دور أدوات الحوكمة في تنظيم الرقابة الشرعية و تطويرها

دور أدوات الحوكمة في

 تنظيم الرقابة الشرعية و تطويرها

 

إعداد: حسين عبد المطلب الأسرج

نوفمبر 2014

E.Mail:elasrag@ gmail.com

 الملخص

تهدف هذه الورقة إلى إلقاء الضوء على دور الحوكمة في تنظيم الرقابة الشرعية وتطويرها وتجانسها .فمفهوم الحوكمة يتداخل بشكل أو بآخر مع تحديات أخرى تتعلق بعمل الهيئات الشرعية وأجهزة الرقابة الملحقة بها، وطبيعة تنظيم وإدارة الجودة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية. ولا شك في أن تطبيق أدوات الحوكمة على هذا النظام الشرعي الذي تعمل في إطاره المؤسسات المالية الإسلامية  يعمل على تلافى الكثير من العيوب الهيكلية التي ترتبط ارتباطاً جوهرياً بما يُعرَف اليوم بمفهوم الحوكمة المؤسسية (Corporate Governance) ،ويعمل على  تلافى كثير من  جوانب الضعف في جودة الالتزام الشرعي في المؤسسات المالية الإسلامية، وكان هذا الضعف في كثير من الأحيان محلاً لتوجيه الانتقاد البَنَّاء وغير البَنَّاء للصناعة المالية الإسلامية.

 

مشكلة البحث

تعاظم الاهتمام بمفهوم وآليات الحوكمة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، حيث أصبحت الحوكمة من الموضوعات الهامة علي كافة المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في أعقاب الانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية، والتي جاءت كنتيجة مباشرة للقصور في آليات الشفافية والحوكمة ببعض من المؤسسات المالية العالمية ،وافتقار إدارتها إلي الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة ،التي أثرت بالسلب في كل من ارتبط بالتعامل معها ،سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

وقد شهدت الصناعة المالية الإسلامية في السنوات الأخيرة نمواً ملحوظاً في أحجام الأصول التي تدار تحت مظلتها، بالإضافة إلى النمو الملحوظ في أعداد المؤسسات المالية الإسلامية التي قررت لنفسها العمل وفقاً للشريعة الإسلامية، كذلك إصدارات الصكوك والصناديق الاستثمارية الإسلامية، بل وتعدى الأمر ليصل إلى المؤسسات والشركات غير المالية التي اختارت أن تتوافق في تعاملاتها مع متطلبات الشريعة الإسلامية .

ولا شك في أن تطبيق أدوات الحوكمة على هذا النظام الشرعي الذي تعمل في إطاره المؤسسات المالية الإسلامية  يعمل على تلافى الكثير من العيوب الهيكلية التي ترتبط ارتباطاً جوهرياً بما يُعرَف اليوم بمفهوم الحوكمة المؤسسية (Corporate Governance) ،ويعمل على  تلافى كثير من  جوانب الضعف في جودة الالتزام الشرعي في المؤسسات المالية الإسلامية، وكان هذا الضعف في كثير من الأحيان محلاً لتوجيه الانتقاد البَنَّاء وغير البَنَّاء للصناعة المالية الإسلامية.

ولاشك بأن الرقابة الشرعية أضحت بالفعل فناً علمياً له أصوله وآلياته وفنياته المتداخلة فيما بين مبادئ التدقيق المتعارف عليها والمتطلبات الشرعية، وهي في مُجمل مضامينها تنطلق بالضرورة من أصول القواعد والضوابط الشرعية. وكذلك تعتبر أساليب الرقابة الشرعية بمثابة المُحدِّد الرئيسي للإطار العام للخطط التنظيمية والآليات المُنتهجة في عملية التدقيق، وبما يُعزِّز من قدرة إدارة المؤسسة على اتخاذ القرارات الكفيلة بحماية أصولها ومجابهة مختلف المخاطر والتحديات. فما هو الدور الذى يمكن ان تقوم به أدوات الحوكمة في  تنظيم الرقابة الشرعية وتطويرها وتجانسها؟.

هدف البحث

          نظراً لوجود ثقافة إسلامية متميزة واهتمام كبير بالمعاملات المالية والعلاقات الاقتصادية الذى يمثل ضبطها محل الحوكمة ، فان هذا البحث يهدف إلى دراسة الحوكمة كمدخل لتنظيم الرقابة الشرعية و تطويرها وتجانسها.وحيث أن الحوكمة مفهوماً وتطبيقاً تكاد تتعلق عند الإطلاق بالقضايا المحاسبية لوجود سياسات وإجراءات وتطبيقات حاكمة للمعالجات المحاسبية رغبت الشركات والبنوك التجارية أن تحتكم إليها طواعية قبل فرض أحكام بازل 2 وبازل 3 .ويسعى البحث الى القاء الضوء على مفهوم الحوكمة في مجال الرقابة الشرعية ؛ لإيجاد نسق اجرائي يعزز الرقابة الشرعية ، ويزيد من صلاحية هيئات الرقابة الشرعية ، مع الاستفادة من جوانب الحوكمة في تعزيز دور الهيئات الشرعية في قضايا الأخلاقيات المهنية و الإشراف والرقابة والشفافية والمصداقية والعدل وغيرها.

أهمية البحث

يستمد هذا البحث أهميته من تزايد الاهتمام بكل من دور  الرقابة الشرعية وضرورة  تطويرها والحوكمة وكون أسسها ومبادئها وآلياتها تعد من المفاهيم الحديثة على المستوى العالمي بصفة عامة ، وعلى المستوى المحلي بصفة خاصة وأن الوعي بهذه المفاهيم وتطبيقاتها يؤدي إلى تحقيق قدر كبير من الشفافية والعدالة ، وبالتالي حماية حقوق جميع أصحاب المصالح فيها ، والحد من مشكلة الفساد المالي والإداري – الذي يتمثل بشكل كبير في استغلال السلطة والوظيفة في غير المصلحة العامة – مما يؤدي إلى زيادة كفاءة أداء المؤسسات وتعظيم قيمتها.

فرضية البحث:

–   إن الالتزام بتطبيق الجوانب الفكرية للحوكمة على الرقابة الشرعية سينعكس بشكل جيد على أداء المؤسسات الاسلامية التي توجد  بها بأبعادها التشغيلية والمالية والنقدية ، وكذلك على المقاييس المختلفة المستخدمة .

–   أن تطبيق الحوكمة يساعد على إيجاد مفهوم ومقاييس شاملة لأداء الرقابة الشرعية مما يدعم من قدراتها على الاستمرار والنمو ويحقق مصالح الفئات المختلفة المتعاملة معها.

منهج البحث

يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي. وهو معمول به في كثير من البحوث والدراسات ، خاصة تلك التي تتناول ظواهر اجتماعية تتعلق بالممارسات اليومية ، حيث تم الاطلاع على عدد من البحوث والدراسات المنشورة في الدوريات والمجلات العلمية المتخصصة ، وكذلك المنشورة على شبكة الانترنت ، بالإضافة إلى الاطلاع على آليات وقواعد الحوكمة الصادرة عن المنظمات والهيئات العالمية والمحلية، وأخضعت للتحليل والمناقشة بما يخدم أهداف البحث، وذلك بهدف المواءمة والمزاوجة بين نظام الرقابة الشرعية وبين أنظمة وآليات الحوكمة بطريقة ابتكارية لحل العقبات والإشكاليات وتوفير الضمانات التي تسهم بآلياتها في تثبيت كفاءة وفعالية الرقابة الشرعية وكذلك حمايتها وحماية المتعاملين، ومن ثم اقتراح بعض التوصيات التي قد تساهم في اعطاء مرجعية مفيدة لدور الحوكمة كمدخل لتنظيم الرقابة الشرعية و تطويرها وتجانسها.

