الأزمة المالية المعاصرة في عيون طالب اقتصاد إسلامي – أ.د.عبدالجبار حمد السبهاني

ليست الأزمات جديدة ولا طارئة على النظام الرأسمالي؛ فالتاريخ الاقتصادي يشهد أن هذا النظام كان وباستمرار عرضة لما يعرف بدورات الأعمال أو الدورات التجارية Business Cycle، وهي تقلبات دورية حادة في مستوى النشاط الاقتصادي تهوي به من الرواج Prosperity إلى الكساد Crisis مرورا بحالة من الانكماش Depression، حتى يأذن الله ببدء حركة من الانتعاش Recovery تبلِّغه حال الرواج من جديد، وهذه المراحل الأربع هي مراحل الدورة التجارية، ولكل خصائصها وسماتها مما يضق عنه المقال في هذه العجالة.

وفي تفسير دورات الأعمال هذه عرض الباحثون نظريات متعددة ركَّزت كل واحدة منها فيما تراه سببا رئيسا ومباشرا للأزمة؛ فقد لاحظ هاوتري Hawtrey والنقوديون من بعده أن الدورة الاقتصادية ظاهرة نقدية بحتة، وأنها في كل مرحلة من مراحلها انعكاس للاضطراب في المتداول النقدي ومن ثم في سعر الفائدة، هذا الاضطراب الذي يفسر نقاط الانعطاف Turning Point في مسار النشاط الاقتصادي.

وذهب أنصار مدرسة فيض الاستثمار أمثال كلارك Clark وهارود Harrod إلى أن المشكلة تكمن في تقلب الإنفاق الاستثماري المحكوم بمبدأ المعجل Accelerator وما ينجم عن ذلك من اختلالات حقيقية في هياكل الإنتاج جراء الحساسية العالية لصناعة الأصول الإنتاجية قياسا بالصناعات الاستهلاكية.

أما نظريات نقص الاستهلاك فتعزو الأزمة إلى الواقع التوزيعي؛ فما يحصل عليه العمال من دخول لا يكفي لتصريف الناتج مما يقود إلى ظهور الكساد في الأسواق، وهذا الكساد يدفع المنتجين إلى تقليص خططهم الإنتاجية فتظهر البطالة، وسوف تؤدي خسارة العمال العاطلين لأجورهم إلى نقص جديد في الطلب يتسبب في كساد أكبر وهكذا يدخل الاقتصاد في دوامة تراكمية انكماشية، وإلى هذه القناعة خلص كثيرون منهم مالثوس Malthus وسسموندي Sismondi وكينز Keynes.

والحق أن كينز في نظريته العامة قد عرض تحليلا شاملا للتوظيف وتقلباته بما جعل نظريته العامة أكثر من مجرد نظرية للأزمة الاقتصادية، ويبدو أن العالم الرأسمالي الذي استثقل ظل كينز دائما!!، مضطر اليوم لزيارة عيادته والإنصات إلى نصائحه وسياساته التي تدعو الدولة إلى مزيد من الايجابية والتدخل في الحياة الاقتصادية.

والحق أيضا أن نظرة أكثر استيعابا وشمولا إلى الأزمة وحيثياتها، أقدر على الفهم والتفسير من الرؤيا الأحادية التي تصرُّ على النظر إلى البناء من زاوية واحدة، ومع استحضارنا لكل ما تقدم، فإن مراقبة واقع الأزمة المعاصرة يجعلنا نجزم بأن سببها المباشر يكمن في الاقتصاد المالي بل في القطاع الأكثر تسيبا وتفلتا منه، أعني الأسواق المالية. إن الأزمة في تقديري ناجمة عن “بوكيمونات” هذه الأسواق ومفاعيلها السحرية، لكن هذا الاستنتاج لا يعفينا من تقديم ترتيب منطقي لأبرز الأسباب التي تكمن خلف الأزمة، وهو ما ندرجه فيما يأتي:

1- سيادة النزعة الاستهلاكية المفرطة في المجتمعات الغربية سيما الأمريكية تلك النزعة التي عززها الخواء الروحي ودعمتها القيم المادية التي تجعل سعادة المرء دالة لمستواه الاستهلاكي. إن هذا الميل السلوكي قد تأصل بفعل الإيمان بالفلسفة النفعية من جهة، وبفعل ضغوط الدعاية المستمرة التي فجرت الثورة الاستهلاكية، تلك الثورة التي أصبحت شرطا لازما لتصريف الإنتاج؛ فوفرة الإنتاج تستلزم العمل وباستمرار لتوسيع حجم السوق عن طريق تحفيز الطلب الاستهلاكي واستدامته.

