سلسلة ضبط المفاهيم الاقتصادية وفق منهج الاقتصاد الإسلامي (2) مفهوم شركة المساهمة

مقدمة تصحيح المفاهيم copy

تعريف شركة المساهمة

عرفتها المادة الثانية من قانون شركات المساهمة في مصر رقم 109 لسنة 1981 بأنها ” هي الشركة التي ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول، ولا يكون كل شريك فيها مسئولاً عن ديون الشركة إلا بقدر ما يملكه من أسهم، ولا تقترن باسم أحد الشركاء، وإنما يكون لها اسم يشتق من الغرض من إنشائها ” [1].

وتنص المادة 88 من قانون التجارة السوري على أن ” الشركة المغفلة (المساهمة) هي شركة عارية من العنوان تؤلف بين عدد من الأشخاص يكتتبون باسهم أي أسناد قابلة للتداول، ولا يكونون مسئولين عن ديون الشركة إلا بقدر ما اكتسبوا من المال ” [2].

وفي نفس المعنى للتعريفين السابقين كان تعريف شركة المساهمة في المادة 30 من قانون الشركات التجارية العراقي، والمادة 77 من قانون التجارة اللبناني، والمادة 48 من القانون السعودي، والمادة 63 من قانون الشركات الكويتي، والمادة 73 من القانون الفرنسي [3].

خصائص شركة المساهمة

للشركة المساهمة خصائص رئيسية تميزها عن غيرها من الشركات هي:

أ- أن رأس مال شركة المساهمة ينقسم إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول.

ب- أن كل شريك لا يكون مسئول عن ديون الشركة إلا بمقدار ما يملكـه مـن أسهم، وعليه لا يُسأل الشركاء عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة، وهو ما يعني أن لشركة المساهمة ذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء.

ج- ينبني على البند السابق أن إفلاس شركة المساهمة لا يترتب عليه إفلاس الشركاء فيها.

د- لا تعنون الشركة المساهمة باسم الشركاء ولا باسم أحدهم وذلك لأن شخصية الشريك ليس لها اعتبار في تكوينها، والشركاء فيها مجهولون ولا يعرف بعضهم بعضاً.

هـ- لشركة المساهمة مجلس إدارة مفوض في إدارتها، ويخضع هذا المجلس لإشراف الجمعية العامة العادية للمساهمين التي تنعقد مـرة على الأقل في السنـة، والتي تناقش المركز المالي ونتائج الأعمال، وتناقش السلبيات، وتقرير مراقبي الحسابات، وتنتخب أعضاء مجلس الإدارة وتراقب أعماله والنظر في عزل أعضائه إذا اقتضى الأمر ذلك، والمصادقة على الميزانية والحسابات الختامية والموافقة على الأرباح [4].

المؤسسون ودورهم في تأسيس شركة المساهمة

تبدأ كل شركة سواء كانت شركة أفراد أو شركة أموال، مجرد فكرة في ذهن إنسان أو عدة أشخاص ثم يعبرون عن رغبتهم هذه بتحرير عقد ابتدائي فيما بينهم، ويضعون نظام الشركة ويحددون الاكتتاب في رأس المال، والوفاء بقيمة الأسهم ودعوة الجمعية التأسيسية لتقييم الحصص العينية والتصديق على نظام الشركة، على أن يتم ذلك كله على الوجه القانوني الصحيح، هؤلاء الأشخاص بكل بساطة هم المؤسسون [5].

صفة المؤسس: نصت المادة 7 من القانون المصري رقم 159 لسنة 81، والمادة 67 من قانون الشركات التجارية البحريني رقم 28 لسنة ،1975 على أنه ” يعتبر مؤسساً على وجه الخصوص كل من وقع العقد الابتدائي، أو طلب الترخيص في تأسيس الشركة، أو قدم حصة عينية عنـد تأسيسهـا ” [6].

الاكتتاب في شركة المساهمة

لما كانت شركة المساهمة تتألف من شركاء يكتتبون بأسهم أي أسناد قابلة للتداول فذلك يستدعي إيضاح المقصود بلفظ الاكتتاب سواء من حيث تعريفه أو من حيث طبيعته:

تعريف الاكتتاب: الاكتتاب هو تعبير عن إرادة المتمول للإشتراك في شركة المساهمة عن طريق تقديم حصة من رأس المال بالاكتتاب في عدد من الأسهم التي طرحتها الشركة للبيع [7].

