مقــــــــــــــــــــــــــال
محمد أبو زهرة في الربا
أ. د رفيق يونس المصري
المصدر: الموقع الشخصي للكاتب
الرابط المباشر للمقال: أنقر هنــــــــــــا
محمد أبو زهرة ( 1898-1974م ) التحق عام 1913م بالجامع الأحمدي في طنطا، الذي كان بمثابة معهد ديني حينذاك، وبقي فيه 3 سنوات، بدت عليه فيها ملامح التفوق، مما جعل الشيخ الأحمدي، الذي صار فيما بعد شيخًا للأزهر، يقترح له مكافآت تفوق، ويوصي بأن يمكث في الدراسة أقل من زملائه.
فهو يستوعب سنوات عديدة في سنة واحدة. لكن ذلك لم يتحقق، لمخالفته للقوانين واللوائح، ولأن أبو زهرة انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي عام 1916م، بعد اجتيازه مسابقة كان فيها من الأوائل. وكان إنشاء هذه المدرسة باقتراح الشيخ محمد عبده، وتنفيذ الزعيم سعد زغلول. وفي هذه المدرسة تم التكوين العلمي الحقيقي لأبو زهرة، إذ قضى فيها 9 سنوات، وتخرج منها عام 1925م. وحصل أبو زهرة على دبلوم دار العلوم عام 1927م. ودرّس في المدارس الثانوية، وفي عام 1933م درّس في كلية أصول الدين الجدل والخطابة وتاريخ الديانات، وألف فيها كتبًا تُرجم بعضها إلى عدة لغات. وفي عام 1934م صار مدرّسًا للخطابة في كلية الحقوق، مع بقائه في كلية أصول الدين حتى عام 1942م. وفي عام 1935م انتقل من تدريس العربية إلى تدريس الشريعة في كلية الحقوق، إلى أن صار رئيسًا لقسم الشريعة فيها، حتى سنّ التقاعد عام 1958م.
كما درّس في المعهد العالي للدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، ثم في كلية المعاملات والإدارة في جامعة الأزهر. وشارك في إنشاء جمعية الدراسات الإسلامية، ومعهد الدراسات الإسلامية، وتولى فيه رئاسة قسم الشريعة. وفي عام 1962م اختير عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية. له عدد كبير من الكتب، منها :
- تفسير القرآن الكريم، من الجزء 2 إلى منتصف الجزء 6، منشور في مجلة لواء الإسلام.
- القرآن المعجزة الكبرى.
- خاتم النبيين.
- كتب عديدة عن بعض أئمة السنة والشيعة، آرائهم وفقههم.
- العلاقات الدولية في الإسلام.
- الملكية ونظرية العقد.
- أحكام التركات والمواريث.
- الميراث عند الجعفرية.
- موجز في أحكام الوقف.
- الوقف في ماضيه وحاضره. لعل هذين الكتابين الأخيرين جُمعا في كتاب واحد : محاضرات في الوقف.
- تنظيم الإسلام للمجتمع.
- تنظيم الأسرة وتنظيم النسل.
- التكافل الاجتماعي في الإسلام.
- له بحوث عن الزكاة منشورة في مجلة لواء الإسلام 1950م، وفي كتاب التوجيه التشريعي في الإسلام جمع محمد عبد الرحمن بيصار، ج 2، وفي كتاب الموارد المالية في الإسلام لإبراهيم فؤاد أحمد علي، وفي كتابه : تنظيم الإسلام للمجتمع.
- تحريم الربا تنظيم اقتصادي : نشر في مجلة حضارة الإسلام، دمشق، 1961م
- بحوث في الربا، تتضمن الكتاب السابق، وحذف المكرر منه. وأخشى أن يكون هناك تصرف في الكتاب غير مجرد حذف المكرر. والقسم الجديد هنا سبق نشره بعنوان ” الربا ” في مجلة ” المسلمون ” 1953م.
محمد أبو زهرة واحد من الفقهاء القلائل الذين تمسكوا بتحريم الربا، ووقفوا بحزم وإصرار في وجه المبيحين. هذه هي أفكاره في الربا :
- الربا هو الزيادة في نظير الأجل : تَقضي أم تُربي ؟
- الربا هو قرض مؤجل بزيادة مشروطة.
- الربا عائد مضمون من غير عمل ولا مخاطرة ( ولا خسارة ).
- المرابي هو الرابح دائمًا، لأنه محصّن من الخسارة.
- الربا غير فِطري ( تحريم الربا هو الفِطرة ).
- الربا آفة الآفات في الاقتصاد.
- الربا آفة اجتماعية تعوّد المرابي على الكسل.
- الربا سبب الأزمات والدورات التجارية والكوارث والاضطرابات الاقتصادية والإفلاس.
- التقليل من الديون : للوقاية من الأزمات ومعالجتها.
- الربا سبب الاضطرابات النفسية وارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية والجلطة الدموية والموت المفاجئ ( نقلاً عن الإسلام والطب الحديث لعبد العزيز إسماعيل ).
- الربا في خدمة القمار والمضاربة على الأسعار.
- من لم يأكله ناله غباره.
- أرسطو : الفائدة كسب غير طبيعي، لأن النقد فيها يلد النقد، وهو مقياس للقيم، وليس سلعة يتجر فيها، وينتج غلّة من دون عمل، ولا تبِعة. الغلّة تتولد طبيعيًا من الزرع والحيوان والأرض، أو صناعيًا من تحويل المواد الخام، أو تجاريًا بالنقل من مكان إلى مكان، أو من زمان إلى زمان.