2- توافق الأطراف الفاعلة في اقتصاد السوق على تنمية النزعة الاستهلاكية تلك وتوفير التمويل اللازم لها بما يحيلها إلى طلب فعّال؛ فحينما لا تكون للفرد قدرة على تمويل طموحه الاستهلاكي بموارده الذاتية فعندئذ تمسُّ الحاجة إلى الاقتراض لتمويل هذا الطموح، وهو ما يحقق مصلحة المقرضين [المصارف وبيوت التمويل ومصدري بطاقات الائتمان] لأنه فرصة للحصول على مكاسب عملية الإقراض، وهو ما يحقق مصلحة الوحدات الإنتاجية فلا إمكانية لتصريف الناتج وبيع السلع المعمرة ووحدات السكن إلا عبر هذا الائتمان. وهكذا أصبح الائتمان الاستهلاكي والتوسع فيه مطلباً لجميع المشاركين في النشاط الاقتصادي.

3- الربا (الإقراض بفائدة) الذي مثَّل الإطار العقدي الذي يحكم علاقة وحدات العجز بوحدات الفائض سواء كانت هذه الوحدات استهلاكية أم إنتاجية، والربا زيادة على آثاره الأخرى يؤدي إلى توسع نقدي غير منضبط، ويؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، أي أن الربا يفضي حتما إلى التضخم؛ تضخم جذب الطلب لأنه يتسبب في خلق النقود جراء التوسع في الائتمان، وتضخم دفع الكلفة لأن التمويل هو المدخل الذي لا تستغني عنه أي عملية استثمارية؛ فالربا إذاً كلفة تمويل عقدية تفضي إلى رفع الأسعار، ومع كل هذه الآثار البيِّنة للربا؛ فإن هناك رغبة عامة وعارمة لدى أطراف النظام في تسويقه وترويجه لأنه الوسيلة لتمويل الاستهلاك وتمويل الإنتاج، فضلاً عن تحقيقه مكاسب بيوت التمويل.

4- رعاية فلسفة النظام ومؤسساته للمضاربات وتعقب فروق الأسعار في خروج عبثي للبيوع عن مقاصدها، فلا تملُّك ولا تمليك ولا قبض: لا شيء من هذا البتة، إن هذه المضاربات نشاط طفيلي عقيم، فلا قيمة جديدة يضيفها إلى الناتج ولا رفاهية يحرزها للمجتمع، لكنه نشاط مُكسب لصانعيّ الأسواق والحلقات الطفيلية التي تتكامل معها.

5- ومما زاد الطين بلَّة إن المضاربات أصبحت تجري بحجوم ترليونية وفق نظام الهامش، وهو نظام تمويلي يفعِّل أبأس ممارستين اقتصاديتين عرفهما الاجتماع الإنساني: أعني الربا والميسر، قد نجم عن هذا النظام توسع نقدي رهيب في أعلى مضاعف لخلق النقد عرفه الاجتماع الإنساني، وهو ولا شك سبب أكيد من أسباب التضخم.

وفي كل الأحوال فسواء كانت المضاربات في سوق السلع أو سوق الأوراق المالية أو العملات فإن هناك ميلاً للتذبذب ورغبة فيه، لأنه شرط تحقيق الأرباح، ولا تعجز الجهات صانعة السوق عن افتعاله لتنشيط الأسواق وجني المكاسب ولو على حساب الاقتصاد الحقيقي وحساب الأمن الاجتماعي.