طبيعة الاكتتاب: يعتبر الاكتتاب في شركة المساهمة من الأعمال التجارية لأنه يتصل بمشروع تجاري على أن ذلك لا يكسب المكتتب صفة التاجر وهو من التصرفات الضرورية لتأسيس الشركة. وقد ذهب بعض فقهاء القانون التجاري إلى اعتبار الاكتتاب تصرفاً منفرداً للمكتتب يعلن فيه عن رغبته في الانضمام إلى الشركة، وهي إرادة تصبح باته ولا يجوز الرجوع فيها متى وجهت إلى المؤسسين في الشكل الذي رسمه القانون، وذهب آخرون إلى أن الاكتتاب بمثابة عقد يقوم بين المكتتب وبين مؤسسي شركة المساهمة باعتبارهم يمثلون الشخص المعنوي قبل التكوين. ولكن الراجح في ذلك هو أن الاكتتاب بمثابة عقد بين الشركة والمكتتب وهو عقد تكفل القانون بتفصيل بنوده من خلال النموذج الذي أصدره، فتعد نشرة الاكتتاب بمثابة العرض (الإيجاب) الذي يصادف (قبولاً) لدى المكتتب عند توقيعه على هذه النشرة [8].

نشرة الاكتتاب: هي وسيلة التخاطب من قبل الجهات المصدرة للأسهم والسندات مع الجمهور لتحمل إليهم نبأ تكوين الشركات أو الرغبة في زيادة رؤوس الأموال، وتشترط معظم التشريعات أن يكون التوجه إلى الجمهور عن طريق إعلان يوضح فيه البيانات الواردة في عقد إنشاء الشركة ونظامها الأساسي وأسماء مؤسسيها، وبيانات أخرى تختلف في درجة أهميتها وتفاصيلها من تشريع لآخر، وهذا الإعلان هو ما يعرف بنشرة الاكتتاب [9].

موقف الفقهاء المعاصرين من شركة المساهمة

اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم شركة المساهمة إلى فريقين، أحدهما على الإباحة والآخر على التحريم، والفريق الذي أباح على ثلاثة آراء، أولها أباح مطلقاً، وثانيها قيد الإباحة بالخلو من الربا إلا لضرورة، وثالثها قيد الإباحة بالخلو من الربا وعدم تعاملها في محرم.

أولاً: المبيحون

أ- المبيحون مطلقاً

يرى أحد أصحاب هذا الرأي أن اشتراط الفقهاء لصحة عقد الشركة ألا يكون لأحد الشركاء نصيب معين، اشتراط لا دليل عليه من كتاب أو سنة، ويستند في ذلك إلى مقولة منسوبة للإمام محمد عبده ” إن الربا المخرب للبيوت لا يدخل في المعاملة التي تبنى على أساس تعامل فرد مع الآخرين بأن يعطي إنسان لآخر أو لآخرين مالاً يستغله ويجعل كسبه حظاً معيناً، لأن هذه المعاملة نافعة للعامل ولصاحب المال معاً – والربا ضار بواحد بلا ذنب ونافع لآخر بلا عمل – فلا يمكن أن يكون حكمهما في عدل الله واحد ” [10].

ب – المبيحون مع قيد الخلو من الربا إلا لضرورة

1- أحد أصحاب هذا الرأي لا يتفق مع الفقهاء الذين يرون الحرمة فيما يحرمون من الربا تشمل المقرض والمقترض ويعتقد أن ضرورة المقترض وحاجته يرفع عنه إثم ذلك التعامل واستشهد بقوله تعالى: ” وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ” [11] ، وأضاف أن الحكومة تشتد حاجتها إلى مصالح الأمة العامة وإلى ما تعد به العدة لمكافحة الأعداء المغيرين، والتجار تشتد حاجتهم إلى ما يستوردون من البضائع التي تحتاجها الأمة، وأكد بعد ذلك على أن السندات لا يبيحها الإسلام إلا حيث دعت إليها الضرورة الواضحة، واشتراط أن يكون تقدير الحاجة والمصلحة مما يؤخذ من أولي الرأي من المؤمنين القانونيين والاقتصاديين الشرعيين [12].

