الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قرار رقم: 165 (3/18)
بشأن تفعيل دور الزكاة في مكافحة الفقر، وتنظيم جمعها وصرفها بالاستفادة من الاجتهادات الفقهية.
إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنْبَثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ – الموافق 9 / 13 تموز (يوليو) 2007م.
وبعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع تفعيل دَوْرِ الزكاة في مكافحة الفقر، وتنظيم جمعها وصرفها بالاستفادة من الاجتهادات الفقهية، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله؛ قرر ما يأتي:
أولاً: الأموال غير المنصوص عليها محل اجتهاد بشأن زكاتها أو عدمه، إذا توافرت في الاجتهاد الشروط والضوابط الشرعية.
ثانياً: ليس على المزكِّي تعميم الأصناف الثمانية عند توزيع أموال الزكاة، أما إذا تولى الإمام أو من ينوب عنه توزيع أموال الزكاة؛ فينبغي مراعاة تعميم الأصناف عند توافر المال وقيام الحاجة وإمكان الوصول لتلك الأصناف.
ثالثاً: الأصل أن تصرف الزكاة فور استحقاقها أو تحصيلها، ويجوز تأخير الصرف تحقيقاً للمصلحة، أو انتظاراً لقريب فقير، أو لدفعها دورياً لمواجهة الحاجات المعيشية المتكررة للفقراء ذوي العجز.
رابعاً: مصرف الفقراء والمساكين:
يصرف للفقراء والمساكين ما يسدُّ حاجتهم، ويحقق لهم الكفاية ولمن يعولون ما أمكن، وذلك وفق ما تراه الجهات المسؤولة عن الزكاة.
ويصرف للفقير -إذا كانت عادته الاحتراف- ما يشتري به أدوات حرفته، وإن كان فقيراً يحسن التجارة؛ أعطي ما يتَّجر به، وإن كان فقيراً يحسن الزراعة؛ أعطي مزرعة تكفيه غُلَّتها على الدوام، واستئناساً بذلك يمكن توظيف أموال الزكاة في مشروعات صغيرة؛ كوحدات النسيج، والخياطة المنزلية، والورش المهنية الصغيرة، وتكون مملوكة للفقراء والمساكين.
ويجوز إقامة مشروعات إنتاجية أو خدمية من مال الزكاة وفقاً لقرار المجمع 15 (3/3)
خامساً: مصارف الزكاة الأخرى:
العاملون عليها:
يدخل في (العاملين على الزكاة) في التطبيق المعاصر المؤسسات والإدارات ومرافقها المنتدبة؛ لتحصيل الزكاة من الأغنياء، وتوزيعها على الفقراء وفق الضوابط الشرعية، ضرورة أن تتمتع مؤسسة الزكاة باستقلال مالي وإداري عن بقية أجهزة الدولة الأخرى، مع خضوعها للإشراف والرقابة؛ ضماناً للشفافية، ولتنفيذ ضوابط الإرشاد الإداري.
المؤسسات المخوَّلة نظاماً بجمع الزكاة وتوزيعها يدها يد أمانة، لا تضمن هلاك المال الذي في يدها إلا في حالتي التعدي أو التقصير، وتبرأ ذمة المزكي بتسليم الزكاة إلى تلك المؤسسات.
المؤلفة قلوبهم:
سهم المؤلفة قلوبهم باق ما بقيت الحياة لم يسقط ولم ينسخ، ويكون حسب الحاجة والمصلحة، فحيثما وجِدَتِ المصلحة أو دعت إليه الحاجة؛ عُمِل بهذا السهم.
يجوز إعطاء الزكاة لتأليف قلوب من أسلم حديثاً؛ تثبيتاً لإيمانه، وتعويضاً له عما فقده، وكذلك إعطاء الكافر إذا رُجي إسلامه، أو دفعاً لشره عن المسلمين.