6- النظام النقدي العالمي وإدارته المفرطة في أنانيتها؛ فالنظام الدولاري الذي آلَّ إليه الحال بعد بريتون وودز جعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عمليا بنكاً مركزياً للعالم ومديرا للسيولة الدولية، لكن وللأسف فإن هذه الإدارة قد أظهرت أنوية بالغة وأنانية مفرطة؛ فالورق الأخضر الذي تطبعه الولايات المتحدة والذي تموِّل به نشاطها الاستعماري، يملِّكها أصولا حقيقية حول العالم لا لشيء إلا لأن دول العالم قد قبلت الدولار نقداً ظهيراً لنقودها الوطنية فيما عُرف بالدولرة، وقبلت به احتياطياً لعملاتها وعملة قيادية تسِّعر بها المبادلات الدولية، ونتيجة هذا الواقع صارت الولايات المتحدة تجني بلا وجه حق أرباح عملية الأصدار هذه، وبالمقابل فقد وفَّر لها النظام النقدي القائم آلية ترحِّل من خلالها أعباءها إلى الآخرين في مفارقة شائنة لتوزيع مغانم الاقتصاد العالمي ومغارمه. ومع كل الوفر الذي هيأه موقع الولايات في النظام النقدي العالمي إلا إن الحروب الكونية التي دشنتها الإدارة الأمريكية استلزمت التوسع بالإنفاق بما جعل الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مدين في التاريخ، وارتفع العجز في موازينها إلى مستويات غير مسبوقة، وارتفع التضخم على نحو مريع عما كان عليه الحال قبل استلام إدارة بوش صندوق باندورا!!.

7- سياسات التحرير المالي التي جرّدت الدول من أي قوامة أو رقابة على الأسواق المالية؛ فاستطالت هذه الأسواق ففسدت وأفسدت، ومن مظاهر الفساد والإفساد ما يلي:

إن التحرير المالي والآليات التي استتبعها قد جعلت المال المستفَّز بهوامش الربح مثل غجري هائم يسافر في كل الدنيا!!، وأي سفر؟!. إنه سفر لحظي مدمِّر لا تجاري آثاره خبط عشواء ولا خبط عمياء، فقد سحق اقتصادات ومجتمعات كثيرة، ومع ذلك فقد كان مرعياً ومباركا من لدن آلهة النظام الاقتصادي العالمي وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي لم يفتأ يحابي قوارين المال.

ولم تكتف الأسواق المالية بإعداد المال لهذا السفر المتجاهل لحدود الجغرافيا، إنما أعدته لسفر آخر لا يقل عبثية وخطورة، عبر جملة من العقود والأدوات المستحدثة التي لم تراع للزمن حسابا، وهي عقود تتخبط في الغرر وتستدركه بغرر أفدح منه!! غرر وجود، وغرر حدود، وغرر قبوض!! بل لا استهداف للقبض أصلا!!. وبفقدان قواعد الظرفية الزمكانية انقلب الكون المالي إلى حالة من الهيولة في القوام واللامغزوية في الحركة!!. وكل هذا الخراب كان من دواعي اعتزاز الأسواق بقدرتها على تصميم المنتجات المالية حتى صارت الهندسة المالية المعاصرة تسوِّق منتجاتها إلى الجمهور تماماً كما تسوِّق دور الأزياء تقاليع الموضة. نعم لقد كانت المشتقات والخيارات والمستقبليات والبيوع الآجلة وآليات التحوط المزعوم، عقود عجيبة مُعمَّدة بالجهالة والغرر ولا يحكمها منطق سوى منطق المقامرة، وكان لابد أن يفضي هذا العبث إلى ما آلَّ إليه الحال.

إن فكر الأسواق المالية والفكر المالي والمصرفي عموماً قد اعتنق مبدأ في غاية السخف والأنانية؛ إذْ فكك متلازمة الملكية: الغنم والغرم، الخراج والضمان فأحدث بذلك ما يشبه الانشطار الذرِّي في الكون المالي، وهو انشطار مريع لابد أن تكون له نتائجه العاصفة؛ فالمسلك الأناني: الاستئثار بالمكاسب واستدفاع المخاطر عبر التحوط والتأمين وإعادة التحوط وإعادة التأمين؛ هذا المسلك قد أقام برزخا بين المخاطر ومن يتحملها وبين المكاسب ومن يجنبها، وفتح الباب واسعا لنشاط طفيلي افتراضي تجاوز حجمه حجم النشاط الحقيقي بأضعاف مضاعفة. ومن قبل ذلك واستجابة لتلك النزعة الانانية شطب النظام الاقتصادي الرشيد الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة فتمَّحضت مؤسسة فردانية متجرِّدة عن أي أعتبارات اجتماعية بصدد إدارة الثروة!!. ومن قبل ذلك أيضا وبحزم أكبر، كان “نظام نهاية التاريخ”، قد شطب الملكية الاجتماعية وخصخص القطاع العام، وبذلك أودى بكل الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية التي كان يرعاها، وما كان ينبغي لمجتمع راشد أن يقر أي من ذلك.

