الاقتصاد العالمي بين الاستقرار والانفجار – هايل طشطوش يعيش الاقتصاد العالمي اليوم حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار فتارة نشاهد استقرار الأوضاع المالية والمعيشية لسكان الأرض وتارة نشهد الاضطراب والخلل …، فهاهي أزمة الغذاء بدأت تعصف بسكان الأرض أجمعين بعد ان كان الجوع يحاصر جيوبا معينة من الأرض ،فأصبح الجميع اليوم –حتى سكان الدول الغنية – يصيح من ندرة الموارد وقلة المواد وتراجع المعروض منها ،أضف إلى ذلك الحمى الشديدة التي بدأت تجتاح العالم إلا وهي حمى ارتفاع الأسعار التي بدأت رياحها تطال كافة سكان الأرض بلا استثناء ، وهنا يتسأل البشر ما الذي حل بكوكبهم ،هل ما عادت الأرض تنتج خيرات وثمرات؟؟ ،أم زاد عدد البشر عن الحد اللازم لطاقة الأرض ؟؟؟ …… لكن نظرة فاحصة لما يشهده العالم وبتحليل اقتصادي سياسي بسيط يظهر السبب ويبطل العجب ، فالأرض ما زالت تنتج وبكثرة وما زالت الخيرات والثمرات تتدفق وبكثرة ،وما زال ظاهر الأرض يستوعب من البشر كما يستوعب باطنها .. بل أكثر!!! ولكن طمع البشر وجشعهم هو السبب..؟ فمن يملك قيراط يريد له ثاني ومن يملك اثنين يبتغي لهما ثالثا … ان النظام الاقتصادي الذي يحيا العالم في ظله اليوم هو نظام رأسمالي صرف يقوم على أساس المنافسة والسوق الحرة وتراكم الثروات وتجميع الأموال وتكديسها في خزائن الأغنياء ، ففي النظام الرأسمالي الغني يزداد غنا والفقير يزداد فقرا ،وهذا هو ما يحصل في العالم اليوم ،فمؤسسات الرأسمالية العالمية هي التي تتحكم في إنتاج كل شيء تقريبا وخصوصا طعام البشر وموارده الغذائية، لذا فهي تتحكم بها وتحتكرها لصالحها وتستخدمها كأداة ضغط لتحقق من خلالها مكاسبها وتحقق مصالحها وغاياتها السياسية تحديدا…. ، تتبجح الرأسمالية العالمية وترمي عن كاهلها أسباب هذه الأزمات التي يعيشها العالم اليوم بقولها أن الدول النامية نفسها هي التي خلقت هذه ألازمات من خلال زيادة استهلاكها من الحبوب والطعام إضافة إلى أن هذه الشعوب بدأت تغير عاداتها الغذائية فأصبحت تتجه نحو المزيد من الرفاهية الغذائية حيث زادت هذه الشعوب من تناول الحليب والسكر والمواد الأخرى التي يجب ان تبقى مقصورة على فئة معينة من سكان الأرض ،وكان هؤلاء البشر لهم أصناف معينة وكميات معينة لا يجوز لهم أن يتجاوزوها …!!!!!! ان الأرض تمتلئ بالخيرات والثروات ولكن وكما تشير تقارير المنظمات الاقتصادية العالمية – إن توزيعها غير عادل وغير صحيح ،فكميات الحبوب التي تنتجها الأرض لو قسمت بالتساوي بين البشر لحصل كل فرد في الأرض على حاجتة وزيادة 100 غرام عن حاجته !!!! ولكن هيهات هيهات أن تقبل القوى الرأسمالية التي غايتها الاحتكار والربح وتكديس الثروات بهذا المنطق ،….. في ظل هذه الأوضاع التي بداء يعيشها العالم يجدر بالدول النامية التي تمتلك المواد الخام والأرض المنتجة أن تسعى وبكل طاقاتها للاعتماد على نفسها وتبدأ بالإنتاج لإطعام شعوبها لأن الأمر لن يكون له حلول منظورة بل انه سيزداد تعقيدا مع الأيام ،وخصوصا إذا ما علمنا أن مصالح الدول الرأسمالية الكبرى السياسية تزداد وتتسع ، والذي يدقق في واقع الأمر يرى كم أصبح التداخل كبيرا بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي حتى تلاشى الخيط الذي يفصل بينهما تماما فأصبحت السياسية هي التي تسير الاقتصاد والاقتصاد هو الذي يحكم السياسية العالمية ،ومع استمرار هذا الواقع فان الحل لن يكون قريبا والأزمات ستزداد وسيشهد العالم المزيد المزيد من الأزمات والكوارث والنكبات وخصوصا الغذائية منها !!!!؟؟.
نشرت في موقع رابطة أدباء الشام بتاريخ 2/8/2008
أحدث التعليقات