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا الله وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ” النساء الآية9
وقد امتثل بن عفراء لهذه الآية فعندما خافت امرأته على أبنائهم استشفعت له بواسطة أخوالهم كي يوفر صدقته لعياله، إلا أنه عندما خاف عليهم اتقى الله وبذل كل ما يملك فبارك الله في تجارته معه وأجزل أبنائه خير العطاء؛
فلما مات ترك أرضاً إلى جنب أرض لرجل، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى – وعليه ملاءة صفراء ما تساوي ثلاثة دراهم قال عنها ما يسرني الأرض بملاءتي هذه؛
وقد امتنع ولي الصبيان عن بيع الأرض، حتى احتاج إليها جار الأرض فباعها بثلاثمائة ألف، ليخلف الله على أبناء معاذ جزاء ما كان ينفق رضي الله عنه في سبيل الله .
وقد توفي معاذ بن عفراء رضي الله عنه بعد مقتل عثمان رضي الله عنه.
إنهما نموذجان إسلاميان للبذل مع الاحتياج نادر أن يجود الزمان بمثليهما،
كما أنهما يدحضان أي حجة يرفعها من لا يعرفون للإنفاق والعطاء سبيلاً.
المصدر: http://www.medadcenter.com/Articles/show.aspx?Id=26
أحدث التعليقات