ومن مظاهر الفساد التي يشار إليها في تسبيب الأزمة المعاصرة مباشرة، ذلك الاستخدام الشائن لآلية التسهيم أو التوريق أو التسنيد؛ فقد استطاعت هذه الآلية أن توفر أداة في غاية الكفاءة والمرونة للتوثيق وللتمويل وللتداول، وكل هذه مقاصد مرعية ومشهودة لهذه الآلية، لكن الأسواق المالية المعاصرة وتحديداً الأسواق الأمريكية منها، قد استخدمتها استخداماً انتحارياً عبر توريق الديون وإعادة توريقها وبيعها في سلسلة غير منتهية؛ فالقرض العقاري جعل من الدار رهنا، وهذا الرهن ورقِّت قيمته وبيعت، ومن اشترى هذه الأوراق اعتبر نفسه مالكاً لأصل ورَّقه بدوره وباعه … وهكذا تضاعفت الالتزامات على نحو مريع بما جعل منها هرماً مقلوبا قاعدته في الأعلى وقمته في الأسفل … إن لبنة واحدة تنقض من هذا الهرم كفيلة بأن تسقطه، وهذا الذي كان في سوق الرهن العقاري، وهو الذي كان مع بطاقات الائتمان، وقد اعترف وزير الخزانة الأمريكية بمسئولية بلاده والأسواق المالية فيها عن هذه الأزمة التي تضرب آفاق العالم شرقا وغربا منذرة بأكبر ركود عالمي.

وإزاء شح السيولة في الأسواق نظرا للرغبة العارمة في تسييل الأصول المالية التي أصبحت ثقيلة الوطأة على نفوس أصحابها كان لابد أن تتدخل الحكومات وتضخُّ السيولة بحجوم كبيرة، كان لابد أن تتدخل فتشتري الأسهم التي زهد فيها المستثمرون حتى لا تنهار المصارف والمؤسسات، وكان لابد أن تتدخل وتشتري القروض المتعثرة حتى توقف التداعي في أركان هرم الأئتمان، لكن كل ذلك جاء متأخرا، فقد تلكأت الولايات المتحدة في التدخل مخافة أن تجرح كبرياء السوق ونظام المشروع الخاص مع إن التاريخ يخبرنا أنه في كل مرة تهتز فيها سارية النظام الرأسمالي تُستدعى الحكومات لتدعيم وهنه، ومع ذلك فما أن يشعر النظام وأسواقه بالتعافي ويشتد عوده حتى يستطيل ويدعو إلى الحجر على مسعفه!!.

والسؤال القائم الآن هل تكفي تلك المعالجات الفوقية للأزمة لاستدراك تداعي الاقتصاد العالمي إلى ركود عظيم؟! هذا ما تقدِّره قيادات النظام الرأسمالي، وما على العالم إلا الانتظار.

الخلاصة:

إن المشكلة تبدأ حقيقة في نظام التوزيع القائم الذي يركِّز الثروة ويجعل المال دُولة بين الأغنياء، وفي الوقت ذاته يُخضِع الفقراء المهمشين لابتزاز دعاية استهلاكية عارمة وموجهة تتوافق على مقاصدها الأطراف الفاعلة في النظام الرأسمالي.

ومن يُحرم المال كسباً ودخلا سيطلبه قرضاً، وسيكون عليه أن يُذعن للمرابين وشروطهم في تمويل شراء مسكن أو سيارة أو حتى مشتريات جارية تحرزها منظومة بطاقات الائتمان المُيَّسرة!!.

ولأن وحدات العجز هذه فقيرة بالأصل ولا تملك ما تقدمه رهناً فإنها ستقبل بالشروط القاسية التي تمليها الوحدات الإقراضية نظرا لارتفاع درجة المخاطرة.

ولارتفاع درجة المخاطرة هذه فستجتهد وحدات الإقراض لاستدفاعها بالتوريق والتأمين.

