الأزمة المالية أثبتت أهمية التدخل الحكومي للإنقاذ الاقتصادي – تامر حماد

أكد لـ الوطن أن الاقتصاد الأمريكي فقد أهم أوراقه في مواجهة الأزمات المتمثلة في سعر صرف الدولار عماد الشرع: الأزمة المالية أثبتت أهمية التدخل الحكومي للإنقاذ الاقتصادي

كتب تامر حماد: يرى المحلل الاقتصادي عماد الشرع ان التوازن لا يمكن ان يتحقق تلقائياً في اقتصاد السوق، موضحاً ان هذا الاقتصاد وان كان قادراً على اخفاء الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد لفترة ما، فانه سيعجز عن ذلك في الأمد الطويل وخاصة عندما تتفاقم وتكبر تلك الاختلالات مشيراًً الى ان الطلب الكلي هو المحفز الأكبر للنمو الاقتصادي وهو الوسيلة الفاعلة لتنشيط الاستثمار والانتاج وتجاوز الركود والانكماش الاقتصادي، ولا غنى عن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. لافتاً الى ان تلك الأفكار هي التي مثلتها النظرية الكينزية والتي كانت محل النقد الكبير من قبل الاقتصادي الشهيرميلتون فريدمان ومدرسته (شيكاغو الاقتصادية)

وأوضح الشرع في تصريحات خاصة لـ «الوطن» ان الاقتصاد الحر قادر على تصحيح أخطائه بنفسه وان البطالة أمر عارض لا يمكن ان يستمر ويدوم، بمنع الحكومات من التدخل في الحياة الاقتصادية يتحقق التشغيل الكامل ويزدهر النمو الاقتصادي.

وذكر انه بتلك الأفكار وغيرها وعلى وقع المقولة الشهيرة (القديمة – الجديدة)، دعه يعمل – دعه يمر، عارض الاقتصادي الأمريكي الشهير، صاحب جائزة نوبل في الاقتصاد، ميلتون فريدمان الأفكار الكينزية.

وأوضح الشرع ان أهم الحلول المقدمة لعلاج الأزمة كانت على النحو التالي :

-1 تسابق الحكومات الى ضخ الأموال لتحريك الطلب وانعاش أسواقها.

-2 التخفيضات الضريبية التي تستهدف تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة الانفاق الاستهلاكي.

-3 تدخل الدولة من خلال سياستها النقدية لحث البنوك على الاقراض وضمان جزء من هذه القروض لسد الثغرات في السيولة النقدية.

-4 تأميم الكثير من انشطة الشركات والبنوك مثل التأميم الجزئي لشركة “أي آي جي” العملاقة أكبر شركة تأمين في العالم، وذلك بعد شراء ديون الشركة المتعثرة بمبلغ 85 مليار دولار.

التدخل الحكومي

وأضاف انه بعد استعراض أهم تلك الحلول نلاحظ ان الحلول المُقترحة لعلاج الأزمة لم تخرج عن نطاق تدخل الدولة بسياساتها المالية والنقدية لانعاش الأسواق وتحريك الطلب، أي ان الحلول المقترحة للأزمة أتت كينزية بامتياز , ومن جهة أخرى يمكن القول ان عودة الولايات المتحدة، مهد انطلاقة الاقتصادي الشهير فريدمان ومدرسته (شيكاغو الاقتصادية)، للتدخل في الحياة الاقتصادية يمثل تراجعاً واضحا عن أفكار المدرسة النقدية الى أفكار النظرية الكينزية وعليه فقد أثبتت الأزمة مرة أخرى انه دون تدخل من الدول وبشكل حاسم في الحياة الاقتصادية فان الأمور يمكن ان تتجه الى كارثة اقتصادية قد تعم العالم وقد يصعب وضع أي تصور لملامحها أو تداعياتها الاقتصادية.

ولكن يبقى السؤال الأهم وبعد ان أثبتت الأزمة الماضية (1929) اخفاق مقولة ان الأسواق تنظم نفسها بنفسها، وان الحل يكمن في الرجوع الى النظرية الكينزية، تلك النظرية التي اعتمدت (وبقيت مُعتمدة) حتى بدايات سبعينيات القرن الماضي، يبقى السؤال، هل ستتمكن أفكار وطروحات اللورد كينز من تكرار سيناريو ما بعد العام (1929) عندما تمكنت نظريته من معالجة الأزمة واستطاعت انعاش الاقتصاد من خلال التركيز على الطلب وتحفيزه، في ظل تلك الفوارق الجوهرية بين الأزمتين والتي من أهمها ان الأزمة السابقة حدثت في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تعتمد على اقتصاد انتاجي في حين انها تعتمد حالياً على اقتصاد مالي (أو ما يعرف بالاقتصاد الورقي)، فضلاً عن فقدان الاقتصاد الأمريكي لأهم أوراقه والتي استخدمها في الأزمة السابقة عندما خفض سعر الدولار لزيادة الصادرات على اعتبار ان الأزمة الحالية أتت أساساً متزامنة مع انهيار حاد في سعر الدولار.

وتابع قائلا لسنا من انصار فوكوياما لنتغنى بنهاية التاريخ على وقع الايقاعات الرأسمالية ولا من انصار ماركس لنعلن ان الرأسمالية حفرت أو تحفر قبرها بيدها، وليست المشكلة من وجهة نظرنا في ان نكون اما رأسماليين بالكامل أو اشتراكيين بالكامل ولكننا ندعو الى نقطة توقف يُنظر من خلالها لمحاسن كل نظام لمحاولة سد ثغرات النظام الآخر فقد يكون في كل من النظامين الاقتصاديين (الرأسمالي والاشتراكي) ضالة الآخر.
نقلا عن الوطن
الكويت
تاريخ النشر 16/05/2009