في المقالة السابقة تم بيان أن الأنظمة الاقتصادية تعتمد في وجودها على مذاهب عقائدية أو فكرية , فالنظام الاقتصادي الرأسمالي يعتمد على المذهب الاقتصادي الفردي الذي يقدم مصلحة الفرد على مصلحة المجتمع , والنظام الاقتصادي الشيوعي أو الاشتراكي يعتمد على المذهب الجماعي الذي يقدم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد . وأن الأنظمة الاقتصادية تختلف وتتعدد بحسب موقفها من المصلحتين الخاصة والعامة . كما تم بيان خطأ تصور أن المذهب الاقتصادي الإسلامي والنظام الاقتصادي النابع منه مزاج مركب بين الرأسمالية والاشتراكية يأخذ من كل منهما جانباً , أو أنه نظام مختلط يجمع بين آليات اقتصاد السوق كما في النظام الرأسمالي , وآليات تدخل الدولة في الأسواق كما في النظام الشيوعي .
هذه المقالة توضح المذهب الاقتصادي الإسلامي والأسس والمبادي الحاكمة للنظام الاقتصادي الإسلامي باعتباره الجانب التطبيقي الذي يتحقق من خلاله المذهب .
الاستخلاف أساس المذهب الاقتصادي الإسلامي
ينفرد المذهب الاقتصادي الإسلامي بنظرة اقتصادية عقـائديـة تنبني على كون الإنسان مستخلف من الله في الأرض كما جاء في قوله تعالى : ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ” البقرة 30 , والخلافة في الأرض تكون لعمارتها واستثمار خيراتها التي سخرها الله له لقوله تعالى : ” وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ” هود 61 .
والإنسان وهو يمارس دوره في عمارة الأرض عليه أن يأتمر بأوامرالله وينتهي عن نواهيه لقوله تعالى : ” أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ” الأعراف 54 ، وبذلك يتم الجمع بين الروح والمادة في الاقتصاد ، فتنشأ خاصية الإحساس بالله تعالى ومراقبته في كل نشاط اقتصادي , وذلك بهدف إقامة مجتمع المتقين لتحقيق الغاية الأسمى وهي العبودية لله لقوله تعالى : ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ” الذاريات 56 .
من هنا يتبين أن النظام الاقتصادي الإسلامي يعتمد على المذهب الاقتصادي الاستخلافي وليس على المذهب الاقتصادي الفردي أو الجماعي أو المختلط بينهما , وحتى عندما يوازن النظام الاقتصادي الإسلامي بين تحقيق مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع فإنه يقوم بذلك باعتبار أن المصلحتين الخاصة والعامة وسيلتين لعمارة الأرض لتحقيق الغاية الأسمى وهي عبادة الله.
الأسس الحاكمة للنظام الاقتصادي الإسلامي
لأن المذهب الاقتصادي الإسلامي مبني على نظرة عقـائديـة أساسها استخلاف الإنسان من الله في الأرض لعمارتها واستثمار خيراتها تبعاً لأوامره ونواهيه , فإن هذا المذهب الاستخلافي له مجموعة من الأسس تحكم النظام الاقتصادي المنبثق عنه يمكن تحديدها على النحو التالي :
1- تكريم الإنسان : الإنسان ليس ترس في آلة أو عنصر من عناصر الإنتاج تتحدد قيمته بعدد من ساعات العمل , الإنسان خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه , وميزه بالعقل والقدرة على الاختيار بين الخير والشر , وكرمه على جميع مخلوقاته , وأسجد له الملائكة , قال تعالى : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ” الإسراء 70 .
2- المساواة بين الناس : لأن الملك كله لله الواحد ينظمه كيف يشاء , وجميع البشر خلقه ينحدرون من أصل واحد هو آدم عليه السلام لذا فهم سواسية ليس ثمة طبقات , وهم جميعاً متساوون في حق الاستخدام والتصرف في الموارد التي أوجدها الله لهم طبقاً لمشيئته وإرادته , ولا أفضلية على الآخرين إلا بالتقوى قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ” النساء 1 .
3- التسخير والتذليل : لأن الإنسان مستخلف من الله لعمارة الأرض فقد سخر الله له كل ما في الكون ليقوم بواجب العمارة قال تعالى : ” اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ” إبراهيم 32- 34 . وذلل له الأنعام قال تعالى : ” أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ ” يس 71- 73 .