ولأن السوق ذكية جداً فإنها في كل مرة تقبل الورقة وتعتبرها أصلاً وتصادق على إعادة توريقها حتى استوى هرم الالتزامات منكوساً على رأسه!!.

ولأن الإعسار أمر حتمي بالنسبة لوحدات العجز مع التضخم ومع أسعار الفائدة العائمة كان الذي كان.

وبسبب المكابرة الأيديولوجية تأخرت الولايات المتحدة عن التدخل في الاسواق؛ فالدولة التي خصخصت حتى وظائفها السيادية لا تريد أن تتدخل في الحياة الاقتصادية!!.

وبسبب الإعلام الجماهيري الفاعل والترابط بين أسواق المال العالمية انتشر الهلع وكان الاعصار. لقد أكدنا باستمرار ولم نزل: أن ليس كل ما هو ممكن مدنيا هو منصف اجتماعياً وكفوء اقتصادياً ومرضي شرعياً، لكن السوق والإدارات التي تحابي السوق لها منطق آخر يقضي بأن كل ما هو مُكسِب لصُنّاعها ينبغي أن يروّج!!.

وهل كانت أسلمة الاقتصاد ستحميه من هذه الأزمات؟؟؟.

أعتقد أن أسلمة الاقتصاد العالمي وتحريره من طغيان السوق كانت ستحميه من هذه الأزمات لأن أسلمة الاقتصاد تعني ببساطة:

تحصينه من الربا وآثاره اللامحدودة واللامحمودة.

تحصينه من التمايز فالزكاة آلية دائبة لإعادة التوزيع وهي فرض من فروض الإسلام وركن من أركانه.

تحصينه من الجنوح الاستهلاكي؛ فالمجتمع المسلم مجتمع قيمي يستهلك ليعيش لا يعيش ليستهلك.

التوقف عند مقاصد البيع الحقيقية الهادفة إلى التملُك والتمليك للطيبات التي تشبع الحاجات الإنسانية.

لا إمكانية للمضاربات مع الأحكام التي توجب القبض وتشترطه لصحة البيع.

لا إمكانية للمضاربة بالعملات تحديدا لان أحكام الصرف وفقه المقاصد يمنع ذلك.

لا إمكانية لقبول نظام الهامش وحماقاته.

لا إمكانية لقبول عقود الغرر والتغرير والميسر.

لا إمكانية للفصل بين عناصر الملكية التي اعتبرها الشارع الحكيم؛ فالغنم بالغرم والخراج بالضمان.

لا إمكانية لتصور ملكية خاصة بلا وظيفة إجتماعية ولا إمكانية لتصور نظام اقتصادي يجهز على القطاع العام والملكية العامة ويتجاهل الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية التي يوفرها هذا القطاع.

لا إمكانية لعزل الدولة عن الحياة الاقتصادية لان ذلك من تكاليفها الشرعية.

لكل ما تقدم، ولكل معطيات المذهب الاقتصادي في الإسلام نعتقد أن أسلمة الاقتصادات العالمية كفيلة بتحريزها عن مهاوي الأزمات الاقتصادية.

وما ينبغي الانتباه إليه الآن بجدية هو ضرورة تجريد النموذج الإسلامي الحق من الاجتهادات الذيلية التي حاولت أن تؤلِّف الإسلام لنظام السوق؛ فالمحذور أن تكون تلك الاجتهادات الممسوخة وتلك الحيل الرخيصة سببا في الصدِّ عن الإسلام ومنهجه الاقتصادي، إذ لا شك أن خيبة أمل المتلفتين إليه ستكون كبيرة حين يجدون أنفسهم إزاء نظام السوق الذي يعرفون ولكن بعباءة إسلامية!!.

وبعد فلا أزعم بهذا المقال أنني قدمت تفسيرا يتجاوز التفسيرات التي قدَّمها غيري ممن هم أكثر مني معايشة للنظام ومعرفة بأسراره، إنما احببت ان ارسم صورة الأزمة: أسبابها وحيثياتها، كما نراها نحن طلبة الاقتصاد الاسلامي.

وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: http://faculty.yu.edu.jo/SABHANY/default.aspx?pg=31136734-75c5-43eb-9827-c1020c82e669