 

 

 

اولا:أهمية حوكمةأنشطةالرقابةالشرعية:

تعاظم الاهتمام بمفهوم وآليات الحوكمة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة،أصبحت الحوكمة من الموضوعات الهامة علي كافة المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في أعقاب الانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية، والتي جاءت كنتيجة مباشرة للقصور في آليات الشفافية والحوكمة ببعض من المؤسسات المالية العالمية، وافتقار إدارتها إلي الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة ،التي أثرت بالسلب في كل من ارتبط بالتعامل معها، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. نتيجة لكل ذلك زاد الاهتمام بمفهوم الحوكمة وأصبحت من الركائز الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الوحدات الاقتصادية ، ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل قامت الكثير من المنظمات والهيئات بتأكيد مزايا هذا المفهوم والحث علي تطبيقه في الوحدات الاقتصادية المختلفة ، مثل : لجنة كادبوري Cadbury Committee والتي تم تشكيلها لوضع إطار لحوكمة المؤسسات باسم   Cadbury Best Practice  عام 1992 في المملكة المتحدة ، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والتي قامت بوضع مبادئ حوكمة الشركات Principles of Corporate Governance عام 1999،وصندوق المعاشات العامة(Calpers) في الولايات المتحدة الأمريكية ، كذلك لجنة       Blue Ribbon Committee  في الولايات المتحدة الأمريكية والتي أصدرت مقترحاتها عام 1999 م .[1]

وعلى الرغم من الارتباط بين مصطلح الحوكمة والعولمة والأزمات ، زيادة الاهتمام به بين كل من المهتمين بالدراسات  المحاسبية والاقتصادية والإدارية والقانونية إلا أنه ما زال مجال اختلاف وعدم اتفاق الباحثين والأكاديميين والمهتمين بهذا الأمر مما أدي إلي ظهور العديد من المصطلحات المستخدمة بيد أن المصطلح الأكثر استخداما علي الأقل في المجال الأكاديمي والبحثي هو “الحوكمة ” كمرادف قريب لمصطلح Governance     .[2]

وكلمة governance معناها حاكمة من الإحكام والحاكمية؛ وبالرجوع إلى معاجم اللغة العربية والبحث تحت لفظ «حكم» نجد أن العرب تقول: حكمت واحكمت وحكّمت؛ بمعنى: منعت ورددت؛ ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم لأنه يمنع الظالم من الظلم؛ ومن المعاني لكلمة «حَكَم»: حَكَمَ الشيء وأحكمه كلاهما: منعه من الفساد.[3]

ورغم أن لفظ حوكمة لم ترد في القواميس العربية على هذا الوزن, إلا أن المعنى العام لها من مادة لفظ حكم الذى يعنى كما سبق القول المنع من الظلم والفساد وهو المتفق عليه اصطلاحا لكلمة الحوكمة التي تهدف الى منع الظلم والفساد.[4]

وتعرف الحوكمة على أنها مجموعة من القرارات والإجراءات والسياسات والقوانين التي تؤثر في الطريقة التي تدار وتراقب بها الشركات بطريقة تعزز وتضمن كفاءة أعلى وأداء ماليا أفضل وتقلل الحاجة لرقابتها.ان الهدف الأساسي من تطبيق مبادئ الحوكمة هو ضمان تماشي أهداف إدارة الشركة مع أهداف المساهمين. فوجود نظام عادل للحوكمة سوف يكفل توافق أهداف المساهمين مع أهداف إدارة الشركة ويعزز من ثقة المستثمرين بكفاءة النظام الذي يحمي حقوقه .[5]

إن مصطلح الحوكمة بأوسع معنى له يكون معنياً بتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والأهداف الاجتماعية من جهة وأهداف الفرد وأهداف الجماعة من جهة أخرى. أى أن الإطار العام للحوكمة موجود لكى يشجع على الاستخدام الأكفأ والعادل للموارد ، ويعمل علي تفادى سوء استخدام السلطة  وكذلك تفادي التحايل على القواعد والنظم واللوائح .ولذلك يمكن تلخيص أهم مبادئ وركائز الحوكمة والتي بموجبها يمكن القضاء أو علي الأقل تقليل الفساد والانحراف في كافة مناحي الحياة العامة والخاصة الي الحد الأدنى وهى[6]:

  1. 1.    وجود اطار عام للمناخ التشريعي والقوانين بالدولة تحمي حقوق جميع أفراد  المجتمع مع تحديد المسئوليات والواجبات .
  2. 2.    العدالة والمعاملة المتكافئة والمتوازنة لجميع افراد المجتمع .
  3. 3.    الافصاح والشفافية في كل ما يصدر عن المسئولين من بيانات و معلومات.
  4. 4.    المساءلة والمحاسبة وهو ما يعني أن يعقب الافصاح دائما محاسبة المسئولين بشفافية كاملة.
  5. 5.     هذا بجانب أن يكون هناك سياسات واضحة وموثقة لكيفية تجنب تعارض المصالح وخطة لتتابع السلطة  في الادارات العليا التنفيذية

وترتبط الرؤية التقليدية لحوكمة الشركات ارتباطاً كبيراً بالفصل بين الملكية والإدارة، وهي من المشاكل التي تنشأ بين أصحاب الشركات ومديريها. وتقول تلك النظرية إن مصالح المديرين والملاك قد تتضارب وقد لا تكون لها أية علاقة بإدارة الأنشطة اليومية للمؤسسة، وذلك في الوقت الذي يحتاج فيه الملاك إلى ضمانات تكفل تصرف المديرين بما فيه مصلحة الشركة )أو أصحابها( وليس بما فيه مصلحتهم هم. وهنا يأتي دور حوكمة الشركات، حيث تنشئ الآليات الضرورية لضمان قيام مديري المؤسسة بالتحركات المناسبة. فهي تساعد، على سبيل المثال، في منع سرقة الإدارة للممتلكات أو إساءة استخدامها.[7]

أما بالنسبة لمفهوم حوكمة الشركات، توجد عدة صياغات وهى إن اختلفت من حيث الألفاظ إلا أن دلالاتها متقاربة, ومنها ما يلى:[8]

1 – حوكمة الشركات: هي الإطار الذى تمارس فيه الشركات وجودها, وتركز الحوكمة على العلاقات فيما بين الموظفين وأعضاء مجلس الإدارة والمساهمين وأصحاب المصالح وواضعي التنظيمات الحكومية, وكيفية التفاعل بين كل هذه الأطراف في الإشراف على عمليات الشركة.

2– عرف تقرير لجنة كادبرى البريطانية, الحوكمة: أنها النظام الذى يتيح للمساهمين توجيه وإدارة ومراقبة شركتهم عن طريق تعيين أعضاء مجلس الإدارة واختيار المراقب الخارجي, كما تشمل الحوكمة تنظيم الحقوق والمسئوليات المناطة بالأطراف ذات العلاقة بالشركة وتقديم الآلية التي تحقق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للشركة من جهة, وبين الأهداف الفردية والأهداف المشتركة من جهة أخرى.

3– في تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) جاء: أن نظام حوكمة الشركات هو الهيكل الذى تنتظم من خلاله إدارة الشركة والرقابة عليها, مع التأكيد على أن يتضمن هذا الهيكل نظاماً للحوافز للمديرين ومجلس الإدارة مرتبطا بأداء الشركة الذى يهدف إلى تعظيم أرباح المساهمين ويؤدى إلى تشجيع الإدارة على الاستثمار الأمثل لموارد الشركة.

4- في تعريف رابع جاء: إن حوكمة الشركات تعنى بشكل عام, القوانين والقواعد والمعايير التى تحدد العلاقة بين إدارة الشركة من جهة, وحملة الأسهم وأصحاب المصالح والأطراف المرتبطة بالشركة من جهة أخرى, وبشكل أكثر تحديداً يقدم مصطلح حوكمة الشركات إجابات لعدة تساؤلات من أهمها: كيف يضمن المساهمون ألا تسئ الإدارة استغلال أموالهم؟ وكيف يتأكد هؤلاء المساهمون أن الإدارة تسعى إلى تعظيم ربحية وقيمة أسهم الشركة في الأجل الطويل؟ وما مدى اهتمام الإدارة بالمصالح الأساسية للمجتمع؟ وأخيراً كيف يتمكن حملة الأسهم وأصحاب المصالح من رقابة الإدارة بشكل فعَال ؟.

وتعتبر مفاهيم الشفافية، والمسئولية، والمساءلة، والعدالة بمثابة  المبادئ الأساسية للحوكمة الرشيدة للشركات. وقد حددت الأدبيات عدة قنوات يمكن من خلالها أن تؤثر حوكمة الشركات على النمو والتنمية ومن ذلك  ما يلى:[9]

1-  زيادة فرص الحصول على التمويل الخارجي من قبل الشركات. ويمكن أن يؤدي الى زيادة معدلات الاستثمار، وتحقيق معدلات نمو أعلى، وزيادة توليد فرص العمل.

2- خفض تكلفة رأس المال وما يرتبط بها من ارتفاع مستوى تقييم الشركة ،مما يجعلها أكثر جاذبية  للمستثمرين وبالتالي  تحقيق المزيد من الاستثمارات ، مما أيضا يؤدى للمزيد من  النمو والمزيد من توليد فرص العمل.

3- الأداء التشغيلي بشكل أفضل من خلال تخصيص الموارد وإدارة أفضل. وهذا يخلق ثروة أكثر عموما.
4- بناء علاقات أفضل مع جميع أصحاب المصلحة عموما، وتقليل مخاطر حدوث الأزمات عموما والمالية بشكل خاص، والتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على التكاليف الاقتصادية والاجتماعية.

