مساجد حزينة على مائدة الرحمن!!
محمد خضر الشريف
خلو الظاهرة الرمضانية الجميلة المتمثلة في مائدة الرحمن هذا العام من بعض المساجد أشعرت الكثير من المصلين ورواد المسجد بالفتور الإيماني والأخوي قبل كل شيء، وجعلت الإقدام على فعل الخير والسعي فيه كما كان في رمضانات سابقة يفتر في النفوس، وشيئا فشيئا فستهبط عزيمة الناس في التواصل الخيري والتآزر الأخوي الرمضاني، وهذا ما لا يرضاه ديننا الحنيف بل عكس ما أمر به..
وأتساءل :هل هناك من وسيلة يتم تدارك هذا الخلل حتى لا نوقف عمل الخير في أحيائنا ونحيي سنة حميدة كانت ولا تزال شعارا للإسلام ودثارا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟؟؟؟
لست أدري هل المسالة خاصة بمسجد حينا في جدة فقط أم أن هناك مساجد أخرى تشاركه حالة الحزن التي أصابته في شهر رمضان المبارك على عدم وجود سفرة رمضان كل مغرب
وسفرة رمضان- أو مائدة الرحمن كما يسميها الناس- كان يجلس عليها مغربا القاصي والداني وابن السبيل والمسكين والذي لايجد قوت يومه فيسعد الجميع بحلاوة الإفطار في جو عائلي حميمي إسلامي إيماني اجتماعي ليس له مثيل.
كان مسجدنا في مغرب رمضان يفرش السفرة التي يقوم عليها أهل الخير ومن يتبرعون لها في منظر يدل على التكافل والتآزر والتوحد بين مسلمين من أجناس شتى وأغلبهم الغرباء والعزاب من أبناء السبيل والعاملين الفقراء، ويجالسهم بعض أهل الحي ممن من الله عليهم بالفضل والخير، مجسدين روح الإخوة التي أوصى بها القرآن الكريم:(إنما المؤمنون إخوة) وحث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” المسلم أخو المسلم، لايظلمه ولايسلمه”.
يجلس الجميع على مائدة واحدة فيها مالذ وطاب من الطعام والشراب الذي لايقدر البعض- ربما على تذوقه إلا من رمضان إلى رمضان فقط، في ترجمة فعلية لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “من فطر صائما كان له من الأجر مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيئا” .
تذيب مائدة الرحمن الشحناء التي تكمل دائرة “الران” على قلب المظلوم والمضطهد من عباد الله المسلمين، في عمله معنا وبين أيدينا، وتشعره أنه بين إخوانه وأهله وجيرانه، وقد امتدت الأيادي المتوضئة،” المبسملة”، تتسابق إلى الطعام، وتتسابق قبلها القلوب لزرع المحبة والوئام.
هذه السنة لم نلحظ تلك المائدة، سألت مؤذن المسجد الذي كان يشارك القوم هو والإمام مائدتهم اليومية، فقال: لأنهم منعوا التبرعات في المساجد وبالتالي لم يصبح لدينا ما يمكن أن نقيم به مائدة الرحمن؟؟ وأيضا منعوا إقامة موائد الإفطار في المسجد أو أمام أبواب المسجد؟؟؟
سألته: يعني ماذا؟ هل ستوأد هذه السُّنة الحميدة التي تجمع الناس على الطعام الذي أوصى به رسولنا خير الأنام صلى الله عليه وسلم بشكل عام في قوله :” أيها الناس: أفشوا السلام وأطعموا الطعام…”، وبشكل خاص في رمضان، كما جاءت الأحاديث التي تحث على إفطار الصائم، كما مر علينا آنفا ؟؟
قال: هذا ماصار لنا بسبب التوجيه بتخلية المسجد من صندوقنا الصغير الخاص بالتبرعات التي تصرف على خدمات المسجد ومصاريفه، وهو مسجد أهلي ولا يتبع وزارة الأوقاف أو أي جهة تنفق عليه إلا بعض دراهم أهل الحي فقط.
تنظيم التبرعات مهم وله كل التقدير، حتى لا يترك الحبل على الغارب، ولتنزع كل الشكوك التي تحوم حول هذه التبرعات وليكن سبيلها موحدا وجهتها معروفة.
لكن كيف يكون الأمر في مسجد أهلي ليس له جهة تنفق عليه وهو يحتاج إلى اليد التي تصلحه، وتقوم على خدماته وصرف راتب إمامه ومؤذنه ودفع فواتير كهربائه وتصليح مكيفاته ومراوحه وفرشه ومكبرات صوته؟؟
خلو الظاهرة الرمضانية الجميلة المتمثلة في مائدة الرحمن هذا العام من المسجد أشعرت الكثير من المصلين ورواد المسجد بالفتور الإيماني والأخوي قبل كل شيء، وجعلت الإقدام على فعل الخير والسعي فيه، كما كان في رمضانات سابقة يفتر في النفوس، وشيئا فشيئا فستهبط عزيمة الناس في التواصل الخيري والتآزر الأخوي الرمضاني، وهذا ما لا يرضاه ديننا الحنيف بل عكس ما أمر به.
هل هناك من وسيلة يتم تدارك هذا الخلل حتى لا نوقف عمل الخير في أحيائنا ونحيي سنة حميدة كانت، ولا تزال شعارا للإسلام ودثارا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
المصدر: http://www.medadcenter.com/Articles/show.aspx?Id=18
أحدث التعليقات