مقال : هل المصارف الإسلامية إسلامية؟ – أ. فؤاد عبده

 

هل المصارف الإسلامية إسلامية؟

بقلم : أ. فؤاد عبده

ليس هدفي هنا التشكيك في المصارف الإسلامية وجودتها ولكن ما أرمي إليه هو الحفاظ على فكرة المصارف الإسلامية والذب عن حياضها..

نشأت فكرة المصارف الإسلامية على أيدي أناس نحسبهم و الله حسيبهم صادقين ما أرادوا بها شيئاً من الدنيا ولكن كانت بغيتهم هو تطهير هذه الأمة من شؤم الربا، فكانت فكرة الدكتور النجار في تأسيس مصارف بلا ربا، و كانت فكرة العربي باعتبار عقد المضاربة هو الحاكم في أداء المصارف الإسلامية، وهي أفكار إبداعية، كانت منارة لكل من جاء بعدهم.

واليوم وبعد أكثر من ثلاثين سنة من هذه الأفكار نرى بوضوح امتداد هذه الفكرة حتى في بلاد الغرب في فترة وجيزة جداً نسبياً و الحمد لله.

إن هذا الإمتداد إنما جاء بعد فضل الله برهنة على علو هذا الدين و صلاحه لكل زمان و مكان، و أن الله متم نوره ومعلٍ دينه بعز عزيز أو بذل ذليل.

ولكن هل مصارفنا الإسلامية في هذه الأيام تؤدي هذا الدور، هل المصارف الإسلامية هدفها الأول دفع غضب الله عن الأمة بعدم التعامل بالربا، هل من أهدافها أن تكون رسولاً صادقاً للإعلان عن صلاح هذا الدين لكل زمان و مكان.

إن الأفكار غالباً ما تأخذ فترات طويلة حتى تعم وتنتشر وإن الفترة الزمنية اليسيرة لعمر هذه المصارف يجعلها في مرحلة التأسيس و البناء، و لكن نظراً لدوافع الربح المرتفع في هذه المصارف، فإننا نجد هذه المصارف تخطو خطوات سريعة جداً في عالم النضوج ولكني أخشى ما أخشاه أن نبتعد عن المسار الصحيح – وهو ما قد يقوله الكثير – عن الخط الواضح للمصارف الإسلامية.

إن تناسي المصارف (الإسلامية) لكل العقود الواردة في الفقه الإسلامي التي تطرق لها المؤسسون، وعدم العمل إلا بالعقود التي تقلب في ذمة صاحبها إلى دين لا يؤدي إلى هذه الغايات أبدا.

فلماذا اعتماد هذه المصارف على عقدي المرابحة المركب (للآمر بالشراء) وعقد التورق المصرفي، دون غيره من العقود الفقهية البناءة.

هل يمكن لنا اليوم أن نقول أن كثيراً من العاملين في تلك المصارف بل حتى في الهيئات الشرعية هدفهم  -فعلا و ليس قولا- هو نشر هذا الدين بأفكار إبداعية بغض النظر عن القضايا الربحية؟

إنني لا أريد نفي الربح عن المصارف الإسلامية أو جعلها مصارف غير ربحية، ولكن ما هي ترتيب الأولويات عند المصارف الإسلامية، بل ما هو مكان إنقاذ الأمة من حرب الله ورسوله بالربا، ونشر هذا الدين في سلم أولويات المصارف الإسلامية.

أنني أترك الجواب لكل عاقل حصيف.

ليس مرادي الهجوم و إنما مرادي الدفاع، إن المصارف الإسلامية جزء من أمتنا ومن حقنا جميعاً أن ندافع عن أمتنا و ننتقد المسيرة طمعاً في الوصول إلى الكمال.

و الله أعلى و أعلم.. وصلى الله على نبيناً محمد.