          وتجدر الاشارة الى أنه يتم تطبيق الحوكمة وفق خمسة معايير توصلت إليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 1999، علما بأنها قد أصدرت تعديلا لها في عام 2004.[10] وتتمثل في:

1-   ضمان وجود أساس لإطار فعال لحوكمة الشركات: يجب أن يتضمن إطار حوكمة الشركات كلا من تعزيز شفافية الأسواق وكفاءتها، كما يجب أن يكون متناسقا مع أحكام القانون، وأن يصيغ بوضوح تقسيم المسئوليات فيما بين السلطات الإشرافية والتنظيمية والتنفيذية المختلفة.

2-   حفظ حقوق جميع المساهمين: وتشمل نقل ملكية الأسهم، واختيار مجلس الإدارة، والحصول على عائد في الأرباح، ومراجعة القوائم المالية، وحق المساهمين في المشاركة الفعالة في اجتماعات الجمعية العامة.

3-   المعاملة المتساوية بين جميع المساهمين: وتعنى المساواة بين حملة الأسهم داخل كل فئة، وحقهم في الدفاع عن حقوقهم القانونية، والتصويت في الجمعية العامة على القرارات الأساسية، وكذلك حمايتهم من أي عمليات استحواذ أو دمج مشكوك فيها، أو من الاتجار في المعلومات الداخلية، وكذلك حقهم في الاطلاع على كافة المعاملات مع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين التنفيذيين.

4-   دور أصحاب المصالح في أساليب ممارسة سلطات الإدارة بالشركة: وتشمل احترام حقوقهم القانونية، والتعويض عن أي انتهاك لتلك الحقوق، وكذلك آليات مشاركتهم الفعالة في الرقابة على الشركة، وحصولهم على المعلومات المطلوبة. ويقصد بأصحاب المصالح البنوك والعاملين وحملة السندات والموردين والعملاء.

5-   الإفصاح والشفافية: وتتناول الإفصاح عن المعلومات الهامة ودور مراقب الحسابات، والإفصاح عن ملكية النسبة العظمى من الأسهم، والإفصاح المتعلق بأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين. ويتم الإفصاح عن كل تلك المعلومات بطريقة عادلة بين جميع المساهمين وأصحاب المصالح في الوقت المناسب ودون تأخير.

6-   مسئوليات مجلس الإدارة: وتشمل هيكل مجلس الإدارة وواجباته القانونية، وكيفية اختيار أعضائه ومهامه الأساسية، ودوره في الإشراف على الإدارة التنفيذية.

‏          ونلاحظ من هذه المبادئ ان الحوكمة تعالج علاقات القوة والمسؤولية بين أربع مجموعات كبيرة تحيط بإدارة الشركة المساهمة. المجموعات التي نتحدث عنها هي: أصحاب العلاقة           ( المستفيدون، الدائنون، الحكومة، المجتمع، الموظفون ..) ، الجمعية العمومية ( الملاك) ، مجلس الإدارة والإدارة العمومية أو التنفيذية. وتقدم الحوكمة الإدارية كما :كرنا اعلاه مجموعة من الإجراءات والترتيبات التي تحكم العلاقات بين هذه المجموعات لتكون علاقات إيجابية منتجة وليست مدعاة للتنافس السلبي وضياع مصلحة الشركة. على سبيل المثال لو أبدعت إحدى المجموعات ونجحت في تحقيق غاياتها وسبقت المجموعات الاخرى لم تتحقق الحوكمة الإدارية لان شرطها المصلحة الجماعية. كذلك لو نجحت المجموعات كل على حدة فكل سيبدع لتحقيق مصالحه الضيقة ولن تتحقق المصلحة الكلية للشركة.

ومن الاستعراض العام لهذه النصوص يتضح أن مفهوم الحوكمة يدور حول وضع الضوابط التي تضمن حسن إدارة الشركات بما يحافظ على مصالح الأطراف ذات الصلة بالشركة ويحد من التصرفات غير السليمة للمديرين التنفيذيين فيها وتفعيل دور مجالس الإدارة بها بعدما أظهرت الوقائع والأحداث حالات عديدة من التلاعب فى اموال العديد من الشركات بواسطة الإدارة أدت إلى إفلاسها.

وهذا المعنى للحوكمة يتفق مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية من الأصل وليس كحالة طارئة كما في الحوكمة, فالمال وملكيته يعتبر أحد المقومات الخمس التي يعتبر حفظها وحمايتها بتحقيق النفع منها ومنع الفساد عنها, أحد المقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية, ومن هنا  وفى مجال الشركات وما يتعلق بها جاءت الأحكام الشرعية للشركات بجميع أنواعها وكذا عقد الوكالة لتنظيم علاقة الإدارة بالشركة والمساهمين.

ولاشك بأن الرقابة الشرعية[11] أضحت بالفعل فنًا علميًا له أصوله وآلياته وفنياته المتداخلة فيما بين مبادئ التدقيق المتعارف عليها والمتطلبات الشرعية، وهي في مُجمل مضامينها تنطلق بالضرورة من أصول القواعد والضوابط الشرعية. وكذلك تعتبر أساليب الرقابة الشرعية بمثابة المُحدِّد الرئيسي للإطار العام للخطط التنظيمية والآليات المُنتهجة في عملية التدقيق، وبما يُعزِّز من قدرة إدارة المؤسسة على اتخاذ القرارات الكفيلة بحماية أصولها ومجابهة مختلف المخاطر والتحديات.وعلى الرغم من أن مفهوم الرقابة في المؤسسات المالية بصفة عامة، سواء كانت تقليدية أو إسلامية، لا يتباين كثيرا في مبتغاه وأهدافه، إلاَّ أن مفهوم الرقابة الشرعية يتميز بخصوصية نابعة من نوعية المعاملات التي تمارسها المؤسسات المالية الإسلامية، والتي تختلف في طبيعتها ومعطياتها عن ما هو سائد في المؤسسات المصرفية التقليدية. ومما لاشك فيه أن تلك الطبيعة الخاصة للتمويل الإسلامي تطرح نوعية مختلفة من التحديات المرتبطة بضرورة وضع نظام رقابي قوي يأخذ بالاعتبار طبيعة المخاطر التي تواجهها مؤسسات التمويل الإسلامي، ولاسيما في النموذج المصرفي المزدوج الذي يجمع بين الخدمات المصرفية التقليدية وتلك الإسلامية، وبما يتطلب توفير الأطر التنظيمية المناسبة لطبيعة أنشطتها.[12]

           وتوفر الحوكمة   للرقابة الشرعية  الأدوات التي تحتاجها لضمان الفعالية والمساءلة واتخاذ قرارات صائبة. فمتطلبات تعزيز الإبلاغ توجب وجود إجراءات محاسبية مطورة وأنظمة سيطرة داخلية قوية، وهذا بدوره، يزيد الشفافية وانتظام التقارير المالية، وتصبح أنشطة الرقابة الشرعية أكثر قابلية للمساءلة عن القرارات التي تتخذوها، وعن مستوى الأداء الذي ينتج عنها. فبهذا السبيل يمكن بسهولة تحديد مواطن ضعف الأداء والأنشطة التي تبدد الموارد في أنشطة غير مربحة، وبالتالي معالجتها.وكما تؤثر الرقابة الشرعية في آليات الحوكمة وإنفاذها، فإنها تتأثر هي أيضاً، بدورها بأدوات الحوكمة.

وتعمل حوكمة الرقابة الشرعية على وتحسين اختيار أعضاء هيئة الرقابة الشرعية ونوعيتها، والمساهمة في تطوير استراتيجيات واضحة للمؤسسات المالية الاسلامية  تقوم على الفاعلية والمهنية، ومن شأن ممارسات أدوات الحوكمة على أنشطة الرقابة الشرعية  أن تؤدي إلى تحسين الشفافية، والرقابة الداخلية، وانتظام التقارير المالية، فتقلص بذلك من الفساد وإساءة استغلال المنصب.

وينتج عن حوكمة الرقابة الشرعية داخل النظام المصرفي الإسلامي استقرار الاقتصاد من خلال رقابة مصرفية أفضل، وكذلك تحسين إدارة المخاطر، وتقليص تكاليف رأس المال، وهو ما من شأنه تحقيق النمو.

وهناك نوعان من المحركات للإصلاح من وراء تطبيق الحوكمة على أنشطة الرقابة الشرعية ، أولهما مرتبط بمواطن الفشل والانهيار، أما النوع الثاني فهو استباقي يرتبط ببحث المؤسسات المالية عن الاستثمار، والحاجة إلى تحسين التنافسية، واكتساب النفاذ إلى الأسواق الإقليمية والدولية.

