الإدارة التسويقية (6) التقنيّة الأقوى!
بقلم : رامي عنابوسي ومجدي كتاني
ونكمل مشوارنا مع تقنيّة “التسويق من الفم إلى الأذن” التي هي أنجع وأقوى الوسائل التسويقيّة باتفاق خبراء التسويق, وكما تسمى في لغة الاختصاص “”MOW (Mouth Of Word) Marketing, حيث تعدّ الوسيلة الأولى التي تتبناها كبرى الشركات المحلية والعالمية, وأعطينا لذلك مثال مشروب كوكاكولا وتفوّقه على مشروب بيبسي محليا وعالميا لا لسبب إلا لنجاعة وبراعة الإدارة التسويقية لشركة كوكاكولا في استخدام هذه التقنيّة من خلال إشاعة وإذاعة كلّ ما يرفع من أسهم شركة كوكاكولا ومشروباتها, ومن ضمن ذلك نشر معلومات مبالغٍ فيها وأحياناً مشكوك فيها وربّما مكذوبة وملفّقة, فالناس في معظمهم ميزاجيّون ومشترياتهم تعتمد على ما يعتقدونه الأفضل وإن لم يكن كذلك في واقع الأمر, حتى لكأنّ البعض أخذته الدعاية بعيداً حتّى صار يردّد أن شركة كوكاكولا تملك معادلة سحرية وسرية في مشروبها تأبى أن تكشفه ولو مقابل بلايين الدولارات, وهذه خرافة نتجت من تأثير الوسيلة التسويقية لشركة كوكاكولا.
وليس هذا بعجيب ولا غريب في عالمنا الحالي بل وليس محصوراً في شركة كبيرة وهائلة مثل كوكاكولا, إذ كيف تفسّر مثلاً أن يسمّي المستهلكون منتجاً معيّناً باسم الماركة التي يحملها؟ أليس ذلك غريباً ؟!
وللتوضيح, تخيّل معنا لو أنّنا جميعاً قمنا بتسمية السيارات بعمومها باسم “مازدا” فرضاً, فستعبّر عن شرائك سيارة من نوغ تويوتا مثلاً بقولك “لقد اقتنيت مازدا تويوتا موديل 2006″, لا تستهجن هذه الجملة فـأنت تستخدمها من حيث لا تشعر في سياقات مختلفة لأنّهم أقنعوك أنّ المازدا هي السيارة الحقيقيّة وما عداها تقليد وتبع لها! فكيف ذلك؟
وتقريباً للواقع, ألا يقول لك ابنك “اشتر لي بمبا شوش” أو يقول لك “اشتر لي بمبا” وهو إنّما يقصد نقارش الفستق من نوع شوش أو من نوع بمبا, فالاسم “بمبا” ليس هو نوع المنتج بل هو اسم الماركة, فمنتج “نقارش الفستق” فيه منافسة بين شركتين كبيرتين هي شركة “أوسم” وماركتها “بمبا” وشركة “عليت شتراوس” وماركتها “شوش”, ولكن طغى استخدام وصف بمبا على هذا المنتج بغضّ النظر عن ماركة التصنيع. فمن نجاعة تسويق شركة أوسم في الوسط العربي خاصّة, أصبح أولادنا يسمّون كل منتج جديد منافس باسم “بمبا” الأصلي, هل فكّرت كيف حقّقت أوسم هذا الانجاز؟!
وماذا تسمّي حضرتك حفّاظات الأطفال؟ ألا تقول “اشتريت بامبرز لأطفالي” مع أنّك ربّما اشتريت حفاظات من نوع هاجيس وليس من ماركة بامبرز؟
فقد نجحت ماركة “باميرز” في إطلاق كنيتها على جميع منتجات الحفّاظات عن طريق التسويق المذكور, وعلى الرغم من أنّ حفاظات هاجيس هي الأكثر انتشاراً ومبيعاً محلّيّا إلا أنّ باميرز تسيطر على الاسم وستتمكن بعد حين من تجاوز هاجيس إذا مارست استخدام هذه التقنيّة النفاثة بشكل حكيم.
