الإدارة التسويقية (2) كيف لي أن أزيد من عدد زبائني ؟!
بقلم : رامي عنابوسي ومجدي كتاني
حلقتنا الثانية ضمن سلسلة الإدارة التسويقية تتمحور حول قاعدة تسويقيّة مركزيّة ذكرناها من قبل ومستقاة من قوانين الإدارة الحديثة:
قانون الحركة
صاحب المصلحة الذي يتحرّك هو “حيّ” وسينجح وسيتطوّر!
صاحب المصلحة الذي يجلس منتظراً وفود الزبائن إليه هو “ميت” وغالباً ما ستنهار مصلحته ولو بعد حين !
تعال بنا نطالع لوناً من ألوان الحركة الضروريّة والحتميّة لصاحب المصلحة, وفي هذه الحلقة سنبحث الحركة بهدف الوصول إلى إضافة عدد زبائن المصلحة.
تدرك قطعاً أنّ المحرّك الأساس والشريان الأوحد المغذّي لمصلحتك هو زبائنها الذين يسيطرون على جانب “الطلب” في مقابل جانب “العرض” لما تقدّمه مصلحتك من خدمات ومنتجات, ومن هنا يشكّل نجاحك في زيادة عدد زبائنك إلى زيادة أكيدة في مدخولات مصلحتك, بينما يعدّ فشلك في هذه المهمّة مؤشّراً خطيراً لمستقبلٍ أسودَ لمصلحتك.
ولا شكّ تدرك أنّ منافسيك يسعون جادّين كي يزيدوا من عدد زبائنهم على حسابك.
مفهوم “قانون الحركة” هو أنّه لا بدّ لك من الحركة من أجل المحافظة على زبائنك وزيادة عددهم ليتسنّى لك البقاء والاستمرار في النموّ من اجل التطوّر والارتقاء.ولكنّ . . .
من هم زبائن المصلحة؟
وهل كلّ الزبائن سواسية؟ أم أنّهم متنوّعون, وبتنوّعهم يجب تنويع طرق التوجّه إليهم؟!نجد في كلّ مصلحة أو شركة تتّبع طرق الإدارة الحديثة جناحين منفصلين وظيفة كلٍّ منهما التوجّه إلى الزبائن, إلا أنّ الجناح الأول متخصّص في التوجّه إلى الزبائن القائمين الذين اشتروا من المصلحة ذات مرّة ولو بمبلغ زهيد, أمّا الجناح الثاني فمتخصّص في التوجه إلى الزبائن الجدد بهدف ضمّهم إلى قائمة الزبائن القائمين للمصلحة.
وعلى ذلك, وبما أنّنا نتحدث عن وجهتين مختلفتين فمفهوم ضمناً أنّ التوجّه إلى زبون جديد لا يعرفنا ولم يتعرّف على منتجاتنا وخدماتنا من قبل سيكون مختلفاً تماماً عن التوجّه إلى زبون قائم ومدرج ضمن قائمة زبائننا وقد مرّ بتجربة شراء منتجاتنا وخدماتنا وتجاوز “حاجز عدم الثقة” بيننا وبينه.ملحوظة يجب أن تأخذها بعين الاعتبار هي أنّ الجناح الذي يتوجّه إلى الزبائن الجدد هدفه الوحيد هو التوصّل إلى زبائن جدد من أجل إضافتهم إلى قائمة زبائننا وجمع تفاصيل شخصية عنهم, وهذا يستوجب بيعهم بأسعار مخفّضة وربّما بأسعار التكلفة أحياناً ولو كان بيعاً لسلعة “بسيطة” ومبلغ زهيد, إذ أنّ المهمّ هنا هو أن يزال “حاجز عدم الثقة”, وعلى ذلك فإن هذا الجناح لا يهدف إلى إضافة مدخول كبير لمصلحتك.وفي المقابل, فإنّ الجناح الذي وجهته الزبائن القائمين هو من عليه العمدة في إحراز المدخول المنشود للمصلحة, إذ أنّ الزبائن القائمين هم حجر الأساس في تشكيل دخل المصلحة لدى السواد الأعظم من المصالح والشركات.
