مقال : الناس بين الاستثمار وشركات الاستثمار – ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام

 

الناس بين الاستثمار وشركات الاستثمار

بقلم : ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام

يحرص الناس على استثمار أموالهم وتنميتها من أجل مستقبلٍ أفضل لهم ولأبنائهم، وظهر ذلك جلياً باستثمار الناس أموالهم في شركات توظيف الأموال، التي للأسف نشاهد أغلبها اليوم أصبح من المساهمات المتعثرة، حيث أصبح الناس يطلبون فيها عودة رؤوس أموالهم فقط، كما نلاحظ حرص الناس على الاستثمار، وذلك بدخولهم في سوق الأسهم، الذي للأسف أصبح محرقة تحرق الأموال والمدخرات للمستثمر والمضارب على حدٍ سواء.

ويأتي هنا عدة تساؤلات تطرح نفسها، هل الخلل في طبيعة الاستثمارات التي يستثمر فيها الناس؟ أم الخلل في المستثمرين أنفسهم؟ أم أين الخلل؟ وكيف يمكن إصلاحه؟

والحقيقة أن الخلل مشترك بين عدة أطراف، وفي هذا المقال لا أحاول إلقاء اللوم على أحد بقدر ما أريد أن أطرح الموضوع للمساهمة في علاج بعض أطرافه، فمن المعلوم أن المستثمر أي مستثمر مسؤول عن قراراته الاستثمارية، وفي حال ضياع أمواله، فإن عليه أن يتحمل نتيجة قراراته الاستثمارية، ولكن هل من الصحيح أن نخاطب الناس، ونطلب منهم جميعاً أن يكونوا على قدرٍ واحد في الفهم والعلم في عالم الاستثمار؟

أرى أن مثل هذا ليس فقط مستحيل، بل غير صحي وغير صحيح، فالطبيب مثلاً مسؤول عن علاج المرضى ونتائج تحاليلهم الطبية، وليس مسؤولاً عن التحليل الفني والتحليل الأساسي للأسهم، ومثله المعلم مسؤول عن تعليم الطلاب وتربيتهم والبحث عن كل ما يفيدهم ويرفع مستواهم العلمي والأخلاقي وليس مسؤولاً عن البحث في الفرص الاستثمارية في شرق العالم وغربه.

ومن هنا يظهر أهمية ودور شركات الاستثمار في إدارة الأموال والمحافظ الاستثمارية بكفاءة عالية وإدارة منضبطة، ما يحقق أفضل النتائج والأرباح للمستثمرين، ويجعلهم يطمئنون على أموالهم ولا ينشغلون في إدارتها بقدر ما يفكرون في تطوير أعمالهم الوظيفية وحياتهم الخاصة، فاستثمار الأموال أصبح عند كثيرٍ من الناس همّا، خاصة أن قنوات الاستثمار عندنا في المملكة محدودة بين الأسهم والعقار، وكثير من الناس بعد خسارة الأسهم أصبح لا يحبذ هذا النوع من الاستثمار، وأما العقار فأسعاره مرتفعة ولا يستطيع كل أحدٍ الدخول فيه، ما يوجد أموالا تبحث عن فرص استثمارية جديدة.

ويظهر مجدداً أهمية ودور شركات الاستثمار في البحث عن قنوات استثمارية جديدة والاستثمار في أفضلها أو مساعدة المستثمرين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، فالمستثمر قد تنقصه الخبرة والمعرفة الاستثمارية، بل حتى ربما تنقصه الجوانب الشرعية والقانونية في العقود والصيغ الاستثمارية، ما يجعله يقع في المخالفات الشرعية أو في أخطاء قانونية قد تذهب بأمواله كلها.

وليس صحيحاً أن تعتمد شركات الاستثمار في دخلها على عمولات التداول أو التركيز على صناديق الأسهم المحلية أو العالمية، بل يجب عليها أن تفكر خارج الصندوق بطريقة إبداعية تجعلها تنمو وتصبح مع الوقت بنوكا استثمارية، وأن تبحث عن أفكار استثمارية خلاّقة وتطرح فرصا استثمارية جذابة وبرامج استثمارية تناسب مختلف أصحاب الدخول وتمكن الشخص في النهاية أن ينزل في حسابه الاستثماري أرباحا شهرية وبطريقة شرعية تدعم دخله وهو مرتاح البال.