رؤية علي مسودة مشروع قواعد ممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر السعودي
بقلم حسن ابراهيم
إن صناعة التمويل متناهي الصغر في الوطن العربي هي صناعة مستحدثة لا يتعدى عمرها عدد صوابع اليد الواحدة من عقود الزمن و لكنها تنمو بشكل مقبول إذا ما تم مقارنة معدلات النمو بالتحديات التي تواجهها و من أكثر تلك التحديات و التي تعمل علي تقييد حد النمو المطلوب لمقابلة الطلب الفعال هو عدم تهيئة البيئات التشريعية في البلدان العربية و المنظمة لممارساتها حيث إن الأطر التشريعية لصناعة التمويل متناهي الصغر في البلدان العربية تحتاج لكثير من البناء و الإصلاح و مع هذا فإني أعتقد أن الحكومات العربية تسير بخطى مقبولة في طريق الإصلاح فأتصور أننا في خلال مدة قصيرة لا تتعدى ثلاث سنوات سوف يطبق قانون خاص بمزاولة التمويل متناهي الصغر في أغلب الدول العربية . و الدليل علي ذلك أننا شاهدنا في الآونة الأخيرة طرح أكثر من دولة عربية لمشروع ينظم ممارسات التمويل متناهي الصغر للمناقشة فعلي سبيل المثال قامت الهيئة العامة للرقابة المالية بمصر بطرح مسودة قانون لتنظيم ممارسات التمويل متناهي الصغر و أيضاً قامت مؤسسة النقد العربي السعودي هذا الشهر بطرح مسودة لمشروع قواعد ممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر و هذا هو موضوع المقال و هو مناقشة ما جاءت به تلك المسودة من بنود . و قبل ما نقوم بتناول المسودة السعودية بالمناقشة يجب عرض و توضيح وضع صناعة التمويل متناهي الصغر السعودي فمن خلال واقع التقرير الإقليمي و المعد من الشبكة العربية للتمويل الأصغر في البلدان العربية فإن العدد التقديري للمقترضين المحتملين للصناعة في المملكة العربية السعودية يقدر بأكثر من مليون مقترض محتمل تم خدمه ما يقارب من العشرة آلاف مقترض منهم حسب إحصائيات عام 2009 بمعدل تغلغل لا يتعدي 0.71% و بذلك تصبح فجوة التغطية تقارب من مليون عميل محتمل بمحفظة يمكن ضخها في سوق صناعة التمويل الأصغر تتعدي مليار دولار أمريكي . و تعليقاً علي ما جاء بالتقرير و هو آخر تقرير إقليمي تم إصدارة من الشبكة العربية للتمويل الأصغر- سنابل و تم فيه تناول وضع الصناعة في البلدان العربية فلقد تغير الوضع بدخول لاعبين جدد في سوق التمويل متناهي الصغر السعودي مثل مؤسسة مركز بناء الأسرة المنتجة ( جني ) علي سبيل المثال لا الحصر و لكن حتى مع هذا سوف يظل معدلات التغلغل في السوق منخفضة للغاية لا تتعدي 6% علي أقصى تقدير لها و خلاصة القول أنة يمكننا أن نجزم أنه يوجد بالمملكة فجوة تغطية تقارب من مليون عميل محتمل بمحفظة محتملة تتعدي مليار دولار أمريكي . و بعد عرض حقيقة وضع الصناعة في المملكة نعرض الآن رؤية علي مسودة مشروع قواعد ممارسات نشاط التمويل متناهي الصغر السعودي فأولى ملاحظاتي علي المسودة هي أنها أغفلت تعريف التمويل متناهي الصغر و قلصت وجودة في نشاط الإقراض متناهي الصغر حتى أنه لم يذكر تعريف واضح للتمويل متناهي الصغر في نظام مراقبة شركات التمويل أو اللائحة المنظمة له و علية يجب أن يتضمن مشروع القانون تعريف واضح للتمويل المتناهي الصغر و التنويه بإمكانية تقديم الخدمات الغير اقراضية مثل خدمات التأمين و التحويلات النقدية و كذلك الخدمات الغير مالية و أيضا إمكانية تقديم خدمات الودائع بعد موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي كما يجب التنويه في المادة عن إمكانية وجود عقود للتمويل الجماعي ( بشكل تضامني – بضمان المجموعة ) و هذا منتج أساسي في التمويل متناهي الصغر . كما أنه جاء بالبند الثالث للمسودة أن مؤسسة النقد العربي السعودي هي من تحدد ما يجب علي شركة التمويل من المتطلبات المتعلقة بالحوكمة و التنظيم الداخلي و إدارة المخاطر و المراجعة الداخلية دون وضع معيار تلتزم به مؤسسة النقد العربي السعودي عند تحديد تلك المتطلبات و علية كان يجب إضافة عبارة ( وفق المعايير الدولية المتبعة لصناعة التمويل متناهي الصغر ) حتى يتم إغلاق تلك المادة مهنياً و لا تترك مفتوحة هكذا كما أنه جاء بالمادة الثالثة عشر و المتعلقة بميثاق أخلاقيات العمل أنه علي شركة التمويل متناهي الصغر وضع ميثاق لأخلاقيات العمل ….. الخ ) و في تصوري انه يجب أن تضع المؤسسة هذا الميثاق و تلزم به الشركات للتنفيذ . كما أنه لم يأتي بالمسودة ما يتعلق بالاستعلام الائتماني و اكتفى المشرع بوجودها في المادة 57 من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل حيث نصت علي وجوب موافقة العميل حتى يتم فحص السجل الائتماني للعميل و هذا غير منطقي و علية يجب إلزام شركة التمويل متناهي الصغر بالاستعلام الائتماني للعميل قبل منح التمويل ( حتي لا يتم إغراق العميل بالديون و التعرض الصناعة لهزات لها الأثر الجسيم ) كما أيضاً لا يوجد في المسودة ما ينوه عن الإجراءات القانونية في حالة دمج أكثر من شركة تمويل متناهي الصغر تزاول النشاط . كما إنني أقترح وضع ماده تحث شركات التمويل ( و لا تلزم ) بعمل شبكة قومية سعودية فيما بينها لتبادل الخبرات و تكون مسئولة عن تقديم الدعم الفني و التدريبي مثال ( الشبكة المصرية للتمويل متناهي الصغر – و شبكة اليمن للتمويل الأصغر – و شراكة في فلسطين – و الشبكة العراقية للتمويل متناهي الصغر و غيرها من البلدان العربية ) و أيضا اقترح أن تقوم المؤسسة بتكوين مجلس مكون من بعض الممثلين لها و ممثلي شركات التمويل و الوزارات و الهيئات المعنية و بعض الخبراء للإشراف و الرقابة و قيادة علي سوق التمويل متناهي الصغر السعودي و هذا مقترح موجود في مسودة مشروع قانون التمويل متناهي الصغر المصري المعروض للمناقشة الآن . و في نهاية المقال تلك رؤية مبسطة للمسودة و أتصور أن إصدار هذا القانون سوف يعمل علي إنعاش صناعة التمويل متناهي الصغر في المملكة السعودية حيث أتصور أنه يحفز دخول رؤوس أموال جديدة للاستثمار في المجال إن شاء الله .
أحدث التعليقات