مقال: محمد عبد الله دراز في الربا – رفيق يونس المصري

مقــــــــــــــــــــــال

محمد عبد الله دراز في الربا

أ.د رفيق يونس المصري

المصدر: الموقع الشخصي للكاتب
الرابط المباشر للمقال: أنقر هنــــــــــــــــا

محمد عبد الله دراز ( 1894-1958م )، حصل على العالمية عام 1916م، وعيّن أستاذًا للتفسير بكلية أصول الدين. وفي عام 1936م سافر إلى باريس، وحصل منها على دكتوراه في فلسفة الأديان عام 1947م. وتألفت رسالته من جزأين : الأول : مدخل إلى القرآن الكريم، والثاني : دستور الأخلاق في القرآن الكريم. رفض منصب شيخ الأزهر عام 1953م، لعدم الاستجابة إلى مطالبته باستقلالية الأزهر، وبإجراء إصلاحات جوهرية عليه. توفي في لاهور أثناء انعقاد مؤتمر الأديان، ودفن في مصر، رحمه الله. من كتبه :
  • النبأ العظيم : نظرات جديدة في القرآن.
  • دستور الأخلاق في القرآن.
  • الدين : بحوث ممهدة لتاريخ الأديان.
  • المختار من كنوز السنة النبوية.
  • الربا في القانون الإسلامي ( محاضرة ).
محاضرته “ الربا في القانون الإسلامي ” ألقاها بالفرنسية مندوبًا للأزهر في مؤتمر القانون الإسلامي المنعقد بباريس 1951م. نشرها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية،  وتقع في 23 صفحة، وهي تتألف من الفقرات التالية :
  • مقدمة تاريخية : مصر في عهد الفراعنة، أثينا وروما، أسبارطة، اليهودية والنصرانية، أوربا المسيحية، بلاد العرب قبل الإسلام، البلاد الإسلامية في العصر الحاضر.
  • حقيقة حكم الربا في الإسلام أخذًا من المصادر الأولى للتشريع : القرآن، السنّة.
  • وجاهة التشريع القرآني من النواحي الثلاثة : الأخلاقية، والاجتماعية، والاقتصادية.
خلاصة المحاضرة :
  • تدرّج القرآن في تحريم الربا كتدرّجه في تحريم الخمر.
  • الربا كل زيادة على رأس المال كثرت أو قلّت.
  • الربا الفاحش اصطلاح أوربي حادث.
  • الأضعاف المضاعفة في القرآن وصف للربا لا لرأس المال. ذلك لأن الربا الذي يكون أضعاف رأس المال لا بد أن يصل إلى ثلاثة أمثال رأس المال، فإذا ضوعفت هذه الأضعاف الثلاثة كان ستة أمثاله، وهذا غير معقول، ولا يفعله أجشع المرابين.
  • الربا في السنة جاء تحريمه ليسدّ الطريق إلى قرض ربوي تحت ستار البيع.
مناقشة :
من مزايا المحاضرة أنها مختصرة وواضحة ومناسبة للجمهور غير المسلم. وقد سلك  فيها دراز مسلكًا غير مسلك زميله معروف الدواليبي الذي ألقى محاضرة في المؤتمر نفسه، وكان وقتئذ رئيسًا لمجلس النواب السوري، ذهب فيها إلى التمييز المعروف لدى الغربيين بين قروض الاستهلاك وقروض الإنتاج. لكن قد تؤخذ على دراز  المآخذ التالية :

  • يقول دراز : ” إن السنّة النبوية تريد أن تحمي النقود والأطعمة “. النقود : الذهب والفضة. الأطعمة : القمح، الشعير، التمر، الملح. ولكن هذا غير مسلّم في سياق الربا، وهو يتناقض مع ما سبق أن قاله دراز نفسه، في المحاضرة نفسها، من أن المراد سدّ الذريعة إلى ربا القرض.
  • شبّه دراز القرض بالإعارة، فكما أن الإعارة مجانية فكذلك القرض يجب أن يكون مثلها مجانيًا. لكن هذا التشبيه فيه نظر، لأن أموال القرض غير أموال الإعارة. فأموال القرض أموال مِثْليّة غير قابلة للإجارة، أما أموال الإعارة فهي أموال قيمية قابلة للإعارة وقابلة للإجارة. أما إعارة الأشياء الصغيرة، كما في الماعون، فهذا قد يكون حجة عليه لا له، لأن هذا سيقوده إلى منع الربا في القروض الممنوحة للاستهلاك الضروري، وهو يريد منع الربا في الاستهلاك الضروري وغير الضروري، كما يريد منعه في الإنتاج أيضًا سواء كانت القروض الإنتاجية كبيرة أو صغيرة.
  • يستخدم دراز أحيانًا كلمة الربح بدل كلمة الربا. فيقول مثلاً : ” إن مجرد تقرير ربح مضمون لرب المال (…) فبه محاباة للمال “. وهذا فيه نظر، لأن مفهوم الربح يختلف عن مفهوم الربا. والربح يكون في البيع، والربا في القرض أو ما يكون ذريعة له. والأصل في الربح أنه حلال، وفي الربا أنه حرام.
  • نقل دراز هذه المقولة : ” قضية الربا في وقتنا هذا قضية تطبيق وليست قضية مبدأ “. ولم يجب عنها، وتبدو لي غامضة لا يمكن الردّ عليها قبل فهمها.
  • كلمة أخيرة حول عنوان المحاضرة وعنوان المؤتمر : كان من المستحسن في الترجمة العربية أن تستخدم عبارة ” الشريعة الإسلامية ” أو “الفقه الإسلامي” بدل ( القانون الإسلامي ). فعبارة القانون الإسلامي اقتضتها الترجمة من العربية إلى الفرنسية، فإذا أردنا الرجوع إلى العربية وجب الرجوع إلى الشريعة أو الفقه لا إلى القانون. والله أعلم بالصواب.