في ضوء ما سبق يري الباحث ضرورة الإشارة إلي النقاط التالية حول تطبيق الجوانب الفكرية للحوكمة على أنشطة الرقابة الشرعية:-

  1. 1.    بالنظر إلى مفاهيم ومبادئ الحوكمة نجد انها تهدف الى تحقيق مصالح الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، وهذا من الأهداف التي وضعت من أجلها الشريعة الإسلامية.
  2. 2.    إن تطبيق مبادئ الحوكمة  على أنشطة الرقابة الشرعية سوف يؤدي الى زيادة ثقة العملاء الحاليين والمرتقبين ومختلف المستخدمين لها.
  3. 3.    إن الالتزام بتطبيق هذه الجوانب في أنشطة الرقابة الشرعية سيؤدي إلى تطوير أدائها والتغلب على مشاكلها المختلفة وزيادة قدرتها التنافسية والتشغيلية والمالية والإدارية وبالتالي الانعكاس الإيجابي على تحقيق أهدافها الدينية والدنيوية.
  4. 4.    يؤدى تطبيق مبادئ الحوكمة على أنشطة الرقابة الشرعية الى سهولة الحصول على المعلومات وممارسة الرقابة على مختلف جوانب أداء المؤسسات المالية الاسلامية وزيادة الثقة فيها وتحقيق العدالة والشفافية ومحاربة الفساد وتحقيق التواصل مع الأطراف المختلفة ذات العلاقة بهذه المؤسسات.

ثانيا: الرقابةالشرعيةفيإطارعملالحوكمةالشرعية:

الرقابة الشرعية هي عملية شاملة للمتابعة المستمرة للأداء في المؤسسة أثناء قيامها بتنفيذ الخطط الموضوعة . وشاملة كذلك لتقويم الأعمال ومقارنتها بالمعايير والأهداف الكمية والنوعية والتقديرية الموضوعة للمؤسسة وتنصب الرقابة على جميع عناصر المؤسسة وترافق العمل من بدايته لتجنب الأخطاء أو اكتشافها قبل وقوعها وهذه هى الوظيفة الوقائية للرقابة فضلا عن وظيفتها العلاجية.[13] ومفهوم الرقابة الشرعية يشمل هيئة الرقابة والمراجعة الشرعية.[14]

وقد أولت الهيئات والمنظمات الإسلامية الدولية أهمية كبرى لموضوع الحوكمة، والذي يشمل حوكمة الهيئات الشرعية، ومن هذه الهيئات: [15]

1-  مجلس الخدمات المالية الإسلامية – ماليزيا.

2-  هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية – البحرين.

3- المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية – البحرين.

4- مركز إدارة السيولة للمؤسسات المالية الإسلامية – البحرين.

5-  الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف الائتماني – البحرين.

ففي العموم دعت الهيئات إلى الالتزام بمبادئ الحوكمة الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي (OECD)، ولجنة بازل حول تعزيز الحوكمة في المؤسسات المصرفية، ووضعت مجموعة من المبادئ التي لابد للمؤسسات المالية الإسلامية الالتزام بها؛ كأن تضع إطاراً لسياسة ضوابط الإدارة والتي تشمل ( مجلس الإدارة والهيئات المنبثقة عنه، الإدارة التنفيذية، هيئة الرقابة الشرعية، مراجعو الحسابات الداخليين والخارجيين). أيضاً إعداد التقارير المالية وغير المالية بما يتوافق مع المعايير الدولية المحاسبية، مع التأكد بمطابقتها للأحكام الشرعية. أيضاً وضع الضمانات الكافية للمحافظة على حقوق حسابات الاستثمار ومتابعتها والتحوط لما يمكن أن يحيطها من مخاطر. واتخاذ الإجراءات والآليات السليمة للحصول على الأحكام الشرعية من المختصين لكل ما يتعلق بأعمال هذه المصارف، والالتزام بأحكام الهيئات الشرعية، وضمان تنفيذها، مع السعي الدائم لتطوير أعضاء الهيئات الشرعية بالتدريب والتطوير المستمر لقدراتهم، مع قبول تنوع الآراء الفقهية. أيضاً من المبادئ المهمة والتي أولتها الهيئات الدولية الاهتمام كضوابط لحوكمة المؤسسات المالية الإسلامية، وجوب توفر قدر كبير من الشفافية للعملاء والجمهور، وتمكينه من الاطلاع على معاملاته وعلى الضوابط الشرعية المعتمدة لديها، وتوفير المعلومات بالقدر الكافي لأصحاب الاستثمار لديها.

ويمكن تعريف حوكمة هيئات الرقابة الشرعية بالتالي: “النظم التي تبين علاقة الهيئة الشرعية بالمؤسسة المالية (مجلس الإدارة، الهيئة العمومية للمؤسسة، والإدارة التنفيذية لها) من حيث أسس التعيين وضبط الفتوى ومدى التزام المؤسسة بالفتوى التي تصدرها الهيئة ومسؤولية الهيئة الشرعية عن سلامة تطبيق المؤسسة للفتوى والإجراءات اللازمة لسلامة التطبيق”.[16]

ويمكن أن تعمل أدوات الحوكمة على  تنظيم الرقابة الشرعية وتجانسها من خلال عدة مجالات منها: [17]

1-  اختيار وتعيين هيئات الرقابة الشرعية.

2-  استقلال الهيئة الشرعية: ويقصد بها مدى قدرة الهيئة الشرعية للمؤسسة على إصدار الفتاوى والأحكام الشرعية وفق ما تقتضيه ضوابط الاجتهاد وشروط الإفتاء دون أن يكون هناك مؤثرات على أعضائها تولد تهمة التبعية أو المحاباة.

3-  السعي لتعيين هيئة رقابة شرعية مركزية في الدولة: يرى بعض المختصين بأن تعدد الهيئات الشرعية يؤدي إلى تضارب الفتوى ونحو البعض إلى التساهل في الفتوى، والأفضل أن تكون هناك هيئة شرعية موحدة مركزية لا تتبع لأي من المؤسسات المالية الإسلامية فتنظر في المسائل بحيادية واستقلالية تامة. ولربما كان من الأفضل بقاء الهيئات الشرعية في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية الأخرى، مع وجود هيئة رقابة شرعية مركزية يكون من مهمتها: الموافقة على تعيين الهيئات الشرعية الفرعية، الرجوع لها في حال الاختلاف والتوقف في المسائل، الرقابة على الهيئات الأخرى بالمراجعة لأحكامهم والتوجيه المستمر، النظر في المسائل الكبرى المتعلقة بالبنك المركزي والجهات المالية الرسمية للدولة.

ثالثا: نحو إطار عمل لحوكمة الرقابة الشرعية في  المؤسسات المالية الإسلامية:

توجد في الوقت الحالي عدة نماذج مختلفة خاصة بعمل هيئات الرقابة الشرعية، وممارسة الأنشطة الاستشارية الشرعية يتم تطبيقها في مناطق ذات سلطات مختلفة، وينطبق هذا الوضع أيضاً على العمليات والإجراءات التي تم تبنيها في مجال الحوكمة الشرعية. ومن الملاحظ أن النهج الذي اتبعته السلطات المعنية في البلدان المختلفة فيما يتعلق بهذه القضية اتسم بالتنوع والاختلاف، فقد قامت بعض السلطات بإصدار تعليمات وإرشادات مركزية واجبة التنفيذ، بينما جعلت بعض السلطات الأخرى تطبيق هذه الإرشادات أمراً طوعياً، واختارت سلطات أخرى تبني منهج يجمع ما بين الإجبار والتخيير. وبغض النظر عن المنهج المتبع، فالجميع متفقون على وجود حاجة ماسة إلى إرشادات تتعلق بأفضل الممارسات الخاصة بالحوكمة الشرعية، وذلك من أجل تحسين الخدمات الاستشارية الشرعية وترسيخ مكانتها.[18]

وقد قام مجلس الخدمات المالية الإسلامية بإصدار المبادئ الإرشادية لنظم الحوكمة الشرعية للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية. تُعد هذه المبادئ الإرشادية بمثابة إطار عملي لأفضل الممارسات التي يجب على هيئات الرقابة الشرعية القيام بها. وبعبارة أخرى فإن هذه المبادئ الإرشادية تقدم إرشادات لمنهج شامل في الحوكمة الشرعية، وتقوم بغرس عناصر الكفاءة والاستقلالية والسرية والتناسق في ممارسات هيئات الرقابة الشرعية.وتُوصي المبادئ الإرشادية لنظم الحوكمة الشرعية للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية بضرورة ضمان المؤسسة المالية الإسلامية وجود نظام حوكمة شرعية فاعل لديها، وأن يكون الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية مسؤولية مشتركة، وليست ملقاة على عاتق هيئة الرقابة الشرعية فقط. كما أكدت المبادئ الإرشادية على أن تتمتع هيئة الرقابة الشرعية بتفويض واضح ومسؤولية، كما يجب أن تتوافر لدى أعضاء هيئة الرقابة الشرعية متطلبات معيار الكفاءة والملاءمة. وفيما يتعلق بمهام هيئة الرقابة الشرعية.[19]