إن التقسيم لجناحين منفصلين, كما بيّنا, هو بهدف تسهيل الفهم وتسهيل التطبيق, ففي المصالح الصغيرة قد يجتمع الجناحان المذكوران في يد شخصٍ واحد (وربّما بإضافة أجنحة أخرى لهما) ولكنّ المهمّ هو أن تدرك أنّ صيغة وطريقة وهدف التوجّه إلى الزبائن القائمين يختلف تمام الاختلاف عن التوجّه لزبائن جدد.ومن بين الأخطاء الجسيمة التي لا تغتفر, والتي لمسناها لدى المصالح والشركات العربية, والتي تشكّل برأينا حجر عثرة في طريق المصالح العربيّة نحو التقدمّ والتطوّر:
1) مصالح عربيّة كثيرة لا تنشط ولا تكاد تتحرّك أصلاً في مجال التسويق والتوصّل إلى زبائن جدد.
2) التقسيم لأجنحة غير موجود أصلاً وأسلوب التوجّه إلى الزبائن القائمين والزبائن الجدد هو واحد, وبذلك يكون التوجّه لزبائن جدد بهدف البيع لهم هو الخطأ الكبير بل هو تبذير للأموال المنفقة في هذا الباب التسويقيّ.
3) قياس نجاح الجناح الذي يُعنى بالتوجّه لشريحة الزبائن الجدد حسب المدخولات التي أحرزها الجناح من مبيعاته لهؤلاء الزبائن الذين تمّ التوصّل إليهم وجمعت تفاصيلهم, هو خطأ آخر ! ففاعليّة ونجاح هذا القسم تكمن في جلب أكبر عدد من الزبائن ولو بالشراء بمبلغ زهيد, فكما بيّنّا تتلخّص مهمّة هذا الجناح في جمع تفاصيل شخصيّة عن الزبائن وكسر حاجز عدم الثقة ومن ثمّ إدراجهم في قائمة زبائن المصلحة.
4) قسم من المصالح العربية تنشط في تسويق منتجاتها للزبائن الجدد ولكنها لا تهمل تسجيل تفاصيلهم الشخصيّة (الاسم الكامل, العنوان الكامل, البريد الإلكتروني, الهاتف, الفاكس, تاريخ الميلاد . . . ) وهذا الإهمال هو بمثابة إتلاف أموال طائلة وإلقائها في سلّة المهملات يوميّاً, أجل هذا هو المعنى الدقيق لأنّ هذه القائمة المعلوماتيّة, كما سنرى لاحقاً, هي رأس مال المصلحة الحقيقيّ والأهمّ.
5) كثير من المصالح والشركات في وسطنا العربي لا تقتطع جُزئاً من مدخولاتها لصالح الميزانيّة التسويقيّة بل قد لا تكون لها ميزانيّة تسويقيّةً أصلاً.أمّا بما يخصّ الميزانية التسويقيّة ومفهوم اقتطاع جزءٍ من ميزانية الشركة أو المصلحة لصالح ميزانية التسويق فإنّنا نلمس لدى الغالبيّة الساحقة للمصالح نوعاً من عدم فهم أهمّية هذا الإجراء وبالتالي ينعدم تطبيقه حيث:ý نجد مصالح وشركات –وهي كثيرة- بدون ميزانية تسويق أصلاً لأنّها لا تؤمن بأهمّيّة التسويق, فهي متواكلة تتوقّع أن يؤمّها الزبائن من كلّ حدب وصوب بلا جهد وبلا عناء ودونما عمل بالأسباب كما يحثّ الشرع الحنيف.
ý القسم الآخر من المصالح والشركات في وسطنا العربي – وهي كثيرة أيضاً – لدى أصحابها قناعةٌ بأنّ المحرّك الأساس للمصلحة هو التسويق وهم على علم ودراية بأن لا بدّ من التسويق, ولكنّهم يعوّلون على التسويق فوق المطلوب وأكثر من اللازم, فتراهم يبذّرون على التسويق أموالاً طائلة خبط عشواء بلا هوادةٍ ودونما تخطيط أو تدبير, والأطمّ من ذلك أنّ حصّة كبيرة من هذه الشريحة مستعدّة للقيام بحملات تسويقيّة مموّلة بقروض بنكيّة وهذا جهل تسويقيّ وإداري يستحقّ لقب “العقم الإداري” ! فكيف يطمح هؤلاء إلى زيادة عدد زبائنهم وزيادة مدخولاتهم وقد أقحموا في مصالحهم شريكاً جائراً جشعاً من نوع مصّاصي الدماء والأموال.ý أما النوع الثالث والذي لا نراه, وللأسف, كثيراً بين مصالحنا وشركاتنا العربيّة, فهو الشركات والمصالح التي تعتمد على قوانين الإدارة الحديثة في موضوع الميزانية التسويقيّة ونلخّص هذه القوانين بما يلي:
(1) التسويق حتمٌ لازمٌ: مصلحة أو شركة لا تقتطع ميزانيةً للتسويق هي مصلحة زائلة لا محالة ولو بعد حين, إذ أنّها إن لم تهتمّ بزيادة عدد زبائنها فغيرها من منافسيها سيهتمّ بزيادة عدد زبائنه على حسابها.