4- التكليف بالعمل : إن من تكريم الله للإنسان تكليفه بالعمل وليس أي عمل وإنما العمل الصالح ليقوم بواجب الاستخلاف في عمارة الأرض ليلبي حاجات نفسه ومن يعول فيتحرر من سؤال الناس ولا يكون لأحد سلطان عليه إلا الله , والقرآن الكريم يذخر بالآيات التي تقرن بين الإيمان والعمل الصالح وفي ذلك دلالة واضحة على أن اﻻﺴﺘﺨﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ لا يتأتى إلا ﻟﻤﻥ ﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ تصديقاً لقوله تعالى : ” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ” النور55 .
5- الإحسان والرقابة الدائمة : التكليف بالعمل الصالح يشتمل على الأمر بإحسان القيام بالعمل وإتقانه وليس مجرد آداؤه على أي وجه لإسقاط التكليف . والإحسان رقابة دائمة من الله للإنسان في جميع أعماله ففي حديث جبريل عليه السلام الذي سأل فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان , أن جبريل قال : “ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ” رواه مسلم .
6- الأفق الزمني للنتائج : إن الإيمان بيوم الحساب يؤثر في التصرفات الاقتصادية للإنسان لأنه يوسع الأفق الزمني لنتائج تصرفاته لتشمل ما بعد الحياة فيكون عليه المفاضلة بين المنفعة والتكلفة , ويختار القيمة الحالية التي تحقق أحسن نتيجة في الآخرة لأن الدنيا مهما طالت هي في النهاية مزرعة الآخرة قال تعالى : ” فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَّمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ” الفجر 15- 24 .
مبادئ النظام الاقتصادي الإسلامي
إذا كان الاستخلاف هو أصل المذهب الاقتصادي الإسلامي والأسس الحاكمة تعبير عن فلسفة هذا المذهب فإن المبادئ تمثل الأطر والمحددات للنظام الاقتصادي الإسلامي , وهذه المبادئ تتمثل في الملكية , والحرية الاقتصادية , والوسطية , والعدالة , والتكامل والترابط , والتي تعمل أدوات النظام الاقتصادي الإسلامي على الالتزام بها دوماً عند التطبيق .
الملكية
حرية تملك الأفراد لوسائل الإنتاج مكفولة ومصونة بالشرع وهي الأصل وتدخل الدولة هو الاستثناء ويكون لضرورات ومصالح شرعية تمنع إلحاق الضرر بباقي أفراد المجتمع أو لتصحيح ملكية تم حيازتها أو التصرف فيها بطريق غير شرعي , والإسلام يقر الملكية الخاصة والعامة في وقت واحد وهما مكملان لبعضهما البعض ، وحرية الملكية الخاصة للأفراد في الاقتصاد الإسلامي مقيدة بالصالح العام للمجتمع من خلال تحديد مفهوم تلك الملكية .
أ- الملكية في النظام الاقتصادي الإسلامي ليست مطلقة أو كاملة وإن بدا ذلك للعيان من تصرفات بعض الأفراد فيما يملكون أو تردد باللسان في مقولة من حكم في ماله فما ظلم , ولكن الملكية في النظام الاقتصادي الإسلامي في حقيقتها نوعاً من ملكية الانتفاع وهي مكفولة ومصونة طالما ينتفع الأفراد بهذا الشئ المملوك وفقاً لغرض وجود هذا المملوك , وحيازة الشئ المملوك والانتفاع به هو أساس استمرار الملكية .
ب- التصرفات في الملكية مقتصرة على حياة المالك ولا تتعداها لما بعد وفاته لأن هذا هو اختصاص الإرث الذي شرعه الله للتصرف في الملكية بعد الوفاة , أما الوصية فهي استثناء من الله بالسماح لعباده بامتداد التصرف لما بعد الممات في جزء من الملكية لا يتجاوز الثلث على أن يكون في أوجه الخير تفضلاً من الله سبحانه وتعالى على عباده ليثيبهم عليه ويرحمهم لأنه هو الرحمن الرحيم , وبشرط عدم إخلال الوصية بالتوزيع الذي شرعه الله للوارثين .
