الحسابات الجارية في المصارف الإسلامية وضرورة إبراء الذمة
هايل عبد المولى طشطوش
الحسابات الجارية أو ما يسمى بالودائع تحت الطلب هي واحدة من ابرز أنواع وأشكال الودائع المصرفية في البنوك والمصارف على الإطلاق سواء كانت بنوك إسلامية أو ربويه وتعتمد عليها البنوك في الحكم على سلامة سلوكها وقوة وضعها المالي لأنها العصب الأساسي في وظيفة البنوك كون الوظيفة الأساسية للبنوك هي الإقراض والاقتراض أو الاحتفاظ بالسيوله للعملاء ومدهم بها عند الحاجة أو عند الطلب ، وأما من ناحية التكييف الفقهي والقانوني لهذا النوع من الحسابات فقد أشبعه علمائنا وفقهائنا وأساتذتنا من باحثين ودارسين أشبعوه بحثا ودرسا فجزاهم الله خيرا بالإضافة إلى أنني لست في موقع يؤهلني بإعطاء التكييف الشرعي او الفقهي لمثل هذا النوع من التعاملات ، ولكن عندما نعلم أنها الوظيفة الأساسية للمصارف ندرك أنها مقبولة شرعا وقانونا ولا غبار عليها كحركات مالية ، ولكن المشكلة التي تحتاج إلى حل في موضوع الحسابات الجارية في المصارف الإسلامية هي أن هذه الأموال المودعة كحسابات جارية تستغل من قبل المصارف في مجال الاستثمار والإقراض وإعطاء المكانة والهيبة المالية وزيادة الثقة الائتمانية لها … الخ من عناصر القوة والنجاح التي يمنحها هذا الحساب للمصارف ، في هذه الحالة يثور التساؤل الهام …وهو: الم تقل القاعدة الشرعية بان الربح إنما يستحق بالعمل او بالمال او بالضمان ” وبناء على ذلك ألا يستحق الحساب المصرفي الجاري الذي تتعامل به البنوك الإسلامية وتستثمره ألا يستحق الخراج والربح ؟؟؟ هذا ما يجب على البنوك الإسلامية ان تجيب علية لان هذا المال المودع لديها قد تم إدخاله في أنشطة البنك وأعماله التجارية سواء أكان في إطار المشاركة او المرابحة للآمر بالشراء او أي عملية أخرى من أعمال البنك ونشاطاته ، لذا فقد دخل في إطار التشارك مع العمل وتحمل المخاطرة وخاصة بعد تغير الأوضاع المالية الدولية التي لم يعد معها الحساب الجاري مضمونا مطلقا في ظل الأزمات المالية التي أفلس بسببها أضخم واكبر بنوك العالم مما يجعل هذا النوع من الحسابات غير مضمون مطلقا أي بمعنى آخر أصبح شريكا في الربح والخسارة ولكن من الباب الخلفي ، وهذا الحال يستدعي من البنوك الإسلامية إعادة النظر في موضوع الأرباح التي تحققها هذه الحسابات حيث بات من الواجب وابرءاً للذمة أن يستحق العميل جزءا من هذه الأرباح وهذه العوائد الكثيرة ، وخاصة أن هناك جهات كثيرة تغمز في قناة البنوك الإسلامية في هذا الموضوع وتوجه أصابع الاتهام لها بأنها تستغل أموال العملاء مستغلة سذاجتهم او بساطتهم أو حبهم لدينهم او خوفهم من التعاملات الربوية او أي سبب آخر من اجل هضم وقضم حقوقهم ، وهذا ما لا نريده لهذه المصارف وهو أن تكون موضع شبهه او غمز او لمز من أي جهة كانت ، وخاصة ان المصرفية الإسلامية اليوم أصبحت كمدن الفطر تتوالد بطريقة توأميه تكاثرية ملفته للانتباه وخاصة في دول الغرب التي أصبحت ومن باب حرصها على نجاح نظامها المالي والاقتصادي تسعى وبكل الوسائل إلى اتخاذ المصرفية الإسلامية شريعة مالية في بنوكها ومؤسساتها المالية ، وكذلك ومن اجل إبراء الذمة وحتى تكون أرباح المصارف الإسلامية خالية من الشبهة فانه يجدر بها البحث عن وسيلة لإعطاء العميل حقه من أرباح ماله لان الربح إنما هو نماء المال الذي هو أصلة… لذا فان ربحه يلحقه أينما ذهب وحيثما ووجد .لذا ومن باب التحوط نورد للقارئ الكريم مسوغات ومبررات هذا الطرح الذي قدمناه وهي على النحو التالي :
– تدخل الحسابات الجارية في ملك البنك لذا فهي جزء من أمواله التي تخضع لكافة الأنشطة والعمليات الاستثمارية التي يمارسها البنك ،وهذا الأنشطة لاشك ينتج عنها أرباح وهذه الأرباح ليست من حق البنك وحده لان البنك قدم الإدارة والإشراف والعميل قدم راس المال .
– الشبهة الشرعية في عملية حرمان العميل من أرباح ونماء ماله .
– الرغبة التي تكمن في داخل الإنسان للحصول على الربح الناتج عن ماله حيث أن اغلب العملاء يمقتون عملية حرمانهم من الأرباح ويعتبرونها غير مبرره ولكنهم راضون بالوضع على مضض .
أحدث التعليقات