كيف استثمر الإسلام في الإنسان(الاستثمار البشري) – هايل عبد المولى طشطوش
الإنسان من أعظم مخلوقات الله وأكرمها ولا أدل على ذلك من المهمة العظيمة التي حّمله إياها خالقه العزيز الحكيم وهي خلافته في الأرض والقيام بكل أعباء المهمة العظيمة التي خلق الشارع الحكيم بني الإنسان من اجلها وهي عمارة الكون وذلك بأمرين هامين هما العمل والعبادة ويندرج تحتهما كل ما يمكن ان يقوم به الإنسان من نشاطات .
( الإنسان بنيان الله في الأرض ملعون من هدمة ) حديث شريف يدل على ان الإنسان يشبه البنيان له زوايا وأركان له حدود… بداية ونهاية، فهو في هذا الإطار يصول ويجول في هذا الكون بما ينسجم مع الرسالة والأمانة المناط بحملها ، ولكن الإنسان لم ُيترك عبثا بل أودع الله به كل مقومات القوة الفكرية والجسدية والنفسية التي من خلالها يستطيع أن يحقق المعجزات ويصنع ما تعجز عنه باقي المخلوقات ، فمهمته الأولى وهي عمارة الكون تستدعي منه يكون مؤهلا ومدربا فكريا وبدنيا ليتمكن من تحقيق الإنجاز وبناء على ذلك فقد طلب منه السلام الالتزام بعدد من السلوكيات التي تجعل منه أنسانا قادرا ولعل من ابرز ما علية الالتزام به ليحقق الاستثمار الرباني منه على هذه الأرض هو العلم والمعرفة ، فقد ركز الإسلام على موضوع العلم والمعرفة ورفع من قيمة العلماء وطلاب العلم حتى جعل الله عز وجل ارفع الناس وأكرمهم مكانه على وجه الأرض هم العلماء بل جعل طريق العلماء وطلاب العلم هي أجنحة الملائكة وجعل نهاية هذه الطريق هي الجنة ، بل ورث الإسلام العلماء وجعلهم في مرتبة ما بعد الأنبياء ، كل هذه الأدلة تشير إلى أهمية الإنسان العالم العارف لأنه بغير العلم يتخبط الإنسان ويعجز عن أداء الواجبات المكلف بها من رب العالمين ، ووجه الاستثمار الثاني هو العمل فقد جعل الإسلام العمل عبادة وحض علية ورغب به ورفع منزلة العاملين الكادحين وجعلها أعلى من منزلة غيرهم من المتقاعسين المتخاذلين وجعل قدوة الإنسان في العمل هم الأنبياء عليهم السلام حيث عملوا في كافة أنواع وأشكال المهن من الرعي إلى النجارة إلى الخياطة إلى الحدادة إلى التجارة … الخ وهذا يدل على ان الإسلام لم يفرق بين مهنة وأخرى فالعمل الحلال هو العمل المقبول في الإسلام ، وبشر الإسلام الإنسان العامل بالمغفرة حيث قال علية الصلاة والسلام :” من أمسى كالا من عملة أمسى مغفورا له ” ” وما أكل ابن طعاما خيرا من كسب يده ” فالعلم والعمل هما بناء وتحقيق وتنشيط للاستثمار الإلهي في الأرض ، إن هذين العاملين هما مقومات الاستثمار الإلهي في الأرض وقد هيأ الإنسان لهما من خلال تكوينه النفسي والبدني والروحي وجعل فيه الاستعداد لهما وفطره على حبهما فالإنسان مجبول على حب المعرفة والتعلم ومن ازداد علما ازداد خوفا من الله فالعلم هو الطريق إلى معرفة الله ، والعمل هو الطريق إلى بناء الأرض وتحقيق استمرار النوع الانساني لان فيه استغلال واستكشاف للخيرات والثروات التي أودعها الله في الكون وجعلها مخبأة ليستفز طاقات الإنسان ويحرضه على البحث عنها واستكشافها من خلال تعبئة كافة الموارد المتاحة ، والمسلم حين يلتزم بهذه المقومات يصبح قويا مستقل الإرادة لا يتبع أحدا ولا يدين بالولاء والعبودية لغير الله لان رزقه واجله بيده وحده سبحانه وتعالى .
نشرت في جريدة الرأي الأردنية العدد 14430 تاريخ 14/4/2010
أحدث التعليقات