ج- هناك أنواع من المملوكات لا يحق للأفراد تملكها حتى في فترة حياتهم لأنها مملوكة لجميع الأفراد ويتم استغلالها لصالح المجتمع كله مثل الموارد الطبيعية كالماء والهواء وما لا يتملك بطبيعته كالمساجد والطرق .
الحرية الاقتصادية
الحرية الاقتصادية للأفراد في النظام الاقتصادي الإسلامي حرية حقيقية فالأفراد أحرار في اختيار المهن والحرف والزراعات والصناعات والتجارات والأعمال التي يرغبون في مزاولتها بدافع تحقيق المصلحة الخاصة ويتحملون نتائج اختياراتهم الاقتصادية . والحرية الاقتصادية للأفراد ليست مطلقة ولكنها مقيدة بعدة ضوابط تحمي الحريات الفردية للآخرين .
أ- حرية الأفراد في ممارسة النشاط الاقتصادي لا تبيح لهم إنتاج المحرمات كالخمور ، ولا تجيز لهم التعامل بالربا , ولا تسمح لهم بالاحتكار ، ولا تخولهم حبس المال عن الإنتاج أو صرفه على غير مقتضى العقل ، ولا تسمح لهم بالإضرار بحرية الآخرين .
ب- تتحدد الأسعار العادلة للسلع والخدمات بالتفاعل بين قوى العرض والطلب في سوق يسودها منافسة مشروعة بدون اتفاق أو تواطؤ بين فئات المنتجين أو البائعين أو فئات المشترين .
ج- حرية الأفراد في ممارسة النشاط الاقتصادي الإنتاجي والخدمي لتحقيق الربح لا يعفيهم من الالتزام ببيان المواصفات الحقيقية للسلع والخدمات المقدمة للأسواق بشفافية ووضوح بعيداً عن المغالاة في المواصفات الخادعة للمستهلك في الدعاية والإعلان .
د- مع الحفاظ على الحرية الاقتصادية للأفراد فإن الدولة تختص بالقيام ببعض الأنشطة الاقتصادية التي ترتبط بمصالح المجتمع العليا كإنتاج الأسلحة الحربية ومشاريع الخدمات العامة كالمياة والكهرباء , وللدولة أن تراقب النشاط الاقتصادي للأفراد وتتدخل فيه بقوانين وإجراءات تمنع الأفراد من الاحتكار أو الاستغلال برفع رسوم المشاريع الخدمية كالمدارس والمستشفيات .
الوسطية
من أهم مبادئ الاقتصاد الإسلامي وهي وسطية تفرض على الإنسان التوازن بين متطلبات الروح والجسد , وبين إقامة الدين والكسب , وبين الدوافع الفردية والمصلحة العامة , وبين الحقوق والواجبات , وبين الإسراف في الإنفاق والبخل , وبين المنافع الدنيوية والجزاء في الآخرة , فهي وسطية مستمرة تشمل جميع أوجه النشاط الاقتصادي , قال تعالى : ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا “ البقرة 143 .
العدالة
العدالة قيمة عليا في كل مراحل النشاط الاقتصادي الإسلامي فهي عدالة في توزيع عوائد العملية الإنتاجية على عناصر الإنتاج المشاركة فيها , وعدالة في إعادة توزيع الدخل على غير القادرين على العمل والكسب لأسباب خارجة عن إرادتهم , وهي عدالة مطلوب تحقيقها على الدوام وفي كل شئ , قال تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ” النحل 90 .
التكامل والترابط
الاقتصاد الإسلامي كلٌ مترابط تتكامل أحكامه فلا يمكن دراسة حكم اقتصادي دون الربط بينه وبين الأحكام الأخرى , ففرض الزكاة مثلاً يرتبط بإقرار حق الملكية , وتحريم الربا مرتبط بتقديم العديد من عقود المعاملات المالية الإسلامية التي تحقق الربح الحلال , وتحقيق النتائج المرجوة من الاقتصاد الإسلامي يتطلب تطبيق جميع أسس ومبادئ وآليات وأخلاقيات النظام الاقتصادي الإسلامي , قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً ” البقرة 208 .
نستكمل إن شاء الله تعالى في مقالات قادمة إن كان في العمر بقية .
عبدالفتاح محمد صلاح
مؤسس موقع الاقتصاد العادل
أحدث التعليقات