(2) كلّما ازداد التسويق “المدروس” (Out-Flow) كلّما زاد عدد الزبائن في المصلحة (In-Flow), ونقصد التسويق المدروس وليس العشوائيّ.
(3) لا يجوز – وفق قوانين الإدارة الحديثة – بحال من الأحوال الاعتماد على تمويل بنكيّ لميزانيّة التسويق بل يجب أن يكون كامل التمويل من فائض أموال المصلحة أو الشركة نفسها.
(4) ميزانيّة التسويق مشتقة من الدخل الحالي الموجود بين يدي المصلحة وليس من الدخل المتوقّع في المستقبل. أي أنّ المصلحة لا بدّ لها من أن تقتطع نسبة من الأموال التي بين يديها وليس من الأموال المؤمّلة على مبيعات مستقبلية غير مضمونة.
(5) أفضل طريقة للتسويق المدروس في المرحلة الأولى لمصلحة لم تجرّبه سابقاً هي الميزانية الشهريّة, فكلّ شهر يقوم صاحب المصلحة / الشركة بحساب “الدخل الإنتاجي” (وهو الدخل بعد اختزال تكاليف ومصاريف الإنتاج دون اختزال المصاريف الغير مربوطة مباشرة في العمليّة الإنتاجيّة) ومن هذا الدخل وقبل اختزال المصاريف العامّة يجب اقتطاع 14% للميزانيّة التسويقيّة.
تحديد نسبة 14% ليس عبثاً ولا اعتباطاً فهذه النسبة مبنيّة على دراسات وبحوث أجريت على شركات في السوق المحلّي والعالميّ.
(6) صاحب المصلحة يقوم “هو بنفسه” بإجراء دراسة ثاقبة لسوق منتجاته وخدماته حسب خبرته ومعرفته اللاتي لا تفوقانهما خبرة ولا معرفة؛ ووفق هذه الدراسة سيخلص إلى تقسيم سوقه إلى أقسام وشرائح بحيث يقوم بترتيب هذه الأقسام والشرائح حسب حجمها وحسب المدخول المتوقّع منها وحسب أفضليّتها للمصلحة وحسب الربح الذي يمكن للمصلحة أن تجني من كلّ شريحة وحسب سهولة الوصول للشريحة وحسب معايير أخرى تهمّ صاحب المصلحة. وهنا لا حدّ ولا قانون لتحديد المعايير إذ أنّها تتغيّر من مصلحة إلى أخرى ومن منتج لآخر ومن سوق إلى سوق.
(7) بعدما قام صاحب المصلحة بتقسيم شرائح السوق كما سلف, يتوجّب عليه أن يحدّد شريحة واحدة أو أكثر حسب ما تسمح به ميزانية التسويق المقتطعة, ثمّ يقوم بتسويق المنتج لهذه الشريحة لا بهدف البيع كما اتفقنا وإنّما من أجل خلق نوع من اهتمام الزبائن داخل هذه الشريحة المختارة بالمنتج أو الخدمة المعروضة وتشجيعهم على التوجّه للمصلحة لطلب المنتج أو الخدمة والشراء ولو بقيمة زهيدة ولو بدون ربح يذكر للمصلحة.
(8) وهنا لا ينسى صاحب المصلحة أن يهتمّ بتسجيل جميع التفاصيل الشخصيّة للزبائن الذين توجّهوا ليقوم باستخدامها في المرحلة التسويقية الثانية وهي الأساسيّة كما أسلفنا وذكرنا.
(9) وإذا لم يلمس صاحب المصلحة زيادة في عدد الزبائن على أثر التوجّه للشريحة المذكورة فيتحوّل في الشهر التالي إلى شريحة ثانية أو يغيّر من طريقة التوجّه في الحملة التسويقية أو يغيّر من المنتجات والخصومات المطروحة حتى يحطّ في نهاية المطاف على المواصفات التي من شأنها أن تجلب له أكبر عدد من الزبائن فيحافظ عليها في حملاته التسويقية المقبلة.
وللموضوع بقيّة إن شاء ربُّ البَرِيّة !
المصدر :
فلسطينيو 48 – www.pls48.net
أحدث التعليقات