يجوز تقديم الدعم من أموال الزكاة للمنكوبين من غير المسلمين في مناطق الكوارث والزلازل والفيضانات والمجاعات تأليفاً لقلوبهم.
ج- في الرقاب:
1- يشمل سهم “في الرقاب” افتداء الأسرى المسلمين.
2- يجوز دفع الزكاة لتحرير المختطفين من المسلمين وتحرير أسراهم ممن اختطفوهم.
د- الغارمون:
يشمل سهم “الغارمين” من ترتبت في ذمتهم ديون لمصلحة أنفسهم، ومن استدان لإصلاح ذات البين بالضوابط الشرعية، ويلحق بذلك تسديد الديات المترتِّبة على القاتلين خطأً ممن ليس لهم عاقلة، وديون الميت إن لم يكن له تركة يوفي منها دينه.
وهذا إذا لم يتمَّ دفعها من بيت المال (الخزانة العامة).
هـ- في سبيل الله:
يشمل المجاهدين في سبيل الله، والمدافعين عن بلادهم، ومصالح الحرب المختلفة المشروعة.
و- ابن السبيل:
1- ابن السبيل هو المسافر في غير معصية، وليس بيده ما يرجع به إلى بلده، ولو كان غنيَّاً في بلده.
2- تقديم العون المالي من خلال إنشاء صندوق يخصَّص لمساعدة النازحين داخل أوطانهم أو خارجها؛ بسبب الحروب، أو الفيضانات، أو الزلازل أو غير ذلك.
3- مساعدة الطلبة الفقراء الذين ليس لهم منح دراسية خارج بلادهم وفق المعايير المعمول بها في هذا الخصوص.
4- المهاجرون المقيمون إقامة غير نظامية في غير بلدانهم، وانقطعت بهم السبل؛ فيعطون من الزكاة ليعودوا إلى بلدانهم.
5- سدُّ حاجة المنقطعين من طلبة العلم والمسافرين ممن لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم.
التوصيات:
نظراً لحاجة الأمة الإسلامية إلى تنظيم الزكاة على قاعدة مؤسسية؛ جمعاً وتحصيلاً بشكل معاصر منضبط للأحكام الشرعية، فإن مجلس المجمع يدعو الجهات المعنية بالزكاة في العالم الإسلامي إلى التنسيق بينها، والعمل على إقامة مشروعات مشتركة لمساعدة الفقراء والمساكين.
كما يوصي بما يأتي:
حثُّ الأفراد على دفع زكواتهم إلى الهيئات التي تنشأ بترخيصٍ من الدول؛ ضماناً لوصولها إلى مستحقِّيها، وتفعيلاً لدورها دينياً وتنموياً واجتماعياً واقتصادياً.
الاهتمام بالجانب الإعلامي للزكاة باستخدام كافة وسائل الإعلام المرئي والمسموع وغيرها؛ لتوعية المجتمع بمكانتها وأهميتها، ودورها البَنَّاء في إصلاح الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
وضع معايير شرعية ومحاسبية لأوعية الزكاة:
وضع نماذج محاسبية زكوية تمثِّل إرشادات لحساب وعاء كل زكاة، تساعد في التطبيق العملي في ضوء المعايير الزكوية الشرعية.
الاستفادة من تقنية صناعة المعلومات وشبكات الاتصالات والقنوات الفضائية في تبصير المسلمين بقضايا الزكاة المعاصرة، ودورها في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية على مستوى الأمة الإسلامية.
حثُّ الدول على تخفيف الضرائب عن المزَكِّين، بحيث يُخصم ما يزكُّون به من الضرائب المفروضة عليهم؛ وذلك تشجيعاً للأغنياء المسلمين على دفع زكوات أموالهم.
تدريس فقه ومحاسبة الزكاة باعتبارها الفريضة الثالثة في الإسلام في الجامعات والمعاهد.
والله أعلم.
أحدث التعليقات