- لوثر يحرّم الفائدة في القرض، بل حتى في البيع المؤجل، ويندّد بالذين لا يحبّون أن يبيعوا شيئًا بالنقد، ويؤثرون أن يبيعوا سلعهم جميعًا بالنسيئة ( في رسالته عن التجارة والربا، نقلاً عن العقاد في كتابه : حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ). ولوثر هو الذي نفذ إلى روح المسيحية، ولعله اقتبس أفكاره من الإسلام.
- بدأ تحليلُ الربا بادعاء أن الفائدة هي أجر الإدارة.
- زعموا أن الفائدة القليلة لا تتنافى مع الأخلاق.
- اليهود استولوا على عرش الاقتصاد، وحولوا العالم إلى عالم ربوي.
- آل روتشيلد خمسة أبناء لرجل يهودي واحد اقتسموا أوربا وأمريكا : واحد في ألمانيا، والثاني في إنكلترا، والثالث في النمسا، والرابع في إيطاليا، والخامس طوّاف. أسسوا المصارف الربوية، وصاروا يقرضون الدول والملوك، واختار البابا أحدهم مديرًا لأمواله في روما !
- ” لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة ” ( آل عمران 130 ) : التضاعف في الربا لا في أصل الدين.
- الربا محرم تحريمًا قطعيًا في الإسلام.
- من أنكر الربا فقد أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة.
- الربا حرام في قروض الاستهلاك وفي قروض الإنتاج.
- قروض الجاهلية كانت في معظمها قروضًا إنتاجية.
- ربا العباس عمّ النبي كان من ربا القروض الإنتاجية.
- بنو المغيرة هل كانوا يقترضون ليأكلوا أم كانوا يقترضون ليتّجروا ؟
- الربا في التنظيم الاقتصادي لا تبيحه مصلحة ولا ضرورة.
- الضرورة يمكن تصورها في الأحوال الفردية فقط.
- الضرورة يمكن تصورها بالنسبة للمقترض لا المقرض.
- الربا ليس هو الباعث على الادخار.
- كينز : الأفراد لا يدخرون بقصد الدخول، بل بقصد تكوين رؤوس الأموال.
- الادخار يستمر حتى لو صارت الفائدة صفرًا ( نقلاً عن مقالة لمحمود أبو السعود في مجلة ” المسلمون ” ).
- الأسهم تغني عن السندات : لماذا يستأثر المساهمون القدامى برأس مال الشركة ؟
- الذين يؤوّلون النصوص لتحليل الفائدة هل سيؤوّلونها مرة أخرى لتحريمها إذا قرر الاقتصاديون ذلك ؟ العبث بالنصوص، جعلوها هزوًا ولعبًا.
- لو سلمنا جدلاً أن محمد عبده أو رشيد رضا أو غيرهما أباحوا الربا فإننا لا نتبعهم ولا نقيم لقولهم وزنًا، فلسنا نتبع الرجال على أسمائهم.
- هل نُخضع الدِّين للاقتصاد أم الاقتصاد للدِّين ؟
- الربا نوعان : ربا ديون، وربا بيوع.
- ربا الديون، أو ربا النسيئة، أو ربا الجاهلية، أو ربا القرآن، أو الربا الأصلي، أو الربا الكامل، أو الربا الجلي، أو الربا المحرم لذاته، أو الربا الذي لاشك في حرمته، أسماء مختلفة لحقيقة واحدة.
- ربا البيوع = ربا الفضل + ربا النَّساء.
- ربا البيوع حرم سدًا للذريعة، الذريعة إلى ربا الديون.
- ربا النَّساء غير ربا النسيئة في الاصطلاح.
- ربا النَّساء لم تكن تعرفه العرب.
- ربا الفضل هو الزيادة عند وجوب المماثلة.
- ربا النَّساء هو التأخير أو التأجيل عند وجوب القبض.
- العلّة في ربا البيوع : اختار أبو زهرة الثمنية في الصنفين ( الذهب والفضة )، والطعم والادخار في الأصناف الأربعة الأخرى. وهو رأي حذاق المالكية.
- التحايل على الربا ( بيع العِينة ).
وأحلّ الله البيع وحرّم الربا : لأن البيع فيه ربح وخسارة، أما الربا ففيه كسب من غير تحمل أي خسارة.
البيع الآجل : يبدو أن أبو زهرة يمنع البيع بثمن آجل أعلى من العاجل، أو يجيزه بصعوبة، كما يمنع الوضيعة ( الحطيطة ) للتعجيل. فهو يقول في المسألة الأولى : ” الزيادة في الثمن المؤجل جائزة، لكن لا باعتبارها زيادة في مقابل الزمن ” ( عِوض عن الأجل ) ( انظر كتابه عن الإمام زيد ). ويقول في المسألة الثانية : ” لم نجد هذا القول إلا في الدر المختار ( حاشية ابن عابدين ) نسبة لبعض المتأخرين (…)، وإن أبا السعود ارتضاه لأنه كان يسهل على سليمان القانوني ما يريد من إدخال الأفكار الأوربية في بلاده، ولذا لم يعتبر علماء الأتراك فتاويه. وقد وجدنا المتقدمين يقولون عكس هذا القول، فها هو ذا الجصاص يقول : إذا كان عليه 1000 درهم مؤجلة فوضع عنه، على أن يعجّله فإنما جعل الحطّ بإزاء الأجل، فكان في معنى الربا الذي نُص على تحريمه “.
وإني أخالفه في المسألتين، وأرى أن الزيادة عِوَض عن الزمن، فالزيادة المشروطة في مقابل الزمن ممنوعة في القرض، وجائزة في البيع. أما الحطيطة للتعجيل فالذين أجازوها أكثر ممن ظنَّ أبو زهرة. وتفصيل ذلك في مواضع أخرى، منها كتابي : ” بيع التقسيط “.
التأمين : يجيز أبو زهرة التأمين التعاوني، ويمنع التأمين التجاري.
أحدث التعليقات