2- ورأي آخر لا يرتاب في جواز المساهمة في الشركات بملكية عدد من أسهمها لتوافر الشروط الشرعية فيها لصحتها، لأن لها حصتها من الربح، وعليها نصيبها من الخسارة، فالربح يستحق تارة بالعمل، وتارة بالمال، ولا شئ من أمر الربا وشبهته في هذه العملية. إنما الكلام عنده في السندات التي تصدرها الشركات بفائدة ثابتة. فيرى أن المشروعات والشركات والمؤسسات العامة وأمثالها يجب أن يسندها القادرون بالمساهمة فيها على الوجه الذي لا خلاف في جوازه شرعاً، أي أن يكونوا أصحاب أسهم لا سندات، فإن لم يكن هذا ممكناً وكان من الضروري أن تظل الشركات قائمة بأعمالها التي لا غنى للأمة عنها، كان لها شرعاً إصدار سندات بفائدة مضمونة تدفع من الأرباح التي لا شك في الحصول عليها من المشروع، مادام لا وسيلة غير هذا تضمن لها البقاء، ومادام وجودها وبقاؤها ضرورياً للأمة[13].

ج- المبيحون مع قيد الخلو من الربا وعدم تعاملها في محرم

1- أحد أصحاب هذا الرأي يرى إباحة جميع الشركات القانونية ما دامت تحمل معنى الشركة ويرى أنه يمكن إدماجها في الشركات الفقهية، ولا عبرة باختلاف الأحكام لأن اختلافها يرجع إلى مقتضيات التطور وما تتطلبه مصلحة الناس وهي أحكام مقبولة شرعاً متى كانت لا تتعارض مع أصل من أصول الدين الكلية، ويقول في التكييف الشرعي لهذه الشركة ” والعمل في مالها يكون عادة لغير أرباب الأموال فيها لذا فهي تعد من قبيل القراض في هذه الحالة ” [14].

2- ورأي آخر يرى أن شركة المساهمة الخالية من الربا والشروط المحرمة جائزة شرعاً وهي إما شركة عنان بحتة، وإما عنان ومضاربة، ويفصل ذلك بقوله: أما أنها شركة عنان فلتطابق شركة العنان عليها، فإن اشترطت مساهمة أعضاء مجلس الإدارة وأخذ أعضاء المجلس مكافأة نسبة من الربح مقابل العمل كانت عناناً ومضاربة، وإن قلنا أن مجلس الإدارة يأخذ أجره ولا يكون مساهماً، تكون شركة عنان بحتة لأن مجلس الإدارة حينئذ يعمل بالوكالة عن جميع الشركاء، والوكالة بالأجر جائزة [15].

ويوضح في موضع آخر أن جواز شركة المساهمة لتطابقها مع شركة العنان أو العنان والمضاربة لا يعني جواز كل ما فيها، فالسندات المشتملة على الفوائد الربوية حرام، لا تجوز شرعاً بكل حال، فنفرق بين ما هو داخل في صلب تكوين الشركة وأساس في انعقادها، فلا تنعقد بعدمه أو فساده مثل اختلال أركان الشركة أو شروط عقدها كنقص الأهلية أو عدم مشروعية السبب، لأن ذلك يمنع وجودها شرعاً، وبين ما هو من معاملاتها كالتعامل بالربا أو إصدار السندات بالفوائد الربوية، فهذا أمر خارج عن هيئة الشركة.

3- وهناك رأي ثالث للشيخ عبد الله بن منيع [16] الذي يرى أن شركات المساهمة على قسمين: قسم لا يجوز للمسلم الدخول فيه وهو الشركات المساهمة مما محل الاستثمار فيها محرم كالبنوك الربوية وشركات الصناعة والتجارة فيما هو محرم بأصل الشرع كصناعة الخمور والمخدرات، وقسم غير محظور على المسلم مزاولة الاستثمار عن طريقه كالشركات التجارية والصناعية والزراعية مما محل الاستثمار فيها مباح في أصل الشرع [17].

