تعتبر ظاهرة الفقر واحدة من أهم المعضلات التي يواجهها البشر و من الغريب غياب تعريف محدد ودقيق لمفهوم الفقر و قد حاول البنك الدولي وضع تعريف شامل لهذه الظاهرة مفاده أن “الفقر هو عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة” 1 و يعرف الدكتور “عبد الرزاق الفارس″ الفقر قائلا:”هناك مكونان مهمان لابد من أن يبرزا في أي تعريف لمفهوم الفقر، وهذان المكونان هما مستوى المعيشة ، والحق في الحصول على حد أدنى من الموارد. ومستوى المعيشة يمكن التعبير عنه بالاستهلاك لسلع محددة ، مثل الغذاء والملابس أو السكن، التي تمثل الحاجات الأساسية للإنسان التي تسمح بتصنيف أي فرد لا يحققها ضمن دائرة الفقر. أما الحق في الحصول على الحد الأدنى من الموارد ، فهو لا يركز على الاستهلاك بقدر تركيزه على الدخل، أي الحق في الحصول على هذه الحاجات أو القدرة على الحصول عليها”2.
و يإن عدد ليس بالقليل من سكان الوطن العربي من لدغات الفقر حيث وصل عدد الفقراء إلى 39 مليون عربي منهم 6.8 مليون عربي يعيشون بدخل أقل من 1.25 دولار يوميا حسب ما جاء به تقرير التنمية البشرية العالمى2010 للامم التحده الذي كان تحت عنوان الثروة الحقيقية للامم : مسارات الى التنمية البشرية (3).
و من الآليات المستحدثه لمواجه الفقر هو التمويل الأصغر و يمكن تعريف التمويل الأصغر علي أنه هو تقديم خدمات مالية (إقراض ، تأمين ، إدخار ، تحويلات نقدية) و تقديم خدمات غير مالية (الرعاية الصحية و محو الأميه و تنظيم معارض لبيع سلع العملاء ….إلخ ) للفئات الأقل دخل، وبلغ عدد المستفيدين من الهيئات المختلفه التي تقدم خدمات التمويل الأصغر علي مستوي الوطن العربي 2.9 مليون مقترض حسب ما جاء بتصريحات الدكتور يوسف فواز رئيس مجلس إدارة الشبكه العربيه للتمويل الأصغر السابق بمؤتمر سنابل السابع المنعقد في أوائل يونيه لعام 2010 بسوريا (أن قطاع التمويل الأصغر في العالم العربي حقق زيادة ملموسة في معدلات النمو خلال العقد الأخير حيث بلغ عدد المقترضين 2.9 مليون مقترض كما بلغ إجمالي قيمة المحفظة حوالي 1.6 مليار دولار خلال العام 2009).
و بإلقاء الضوء علي بعض تجارب الدول العربية مثل مصر و العراق و السودان و اليمن :-
في مصر نجد أنه يقتصر تقديم خدمات التمويل الأصغر علي الاقراض حيث بدأ ذلك النشاط بنهايه عقد الثمانينات من خلال البنك الوطني و جمعيه رجال الأعمال بالأسكندريه و قد نمى هذا القطاع فتواجدت الآن ستة جهات كبري في سوق التمويل الأصغر في مصر و هم جمعيه رجال الأعمال بالدقهليه و جمعيه رجال الاعمال بالاسكندريه و جمعيه رجال الاعمال بأسيوط و مؤسسه التضامن و مؤسسه الليد و الجمعيه المصريه لتنمية المنشآت الصغيرة و هم جميعا يستحوذون بنهايه عام 2009 علي 56% من عدد المقترضين النشطين و 43.6% من قيمة المحفظه النشطه (4).
و في العراق نمت صناعة التمويل الأصغر في بيئه عمل مليئه بالصعاب و لقد بدأت الصناعه في العراق طريقها منذ النصف الثاني من عام 2003 و لقد استطاعت الوصول بأواخر شهر مارس 2010 الي منح اكثر من 190465 قرض بقيمه تزيد عن 424 مليون دولار بمحفظه قروض قائمة 63000 عميل بقيمه 85.5 مليون دولار (5) و حاليا توجد 14 منظمة عراقية تعمل في مجال التمويل الاصغر ومنتشرة في كل محافظات العراق و من أهم المؤسسات العراقيه العامله في التمويل الأصغر مؤسسه الثقه و مؤسسه الامان و مؤسسه إزدهارنا و مؤسسه التقدم و مؤسسه المستقبل المشرق.
وفي السودان وضعت اللبنه الاولي لصناعه التمويل الاصغر عام 2006 عندما تم اصدار لائحه شروط ترخيص مزاولة النشاط الذي بموجبه اصدر البنك المركزي السوداني الإطار الرقابي الذي يعمل بمقتضاه مصارف و مؤسسات التمويل الاصغر و مازلت تجربة التمويل الأصغر في السودان غير واضحه المعالم إلي الآن برغم الإحتياج الشديد لها. وقد قام البنك المركزي السوداني في الآونه الاخيرة بإصدار بعض التنظيمات التي من شأنها العمل علي إنتشار الصناعه.
وأخيرا في اليمن تعد اليمن من أوائل البلدان في المنطقة العربية التي تملك قانون خاص ببنوك التمويل الأصغر الذي تم إصداره من قبل البنك المركزي اليمني بإصدار قانون بنوك التمويل الأصغر رقم (15) لسنه 2009 و قد حدد هذا القانون متطلبات وإجراءات مزاولة نشاط التمويل الأصغر كما حدد القانون الفئات المستهدفة من هذه الخدمات وحدد الإجراءات المنظمة لسير العمل وفق أفضل الممارسات العالمية المتبعة و لقد حصلت اليمن علي المرتبه الأولي في صناعة التمويل الاصغر عربيا وفقا لتقييمات وحدة المعلومات التابعة لمجلة الأقتصادي البريطانية في الآونه الأخيرة . و قد أصبح عدد العملاء من التمويل الأصغر في اليمن حتي أكتوبر الماضي 60 ألف عميل.
و يمكننا في الآتي إن شاء الله دراسة كل تجربة في البلدان العربية علي حده دراسة مستفيضة.
أحدث التعليقات