مقال : الإدارة التسويقية (7): اختر بين الأفضل والمفضّل ! – رامي عنابوسي -و- مجدي كتاني

الإدارة التسويقية (7): اختر بين الأفضل والمفضّل !

بقلم : رامي عنابوسي ومجدي كتاني

وبعد أن تحدثنا طويلاً عن طريقة التسويق الأنجع والأنجح والأوفر والأضمن والأبعد أمداً والأعمق أثراً, وهي طريقة التسويق من الفم إلى الأذن أو بتسميتها الاصطلاحية “”MOW (Mouth Of Word) Marketing, فسنضع بين يديك أسس هذه الطريقة وكيف يمكنك أن تحوّل النظريات الكثيرة التي تعلمتها معنا في الحلقات الأخيرة إلى “زبائن” يدخلون في مصلحتك وأموال تدخل إلى حسابك وربح صافٍ في جيبك, ولكن قبل أن نشرع في تفصيل أسس استخدام طريقةMow دعونا نقدّم ملخّصاً لأهمّ إيجابيات هذه الطريقة.

طريقة MOW هي الأنجع: لأنّ شخصاً حياديّاً غيرك هو من قام بإقناع زبون آخر أنّ منتجك أو خدمتك هي الأفضل وهذه رسالة ذات ثقة أكبر !
طريقة MOW هي الأوفر: لأنك لم تنفق أموالك على مسوقين ودعاية . . . وإنّما حوّلت زبائنك وآخرين غيرهم, كما سنفصّل, إلى مسوقين يرهقون أنفسهم في التسويق دون أن تتكلّف شاقلاً واحداً في الغالب الأعم !

طريقة MOW هي الأبعد أمداً: لأنّ زبونك الذي وصل إليك بتوصيّة من غيرك لن يترك المصلحة بسهولة لقناعته بأفضليّتها, أما الزبون الذي جاء بإلحاح مباشر منك فلن يكون مخلصاً بنفس الدرجة ولا واثقاً وتحتاج كلّ مرّة من جديد أن تبذل “ماء وجهك” كي تقنعه أن يعود إليك مجدّداً !

طريقة MOW هي الأعمق أثراً: الزبون الاعتيادي الذي يصل لأول مرة إلى المصلحة لا يقوم بالشراء من جميع المنتجات ولا يطلب جميع الخدمات التي ربّما يكون في حاجة إليها, وإنما قد يختار منتجا أو يكتفي بخدمة متواضعة ريثما يقوم بتجريب نوعيّة المنتجات وجودة السلع ومستوى الخدمات, أمّا الزبون الذي يصل إليك بتوصية من جهةٍ حياديّةٍ موثوقةِ الجانبِ خاليةِ المآربِ فالإحصائيّات تثبت أن هذا الزبون يتعامل مع المصلحة كمصلحة زارها مرّات ومرّات لأنّ من أرشده إليها وفّر عليه مرحلة التجريب والتشكيك وسرعان ما يباشر التعامل مع المصلحة بكل أريحيّة وحسن ظنّ !

طريقة MOW هي الأضمن: لأنّ المستهلك – كما ثبت مراراً وتكراراً في الدراسات والإحصائيّات – لا يشتري المنتج الأفضل حقيقة بل يشتري المنتج الذي يعتقد أنّه الأفضل وفي الغالب يشتري ما يعتقده الآخرون أنّه الأفضل, وبكلمات أخرى يشتري المستهلك المنتج المفضّل وليس الأفضل, والتسويق بهذه الطريقة هو الأضمن كي ترسم لمصلحتك ولمنتجك هذه الصورة المفضلة في أذهان الناس.

ولكي تصل بعونه تعالى وتوفيقه إلى كلّ تحقيق ذلك وأكثر, فعليك أن تطبّق أسس طريقة MOW السحرية في التسويق على هذا النحو:
1)
الزبائن هم المحرّك الأساس لهذه الطريقة:

إذا اهتممت بإيجاد علاقة مباشرة مع زبائنك واهتممت أن يكون زبائنك أكثر من مجرّد راضين عن منتجك أو خدمتك, فقد بدأت خطوتك الأولى في درب النجاح.

