هل تحمل الأزمة المالية في طياتها جوانب مشرقة؟

هل تحمل الأزمة المالية في طياتها جوانب مشرقة؟

عثمان ظهير من الرياض
على الرغم من هول الصدمة التي تعرضت لها النظم المالية والاقتصاديات في معظم دول العالم وعلى الرغم من أن معظم الكتابات ووسائل الإعلام تحدثت عن السلبيات والعواقب التي تنتظر بلدان العالم كبيرها قبل صغيرها إلا أنه كما يقال رب ضارة نافعة ويتساءل كثير من المتابعين هل من إيجابيات لأزمة المال الحالية في الاقتصاد الأمريكي؟! على الرغم من هول الصدمة؟ في وقت سابق رأى المحلل الاقتصادي المقيم في الإمارات رامي خريسات، أن الفقراء والدول التي تعتمد على الاستيراد هم الأكثر استفادة من هذه الأزمة العالمية، مشيراً إلى أن الفقراء لم يكن لديهم ما يخسرونه بسبب هذه الأزمة وبمثل هذا الرأي قال عدد آخر من الاقتصاديين مشيرين إلى رفع مستوى الشفافية وانخفاض الأسعار.
يقول الدكتور خالد المشعل عميد الدراسات بالنظر إلى مؤشرات التضخم على المستويين العالمي والمحلي نجد أن هناك انخفاضا ملحوظا في معدلاته وهذا راجع إلى انخفاض حجم السيولة M4 بسبب انخفاض معدلات الائتمان في المؤسسات الإقراضية (البنكية والمالية) بسبب تداعيات الأزمة، ومعلوم أن التضخم ما هو إلا انعكاس لزيادة معدلات نمو النقود بمعناها الواسع. ثم إن انخفاض أسعار النفط بسبب الركود الاقتصادي المصاحب للأزمة (من أمثلته القطاع العقاري وصناعة السيارات) أدت إلى نتائج إيجابية في جانب انخفاض معدلات الأسعار العالمية (بسبب انخفاض التكاليف الإنتاجية التي يمثل النفط العنصر الأول فيها)، ولكن الانخفاض المستمر في أسعار النفط سيكون لها بلا شك أثر واضح في الخطط التنموية للبلدان التي تعتمد على النفط كدول الخليج.
ويضيف المشعل، أما فيما يتعلق بالبلدان الأقل تضررا فهي بلا شك البلدان التي لا تعتمد على الاستثمارات المالية التقليدية المتمثلة في بيوع المستقبليات في الأسهم والسندات وتلك التي لم تنخرط في علاقة محمومة مع البنوك الأجنبية الأمريكية بصفة خاصة.
إذ يمكننا القول إن الأزمة المالية العالمية الراهنة لها وجه آخر، وهو أننا أمام تصحيح اقتصادي جذري من المفترض أنه سيعيد العالم إلى نصابه الطبيعي؛ فالأثرياء الذين احتكروا الثروة والموارد ووسائل الرفاهية وعاشوا وكأنهم في كوكب آخر سيتضررون ولكن جزئياً من هذه الأزمة، بينما من المتوقع أن يعود إلى الحياة ملايين الفقراء الذين كانوا مهددين بالطرد من هذا العالم بسبب جوعهم وعوزهم.
خاصة أنه وبحسب الإحصاءات الأممية، فإن 20 في المائة فقط من سكان الكرة الأرضية يملكون 80 في المائة من ثرواتها ومواردها وخيراتها، بينما يتقاسم 80 في المائة من سكان الأرض ما يتبقى لهم من 20 في المائة ويستصلحونه من أجل البقاء على قيد الحياة، وبهذه الأزمة المالية فقد تتغير هذه المعادلة العالمية.
نقلا عن الاقتصادية
17/3/1430