ويرد على الشبهة المتعلقة بتجاوز مجلس إدارة شركة المساهمة لصلاحيتة الشرعية حيث اتجه إلى البنك الربوي لأخذ تسهيلات تمويلية لبعض مشاريعها بفوائد ربوية أو إيداع ما لديها من فائض نقدي لدى أحد البنوك الربوية وأخذ فائدة الإيداع وأضافها إلى موارد الشركة، ويؤكد أن شركات المساهمة في عصرنا الحاضر تشكل عنصراً اقتصادياً مهماً في حياتنا المعاصرة فلا غنى لكل أمة ولكل دولة عن قيام هذه الشركات، لما تحتاجه تلك الأمم وتلك الدول من مشاريع الخدمات العامة والإنتاج الشامل، مما يعجز عن الوفاء بمتطلباتها الكثير من ميزانيات تلك الدول، لا سيما الدول محدودة الدخل، ويبين أن الشركات المساهمة أصبحت حاجة ملحة في حياة الأمم والدول وأنها تنزل منزلة الضرورة، وأنها في أصلها شركات استثمار وإنتاج مباح ويراها جائزة مع وجود هذه الشبهة للضرورة [18].

ثانياً: المحرمون

أحد هذه الآراء يرى أن شركات الأموال حرام لا تجوز شرعاً، فلا يصح الأخذ بها ولا إخضاعها لقواعد الشركات، ولا تخريج أحكامها على الأساس الفقهي للشركات، ويرى أنها باطلة شرعاً ومن المعاملات التي لا يجوز للمسلم أن يقوم بها [19].

ورأي آخر يقول والجدير بالانتباه أن “شركة المساهمة ” هذه ” لا شركة ” ومن أسباب القلق في هذا الجيل المعاصر أن أصبحت ” شركة المساهمة ” هي الشكل المعتمد في القوانين الوضعية للبلاد الإسلامية، ويؤكد على ذلك بقوله: ” لا علم لنا بأن الفقه الإسلامي يعترف بهذا النوع من الشركات ” ، ويرى أن شركة المساهمة ليست عقداً بل تتم بإرادة منفردة [20].

واستند من قال بالتحريم على أن تعريف شركة المساهمة يدل على أنها شركة باطلة لعدم استيفائها للشروط التي تنعقد بها الشركة وذلك على النحو التالي:

1- شركة المساهمة ليست عقداً بين شخصين أو أكثر حسب أحكام الشرع الإسلامي لأن العقد شرعاً هو إيجاب وقبول بين طرفين أو أكثر، فإن خلا العقد من ذلك لا ينعقد العقد ولا يسمى عقداً شرعاً، واتفاق المؤسسين لا يعتبر إيجاباً ولا قبولاً، بل هو تفاوض واتفاق على الشروط فقط ثم يضعون صكاً هو نظام الشركة ويجري التوقيع على هذا الصك من كل من يريد الاشتراك، والاشتراك بالسهم من قبيل التصرف بإرادة منفردة، ومعنى ذلك أنه يكفي الشخص أن يشتري الأسهم ليصبح شريكاً رضي باقي الشركاء أم لم يرضوا، وعقد الشركة بالإرادة المنفردة باطل شرعاً لأنه التزام مالي من جانب واحد مهما تعدد الملتزمون [21].

ويقول آخر: المساهمة في حقيقتها (ولا نقول شركة المساهمة) هي منظمة مالية يلتحق بها من يشاء بإرادته المنفردة حين يكتتب في الأسهم، أو حين يشتريها من سوق الأوراق المالية فيكون (مساهماً) ومن حقه أيضاً أن يبيع الأسهم بإرادته المنفردة فيخرج من جماعة المساهمين بغير إذنهم، بل بغير علمهم، وما هكذا الشركات .. ولا هكذا العقود ثم يضيف: ” ولا علم لنا بأن الفقه الإسلامي يعترف بهذا النوع من الشركات ” [22].