الأبحاث العلمية الموثقة تؤكد أن الزبائن أربعة أنواع:

1. زبون غير راضي: هذا الزبون سيهتم أن يبعد عنك الزبائن وسيتعبك, وبالطبع لن يعود إليك.

2. زبون عادي: الذي الزبون اشترى منك سلعة أو طلب خدمة وكانت السلعة أو الخدمة بمستوى وبجودة عاديّة كتلك التي يجدها لدى غيرك, ومن جهة أخرى لم يجد من طرفك حرارة خاصة ورغبة خاصة واهتماماً خاصاً, فهذا الزبون لن يضرّك ولن يشوّه اسمك وسمعتك أمام زبائن المستقبل ولكنه لن يتحوّل إلى وكيل مبيعات لسلعتك وسيكون زبونك هذا قابلاً لأن ينتقل إلى المصلحة المنافسة, إذ لا فضل ولا أفضليّة لك عليه.

3. زبون راضي: الذي وجد عندك سلعة أجود من منافسك وخدمة أوفر من منافسك وترتيباً أفضل من منافسك ونظافة أكثر من منافسك . . . هذا الزبون لن- أجل لن- يتحوّل إلى وكيل مبيعات لسلعتك ولن يصوّر سلعتك على أنها الأفضل ولن يتعب نفسه في نشر مصلحتك ولكن في الغالب الأعمّ سيعود بنفسه وسيشتري سلعتك وخدماتك مرة أخرى.

4. النوع الرابع, وهذا الذي نريد, هذا النوع الذي يشكّل وبحقّ المحرّك الحقيقيّ من وراء نظرية التسويق المذكورة وهو الزبون الراضي جدّاً, الزبون الذي وجد عندك منتجا أو سلعة أو خدمة أفضل من غيرك إضافةً لكلّ ما ذكر, واهتممت أنت بنفسك أو موظفوك أن يعطوه خدمة خاصّة ومميّزة تبدأ بابتسامة رقيقة في وجهه وسؤال عن حاله وعن احتياجاته وعن استعماله للسلعة ونصحه بصدق ومرافقته في اختيار الأفضل والأنسب سعراً وجودةً – وإياك والكذب- وتهتم بتوصيل سلعته إلى سيارته وإعطاءه كرتك الخاصّ ليتصل إذا احتاج لأي إرشاد . . . وتهتم بأخذ تفاصيله وتتصل به أنت كي تطمئن على رضاه عن السلعة ولا تنساه في تخفيضات خاصّة وخدمات خاصّة وهدايا خاصّة- رمزيّة طبعاً-.

الأمور التي يمكن كتابتها وطرحها في هذا الإطار أكثر من أن تعدّ ونحن على ثقة بأنّ خيالك الواسع ومعرفتك الدقيقة لمصلحتك وزبائنك سيمكنانك من رسم خطّة عمل دقيقة كي توصل زبائنك إلى هذا المستوى من الرضا والدلال.
وهنا لنا وقفة, ونقول لمن يدّعي أنّ المذكور أعلاه غير ممكن وإن كان ممكنا فلن يعطي كلّ النتائج التي ذكرت في الحلقات السابقة: أنت لست الوحيد الذي يردد مثل هذه العبارات !
ولكنّك أيضا لست الوحيد الذي يهزأ من مثل هذه النظريات ويستهجنها, ولهذا السبب نذكّرك أنّ معدل المصالح التي تغلق أبوابها خلال 5 سنوات من فتحها حسب دائرة الإحصائيات العامة تصل إلى 70% ويزيد والتي تنجح لا تزيد عن 10%, أي من بين كلّ 10 مصالح تفتح أبوابها اليوم ستبقى وتستمر 3 مصالح فقط منها واحدة فقط تستحقّ أنّ تسمّى ناجحة !
ولنوضّح الأمر, تخيّل معنا للحظة بوتيك ملابس تقليدي في وسطنا العربي في مقابل شبكة محلات تجارية للملابس ذات اهتمام بالتسويق بالعموم واهتمام بقاعدة الزبون الراضي جدا بالخصوص – كشبكةkeds مثلاً – فسترى أنّ كلّ ما ذكر أعلاه وأكثر منه تطبّقه شبكة keds وغيرها من الشبكات مع زبائنها ليس بسبب إلا لأنها تريد أن تحولهم إلى راضيين جدا.
2)
لا تكتفِ بالوقود الموجود في المحرك بل زوده بوقود إضافي:

