“إن المصارف الإسلامية مؤسسات حديثة الولادة في عالم الصناعة المصرفية،غير أنها أثبتت أنها مولود قوي رغم بعض التحديات التي تعتريها وفي مقدمها الصعوبات التي تواجه الصناعة ذاتها وليس مؤسسات مصرفية معينة، وعليه فعلى الغيورين على المصارف الإسلامية أن يكون همهم وتركيزهم على الصناعة مترفعين عن منافسة الأقران المشروعة والتي تصب في نهايتها لصالح العميل المستفيد والعميل المستثمر”
إن المصارف الإسلامية مؤسسات حديثة الولادة في عالم الصناعة المصرفية،غير أنها أثبتت أنها مولود قوي رغم بعض التحديات التي تعتريها وفي مقدمها الصعوبات التي تواجه الصناعة ذاتها وليس مؤسسات مصرفية معينة، وعليه فعلى الغيورين على المصارف الإسلامية أن يكون همهم وتركيزهم على الصناعة مترفعين عن منافسة الأقران المشروعة والتي تصب في نهايتها لصالح العميل المستفيد والعميل المستثمر.
غير أن الواقع وفي كثير من المواضع لا يلفت إلى هذا التعاون المرغوب، وهنا وقبل دعوات التعاون التي قد تصنف “استهلاكية” أو قد يساء الظن بها وتفسر عند البعض على أنها من قناة الغمز واللمز لبعضنا، أحب أن أنظر للموضوع من ناحية أخرى تجتمع عليها جل آرائنا وهي جهة التحديات:
أولاً: اكتساب مرضاة الله فالصناعة المصرفية هدفها الأول طاعته عز وجل، ولتحقيق هذا علينا النجاح في الخدمة بصورتها الشرعية المبرأة من أي لبس فني، قانوني، إداري أو مالي.
ثانياً: البيئة الاجتماعية المستهدفة تغلغلت فيها أفكار المصرفية التقليدية، وهذا تحدٍ على مستويين:
الأول: أنها تورث الصورة الإسلامية شبهة التقليدية سلفاً.
والثاني: أنها تصعب عملية الإقناع بالجديد على قاعدة ” أن الإنسان عدو ما يجهل”.
ثالثاً: البيئة القانونية المتحفظة وغير المتعاونة أحياناً، إن لناحية حداثة التجربة أو لناحية عدم استفزاز القطاع المستقر.
رابعاً: البيئة التنافسية، فجل المتاح للقطاع التقليدي محرومة منه المصارف الإسلامية ومن وجهتين:
الأولى: حرمة المعاملة- كسندات الخزينة وعدم وجود البديل وغيرها.
الثانية: ضعف التقنين وتضارب التعديلات القانونية- كتعديلات المصارف المركزية دون تعديلات وزارة المالية وقس على ذلك.
خامساً: ارتفاع المخاطر المقبولة شرعاً والمرفوضة مصرفياً في عيون الجهات الناظمة.
سادساً: أجهزة الرقابة الرسمية والفنية والتي لا تراعي خصوصية المصرفية الإسلامية وتحاسبها بآليات المصارف الأخرى.
سابعاً: ارتفاع كلف التشغيل وضغوط الربحية المفروضة من الملاك.
إن اكتفينا بما سبق، دون الإستطالة في التحديات نجد الأمر أكثر من ملح للتعاون وفي مجالات متعددة منها:
1.توريث البيئة الاجتماعية الصورة الشرعية المطمئنة، وهو ما يمكن تطبيقه بتوحيد الجهود في نشر الوعي، وفي صياغة لغتنا للجمهور، والعمل على توحيد آلياتنا في التعامل، فمزايا التنميط وآثاره على الجمهور أكثر من مهمة، فنمطية المعاملات والتعامل في المصرفية التقليدية جعلتها محصنة بأسوار عالية ترهق متجاوزها.