2- الشركة في الإسلام يشترط فيها وجود البدن، أي الشخص المتصرف وإذا لم يوجد البدن لم تنعقد الشركة، وشركة المساهمة لا يوجد فيها بدن مطلقاً، وإنما تجعل المال ينمو من نفسه دون بدن شريك ودون شخص متصرف يملك حق التصرف، ولذلك تعتبر الشركة شخصاً معنوياً يكون لها وحدها حق التصرفات الشرعية من بيع وشراء وصناعة وشكوى وغير ذلك، والشركة في الإسلام إنما يصدر فيها التصرف عن الشركاء فقط وعلى ذلك تكون التصـرفات التي تحصل من الشركة بوصفها شخصية معنوية باطلة شرعـاً [23].

3- الشريك متعين ذاتاً في الشركة وعقد الشركة وقع عليه بذاته فلا يجوز له أن يوكل أحداً عنه ولا يستأجر أحداً عنه ليقوم بأعمال الشركة. بل يتعين أن يقوم بنفسه في أعمال الشركة. فلا يجوز للشركاء أن يأجروا عنهم أجراء ولا أن يوكلوا مجلس إدارة عنهم. على أن مجلس الإدارة وكيلاً عن أشخاص المساهمين وإنما هو وكيل عن أموالهم، بدليل أن أصوات الانتخابات هي التي تعتبر في التوكيل وهي حسب الأموال المساهمة لا بحسب أشخاص الشركاء [24].

4- ” إن كون الشركة المساهمة دائمة يخالف الشرع، فالشركة من العقود الجائزة شرعاً تبطل بموت أحد الشريكين وجنونه والحجر عليه وبالفسخ من أحد الشركاء، واستمرارها مع وجود مثل هذه الحالات يجعلها شركة فاسدة وباطلة ” [25].

5- الشركاء في شركة المساهمة لا يسألون عن ديون الشركة إذا تجاوزت مجموع ممتلكاتها إلا بمقدار قيمة ما يملكونه من أسهم ولا تتعداها إلى أموال الشركاء الخاصة، وهو ما نصت عليه قوانين الشركات المساهمة في مختلف البلدان، وهذا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية [26].

خلاصة الموقف الفقهي من شركة المساهمة: أن شركة المساهمة ذات الأعمال المباحة والتي لا تتعامل بالربا جائزة شرعاً وتنطبق عليها قواعد شركتي العنان والمضاربة، لأن تقديم الحصص بالأسهم واختلاط الأموال وقيام مجلس الإدارة المنتخب من المساهمين بالتصرف في أموال الشركة بالوكالة عن الشركاء، واشتراك المساهم في الجمعية العمومية ومناقشة نتائج الأعمال، ومراقبة مجلس الإدارة وعزله إذا اقتضى الأمر، كل هذا ينطبق عليه قواعد شركة العنان والمضاربة مع ضرورة الأخذ في الاعتبار لشرطين حتى تنضبط المفاهيم:

1- أن يكون الغرض الذي قامت من أجله الشركة مشروعاً ووسائل تمويلها مشروعة، فإذا تعاملت في محرم بيعاً أو شراءً أو بالفائدة أخذاً أو عطاءً فإنه يحرم الاشتراك فيها من خلال تملك أسهمها.

2- ضرورة تغيير بعض النصوص والإجراءات لتتوافق مع المبادئ العامة للشريعة الإسلامية التي تحرم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل مثل:

أ ـ تعديل النص والإجراء المتعلقين بعدم تحمل الشركاء لخسائر تفوق ما يملكونه من أسهم.

ب – تعديل طريقة إجراء التصويت في الجمعية العمومية للمساهمين على القرارات التي يتخذها مجلس الإدارة ليكون لكل مساهم صوت واحد مهما بلغ عدد الأسهم التي يملكها، وذلك لأمرين:

أولهما: أن يصبح أعضاء مجلس الإدارة وكلاء عن أشخاص المساهمين لا وكلاء عن أموالهم.

ثانيهما: منع إضرار قلة ممن يملكون أغلبية الأسهم بحقوق أكثرية ممن يملكون قلة من الأسهم.