بعد أن اقتنعت أن الزبون الراضي جدا هو المحرك الحقيقي لتسويق منتجك لا تكتفِ بثورة عاطفيّة وانتهى كما يفعل الكثيرون من أصحاب المصالح, حيث تراهم يتحركون بعاطفة جيّاشة ولكن ما يلبث أحدهم أن يخبو ويفتر ويتوقّف عن الحركة, وبالتالي يتوقّف الزبون هو الآخر عن التفاعل ويتوقّف عمل المحرّك التسويقيّ, الحكمة تقتضي أن تزوّد هذا المحرك أي زبونك بالوقود وبشكل دائم.

التزويد الدائم بالوقود يبدأ بتواصلك واتصالاتك وسؤالك عن رضاه عن المنتج وأن تهتم بتزويده:

بمجلة أو صورة أو شرح عن كل منتج جديد في مصلحتك.
بتخفيضات على سلعك ومنتجاتك.
بخدمات تابعة للمنتج.
ولا تنس وهو الأهم أن تهتم في أن تصل إليه رسائل الإعجاب والرضا والنجاح مع ومن زبائن آخرين, فهذا هو الوقود الحقيقي كي تحافظ على نشاط المحرّك!
مثال واقعي: خبيرة في علاج البشرة, اهتمت أن تبعث وبشكل دوري لجميع زبائنها الراضين صوراً وقصصاً عن حالات مختلفة نجحت في معالجتها في الوقت الذي فشل منافسوها في ذلك, وذلك من خلال وصف الحال قبل وبعد العلاج, هذه الرسائل جعلت من زبوناتها الراضيات اللواتي لم يجرّبن العلاج نفسه لعدم حاجتهن إليه يتحولن إلى وكيلات مبيعات لمثل هذا العلاج وعلاجات وخدمات أخرى.

فنشر النجاحات أو تفصيل الخدمات أو نشر الميزات والتفوقات كلها وقود حقيقيّ من شأنه أن يحافظ على نشاط المحرك الحقيقي في تسويق مصلحتك.

ولكي نختم الصورة الأولى التي تحوي الأساسين الأوّلين في تسويق Mow يجب أن نعود ونؤكد أن نجاح جهدك منوط بشكل مباشر بعمالك وموظفيك ومن هم على صلة مع زبائنك, فعليك أن تهتم بأن يكونوا جميعا معك في نفس السفينة وإلا وجدت نفسك بعد حين تبذل الوقت والجهد والمال كي تحول زبائنك إلى راضين جدا وتجعل منهم محركات حقيقية لتسويق مصلحتك دونما نجاح والسبب في ذلك يعود أن الزبون الذي وجد عندك ابتسامة لقي من موظفك عبوساً والزبون الذي وجد منك اهتماماً لمس عند موظفك تقصيراً ولا مبالاة والزبون الذي بعثت له عاملك كي يزيد من مستوى الخدمة تفاجأ بالعامل يلومه ويوبّخه ويتهمه بالتقصير, وهذا وللأسف واقع نلمسه في كثير من المصالح والشركات.

 

المصدر :

فلسطينيو 48 –  www.pls48.net