في مقابل ذلك وللأسف, فقد ترى الكثير من المنتجات العربية الراقية التي تنافس في جودتها وقيمتها ونسبة الربح فيها منتجات بارزة في السوق ولكن ما إن يتمّ دمج المنتج والشروع في التسويق سرعان ما يخرج من السوق ويختفي كأن لم يكن, السبب في ذلك أساساً أنّ صاحب المصلحة أو الشركة المنتجة أو المسوقة اعتقد واهماً أنّ المستهلكين يشترون المنتج الأفضل ولم يدرك أنّ المستهلكين إنّما يشترون المنتج الذي تمّ إقناعهم بأنّه الأفضل.
ولذلك وقبل أن تقع كما وقع غيرك وتضطر لسحب منتجك من السوق كما سحبوه, وتحمّل المنتج سبب خسارتك أو تحمّل السوق العربي الغير متكاتف عاقبة انسحابك, عليك أن تلوم نفسك وتسويقك أوّلاً !
فالسعر “غير الحكيم” وبدائية طرق التسويق وإغفال جانب الصبغة العامّة المصاحبة لعمليّة التسويق وعدم استثارة هالة الأفضليّة والتفوّق وعدم الدراسة المتفحّصة للسوق إضافةً إلى التسرّع في اختيار التوقيت وإهمال ترتيب المراحل التسويقيّة والرغبة الجامحة في جني الربح السريع وتحقيق السيطرة الخاطفة, كلّها عوامل أدّت وتؤدّي إلى اختفاء منتجات من الرفوف وانهزامها أمام المنافسين أصحاب النفس الطويل والآفاق البعيدة!
نذكّر مرّة أخرى ما أوضحناه في مقالنا الأخير أن تقنيّة التسويق “من الفم إلى الأذن” تعتمد على منتج ذي قيمة وجودة منافسة, ولا يمكن لصاحب منتج “رخيص” القيمة والجودة والسعر أن يعتمد هذه التقنيّة لأنّها ستسرع في انتهاء دورة حياة المنتج !
وربطاً للخيوط ببعضها نستكمل هيكلة التقنيّة بالشكل العلميّ المطلوب:
(7) القاعدة السابعة: “اضرب الحديد وهو حامي”
خطأ فادح يقع فيه صاحب المصلحة وهو تأخير عمليّة التسويق من الفم إلى الأذن, خاصّة في المنتجات الجديدة, إلى ما بعد تجريب المنتج من قبل المستهلك وبلورته لموقف شخصيّ إزاء المنتج وإلى ما بعد تسويقه وبيعه بفترة طويلة مّما يفقد التقنيّة رونقها ونجاعتها, فتقنيّة التسويق لا بدّ أن تكون نفاثّة وفعّالة ومتزامنة مع عمليّة إقحام المنتج ومتكرّرة وذات زخم وتنوّع.
(8) القاعدة الثامنة: “كلمات الرسالة المستخدمة في التسويق لا بد أن تكون سهلة الإيصال”
– كأن تستخدم كلمات فكاهية تبرز منتجك وقيمته وجودته وأفضليته.
– أو أن تربط منتجك بكلمات من عالم السينما والتلفاز والتمثيل أو التاريخ أو ما شابه كي يعلق في أذهان المستهلكين.
– أن تظهر (لا أن تختلق) الأعمال الإيجابية والمساعدات والتبرعات والخدمات التي تقدمها الشركة المنتجة أو المسوقة في الجانب الاجتماعي, الإنساني, الشبابي, التعليمي, الديني, التربوي وما إلى ذلك, ما من شأنه أن يرسم منتجك بأجمل صورة في أذهان المستهلكين وتبدأ هذه الصورة في الانتقال بأبهى حلّة من ذهن إلى ذهن, ومصبّ ذلك كله إلى جيبك.
