البنوك والمنتج الإسلامي والمسؤولية الاجتماعية
بقلم : ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام
تأسست البنوك على الأموال المكتتب بها من قبل المجتمع، وتستفيد البنوك من الأموال المودعة بها من قبل المجتمع، كما تستثمر جزءًا مهماً منها في المجتمع عن طريق صيغ التمويل المختلفة وتحصل أيضاً على رسوم الخدمات المتعددة، فالمجتمع إذاً قدم لهذه البنوك الدعم والمساندة حتى قامت وحققت أرباحها الكثيرة مما يلقي على عاتقها مسؤولية تجاه مجتمعها.
على أني في الحديث عن المسؤولية الاجتماعية للبنوك لن أتكلم عن قيام البنوك بإعطاء التبرعات والهبات، فمن المعلوم أن البنوك ترى أنها مؤسسات مالية هادفة للربح توزع أرباحاً للمساهمين وليست جهات خيرية لتوزيع المساعدات ومع هذا فهي تسهم عن طريق صرف مبالغ مالية لخدمة المجتمع، ويرى المجتمع أن له حقاً في أرباح البنوك لأنها حققت بدعمه ومشاركته لهذا هو يتطلع إلى المزيد منها.
والكلام في مثل هذا يطول غير أن حديثي عن المسؤولية الاجتماعية من نوع آخر بل عن مسؤوليات أخرى يجدر الانتباه إليها والتفطن لها فمن ذلك ضرورة التحول من المصرفية التقليدية إلى المصرفية الإسلامية، فالمجتمع يطالب بسرعة التحول والدليل على ذلك الإقبال منقطع النظير على المصارف والمنتجات الإسلامية وهذا لا يخص بلاد المسلمين بل حتى المسلمون في خارج ديارهم سعوا في هذا الاتجاه حتى أصبحنا نسمع عن بنوك إسلامية في غير بلادهم، وكل ذلك يؤكد وجوب المسؤولية الاجتماعية في البنوك بضرورة التحول ووضع الخطط والاستراتجيات لتسريع عملية التحول، ولا يعني ذلك استغلال حاجة الناس وعواطفهم نحو الإسلام برفع الأرباح والرسوم والمغالاة في ذلك حتى إنك تجد المنتج الإسلامي سواءً كان تمويلاً شخصياً أو بطاقات ائتمان أو نحو ذلك يباع بسعر أعلى من سعر المنتج التقليدي وربما في البنك الواحد ولو فتشت لوجدت أن تكاليف التمويل واحدة غير أن إقبال العملاء وحبهم للمنتجات الإسلامية يجعل بعض البنوك تستغل ذلك مما يدفع بعض العملاء إلى الاتجاه للمنتجات التقليدية إكراهاً بسبب ما يرونه من غبن في أسعار المنتجات الإسلامية فالواجب تجاه هذا المجتمع ومن باب المسؤولية الاجتماعية الربح المنطقي والمعقول كما هو معروف في العرف المصرفي وعدم تضخيم الأرباح برفع أسعار الفائدة وزيادة أنواع وأشكال الرسوم مما يثقل كاهل العميل ويجعله يهرب من المصرفية الإسلامية.
ومن لوازم المسؤولية الاجتماعية أيضاً أن البنوك تزيد أرباحها عن طريق تضخيم المديونيات على العملاء وخاصة المديونيات الاستهلاكية وعدم الدخول في شراكة حقيقية مع المجتمع، فالبنوك في الأساس دورها تنموي وتساعد في الحركة الاقتصادية داخل البلد، فالبنوك أنشئت لأهداف ومقاصد عظيمة.. بدأنا نلحظ الانحراف عنها والتركيز على زيادة مديونيات الشركات والأفراد وأنا لا أقلل من شأن التمويل إلا أن هناك صيغا مختلفة يجب الالتفات إليها من مثل عقد المشاركة، فالبنك يمول الشركة أو المصنع بالمال وهي عليها العمل فيكون هناك شراكة لا تثقل كاهل الشركة بالسداد والذي ربما يؤدي بالشركة الناجحة إلى الإفلاس بسبب سوء التعامل مع التمويل من قبل الشركة مثلاً، وقس على ذلك بقية صيغ التمويل من مثل الاستصناع والمضاربة والسلم والإجارة إلى آخر ذلك من صيغ التمويل التي ما شرعت إلا لحكمة.. وأما الاقتصار على صيغة التورق فقط فهو يضر بالاقتصاد على المدى البعيد ولا يجعل هناك فرق حقيقي بين البنوك الإسلامية والتقليدية فهذه قائمة على التورق وهذه قائمة على القرض الربوي.
ختاماً فإنه مع الإقرار بأهمية دور البنوك في المجتمع إلا أنه من الواجب على البنوك أن تراعي المسؤوليات الاجتماعية الملقاة على عاتقها تجاه المجتمع، وألا تغفل عن ذلك عند القيام بإقرار منتجاتها وتعاملاتها المختلفة وفي ظني أن البنوك عندما تراعي الجوانب المذكورة سابقاً وتركز على دعم المشاريع الصغيرة ودعم المشاريع الصناعية في البلد فإن مثل هذا ينمي البلد اقتصادياً ويصب في مصلحة البنوك كما أن له دوراً كبيرا في جانب المسؤولية الاجتماعية يفوق في أهميته تقديم التبرعات والهبات التي لا غنى عنها.
ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام
*المصدر: صحيفة الاقتصادية السعودية
بقلم : ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام
تأسست البنوك على الأموال المكتتب بها من قبل المجتمع، وتستفيد البنوك من الأموال المودعة بها من قبل المجتمع، كما تستثمر جزءًا مهماً منها في المجتمع عن طريق صيغ التمويل المختلفة وتحصل أيضاً على رسوم الخدمات المتعددة، فالمجتمع إذاً قدم لهذه البنوك الدعم والمساندة حتى قامت وحققت أرباحها الكثيرة مما يلقي على عاتقها مسؤولية تجاه مجتمعها.
على أني في الحديث عن المسؤولية الاجتماعية للبنوك لن أتكلم عن قيام البنوك بإعطاء التبرعات والهبات، فمن المعلوم أن البنوك ترى أنها مؤسسات مالية هادفة للربح توزع أرباحاً للمساهمين وليست جهات خيرية لتوزيع المساعدات ومع هذا فهي تسهم عن طريق صرف مبالغ مالية لخدمة المجتمع، ويرى المجتمع أن له حقاً في أرباح البنوك لأنها حققت بدعمه ومشاركته لهذا هو يتطلع إلى المزيد منها.
والكلام في مثل هذا يطول غير أن حديثي عن المسؤولية الاجتماعية من نوع آخر بل عن مسؤوليات أخرى يجدر الانتباه إليها والتفطن لها فمن ذلك ضرورة التحول من المصرفية التقليدية إلى المصرفية الإسلامية، فالمجتمع يطالب بسرعة التحول والدليل على ذلك الإقبال منقطع النظير على المصارف والمنتجات الإسلامية وهذا لا يخص بلاد المسلمين بل حتى المسلمون في خارج ديارهم سعوا في هذا الاتجاه حتى أصبحنا نسمع عن بنوك إسلامية في غير بلادهم، وكل ذلك يؤكد وجوب المسؤولية الاجتماعية في البنوك بضرورة التحول ووضع الخطط والاستراتجيات لتسريع عملية التحول، ولا يعني ذلك استغلال حاجة الناس وعواطفهم نحو الإسلام برفع الأرباح والرسوم والمغالاة في ذلك حتى إنك تجد المنتج الإسلامي سواءً كان تمويلاً شخصياً أو بطاقات ائتمان أو نحو ذلك يباع بسعر أعلى من سعر المنتج التقليدي وربما في البنك الواحد ولو فتشت لوجدت أن تكاليف التمويل واحدة غير أن إقبال العملاء وحبهم للمنتجات الإسلامية يجعل بعض البنوك تستغل ذلك مما يدفع بعض العملاء إلى الاتجاه للمنتجات التقليدية إكراهاً بسبب ما يرونه من غبن في أسعار المنتجات الإسلامية فالواجب تجاه هذا المجتمع ومن باب المسؤولية الاجتماعية الربح المنطقي والمعقول كما هو معروف في العرف المصرفي وعدم تضخيم الأرباح برفع أسعار الفائدة وزيادة أنواع وأشكال الرسوم مما يثقل كاهل العميل ويجعله يهرب من المصرفية الإسلامية.
ومن لوازم المسؤولية الاجتماعية أيضاً أن البنوك تزيد أرباحها عن طريق تضخيم المديونيات على العملاء وخاصة المديونيات الاستهلاكية وعدم الدخول في شراكة حقيقية مع المجتمع، فالبنوك في الأساس دورها تنموي وتساعد في الحركة الاقتصادية داخل البلد، فالبنوك أنشئت لأهداف ومقاصد عظيمة.. بدأنا نلحظ الانحراف عنها والتركيز على زيادة مديونيات الشركات والأفراد وأنا لا أقلل من شأن التمويل إلا أن هناك صيغا مختلفة يجب الالتفات إليها من مثل عقد المشاركة، فالبنك يمول الشركة أو المصنع بالمال وهي عليها العمل فيكون هناك شراكة لا تثقل كاهل الشركة بالسداد والذي ربما يؤدي بالشركة الناجحة إلى الإفلاس بسبب سوء التعامل مع التمويل من قبل الشركة مثلاً، وقس على ذلك بقية صيغ التمويل من مثل الاستصناع والمضاربة والسلم والإجارة إلى آخر ذلك من صيغ التمويل التي ما شرعت إلا لحكمة.. وأما الاقتصار على صيغة التورق فقط فهو يضر بالاقتصاد على المدى البعيد ولا يجعل هناك فرق حقيقي بين البنوك الإسلامية والتقليدية فهذه قائمة على التورق وهذه قائمة على القرض الربوي.
ختاماً فإنه مع الإقرار بأهمية دور البنوك في المجتمع إلا أنه من الواجب على البنوك أن تراعي المسؤوليات الاجتماعية الملقاة على عاتقها تجاه المجتمع، وألا تغفل عن ذلك عند القيام بإقرار منتجاتها وتعاملاتها المختلفة وفي ظني أن البنوك عندما تراعي الجوانب المذكورة سابقاً وتركز على دعم المشاريع الصغيرة ودعم المشاريع الصناعية في البلد فإن مثل هذا ينمي البلد اقتصادياً ويصب في مصلحة البنوك كما أن له دوراً كبيرا في جانب المسؤولية الاجتماعية يفوق في أهميته تقديم التبرعات والهبات التي لا غنى عنها.
ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام
*المصدر: صحيفة الاقتصادية السعودية
أحدث التعليقات