بورصة إسلامية.. كلاكيت أول مرة
بقلم : ولاء حنفي**
سوق دبي المالية.. تحولت إلى أول بورصة إسلامية
تحول بورصة دبي من كيان حكومي إلى شركة مساهمة تتبع قواعد الشريعة الإسلامية في معاملاتها. حقق لها السبق بأن تكون السوق المالية الأولى في الشرق الأوسط التي تطرح جزءًا من رأس مالها للاكتتاب العام.
وطرحت الشركة التي قدرت قيمتها بحوالي 8 مليارات درهم (دولار أمريكي = 3.65 دراهم إماراتية) 20% من أسهمها للاكتتاب، وذلك بداية من يوم الأحد 12-11-2006 وستحتفظ الحكومة بنسبة الـ80% الباقية.
ويبلغ عدد الشركات المساهمة المدرجة في السوق 40 شركة، منها تسع شركات مساهمة عامة أجنبية، وستة سندات وصكوك إسلامية و11 صندوق استثمار، فيما يصل عدد الوسطاء المعتمدين فيها إلى 90.
والتعامل الشرعي بالبورصة يعتمد على قاعدتين أساسيتين، هما كما أوضح الدكتور أشرف دوابة خبير البنوك الإسلامية:
شرعية الأدوات المالية وهي أدوات مالية نشاطها حلال وقائمة على الغنم والغرم. وهو ما يتحقق في سوق دبي المالية، حيث تعتبر 90% من الشركات هي شركات إسلامية و10% فقط هي شركات تأمين وبنوك وشركات تقليدية.
وثانيهما إجراءات التداول التي لا بد أن تصدر عن الأحكام الشرعية للتداول: مثل التداول بالقيمة السوقية ما دامت الشركة قائمة وعاملة بالسوق، وأما في حالة كون الشركة تحت الإنشاء أو وقت التصفية، فلا يجوز التداول إلا بالقيمة الاسمية المثبتة بالدفاتر، ولا يجوز كذلك بيع الديون من سندات وغيرها، ولا بد من تحقيق الشفافية والإفصاح بصورة متكاملة، ويمنع الربا وأساليبه المستخدمة ومنها البيع على المكشوف أو الشراء الهامشي، ولا بد من منع المقامرة تحت اسم المضاربة، فالمضاربة في سوق المال كما الملح في الطعام القليل منها يصلح والكثير منها يفسد.
وحسب جريدة الاقتصادية السعودية فإن البورصة سيكون لها هيئة شرعية تتكون من ثلاثة من كبار علماء الشريعة المتخصصين في أسواق المال، بحيث تكون من أهدافها معاونة الإدارة في هيكلة الاستثمارات، وإعداد المستندات، وابتكار المنتجات، وتطوير آليات عمل السوق، وطمأنة المتعاملين فيها على شرعية أداء السوق واستثماراتها.
وتستمر السوق في توفير خدماتها التقليدية للراغبين فيها بحيث يتم الاستمرار في إدراج أنواع الشركات المحلية والعالمية مع فصل الحسابات الخاصة بتلك الخدمات التقليدية والإفصاح عنها؛ لتلبية متطلبات فئات السوق وتقديم خدمات فريدة ومميزة لهم في بيئة تتسم بالشفافية التامة، والثقة الكاملة، والتعامل المستقر.
أسباب التحول
تحولت سوق دبي للأوراق المالية من المعاملات التقليدية إلى المعاملات الإسلامية خطوة على طريق السعي المستمر من قبل المؤسسات المالية بالعالم العربي والإسلامي؛ لمحاولة جذب أكبر كمية من الأموال بالمنطقة للاستثمار وفقًا لقواعد الشريعة الإسلامية.
فجذب المزيد من المستثمرين إلى سوق دبي المالية من داخل الدولة ومن الدول المجاورة -وخاصة السعودية- كان هو هدف هذا التحول في رأي الأستاذ حمود الياسي مدير شركة الإمارات للوساطة، وأوضح الدكتور فخر الدين الفقي -الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة- أن هذا التحول إلى التعامل بالشريعة الإسلامية جاء كخطوة على طريق أقلمة المؤسسات المالية والمصرفية لملاءمة قواعد الشريعة الإسلامية، كما حدث من قبل في إنشاء بنوك إسلامية متخصصة أو فروع المعاملات الإسلامية في البنوك التقليدية. لجذب الراغبين في التعامل بأسلوب المعاملات الإسلامية داخل البورصة. خاصة في ظل سيطرة الوازع الديني على العقلية العربية والشرق أوسطية وتأثير هذا الوازع على قراراتها الاستثمارية.
وقد ساعد على هذا التحول كما جاء في تصريحات الأستاذ عيسى الكاظم مدير عام سوق دبي المالية لجريدة الحياة اللندنية أن 98% من إيرادات سوق دبي المالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، و2% فقط هي رسوم لخدمات تقليدية.
تجارب سابقة..
وجود سوق مالية إسلامية تجربة لم تكن رائدتها بورصة دبي، فقد سبقتها السوق المالية الإسلامية الدولية التي بدأت عام 2002، والتي نشأت بناء على اتفاقية بين الأطراف الآتية: البنك الإسلامي للتنمية، ومؤسسة نقد البحرين، والبنك المركزي الإندونيسي، وهيئة الخدمات المالية الخارجية (لابوان) ممثلة عن ماليزيا، والبنك المركزي السوداني، ووزارة المالية في بروناي، وقد شملت هذه الاتفاقية قيام مؤسستين:
الأولى: مقرها البحرين ومهمتها المصادقة على شرعية ونظامية الأدوات المالية الإسلامية أو ما يطلق عليها (الصكوك)؛ لتكون قابلة للتداول والبيع بين المؤسسات والأفراد في السوق العالمية.
الثانية: مقرها ماليزيا وتتولى مهام (الرقابة) على الخدمات المصرفية ونشاط المؤسسات المالية، ويكون من بين أعضائها البنوك المركزية، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين المصارف الإسلامية والسلطات النقدية، حيث تطالب الأخيرة الأولى بتوحيد شروط التأسيس والرأس المال وقواعد التفتيش والمراقبة ونسب الاحتياطات والسيولة وسقوف التأمين.
ويرى الأستاذ ممدوح الولي -نائب مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية- أن تحول بورصة دبي إلى التعامل وفقًا للشريعة الإسلامية ما هو إلا استكمال لإيجاد سوق مالية ضخمة بدبي يشتمل على عدة بورصات منها بورصة العقود وبورصة الذهب، وتلك الخاصة بالبترول المزمع إنشاؤها قريبًا.
ولذا يكون مثل هذا التحول ما هو إلا تحول لمواءمة متطلبات السوق بالمنطقة، وسعيًا إلى جذب أكبر عدد من المستثمرين بالعالم ممن يرغبون بالاستثمار بالبورصة تبعًا لقواعد ومعاملات الشريعة الإسلامية.
——————————————————————————–
** محررة بنطاق نماء يمكنك التواصل معها عبر البريد الالكتروني للصفحة namaa@islam-online.net
أحدث التعليقات