كما قام المصرف المركزي الماليزي بوصفه الجهة المنظمة للجوانب المالية بإعداد إطار عمل قانوني الغرض منه التأكد من أن العمليات والأنشطة التي تضطلع بها المؤسسات المالية الإسلامية متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية في جميع الأوقات. وقد تم إصدار إطار العمل القانوني بشكل رسمي في شهر أكتوبر من عام 2010م تحت مسمى “إطار عمل الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية”، وأصبح ساري المفعول منذ الأول من يناير لعام 2011م. ويهدف هذا الإطار إلى تحقيق هدف التوافق مع الشريعة الإسلامية من خلال تأسيس بنية تحتية للحوكمة الشرعية تتكون من مستويين رئيسين، أولهما يتمثل في المجلس الاستشاري الشرعي التابع للمصرف المركزي الماليزي، وثانيهما يتمثل في هيئات الرقابة الشرعية لدى كل مؤسسة مالية إسلامية. [20] ويتم هنا التركيز على عرض هذا الاطار باعتباره ركيزة اساسية نحو تأسيس بنية تحتية لحوكمة أنشطة الرقابة الشرعية. فقد هدف المصرف المركزي الماليزي بإعداد إطار عمل الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية الى تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل في تعزيز دور المجلس الإداري وهيئة الرقابة الشرعية والفريق الإداري للمؤسسة فيما يتعلق بالقضايا الشرعية، ويشمل ذلك تحسين الدور الذي تمارسه الأجهزة المفصلية التي تقع على عاتقها مسؤولية تنفيذ الواجبات المتعلقة بالالتزام الشرعي وممارسة الأنشطة البحثية من أجل خلق بيئة تشغيلية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية.

وبناءً عليه فقد تم تصميم إطار عمل الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية كي يحقق الأهداف الآتية:

  1. 1.    تحديد متطلبات المصرف المركزي الماليزي فيما يخص هياكل الحوكمة الشرعية والعمليات والترتيبات الواجب توفرها في المؤسسة المالية الإسلامية، من أجل ضمان توافق جميع عملياتها وأنشطتها المالية مع أحكام الشريعة الإسلامية.
  2. 2.    توفير دليل إرشادي شامل لمجلس الإدارة وهيئة الرقابة الشرعية وإدارة المؤسسة المالية الإسلامية برمتها حول كيفية تأدية واجباتها المتعلقة بالقضايا الشرعية.
  3. 3.    توصيف الوظائف المتعلقة بالمراجعة الشرعية والتدقيق الشرعي وإدارة المخاطر الشرعية والبحث الشرعي.

ويتكون إطار عمل الحوكمة الشرعية من ستة أقسام أساسية، يتناول أولها المتطلبات العامة لإطار العمل، حيث يصف المهام الأساسية الملقاة على عاتق المؤسسة المالية الإسلامية، فضلاً عن الأجهزة الرئيسة التي يجب عليها تطبيق هذه المهام. أما بالنسبة للمهام المنوطة بالمؤسسة المالية الإسلامية، فتتمثل في إنشاء إطار عمل ملائم ومتين للحوكمة الشرعية، يركز على تبيان الوظائف التي تمارسها الأجهزة الرئيسة داخل المؤسسة، لضمان تطبيق فاعل لإطار عمل الحوكمة الشرعية. كما بين القسم الأول أن المؤسسة المالية الإسلامية مسؤولة عن التأكد من أن جميع غاياتها وعملياتها متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية في جميع الأوقات، فضلاً عن إنشاء آلية شاملة لضبط الالتزام الشرعي تغطي جميع الجوانب المتعلقة بالعمليات المالية للمؤسسة، وذلك لضمان التزام جميع أنشطتها بأحكام الشريعة الإسلامية.وفيما يتعلق بالأجهزة الرئيسة داخل المؤسسة المالية الإسلامية، فقد نوه القسم الأول إلى أن وجود إطار عمل حوكمة شرعية ملائم ومتين يعد انعكاساً لوجود مجلس إدارة وطاقم إداري فاعل ومسؤول، فضلاً عن تواجد هيئة رقابة شرعية مستقلة تتصف بالكفاءة ومُعرضة للمساءلة، مُدعمة بطاقم بحثي شرعي متمكن، وخاضعة للمراقبة من خلال عمليات المراجعة والتدقيق الشرعي وإدارة المخاطر الشرعية. وفيما يلي النموذج الذي قام على أساسه إطار عمل الحوكمة الشرعية.

وبناءً على نموذج إطار عمل الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا ، فإن المتطلبات المذكورة في إطار عمل الحوكمة الشرعية تُلزِم المؤسسة المالية الإسلامية بضرورة اشتمالها على الآتي:

  1. 1.    يُعد مجلس الإدارة مسؤولاً عن إنشاء هيكل حوكمة شرعية ملائم للمؤسسة المالية الإسلامية، ويتوجب على مجلس الإدارة فهم المخاطر الشرعية ذات الصلة بالمالية الإسلامية والقضايا المتعلقة بتلك المخاطر، فضلاً عن تداعياتها على المؤسسة.
  2. 2.    يتوجب على المؤسسة المالية الإسلامية أن يكون لديها هيئة رقابة شرعية تتكون من أشخاص مؤهلين من الناحية الشرعية، ولديهم القدرة على مناقشة القضايا المتعلقة بالمالية الإسلامية، وتقديم آراء شرعية صحيحة.
  3. 3.    يُعد الطاقم الإداري مسؤولاً عن تقديم الموارد الكافية والدعم البشري اللازم إلى كل جهة ذات علاقة بتطبيق إطار عمل الحوكمة الشرعية، وذلك من أجل ضمان تنفيذ العمليات المالية للمؤسسة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
  4. 4.    يتوجب على المؤسسة المالية الإسلامية أن تقوم بمراجعة شرعية داخلية مستمرة للعمليات والمخرجات، فضلاً عن التأكد من توافق هذه العمليات والمحصلات مع المتطلبات الشرعية.
  5. 5.    يتوجب على المؤسسة المالية الإسلامية أن تقوم بتدقيق شرعي منتظم بمعدل مرة واحدة سنوياً للتثبت من امتثال الوظائف الرئيسة والعمليات المالية التي تمارسها المؤسسة المالية الإسلامية لأحكام الشريعة الإسلامية.
  6. 6.    يتوجب على المؤسسة المالية الإسلامية أن يكون لديها نظام لإدارة المخاطر الشرعية، وذلك لغرض تحديد جميع المخاطر المحتملة المتعلقة بعدم الالتزام بالشريعة، فضلاً عن تبيان التدابير التصحيحية التي يجب اتباعها للحد أو التقليل من تلك المخاطر.
  7. 7.    يتوجب على المؤسسة المالية الإسلامية أن يكون لديها فريق بحث شرعي داخلي للقيام بأنشطة بحثية شرعية.
  8. 8.    يتوجب على المؤسسة المالية الإسلامية أن تقوم بإصدار القرارات الشرعية ونشرها إلى جميع أصحاب المصالح ذوي العلاقة.

أما القسم الثاني فقد خُصِص للتعرض للقضايا المتعلقة بالرقابة والمساءلة والمسؤولية الخاصة بكل جهة تمارس دوراً في تطبيق إطار عمل الحوكمة الشرعية، وتتمثل مسؤوليات ومهام هيئة الرقابة الشرعية، في الآتي:

  1. 1.    المسؤولية والمساءلة: يتوجب على أعضاء هيئة الرقابة الشرعية أن يعوا مسؤوليتهم الكاملة عن كافة القرارات والآراء الشرعية الصادرة عنهم خلال تأديتهم لمهامهم ومسؤولياتهم بوصفهم أعضاءً  في هيئة الرقابة الشرعية.
  2. 2.    تقديم المشورة إلى مجلس الإدارة والمؤسسة المالية الإسلامية: يتوجب على هيئة الرقابة الشرعية تقديم المشورة والنصح لمجلس الإدارة والمؤسسة المالية الإسلامية فيما يخص القضايا الشرعية، وذلك لضمان التزام المؤسسة المالية الإسلامية بمبادئ الشريعة الإسلامية في جميع الأوقات.
  3. 3.    المصادقة على السياسات والإجراءات الشرعية: يتوجب على هيئة الرقابة الشرعية المصادقة على السياسات والإجراءات الشرعية المُعدة من قبل المؤسسة المالية الإسلامية، وذلك لضمان خلو محتوياتها من أي عناصر غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
  4. 4.    المصادقة والتثبت من الوثائق ذات الصلة: كي يتم التأكد من التزام منتجات المؤسسة المالية الإسلامية بمبادئ الشريعة الإسلامية، يتعين على هيئة الرقابة الشرعية الموافقة على الآتي:

‌أ.       الشروط والأحكام الواردة في الاستمارات والعقود والاتفاقيات أو أي وثائق قانونية أخرى تستخدم في تنفيذ المعاملات المالية.