فإذا تم الأخذ بهذه الشروط تصبح شركة المساهمة جائزة ولا شبهة عليها، وإن تم تجاهلها بدعوى الضرورة والمصلحة وأنه لا غنى لمجتمعاتنا عن شركات المساهمة، نقول أن المصلحة موهومة، والضرورة تقدر بقدرها، وأن التشريع الإسلامي به من البدائل ما يتسع لجميع أنواع الشركات التي يحتاجها البشر في كل زمان ومكان بصرف النظر عن المسميات طالما كانت موافقة للضوابط الشرعية، والمطلوب هو استخراج هذه الكنوز من بين النصوص، قال تعالى: ” وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ “[27] ، وقال تعالى: ” مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ “[28] . والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ” الحلال[29] بيّن والحرام[30] بيّن وبينهما أمور مشتبهة[31] فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان والمعاصي حمى الله من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه “[32] رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: ” دع ما يريبك إلى مالا يريبك “[33] رواه البخاري هذا في الأمور المشتبهة فكيف بالأمور الواضح حرمتها.


المراجع

  1. سمير عبد الحميد رضوان: أسواق الأوراق المالية ودورها في التنمية الاقتصادية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ب.ت، ص 31 .ص 294 .
  2. د. فوزي عطوى: الشركات التجارية في القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، منشورات الحلبي، لبنان، 2005، ص 116.
  3. سمير عبد الحميد رضوان: مرجع سابق، ص 294.
  4. د. مصطفى كمال طه ووائل أنور بندق: أصول القانون التجاري، دار الفكر الجامعي، الأسكندرية، 2006، ص 342، 343.
  5. سمير عبد الحميد رضوان: مرجع سابق، ص 296.
    ـ د. فوزي عطوى: مرجع سابق، ص 121.
  6. سمير عبد الحميد رضوان: مرجع سابق، ص 296.
    ـ د. فوزي عطوى: مرجع سابق، ص 122.
  7. المرجع السابق مباشرة، ص 118.
  8. د. عطية فياض: سوق الأوراق المالية في ميزان الفقه الإسلامي، دار النشر للجامعات، القاهرة، ط1، 1998، ص 125، 126.
  9. سمير عبد الحميد رضوان: مرجع سابق، ص 49.
  10. الشيخ عبد الوهاب خلاف: مجلة لواء الإسلام، العدد الحادي عشر، 1951، المجلد الرابع.
  11. سورة الأنعام: الآية 119.
  12. الشيخ محمود شلتوت: الفتاوى، دار الشروق، القاهرة، ط 18، 2004، ص 307، 308.
  13. د. محمد يوسف موسى: الإسلام ومشكلاتنا الحاضرة، سلسلة الثقافة الإسلامية، المكتب الفني للنشر، القاهرة، 1958، ص 58ـ 64.
  14. علي الخفيف: الشركات في الفقه الإسلامي، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة، ب.ت، ص 96، 97.
  15. د. صالح بن زابن المرزوقي: شركة المساهمة في النظام السعودي، منشورات جامعة أم القرى، مكة، 1406 هـ ، ص 299- 301.
  16. الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع: بحوث في الاقتصاد الإسلامي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1996.
  17. المرجع السابق مباشرة، ص 220.
  18. المرجع السابق مباشرة، ص 221 ـ 227.
  19. تقي الدين النبهاني: النظام الاقتصادي في الإسلام، ط 2، 1953، ص 133.
  20. د. عيسى عبده: العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية المعاصرة، دار الاعتصام، القاهرة، ط 1، 1977، ص 18، 19.
  21. تقي الدين النبهاني: مرجع سابق، ص 134، 135.
  22. د. عيسى عبده: مرجع سابق، ص 18، 19.
  23. د. عطية فياض: مرجع سابق، ص 132 ، 133.
  24. تقي الدين النبهاني: مرجع سابق، ص 138ـ 141.
  25. المرجع السابق مباشرة، ص 140ـ 141.
  26. د. صالح بن زابن المرزوقي: مرجع سابق، ص 274 ، 275.
  27. سورة النحل:الآية 89.
  28. سورة الأنعام: الآية 38.
  29. الحلال: هو ما طلب الشارع فعله.
  30. الحرام: هو ما طلب الشارع تركه طلباً جازماً.
  31. الأمور المشتبهة: هي ما تعارضت فيها الأدلة واختلف فيها العلماء.
  32. السيد سابق: فقه السنة، مرجع سابق،ج 3 ص 224.
  33. صحيح البخاري: مرجع سابق، ج 3 ص 70.