2.توحيد الجهود في مخاطبة الجهات الرسمية والقانونية والناظمة والرقابية يدعم الممارسة ويحقق للصناعة الكثير على الصعيد القانوني والصعيد التنافسي مع الآخر.
3.تأهيل الكوادر مشكلة المصرفية الإسلامية الأولى، يمكن تجاوزها بتبادل الخبرات المعترف بها فيما بيننا فجميعنا نبتغي مرضاة الله، وما هو اليوم “سر” فغداً متاح في الأسواق، كما أن التبادل داخل الصناعة يقويها ويزيد اللحمة في أواصرها ويغنينا عن الاستعانة بتدريب غير منضبط بأصول الصناعة من الناحية الشرعية الأمر الذي يزيد الهدر في كلف التدريب ويؤخر تحقيق النتائج لمصارفنا.
4.العمل على تمييز رمضان والمناسبات الإسلامية عموماً والعيدين خصوصاً بمناسبات احتفالية نتخذها منصة لمخاطبة الجمهور كمواعيد نظامية ينتظرها المجتمع ليعرف أكبر منتجاتنا وعروضنا وخدماتنا، فاهتمام المصارف التقليدية بمناسباتها رسخت مفاهيم في نفوس العملاء ليس أقلها الولاء للصناعة التقليدية.
5.اختراق الأسواق بمنتجات متوافقة، نخرج بها للجمهور كأننا لسان واحد ولنترك المنافسة في خدمة العملاء هي الحكم، وهذه السياسة إن لم تحقق لآحادنا شيء إلا أنها أكسبتنا كمصارف إسلامية مجتمعة حصة أكبر من السوق المصرفي ففي هذا نفع بالغ.
6.تضافر الجهود على استحداث منتجات متوافقة مع الشريعة عبر فريق تطوير مشترك.
7.الاتفاق على تأليف هيئة شرعية موحدة على صعيد الدولة تتمثل فيها المصارف الإسلامية العاملة جميعها بعضو من كل هيئة، على أن تكون الرئاسة فيها مداورة، تناقش الهموم المشتركة وتقنن العمل والفتاوى المصرفية المتداولة.
8.بناء برنامج تدريب منتظم لطلبة العلم الشرعي والمشايخ بإدارة وكلفة مشتركة بين المصارف.
9.بناء نظام معلومات شبيه بمركزية المخاطر، للحذر من العملاء المماطلين والمتأخرين عن الدفع وخاصة المتساهلين في تعاملهم مع المصارف الإسلامية لمعرفته بصبر المصارف الإسلامية عليهم وتأخرهم في إيقاع التزام التصدق(عند البعض غرامات التأخر)، بعكس حاله مع المصارف الأخرى التي ترهقهم بالفوائد.
10.تبادل النقدية فيما بينهم على نظام القرض الحسن بالنقاط تلافياً للتعامل عبر أسواق المعادن في كثير من المواضع أو حتى تبادل أرصدة العملات المختلفة تلافياً للعديد من عقود الصرف والتحوطات المرافقة لها.
11.المشاركة في العديد من الأنشطة يخفض الكلفة ويجمع الكلمة ويوحي بالثقة للمجتمع والجمهور، ما ينعكس أنفعية أكبر وأريحية أقوى في حصتنا من السوق كصناعة.
12.التكامل في إطلاق مشاريع التمويل الصغيرة خدمة للدور الاجتماعي للمصارف الإسلامية عبر برامج منافسة للمصارف التقليدية.
13.تحديد طلباتنا من الجامعات لناحية مواصفات المتخرجين الأنسب للمصرفية.
المنافع كثيرة والمجال يطول والمقام يضيق ولكن الحكمة تقول “في الاجتماع قوة” وهذه القوة نريدها للصناعة والمجتمع.
الدكتور/ سمير الشاعر
المراقب الشرعي في بيت التمويل العربي
المصدر: http://www.cibafi.org/NewsCenter/Details.aspx?Id=11452&Cat=12&RetId=0
أحدث التعليقات