وفي أموالهم … حقوق أخرى!!!
بقلم : هايل عبد المولى طشطوش/جامعه اليرموك
لا يحسبن من ملك المال انه صاحب حق مطلق فيه يتصرف به على هواة وبما تملية علية شهواته ونزواته وبما يرضي طموح نفسه التي لا تشبع وجنوح شهوته التي لا تقنع….(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ ) ( آل عمران: 14 ). ، من قال بذلك ؟؟؟ أم هو التجبر والطغيان والأفكار الهدامة والمعتقدات الفاسدة التي أوهمت الإنسان بأنه صاحب الحق الوحيد فيما يملك وبان المال هو من كسب يده وهو من حق بطنه وفرجة وشهوته ، الحق المطلق في المال جنح بالعالم اليوم إلى الفساد المالي والتردي الأخلاقي وباتت البشرية على شفير السقوط النهائي بعد أن سقطت فيها الأخلاق، وانتهى منها زمان القيم، وتلاشى عصر المبادئ الفاضلة والأخلاق الكريمة ، فها هي أزمتها الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية والتربوية والأسرية … إنما هي نتاج سقوطها في امتحان المال ، فالمال سبب التقدم والرقي البشري وهو في الجهة الأخرى سبب السقوط والانحدار ، فهو في الحالة الأولى إذا أوديت فيه الحقوق .. حقوق الله وحقوق المجتمع .. لان المال لله والإنسان موظف مستخلف ليرعاه ويقوم باستثماره واستغلاله ورعايته حق الرعاية ، وعندما اخل الإنسان بشروط هذه الوظيفة سقط سقوطا مروعا وفشل فشلا ذريعا استحق علية العقاب الإلهي والحرب الربانية ، فأذنوا بحرب من الله ورسوله ” إنها حرب لا طاقة للبشر بها ولا يوجد سلاح لمقاومتها أبدا على الإطلاق ، والحل الوحيد لها هو العودة إلى المسار الصحيح لاستخدام المال واستعماله وفق ضوابطه التي وضعها الشارع الحكيم ، حقوق الله… وحقوق الناس ، الزكاة ( وفي المال حقو سوى الزكاة) إنها… الصدقة …. الكفارة ….النفقة الواجبة … النذور … إنها أسلحة مقاومة فتاكة ذات حدين من أحسن استخدامها نجى ونجى معه كل ما يملك ، وان سقط سقط معه كل شيء فوالله : ” لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به ” حديث صحيح.
البشر اليوم يعيشون في وحول الفقر ومستنقعات المجاعات والفقر طريق الانحراف والرذيلة والمجاعة هي البيت الآمن للمنكرات والنقائص ، انظر إلى لقمان الحكيم ماذا يقول لابنه وهو يعظه :” ( يا بني استعن بالكسب الحلال على الفقر فإنه ما افتقر رجل قط إلا أصابته ثلاث خصال: رقة في دينه وضعف في عقيدته وذهاب مروءته، وأكثر من هذه الثلاث استخفاف الناس به ) .
من اجل ذلك فقد قدس الإسلام المال لأنه قوام الدنيا التي هي مزرعة الآخرة ولمكانة المال هذه في حياة الإنسان نجد الإسلام يعتبره من الضروريات الخمس التي تقوم عليها حياته وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسل .
هل يحسب مالك المال أن الله غافل عما يعمل الظالمون فوالله لن يصيبه إلا قول هذا الحكيم (وهو من التابعين) حيث يقول : (إذا مات العبد أصابته عند موته مصيبتان كبيرتان: الأولى: أنه يترك ماله كله، والثانية أنه يحاسب عليه كله).
فحقوقهم في المال كثيرة وما أنت أيها العبد المالك إلا أجير عند الله وما عليك إلا أن تسمع وتطيع إذ يقول لك صاحب المال ( وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) ( النور:33 ) ( وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) ( الحديد:7 ). إذاً اعلم أن ( في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) وان عصيت سيدك فان النتيجة هي : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ) ( القصص: 81 ). فعطائك ليس من باب التفضل والإحسان بل هو حق معلوم اقره الشارع الحكيم (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَناًّ وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ( البقرة: 262 ). ابيغ في هذا المال الدار ولا تنس نصيبك من الدنيا (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ ) وتقل كما قال قارون ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) ( القصص: 76 – 77 ).
واعلم إنما عند الله خير من هذا المتاع الزائل والعرض الفاني وهذه الفتنة التي لا يقع في حبائلها إلا الجاهلون : (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ( التغابن: 15 ). وفي أموالهم حقوق أخرى…. ؟؟؟؟
أحدث التعليقات