مقال: صناعة المؤتمرات – د. بشر محمد موفق

“صناعة المؤتمرات”

بقلم: د. بشر محمد موفق

ما أكثر المؤتمرات التي نراها شرقا وغربا، حتى صارت المؤتمرات صناعة لها رجالها وخبراؤها ومسوقوها وشركاتها المتخصصة..

بل إننا إذا دخلنا إلى تخصصات محددة ودقيقة فإننا نجد في داخلها أيضا أعدادا هائلة من المؤتمرات، وعلى سبيل المثال تخصص الاقتصاد والتمويل الإسلامي، نجد في هذا العلم وفروعه مئات المؤتمرات سنويا، – فمن خلال متابعتي الحثيثة وجدتُ أنه – لا يكاد يمر أسبوع فيه أقل من فعاليتين أو ثلاث ما بين ندوة ومؤتمر وملتقى محلي أو دولي.

ولاحظتُ كثيرا من الباحثين المجدّين يبحثون عن الأوراق المقدمة إلى المؤتمرات للاستفادة منها، وهذا ما تحرص على توفيره موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي (iefpedia.com) ولكن ليست كل المؤتمرات بذات الطريقة وذات المنهجية العلمية.

ولذا يمكن تقسيم المؤتمرات حسب أهدافها إلى أنواع عديدة، من أهمها:

1. المؤتمرات العلمية:

وتتسم هذه المؤتمرات بأهداف علمية واضحة، تظهر في محتوى المؤتمر وآلية تنظيمه، فتكون هناك لجان متعددة تنظيمية وتنفيدية وغيرها، كما توجد فيها لجان علمية من أساتذة وأكاديميين ذوي خبرة، يُلقى على عاتقهم وضع محاور المؤتمر، واستقبال الأوراق العلمية والبحثية من الباحثين الراغبين بالمشاركة العلمية في المؤتمر، ثم تقوم اللجنة العلمية بمطالعة البحوث وتقييمها وتنقيحها وغربلتها ثم قبولها، أو الاعتذار مع بيان السبب العلمي للرفض.

وهذه المؤتمرات هي الأشهر في العالم الأكاديمي والتشريعي، وتتعدد مستوياتها حسب الجهات الداعمة والراعية والمنظمة لها، فمنها الدولي عالي المستوى، ومنها الإقليمي، ومنها المحلي لدراسة أمور ومحاور تخدم الاقتصاد الوطني المحلي.

وقد يتطلب موضوع المؤتمر استضافة خبراء ممارسين ليشرحوا المسائل المطروحة للنقاش بشكل عملي أمام الباحثين الأكاديميين ليتم بناء تصور كافٍ ووافٍ حول الموضوع المبحوث، قبل أن يكمل الأكاديميون بحثهم المتخصص ويبنوا نتائجهم وتوصياتهم.

2. مؤتمرات الخبراء:

وهذه المؤتمرات تختلف عن سابقتها وخصوصا أنه لا توجد لديها لجان علمية ولا بحوث ولا أوراق، وإنما يجتمع فيها مشاركون غير أكاديميين في الغالب، بل يكونون خبراء من أهل الصناعة المالية من مسلمين وغيرهم ممن لهم علاقة بالمؤسسات المالية والاقتصادية الإسلامية.

وقد تكون أشبه ما يكون باجتماعات مفتوحة وعلنية، أو تفكير علني..

وهذه المؤتمر لا يتعاطى الباحث الذكي مع أوراقها وبحوثها، وإنما يستقي حواراتِ الخبراء فيها، ويجد في ثنايا أطروحاتهم ما لا يجده في الكتب، خصوصا إن كانوا من المتنفذين وصناع القرار.

3. مؤتمرات علمية للنقاش الدقيق حول ورقة أو معيار:

وهذه يتم فيها مسبقا نشر الورقة (محور الدراسة) على المشاركين والمدعوين للمؤتمر، ليتم تبادل الآراء وتلاقح الأفكار في المؤتمر كتابيا أو شفهيا، ويضم هذا النوع من المؤتمرات خبراء ممارسين من الصناعة وأكاديميين متخصصين معا في الغالب.

4. المؤتمرات التجارية:

وهذه يتضح هدفها من اسمها، لذا يغلب عليها الطابع التجاري، والبرامج الترفيهية المصاحبة، وقد توجد فيها لجان علمية شكلية، وقد يتجاوزون عنها بالكامل!!

5. المؤتمرات المهنية:

وغالبا تنظمها مؤسسات تطبيقية عاملة في حقل التخصص والصناعة فتجتمع فيها قيادات هذه المؤسسات، بشكل دوري سنوي أو أقل، ويحاول الإعلام أن يستشرف منهم مستجدات الصناعة وأحدث اهتماماتها.