‌ب.   الدليل الإرشادي للمنتج، والإعلانات التسويقية، والرسومات الإيضاحية، والمنشورات المستخدمة في وصف المنتج.

  1. 5.    تقويم عمل الأطراف المسؤولة عن المراجعة الشرعية والتدقيق الشرعي: يتعين على هيئة الرقابة الشرعية أن تقوم بتقويم عمل الأطراف المسؤولة عن المراجعة الشرعية والتدقيق الشرعي، وذلك لضمان الالتزام بالشريعة الإسلامية، حيث تُعد هذه المهمة جزءاً من المهمة الأساسية لهيئة الرقابة الشرعية التي تتمثل في تقديم تقويم عن مدى الالتزام الشرعي ومعلومات تأكيدية بشأن ذلك في التقرير السنوي للمؤسسة المالية الإسلامية.
  2. 6.    مساعدة الأطراف ذات العلاقة فيما يتعلق بالقضايا الشرعية: قد تحتاج الأطراف ذات العلاقة بالمؤسسة المالية الإسلامية مثل المستشار القانوني أو المدقق أو المستشار إلى طلب النصيحة من هيئة الرقابة الشرعية حول القضايا الشرعية، وبناءً عليه يتوجب على هيئة الرقابة الشرعية أن تقدم المساعدة المطلوبة إلى الطرف المحتاج لها.
  3. 7.    تقديم النصح حول القضايا التي يتعين إحالتها إلى المجلس الاستشاري الشرعي التابع للمصرف المركزي الماليزي: بإمكان هيئة الرقابة الشرعية أن تنصح المؤسسة المالية الإسلامية باستشارة المجلس الاستشاري الشرعي عن طريق إحالة القضايا الشرعية التي لم تتمكن من حلها إليه.
  4. 8.    تقديم آراء شرعية مكتوبة: يتعين على هيئة الرقابة الشرعية تقديم آراء شرعية مكتوبة في الحالات التي تستدعي استشارة المؤسسة المالية الإسلامية للمجلس الاستشاري الشرعي أو عندما تقوم المؤسسة المالية الإسلامية بتقديم طلب للمصرف المركزي الماليزي للحصول على موافقة بشأن منتج جديد.

أما القسم الثالث فقد تناول قضية استقلالية هيئة الرقابة الشرعية، وأهمية تحقق هذه الاستقلالية من أجل الوصول إلى قرارات شرعية سليمة، مع التركيز على دور مجلس الإدارة في التأكيد على استقلالية هيئة الرقابة الشرعية، وبناءً عليه فإن هيئة الرقابة الشرعية مخولة بإعلام مجلس الإدارة عن أي أنشطة غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية يتم ممارستها من قبل المؤسسة المالية الإسلامية، كما يجب عليها اقتراح التدابير الملائمة لمعالجة الوضع. أما إذا لاحظت هيئة الرقابة الشرعية عدم معالجة الأنشطة غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بطريقة فعالة وكافية، أو عدم اتخاذ أي تدابير تصحيحية من قبل المؤسسة المالية الإسلامية، فيتعين عليها إخبار المصرف المركزي الماليزي بذلك. كما يشير القسم الثالث إلى عدم إمكانية إنهاء عمل أعضاء هيئة الرقابة الشرعية بكل بساطة، وذلك لأن كافة القضايا المتعلقة بتعيين أعضاء الهيئة وإعادة تعيينهم واستقالتهم والاستغناء عنهم، لا تتم إلا عن طريق مجلس الإدارة شريطة موافقة المصرف المركزي الماليزي والمجلس الاستشاري الشرعي التابع له.

وتناول القسم الرابع متطلبات الكفاءة الواجب توافرها في كل من له صلة بإطار عمل الحوكمة الشرعية، وذلك لضمان قدرتهم على تطبيق الحوكمة الشرعية بطريقة فعالة وملائمة، وبناءً عليه يتعين على مجلس الإدارة والطاقم الإداري أن يكون لديهم فهم معقول بمبادئ الشريعة الإسلامية، وتطبيقاتها المتعددة في المالية الإسلامية. أما بالنسبة لأعضاء هيئة الرقابة الشرعية، فيجب أن يكون لديهم معرفة كافية بالنظام المالي على وجه العموم، والمالية الإسلامية على وجه الخصوص، وذلك كي يتمكنوا من فهم القضايا الشرعية التي تُعرض عليهم. كما أشار القسم الرابع إلى ضرورة أن يقوم أعضاء هيئة الرقابة الشرعية بتطوير قدراتهم المعرفية ذات الصلة بالشريعة والمالية الإسلامية، فضلاً عن الحرص على حضور البرامج التدريبية ذات الصلة.

أما القسم الخامس فقد تعرض لعنصري السرية والثبات، من خلال التركيز على أهمية المحافظة على سرية المعلومات، وتحسين مستوى الثبات في عملية صناعة القرارات التي تتخذها هيئة الرقابة الشرعية.ويُقصد بالمعلومات السرية، المعلومات التي حصل عليها أعضاء هيئة الرقابة الشرعية، وتُعد غير متاحة للعامة بطبيعتها، أو لم يصدر ترخيص بإتاحتها للعامة. نواحي كثيرة في تعاملات المؤسسة المالية الإسلامية ،مثل :معلومات حول تطوير منتجات وخدمات جديدة، القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة أو الطاقم الإداري، المذكرات أو التقارير الداخلية التي تم إعدادها بشأن قضايا تم عرضها أو سيتم عرضها على هيئة الرقابة الشرعية، محتوى المحادثات التي تمت بين أعضاء هيئة الرقابة الشرعية فيما يتعلق بالقضايا التي تم تباحثها خلال الاجتماعات، الوضع الحالي لأي معاملة مالية أو إجراء لم يتم الإعلان عنه، الآراء الصادرة عن كافة الأطراف المشاركة في النقاشات التي دارت حول قضية معينة تم التباحث حولها من قبل هيئة الرقابة الشرعية، أي أمر أشارت المؤسسة المالية الإسلامية إلى عدم الإفصاح عنه، مثل السياسات والإجراءات الداخلية.

كما دعى القسم الخامس إلى ضرورة المحافظة على المبادئ المرتبطة بالأخلاق المهنية، وإصدار الأحكام، والثبات، وذلك لضمان الالتزام الشرعي. وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة حدوث خلافات أو دعاوى قضائية مرتبطة بالمعاملات المالية التي تجريها المؤسسة المالية الإسلامية أو أي قضايا شرعية أخرى ناتجة عن العمليات المالية للمؤسسة، فعلى كل من المحكمة والمُحكِم أن يأخذا بعين الاعتبار القرارات الصادرة عن المجلس الاستشاري الشرعي، أو أن يقوما بإحالة القضايا التي ثارت حولها الخلافات إلى المجلس الاستشاري الشرعي من أجل الحصول على قرار بشأنها، وفي حالة إصدار المجلس الاستشاري الشرعي لأي قرارات حول القضايا المحالة إليه، فإن هذه القرارات تُعد ملزمة للمؤسسة المالية الإسلامية والمحكمة والمُحكِم. أما في حالة اختلاف قرار هيئة الرقابة الشرعية عن قرار المجلس الاستشاري الشرعي، فإن قرار الأخير هو المعتمد، وعلى الرغم من ذلك فبإمكان هيئة الرقابة الشرعية اعتماد قرار شرعي أكثر صرامة.

