العمل الخيري الإسلامي استعادة للدور بعد تجاوز للمحنة
الكاتب : الهيثم زعفان
يعيش المسلمون هناك على أوراق الشجر والحشائش ، ومنهم من يأكلون بعض الحشائش السامة والمرة بعد غليها في الماء لمدة أربع أيام وذلك حتى يستطيعوا أكلها بعد أن تخف مرارتها .
وتزيد المأساة بمعرفتنا أن بعض القرى اضطر الناس فيها لحفر بيوت النمل بحثاًً عن بقايا الحبوب داخلها.
نجح العمل الخيري الإسلامي في تجاوز المحنة التي فرضتها عليه أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي استصحبت بحملة استباقية دعائية عشوائية أسفرت عن غلق بعض مقار المؤسسات الإسلامية الإغاثية في مناطق العوز، وذلك بدون وجود أدلة إدانة ذات اعتبار ، وما أعقب ذلك من تمحيصات دقيقة لنشاطاتها وتحركاتها، تلك التمحيصات التي تمت بأيدي الحكومات العربية والإسلامية والتي أكدت براءة هذا القطاع من تهمة الإرهاب غير المعرف، وتأكيد خضوع كافة أنشطة المؤسسات الخيرية الإسلامية للمراقبة الرسمية من قبل حكومات دولها. وبعد مرور السنوات على أحداث سبتمبر تبين زيف الادعاء ولفُت أنظار العالم لقوة العمل الخيري الإسلامي وأهميته على الساحة الدولية وفي مناطق الكوارث والنكبات ، وأتت الشهادات من مناطق الاحتياج ذاتها بعد تلمسها للفروقات الواضحة بين العمل الخيري الإسلامي القائم على الإخلاص لله وغيره من الأعمال الاجتماعية النفعية التبشيرية في معظمها .
استعادة للدور المغيب
والآن وبعد الوقفة المؤقتة التي فرضتها المتغيرات الدولية على انتشار العمل الخيري الإسلامي .. بدأ الخير الإسلامي في إعادة ترتيب البيت بعد محاولة بعثرة محتوياته . وكان آخر خطوات الترتيب تلك العشرة ملايين دولار التي خصصها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية لتأمين مواد غذائية لمساعدة المتضررين من المجاعة في بعض دول القارة الإفريقية ، تلك القارة السمراء التي يعيش الملايين من منسوبيها تحت خطر الجفاف وواقع المجاعة.
أضواء على واقع المأساة الإفريقية
والساحة الإفريقية تعيش مآسي متعددة منذ زمن بعيد وتعاني بصفة خاصة في الآونة الأخيرة من أزمات طاحنة تتطلب على وجه عاجل تكثيف تدخل العمل الخيري الإسلامي بقوة ، ففي زيارة ميدانية لأفريقيا قام بها أحد منسوبي الندوة العالمية للشباب الإسلامية إلى غرب أفريقيا تبين منها أنه في شمال غرب تشاد في ( كانم ) تضاعف سعر الغذاء الرئيسي ( الذرة ) إلى أربعة أضعاف وفي ( الرقوق ) القريبة من حدود النيجر تنعدم الغلة والسكان يعانون مأساة حقيقية. وفي ( دبوا ) القريبة من حدود النيجر ( 60 كم ) أوضحت الزيارة أن المسئولين أفادوا بأن كثيراً من السكان تركوا المدينة ولم يبق إلا من لا يستطيع السفر لارتباطه بعائلات كبيرة وأطفال. وفي النيجر يزداد الوضع سوءً بدءً بالحدود الشرقية مع تشاد وشمال النيجر وحتى الحدود مع مالي وبوركينافاسو غربا .
وبحسب الزيارة لمخيمين في مناطق ( مرادي وداكورو ) ، فقد مات 80 طفلا من واقع 400 طفل على مدار أربعة أشهر وذلك في مخيم للأطفال تابع لمنظمة أطباء بلا حدود ، ومعني ذلك أن معدل الوفيات للأطفال المسلمين الذين يخضعون للرعاية من قبل منظمات طبية غربية هو طفل مسلم كل يوم فما بالنا بآلاف القرى التي يموت كثير من أطفالها المسلمين بسبب سوء التغذية وغياب العمل الخيري الإسلامي عنهم .
كما أن المسلمين والسكان على حدود النيجر الشرقية مع تشاد وحتى العاصمة نيامي في أقصى الغرب بالقرب من حدود مالي وبوركينافاسو ( على امتداد طريق طوله ما يقارب 1800 كم تقريباً ) يعيش المسلمون هناك على أوراق الشجر والحشائش ، ومنهم من يأكلون بعض الحشائش السامة والمرة بعد غليها في الماء لمدة أربعة أيام وذلك حتى يستطيعوا أكلها بعد أن تخف مرارتها .
و القبائل في شرق وشمال النيجر إذا وجدوا قيمة شراء الطعام فإن أكثرهم لا يستطيع نقله إلى عائلاتهم في عمق الصحراء وذلك لقلة الطرق وسوء حالة المتوفر منها.
أيضا كشفت زيارة الندوة العالمية للشباب الإسلامي عن الهبوط الحاد في قيمة المواشي فالبدوي يبيع أجود إبله وبالكاد تأتي لـه بكسوة أو غلة .
الرضع وبيوت النمل
كما أن أكثر المتضررين هم الأطفال الرضع وذلك لعدم قدرة كثير من العائلات على الحصول على الحليب المجفف فالأمهات يعيشون على أوراق الشجر والحشائش فلا يجد الطفل الرضيع حليباً في صدرها مما يجعله يواجه الموت جوعاً ، وتزيد المأساة بمعرفتنا أن بعض القرى اضطر الناس فيها لحفر بيوت النمل بحثاً عن بقايا الحبوب داخلها.
المؤسسات الغربية
هذه المآسي الكبيرة والتي تذفر لها الدموع ويتقطع لها القلب تأتي في الوقت الذي وجه فيه رئيس النيجر انتقاداً لاذعاً وشديد اللهجة للمؤسسات الغربية- التي عملت في مناطق للمسلمين غابت عنها المنظمات الخيرية الإسلامية – واتهمها بالمتاجرة بدماء الشعب النيجيري، كاشفاً أن حجم ما ينفق في الواقع لا يوازي ما يعلن عنه في الإعلام ، وأن تدخلها يأتي دوماً متأخراً حتى تضاعفت المأساة . وكل ذلك جاء في وقت عرقلت فيه تحركات المؤسسات الخيرية الإسلامية بسبب أزمة 11 سبتمبر، ففي السابق كانت هذه المؤسسات سباقة إلى الميدان رافعة راية( لا إله إلا الله محمد رسول الله).
مزيد من التفعيل
والآن وبعد انكشاف الغمة وتأكيد متابعة الحكومات العربية والإسلامية لأنشطة المؤسسات الخيرية الإسلامية الدولية ، بل والمبادرات المحمودة من بعض الملوك والأمراء والزعماء المسلمين لدعم العمل الإغاثي في تلك المناطق المنكوبة ،فأحسب أن أصحاب هذا العطاء البذلي الكريم لن يبخلوا عن أي متطلبات إغاثية تحتاجها الساحة الإفريقية التي تطلب مزيد من التدخل السريع من قبل المؤسسات الخيرية والداعمين لها.
المصدر: http://www.medadcenter.com/Articles/show.aspx?Id=2
أحدث التعليقات