القران الكريم كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لذا فكان من أعظم صفاته وخصائصه الشمول والسعه والاحتواء لكل ما قد يواجهه الإنسان في حياته ، ففيه تفصيل للحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وما جاء عاما قامت السنة المطهرة بتوضيحه وبيانه من خلال جملة عظيمة من الأحاديث الشريفة عن رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم ، ولعل من ابرز القضايا التي أشار لها القران الكريم والتي لها مساس بحياة الإنسان ومعاشة هي الاقتصاد وكل ما يحيط به من قضايا فقد جاء في محكم الآيات العظيمة إشارات اقتصادية كثيرة أطرت لمبادئ اقتصادية راسخة تعوزها البشرية في كل وقت وحين بل هي اليوم بأمس الحاجة لها أكثر من أي وقت مضى .
ومن الإشارات الهامة في القران الكريم حول هذا الموضوع هو بيان وظيفة الإنسان في هذه الحياة الدنيا وما هو الواجب الأبرز علية القيام به حيث قال تعالى:” (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة آية 30.فخليفة الله في الأرض حري به القيام بما هو نافع ومفيد كممارسة النشاط الاقتصادي المشروع الذي تتحقق بمقتضاه الخلافة التي أرادها الله حيث كانت الدعوة لهذا الخليفة إلى القيام بالأنشطة والفعاليات الاقتصادية المختلفة حيث يقول تعالى :” ((هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)) سورة الملك غاية 15 ، ففيها الدعوة إلى العمل والسعي والقيام بالأنشطة الاقتصادية النافعة التي تحقق للإنسان العزة والكرامة ،ولان فيها تحقيق المعاش وكسب المنافع المادية التي راعاها الإسلام في الإنسان كجزء من فطرته ، وبالمقابل نهاه عن الكسب الخبيث كالربا والقمار والميسر حيث قال تعالى :” واحل الله البيع وحرم الربا ) ورغبه بالتجارة والعمل والسعي وراء الكسب والمنفعه حيث يقول تعالى :” ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم”البقرة 198، وكما دعاه الى العبادة فقد دعاه إلى الكسب الدنيوي وفي ذلك يقول تعالى :” فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً” الجمعه آية 10. وهنا يراعي القران الكريم بين مصالح الإنسان الدنيوية ومصالحة الأخروية حيث يقول تعالى :” (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) القصص 77.على العكس من النظم الاقتصادية الوضعية التي جعلت المنافع الدنيوية وإشباع الحاجات المادية هو الأساس لان الحياة الدنيا هي حياة اللذة والمتع واللهو وفي ذلك يقول تعالى:” وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين” الأنعام آية 29. ومع ذلك لم يغفل القران الكريم عن رغبة الإنسان المسلم في الحصول على المتع والسلع والزينة لان ذلك جزء من تكوينه حيث قال تعالى :” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة” الاعراف آية 32.
هناك إشارة هامة في القران الكريم توضح وتبين أن ما يسمى اليوم بعلم الاقتصاد بالندرة النسبية للموارد أو المشكلة الاقتصادية هي ليست من صلب ديننا وعقيدتنا وان كانت كذلك فلها توضيح مختلف وبيان خاص في الإسلام العظيم لان الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وانزل لهم أرزاقهم التي تكفيهم إلى يوم القيمة حيث يقول تعالى:” {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار* وآتاكم من ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} (إبراهيم : الآية 33، 34).
إن الاشارت الاقتصادية في القران الكريم كثيرة وعديدة تحتاج إلى وقفات طويلة للاحاطه بالجزء اليسير منها وليعلم العالم الاقتصادي المتمدن أن كل ما يواجهه اليوم من قضايا وأزمات ومشكلات اقتصادية لها لساس في كتاب الله ولو اتبع الناس ما جاء في هذا الكتاب العظيم لوجدوا فيه الحلول لكل ما يواجههم من معضلات .
نشرت في الرأي العدد 14408
أحدث التعليقات