(9) القاعدة التاسعة: “استخدام المسوّقين الحقيقيين لمنتجك وتحفيزهم على تسويقه”
ليكن واضحاً أنّ شرعنا الحنيف لا يبيح الغشّ والمخادعة في البيع أو الشراء. ولكن إذا نجحت في استقطاب الأشخاص الذين هم على صلة مباشرة مع شريحة زبائنك وقمت بتحفيزهم ليعرضوا منتجك أمام هذه الشريحة من الزبائن المؤمّلين من خلال وصف صادق لأفضليته وميزاته وقيمته وصفاته البارزة والحقيقيّة, فقد نجحت في خلق ماكنة تسويقيّة تجلب لك زبائن جدد بشكل متواصل غير منقطع.
فصاحب مصلحة لتسويق القرطاسية مثلاً والأثاث المكتبي, يمكنه طلب تفاصيل المصالح الجديدة من صاحب مطبعة تقدّم خدمة طبع دفاتر الفواتير للمصالح الجدد, ولا يكتفي بذلك كما يفعل الكثيرون بل ويحوّل صاحب المطبعة إلى وكيل مبيعات يزوّده ببطاقات زيارة يوزّعها على الزبائن ويوجّههم نحوه ويرشدهم إلى مصلحته مع نصيحة حارّة من قِبَله, ومقابل عمولة لقاء هذه الخدمة. وإذا ما تبع ذلك “منشور” مباشر للزبون فسيكون لذلك وقع أعمق.
هنالك من سيقفز من مكانه ويقول : “هذه الحالة خاصة” ولا يمكن أن تلائمني!
ردّ فعلك سيكون متفاجئاً إذا علمت أن شركة ميكروسوفت العملاقة قد أقدمت على توزيع الهدايا على مستخدمي الشبكة الذين كانوا على استعداد لوصف windows vista بأجمل وصف ويبرزوا أفضليتها على سابقتها وعلى منافساتها.
ولتبسيط الأمر أكثر, يمكن لصاحب سلعة أن يتّبع خطوات حكيمة تجعل من صاحب الدكّان وصاحب السوبرماركت وصاحب الصيدليّة وكلاء مبيعات له من خلال:
– تحديد نسبة الربح المطلوبة للشركة المنتجة المسوقة.
– تحديد سعر بيع للمستهلك لا يقلّ بكثير ولا يزيد بكثير عن المنتجات الرائدة في السوق.
– تحديد سعر بيع للتاجر يوفّر له أن يربح على المنتج أكثر من ربحه على ما سواه.
ولا نكتفي بذلك, بل نبرز ونبيّن للتاجر الزبون أنه يربح على منتجنا أكثر من منافسينا ونزوده بميزات منتجنا كي ينشرها ولا يغفل جانب النشرات للتوزيع واللافتات للصق على مدخل الدكان أو المحل التجاري أو الصيدلية, مع إعداد برنامج متدرّج بحيث تمنحه زيادة البيع أن يحظى بخصم أكبر وربج أوفر, مع إرفاق بعض العيّنات الشخصيّة له ولأهل بيته ليقوم بتجريب المنتج على حسابنا.
يا ترى, هل يكون هذا أكثر فاعلية أم توزيع عشوائي غير مدروس لبعض عيّنات المنتج على البيوت دون تواصل مع المستهلك ودون إبراز ميزات المنتج وأفضليته وجودته للمستهلك ودون تحفيز المستهلك لشراء المنتج.
وقبل الختام لا بدّ لصاحب المصلحة أن ينوّع الطرق المستخدمة ليبثّ روح الحيويّة بشكل دائم أثناء استخدام وسيلة تقنيّة التسويق الأنجع WOM.
وفي الختام نتوجه للقارئ الكريم أن يعير القواعد المذكورة الاهتمام المطلوب ولا يرفضها دون رويّة قبل أن يعطي لنفسه بعض الوقت كي يحاول ترجمة ما قرأ إلى واقع في مصلحته, فإن لم ينجح في ذلك فلا مانع من استشارة أهل الاختصاص لينجح في إدخال منتجه إلى أذهان الناس بالشكل الذي يضاعف مبيعاته وأرباحه.
المصدر :
فلسطينيو 48 – www.pls48.net
أحدث التعليقات