أما القسم السادس والأخير فقد غطى الوظائف المتعلقة بالالتزام الشرعي والبحث الشرعي، حيث تناول المهام المنوطة بالأجهزة المسؤولة عن المراجعة الشرعية الداخلية والتدقيق الشرعي وإدارة المخاطر الشرعية والبحث الشرعي. وقد عُرِفت المراجعة الشرعية الداخلية في إطار عمل الحوكمة الشرعية بأنها التقويم المنتظم لأنشطة المؤسسة المالية الإسلامية وعملياتها، ويقوم بهذا التقويم موظفون شرعيون أكفاء وذلك لضمان توافق الأنشطة والعمليات التي تمارسها المؤسسة المالية الإسلامية مع أحكام الشريعة الإسلامية، أما التدقيق الشرعي فيُقصد به التقويم الدوري الذي يتم القيام به بين مدة وأخرى من أجل تقديم تقويم مستقل يهدف إلى تحسين مستوى الالتزام فيما يتعلق بالعمليات المالية للمؤسسة المالية الإسلامية، فضلاً عن ضمان وجود نظام ضبط داخلي للالتزام الشرعي يتسم بالفاعلية. وبالنسبة لمفهوم إدارة المخاطر الشرعية فيراد به تعيين المخاطر المتعلقة بعدم الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، وقياسها ومراقبتها والتحكم بها. أما وظيفة البحث الشرعي فتتطلب وجود وحدة داخلية تتكون من موظفين شرعيين أكفاء يقومون بممارسة أعمال بحثية وتحديد القضايا الشرعية الواجب عرضها على هيئة الرقابة الشرعية، فضلاً عن اضطلاعهم بالمهام الإدارية والسكرتارية المتعلقة بهيئة الرقابة الشرعية.

 أخيرا يجدر التنبيه الى أن هدف الباحث من عرض إطار عمل الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا بهذه الطريقة هو دراسة امكانية اعتماد هذا الاطار وتطويره ليصبح اطارا موحدا للحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية عموما.

 النتائج والتوصيات

توصل الباحث الى :

  1. حوكمة أنشطة الرقابة الشرعية هو نظام لتنظيم وتشغيل والسيطرة على أنشطة الرقابة الشرعية  بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل لإرضاء المساهمين والدائنين والعاملين والعملاء والموردين، والامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية، فضلا عن الوفاء بالمتطلبات البيئية المحلية واحتياجات المجتمع. وأنها السياسات الداخلية التي تشمل النظام والعمليات والأشخاص، والتي تخدم احتياجات المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين، من خلال توجيه ومراقبة أنشطة الرقابة الشرعية لتحقيق الموضوعية والمساءلة والنزاهة والشفافية.
  2. العناصر الرئيسية لحوكمة سليمة لأنشطة الرقابة الشرعية هي:

• الشفافية: جعل المعلومات على نطاق واسع معروفة و/ أو متاحة.

• المسئولية: تبرير الإجراءات و/ أو القرارات.

• العدالة: القيام بالأعمال بصورة عادلة ومحايدة.

• النزاهة: أن تكون صادقة وتراعي الجانب الأخلاقي.

  1. يمكن ان تقوم اركان استراتيجية حوكمة الرقابة الشرعية على ما يلى

اولا: التقييمالأساسي:

أ. تقييم فشل حوكمة الرقابة الشرعية ، والتحديات، والفرص،.. إلخ.

ب. تقييم معايير الدولة مقارنةً بأفضل الممارسات الدولية.

ج. مبادئ/ الخطوط الإرشادية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والواقع المحلي.

ثانيا:الانتشاروالتعليم:

أ. تحديد الأطراف المعنية بحوكمة الرقابة الشرعية .

ب. بناء الوعي: قادة الأعمال، صناع السياسة، المجتمع.

ج. انشاء طلبا جماهيري أوسع على الإصلاح.

د. حملات تعليم عامة.

ثالثا: تطويروتأسسآلياتحوكمةالرقابة الشرعية:

أ. تطوير لوائح الحوكمة وآليات رقابة داخلية.

ب. تشجيع أنشطة الرقابة الشرعية.

ج. تحسين الأطر التنظيمية والتنفيذية.

د. انشاء شبكات حوكمة رشيدة تشتمل على هيئات تنظيمية، وقادة أعمال، ومنظمات، وغيرها من جماعات المجتمع المدني.

رابعا: بناءالقدرات،والتطبيق،والمتابعة:

أ. برامج تدريب على حوكمة الرقابة الشرعية.

ب. تأسيس معاهد لإعداد القائمين على أنشطة الرقابة الشرعية.

ج. إنشاء نظم تقييم حوكمة الرقابة الشرعية.

د. تدريب اعضاء هيئات الرقابة الشرعية ومساعديهم.

ه. تطبيق قانوني ومؤسسي أوسع.

التوصيات:

لتفعيل دور أدوات الحوكمة في  تنظيم الرقابة الشرعية و تطويرها وتجانسها يوصى الباحث بما يلى:-

 

  1. 1.    التواصل مع أصحاب المصالح في المالية الإسلامية من أجل تعميق فهمهم بأدوات الحوكمة والسعي الدؤوب للإسهام بأكبر شكل ممكن في تطبيقها في صناعة المالية الإسلامية، وتشجيع المبادرات الرامية إلى  بناء نماذج للحوكمة الشرعية ،وتكوين علماء جدد في هذا المجال وتعليمهم وتدريبهم.
  2. 2.    الدعوة لعقد مؤتمر عالمي لصياغة إطار عمل واضح لحوكمة أنشطة الرقابة الشرعية والعمل الاستشاري الشرعي من أجل تنظيمها وتجانسها اضافة الى تحقيق عنصري الوضوح والثبات في أداء هيئات الرقابة الشرعية والخدمات التي تقوم بتقديمها.
  3. 3.    اقتراح تأسيس هيئة مهنية للمستشارين الشرعيين، تُلقى على عاتقها مسؤولية تنظيم برنامج للتطوير المهني المستمر خاص بالمستشارين الشرعيين، وتحديد المؤهلات التي يجب عليهم الحصول عليها، والإشراف على سلوكياتهم. كما يمكن أن تُعطى هذه الهيئة سلطة إصدار شهادة مهنية للمستشارين الشرعيين، لا يستطيعون بدونها ممارسة عملهم، ولا يتم تجديد هذه الشهادة إلا بعد القيام بمراجعة وفحص دوري، لضمان امتلاك المستشار الشرعي كافة المؤهلات المهنية والأكاديمية الضرورية، وتحليه بالكفاءة والسيرة الحسنة. ومن الممكن أن تصبح مثل هذه الهيئة بمثابة منتدى حواري يتم من خلاله تبادل الآراء ومناقشتها بين علماء الشريعة، كما يمكن أن تكون وسيلة فاعلة في السعي إلى إحداث تجانس في الفتاوى والممارسات الخاصة بهيئات الرقابة الشرعية.
  4. 4.    توفير دليل إرشادي شامل لمجلس الإدارة وهيئة الرقابة الشرعية وإدارة المؤسسة المالية الإسلامية برمتها حول كيفية تأدية واجباتها المتعلقة بالقضايا الشرعية.وتوصيف الوظائف المتعلقة بالمراجعة الشرعية والتدقيق الشرعي وإدارة المخاطر الشرعية والبحث الشرعي.
  5. 5.    دراسة امكانية اعتماد إطار عمل الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا وتطويره ليصبح اطارا موحدا للحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية عموما.

[1] محمد أحمد إبراهيم خليل ،دور حوكمة الشركات في تحقيق جودة المعلومات المحاسبية وانعكاساتها علي سوق الأوراق المالية – دراسة نظرية تطبيقية ،المؤتمر الأول لحوكمة الشركات، جامعة الملك خالد،السعودية،2008

