مسألة “ضع وتعجل” عند السادة الشافعية

مسألة “ضع وتعجل” عند الشافعية:

ذهب السادة الشافعية إلى التفصيل في مسألة ضع وتعجل :

فإن كان الدين حالا فوضع جزءا منه والباقي مؤجلا صح ، ويكون الباقي المؤجل حالا
وإن كان الدين مؤجلا فوضع جزءا منه والباقي حال لم يصح
قال الخطيب الشربيني : ” لِأَنَّهُ وَعْدٌ فِي الْأُولَى – والوعد غير ملزم – مِنْ الدَّائِنِ بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ ، وَصِفَةُ الْحُلُولِ – والأولى التعبير بصفة التأجيل كما بين البجيرمي – لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا – أي لا يصح إسقاط الأجل – وَفِي الثَّانِيَةِ وَعْدٌ مِنْ الْمَدْيُونِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَهُوَ لَا يَسْقُطُ” “تحفة الحبيب على شرح الخطيب ” (8 / 123)

وهذا كله إن كان الوضع على سبيل العقد والإلزام ، فإن كان مسامحة وتبرعا من صاحب الدين صح في الصورة الثانية ، ولا يسقط الأجل إلا إن قبل الدائن، قال شيخ الإسلام : “نعم من عجل المؤجل وأدى الصحيح عن المكسر وقبله الدائن سقط الأجل والتكسير لصدور الإيفاء” “شرح البهجة الوردية” (10 / 260)

وهذه بعض نصوص الشافعية :
جاء في نهاية المحتاج : “( ولو صالح من عشرة حالة على خمسة مؤجلة برئ من خمسة وبقيت خمسة حالة ) ؛ لأنه صالح بحط البعض ووعد بتأجيل الباقي ، والوعد لا يلزم والحط صحيح ( ولو عكس ) بأن صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة ( لغا ) الصلح ؛ لأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها والخمسة الأخرى إنما تركها في مقابلة ذلك ، فإذا لم يحصل الحلول لا يصح الترك ، والصحة والتكسير كالحلول والتأجيل .
وقضية ما تقرر عدم الفرق فيه بين الربوي وغيره ، وهو كذلك خلافا لصاحب الجواهر” نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (14 / 424)

وجاء في مغني المحتاج : “ولو صالح من عشرة حالة على خمسة مؤجلة برئ من خمسة وبقيت خمسة حالة ) ؛ لأنه سامح بحط البعض ووعد بتأجيل الباقي ، والوعد لا يلزم ، والحط صحيح ( ولو عكس ) بأن صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة ( لغا ) الصلح ؛ لأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها ، والخمسة الأخرى إنما تركها في مقابلة ذلك ، فإن لم يحصل الحلول لا يصح الترك ، والصحة والتكسير كالحلول والتأجيل “. مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج (8 / 87)

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري : “( و ) الصلح ( من مؤجل وذي كسر ) أي ومن مكسر ( على دين ) بالتنوين وبتركه ( حلول ) أي حال في مسألة المؤجل .( و ) على ( صحيح ) في مسألة المكسر كأن صالح في الأولى من عشرة على خمسة حالة وفي الثانية من عشرة مكسرة على خمسة صحيحة ( بطلا ) ؛ لأنه وعد من المدين بإسقاط الأجل ، والتكسير وهما لا يسقطان .نعم من عجل المؤجل وأدى الصحيح عن المكسر وقبله الدائن سقط الأجل والتكسير لصدور الإيفاء ، والاستيفاء من أهلهما وقوله : ” وألغي ” يغني عن قوله : من زيادته بطل ( و ) ألغي ( الحط ) الكائن ( مع هذا ) أي مع الصلح من المؤجل على الحال ومن المكسر على الصحيح لبطلان مقابله .
إذ الصفة بانفرادها لا تقابل بعوض ؛ ولأنها لا تلحق فيلغو ما قابلها من الحط ( و ) ألغي ( عكس ) أي عكس الصلح المذكور وهو الصلح من حال على مؤجل ومن صحيح على مكسر كأن صالح من عشرة حالة على خمسة مؤجلة ، أو من عشرة صحيحة على خمسة مكسرة ؛ لأنه وعد من الدائن بإلحاق الأجل ، والتكسير وهما لا يلحقان فيبقى المال على حلوله وصحته ( دون حط معه ) فلا يلغى ؛ لأنه ليس في مقابلة شيء حتى يفسد بفساده بخلافه فيما مر” شرح البهجة الوردية (10 / 260)

وبهذا يتبين خطأ من ينسب حكم الجواز المطلق في مسألة “ضع وتعجل” إلى السادة الشافعية.

حمزة عدنان مشوقة