قرار رقم 178 (4/19)
بشأن
الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26 – 30 نيسان (إبريل) 2009م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يأتي:
أولاً: المقصود بالتوريق، والتصكيك:
التوريق التقليدي تحويل الديون إلى أوراق مالية (سندات) متساوية القيمة قابلة للتداول، وهذه السندات تمثل ديناً بفائدة لحاملها في ذمة مصدرها ولا يجوز إصدار هذه السندات ولا تداولها شرعاً.
أما التصكيك (التوريق الإسلامي) فهو إصدار وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية موجودات (أعيان أو منافع أو حقوق أو خليط من الأعيان والمنافع والنقود والديون) قائمة فعلاً أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه.
ثانياً: خصائص الصكوك:
(1) يمثل الصك حصة شائعة في ملكية حقيقية.
(2) يصدر الصك على أساس عقد شرعي، ويأخذ أحكامه.
(3) انتفاء ضمان المدير (المضارب أو الوكيل أو الشريك المدير).
(4) أن تشترك الصكوك في استحقاق الربح بالنسبة المحددة وتحمّل الخسارة بقدر الحصة التي يمثلها الصك، ويمنع حصول صاحبه على نسبة محددة مسبقاً من قيمته الاسمية أو على مبلغ مقطوع.
(5) تحمل مخاطر الاستثمار كاملة.
(6) تحمل الأعباء والتبعات المترتبة على ملكية الموجودات الممثلة في الصك، سواء كانت الأعباء مصاريف استثمارية أو هبوطاً في القيمة، أو مصروفات الصيانة، أو اشتراكات التأمين.
ثالثاً: أحكام الصكوك:
(1) لا يجوز أن يتعهد مدير الصكوك بإقراض حملة الصكوك أو بالتبرع عند نقص الربح الفعلي عن الربح المتوقع، وله – بعد ظهور نتيجة الاستثمار – أن يتبرع بالفرق، أو أن يقرضه، وما يصير عرفاً يعتبر كالتعهد.
(2) مدير الصكوك أمين لا يضمن قيمة الصك إلا بالتعدي أو التقصير أو مخالفة شروط المضاربة أو المشاركة أو الوكالة في الاستثمار.
(3) لا يجوز إطفاء الصكوك بقيمتها الاسمية بل يكون الإطفاء بقيمتها السوقية أو بالقيمة التي يتفق عليها عند الإطفاء.
(4) يراعى في الصكوك من حيث قابليتها للتداول الالتزام بالضوابط المنصوص عليها في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم:30(3/4) التالية:
(أ) إذا كانت مكونات الصكوك لا تزال نقوداً فتطبق أحكام الصرف.
(ب) إذا انقلبت الموجودات لتصبح ديوناً كما هو الحال في بيع المرابحة فيطبق على تداول الصكوك أحكام الدين، من حيث المنع إلا بالمثل على سبيل الحوالة.
(ج) إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع. أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في الدورة القادمة.
وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة.
رابعاً: لا يجوز أن يتخذ القول بالجواز ذريعة أو حيلة لتصكيك الديون وتداولها كأن يتحول نشاط الصندوق إلى المتاجرة بالديون التي نشأت عن السلع، ويجعل شيء من السلع في الصندوق حيلة للتداول.
خامساً: التطبيقات المعاصرة للصكوك:
انطلاقاً من أن الشريعة الإسلامية قادرة على استيعاب المستجدات ومنها الحل لكل ما يطرأ والحكم على كل ما يستجد، وانطلاقاً من أن الصكوك الإسلامية تعتبر ابتكاراً لأداة تمويلية شرعية تستوعب القدرات الاقتصادية الكبيرة فقد تعددت مجالات تطبيق الصكوك ومنها استخدامها أداة فاعلة من أدوات السياسة النقدية أو في تمويل موارد البنوك الإسلامية أو استثمار فائض سيولتها، وفي إعمار الممتلكات الوقفية، وتمويل المشروعات الحكومية، وإمكانية استخدام هذه الصكوك في الخصخصة المؤقتة شريطة أن يكون عائد هذه الصكوك جميعها ناشئاً عن موجودات دارة للدخل.
يوصي المجمع بما يلي:
(1) ضرورة التزام المصارف الإسلامية بالبحث عن حلول تلبي الحاجات الاقتصادية وتلتزم بالأحكام الشرعية.
(2) حيث إن الإطار القانوني لعملية التصكيك هو أحد المقومات الأساسية التي تؤدي دوراً حيوياً في نجاح عمليات التصكيك، فإن مما يحقق ذلك الدور قيام السلطات التشريعية في الدول الأعضاء بإيجاد الإطار القانوني المناسب والبيئة القانونية الملائمة والحاكمة لعملية التصكيك من خلال إصدار تشريعات قانونية ترعى عمليات التصكيك بمختلف جوانبها وتحقق الكفاءة الاقتصادية والمصداقية الشرعية بشكل عملي. والله أعلم.
أحدث التعليقات