[2]  لاشك انه هناك العديد من المصطلحات في اللغة الانكليزية نجد لها معنى واضحا ومتفقا عليه إلى حد الإجماع في اللغة العربية . ولكن في مقابل ذلك هناك العديد من المفاهيم التي لا توجد لها ترجمة حرفية في اللغة العربية ، تعكس ذات المعنى والدلالات التي تعكسها اللغة الانكليزية ، وان احد الأمثلة الحية على هذه المفاهيم هو مصطلح Governance . وعلى المستوى المحلي والإقليمي لم يتم التوصل إلى مرادف متفق عليه في اللغة العربية لهذا المصطلح ، هناك عدد من المقترحات المطروحة: حكم– حكمانية – حاكمية – حوكمة– بالإضافة إلى عدد من البدائل الأخرى، مثل: أسلوب ممارسة سلطة الإدارة ، أسلوب الإدارة المثلى، القواعد الحاكمة ، الإدارة النزيهة، وغيرها. وفى هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى إن هناك مؤيدون للاختيار الأول وفقاً لما ورد من تفسير مركز المشكاة؛ ولكن من ناحية أخرى تتفق عدد من  الآراء على استبعاد “حكم ” (لما للكلمة من دلالة إن الشركات هي الحاكمة أو الفاعلة، مما قد لا يعكس المعنى المقصود). كما يتم استبعاد “حكمانية” لما يرتبط في بنائها اللغوي من آنية أو تشابه وتماثل؛ وهو ما يضيع المعنى المقصود. وكذلك يتم استبعاد “حاكمية” لما قد يحدثه استخدامها من خلط مع إحدى النظريات الإسلامية المسماة “نظرية الحاكمية” والتي تتطرق للحكم والسلطة السياسية للدولة. كما رؤى استبعاد البدائل المطروحة الأخرى لأنها تبتعد عن جذر الكلمة (ح ك م) فيما يقابل Governance باللغة الإنجليزية. ومن ثم فإن “حوكمة الشركات” على وزن (فوعلة) تكون الأقرب إلى مفهوم المصطلح باللغة الإنجليزية حيث تنطوي على معانى الحكم والرقابة من خلال جهة رقابة داخلية (Governing Body) أو هيئة رقابة خارجية (Regulatory Body)، كما إنها تحافظ على “جذر” الكلمة المتمثل في (ح ك م)، حيث لا يمكن استبعاده إذا أردنا التوصل إلى مرادف للمصطلح. وتجدر الإشارة إن هذا المصطلح قد تم اقتراحه من قبل الأمين العام لمجمع اللغة العربية وقد استحسنه عدد من متخصصي اللغة العربية ومنهم من مركز دراسات اللغة العربية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. راجع: نرمين أبو العطا ، حوكمة الشركات سبيل التقدم مع إلقاء الضوء على التجربة المصرية ، مركز المشروعات الدولية الخاصة ،يناير 2003م،ص 9 .ولذا فضل الباحث استخدام “حوكمة الوقف” تماشيا مع مصطلح حوكمة الشركات كمرادف لمفهوم Corporate Governance

[3] ابن منظور ،لسان العرب ،طبعة دار المعارف ،ص 953

[4] محمد عبد الحليم عمر، حوكمة الشركات «تعريف مع إطلاله إسلامية»، ورقة عمل أساسية، الحلقة النقاشية الثالثة والثلاثون ،مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي، جامعة الأزهر،السبت 14 ربيع الأول 1426هـ الموافق 23 أبريل 2005م،ص2

[5] أماني خالد بورسلي ،آثار تطبيق معايير ومبادئ الحوكمة الحديثة وأسس التقييم، بحث منشور بكتاب حوكمة الشركات اتحاد الشركات  الاستثمارية، مكتبة آفاق ، الكويت، سبتمبر 2011،ص ص25-26 متاح في : http://www.unioninvest.org/Publications/7Corporate%20Governance.pdf

[6] محمد طارق يوسف، مجموعة مقالات  الحوكمة أو الثورة :الجزء الأول . ص 3 متاح في: http://www.gtegypt.org/Domains/gt/Assets/publications/Revolution_and_Corporate_Governance_Arabic.pdf

[7] ألكسندر شكولنيكوف، أندرو ولسون، من شركات مستدامة إلى اقتصادات مستدامة :حوكمة الشركات كأداة تنموية، مركز المشروعات الدولية الخاصة، ص ص 8-9 متاح في: http://egypt.cipe-arabia.org/Corporate_Governance/Resources/Corporate_Governance_as_a_Transformational_Development_Tool.pdf

[8] للتفاصيل راجع:

–         محمد عبد الحليم عمر، حوكمة الشركات «تعريف مع إطلاله إسلامية»، مرجع سابق ،ص ص 2-3

–         محمد حسن يوسف ،محددات الحوكمة ومعاييرها مع إشارة خاصة لنمط تطبيقها في مصر، بنك الاستثمار القومي، مصر، يونيه 2007،ص4

–         عدنان بن حيدر بن درويش، حوكمة الشركات ودور مجلس الإدارة، إتحاد المصارف العربية،2007،ص ص 11-15

–         مركز المشروعات الدولية الخاصة، حوكمة الشركات في القرن الحادي والعشرين،واشنطن،2003

http://www.hawkama.net/chapter.asp?id=1

–      [8] International Finance Corporation(IFC), Corporate Governance, 2010,p4. available at : http://www.ifc.org/ifcext/corporategovernance.nsf/AttachmentsByTitle/CGTerms/$FILE/CGTerms.pdf

[9]Stijn Claessens ,Corporate Governance and Development,The World Bank,2003, P14. available at : http://www.ifc.org/ifcext/cgf.nsf/AttachmentsByTitle/Focus_1_CG_and_Development/$FILE/Focus_1_Corp_Governance_and_Development.pdf

[10]OECD, OECD Principles of Corporate Governance, 2004.

[11] الرقابة في اللغة: ورد في لسان العرب  أن في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِـيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِـيلٌ بمعنى فاعل. وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي الحديث: ما مِن نَبـيٍّ إِلاَّ أُعطِـيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الـحَفِـيظُ. ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بالكسر فيهما، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه. والتَّرَقُّبُ: الانتظار، وكذلك الارْتِقابُ. وقوله تعالى: ولم تَرْقُبْ قَوْلي؛ معناه لم تَنتَظِرْ قولي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا. راجع: ابن منظور ،لسان العرب ،طبعة دار المعارف ، ص 1699

[12] كلمة محافظ بنك الكويت المركزي سعادة الدكتور محمد يوسف الهاشل في افتتاح فعاليات المؤتمر الخامس للمؤسسات المالية الإسلامية الذي تنظمه شركة شورى للاستشارات الشرعية ، دولة الكويت ،16-17 ديسمبر2013،ص ص 5-6

[13] عبد الحميد محمود البعلي، تقنين أعمـال الهـيئة الشـرعية معالمه وآلياته، بحث مقدم إلى:المؤتمر الثالث للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية المنعقد في مملكة البحرين تنظيم هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية خلال الفترة 9 – 11 شعبان 1424هـ الموافق 5 – 7 أكتوبر ٢٠٠٣م، ص 66

[14] المراجعة الشرعية فتعني: فحص مدى التزام المؤسسة بالشريعة في جميع أنشطتها. وتسمى أيضاً (التدقيق الشرعي) و(الرقابة الشرعية الداخلية). وأما هيئة الرقابة الشرعية: فهي الهيئة الشرعية التي تصدر الفتاوى وتضع المعايير الشرعية. وتسمى أيضاً: (الهيئة الشرعية) و ( هيئة الفتوى). وهيئة الرقابة الشرعية تشرف على عمل الرقابة الشرعية الداخلية، وتقوم بأعمال المراجعة أيضاً، ولكن ليس على سبيل التفرغ لذلك كما هو الحال في الرقابة الداخلية؛ ولهذا تسمى هيئة الرقابة الشرعية ب( المراقب الشرعي الخارجي).للتفاصيل راجع: مصطفى ابراهيم، نحو منهج متكامل للرقابة على المصارف الاسلامية، رسالة دكتوراه، الجامعة الأمريكية المفتوحة، قسم الدراسات الاسلامية،2012، ص ص 35-46

[15] محمود على السرطاوي، حوكمة هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية، والمقدم إلى ندوة: الهيئات الشرعية بين المركزية والتبعية، والتي نظمتها شركة دراية للاستشارات المالية الإسلامية، عمان 2012، ص ص  4-7

[16] محمود على السرطاوي، حوكمة هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية، مرجع السابق، ص  2

[17] المرجع السابق ،ص ص 8-13

[18] للتفاصيل راجع :

– رسني حسن، وآخرون، الحوكمة الشرعية في المؤسسات المصرفية الإسلامية في مختلف الولايات القضائية: دراسة تحليلية مقارنة،،المؤتمر العالمي السابع لعلماء الشريعة حول المالية الإسلامية حول: “حوكمة عمل الهيئات الشرعية – الواقع وآفاق المستقبل” الذي يعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور ويستمر بين 18 – 19 أيلول/سبتمبر 2012، ص ص4-13

– أكرم لال الدين، هيئات الرقابة الشرعية في إطار عمل الحوكمة الشرعية: المهام والمسؤوليات، المؤتمر العالمي السابع لعلماء الشريعة حول المالية الإسلامية حول: “حوكمة عمل الهيئات الشرعية – الواقع وآفاق المستقبل” الذي يعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور ويستمر بين 18 – 19 أيلول/ سبتمبر 2012، ص ص 22-24

[19] للتفاصيل راجع: مجلس الخدمات المالية الإسلامية ،المبادئ الإرشادية لنظم الضوابط الشرعية للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية،2009. متاح في:

http://www.ifsb.org/standard/IFSB-10%20ar_Shariah%20Governance.pdf

[20] حكيمة يعقوب، إطار عمل شامل للحوكمة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية بماليزيا، ترجمة مضاء منجد مصطفى، متاح في:

http://www.giem.info/article/details/ID/75#.UuAPY_uxVkg