من أساسيات بناء اقتصاديات الأمم والشعوب هو نشاطها وعملها وسعيها لاستغلال وتوظيف ما تملك من خيرات وثروات لبناء المجتمع من كافة الجوانب الاقتصادية والثقافية والعمرانية وتوفير كل متطلبات الحياة الكريمة لإفرادها لينعم الناس بخيرات الله الكثيرة التي انعم عليهم بها ، وفي الإسلام العمل عبادة وله من القداسة والأهمية ما له حيث أدرك الإسلام بان بناء الحضارات وقيام المجتمعات الفاضلة الحرة الكريمة لا يتم إلا بالعمل لأنه السبب الرئيس في إصلاح الحياة حيث يساهم أيضا في توفير الأمن والاستقرار والرفاه ، بل انه يصعب تخيل الحياة بلا سعي ولا عمل ولا عمارة وهذه هي فطرة الله التي فطر الناس عليها حيث خلقهم وجعل حب العمل والسعي فطرة في نفوسهم لا تستقيم حياتهم بدونه ، إن الإسلام يعتبر العمل عباده خالصة لا يفرق بينه وبين أي عبادة أخرى افترضها الله علية من حيث تقرير الثواب فكل عمل طيب متقن يقوم به إنسان سواء كان خاصا بالعبادة الخالصة أم كان عبادة عن طريق كسب العيش وإثراء الحياة بالإنتاج .. يضع الله النتائج الطبيعية له في الدنيا ويضع له الجزاء عليه في الآخرة كحافز يحمل الإنسان على إجادة عمله وإتقانه مهما يكن نوع هذا العمل. وقد حض الإسلام على العمل والبذل وشجع علية وقد وردت نصوص كثيرة تشجع وتحض المسلم على العمل والإنتاج وترك حياة الدعة والكسل حيث يقول الله تعالى: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا” (الكهف 30) ويقول الله تعالى في الجزاء عليه في الآخرة:”جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار” (البينة 8 ) وقال تعالى: “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” (النحل 97) وتشمل الأعمال الصالحة كل عمل طيب وكل سعى حلال يؤديه الإنسان ويشارك به في نهضة أمته وتقدمها وتوفير الحياة الكريمة الشريفة التي تملؤها السعادة والطمأنينة وبغض النظر عن نوع العمل ومكانته الاجتماعية فالأعمال الصالحة الحلال كلها محببة في الإسلام لها الأجر والثواب … وفى السنة النبوية الكريمة نصوصا متعددة تمجد العمل الطيب وترفع درجته وتكرم صاحبه. يقول صلى الله عليه وسلم: )من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له) وعن ابن عباس :”( أن الله يحب العبد المؤمن المحترف) وعن ابن عمر:” (ما أكل أحد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده) عن المقداد:” (لأن يحتطب أحدكم خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) عن أبى هريرة.
ونظر الرسول إلى من اخشوشنت يداه من العمل وقال:(هذه يد يحبها الله ورسوله) ويقول صلى الله عليه وسلم:( إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا السعي على الرزق) رواه ابن ماجه. ويرفض الإسلام الجلوس والراحة والركون إلى الدعه والاعتماد على الآخرين لان في ذلك تعطيل لاقتصاد الأمة وتدمير لإمكانياتها حيث سأل الرسول عن أحد أصحابه وقد غاب عنه فقال له إخوته: هو يصوم النهار ويقوم الليل فقال الرسول: فمن يطعمه ويكسوه؟ قالوا:كلنا يا رسول الله … قال (كلكم خير منه( وقد حض الإسلام على الإخلاص في العمل وبذلك أقصى السعه والطاقة فيه والإخلاص بالقيام بأعبائه وعدم التخاذل والتأخر عن الدوام او التهرب من أداء ما يوكل للإنسان من واجبات في عملة حيث يقول تعالى :” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )حيث وصى الإسلام كل صاحب عمل أن يتقي الله فيما في عملة حتى يكون كسبه حلالا طيبا ويصدق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم:( رحم الله امراء إكتسب طيبا) كما أوصى رب العمل بإعطاء الأجير والعامل حقه دون نقصان ودون إجحاف ، حيث يقول الرسول الكريم :” أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ” ……. هذه أخلاقيات الإسلام للعامل ورب العمل فإذا طبقت كما أرادها الشارع الحكيم ستكون الثمار كثيرة والنتائج عزيزة والغلال وفيرة فلنتقي الله فيما نعمل ولنتقي الله فيمن جعلهم الله عمالا تحت أيدينا انه سميع بصير وعلى ما نقول شهيد .
نشرت في الرأي العدد 14415تاريخ 30 /3/2010
أحدث التعليقات