لقد أصبحت المصرفية الإسلامية اليوم حقيقة لا مراء فيها حيث أخذت مكانتها المتقدمة في النظام المالي العالمي وذلك حين تجاوز عدد المؤسسات المالية الإسلامية 300 مؤسسة وحين اقتربت مجموع أصولها من التريليون دولار فهذا يعني أنها أصبحت ذات تأثير وفعالية في النظام الاقتصادي العالمي برمته ، ولكنها ما زالت ورغم قوتها المادية الجيدة تعاني من مشكلات كثيرة ومعضلات عديدة تحول دون انطلاقها الانطلاقة التي نتمنى ونرغب ، ولعل من ابرز هذه المعضلات أنها ما زالت تحتاج إلى ابتكار أدوات ووسائل وصيغ تغنيها عن الارتباط بالمصرفية العالمية القائمة على الربا والمضاربة والخداع وبيع الأوهام وبيع الديون ، وأكثر ما تحتاج إلية المصرفية الإسلامية اليوم هو معايير القياس والحساب الخاصة بها فهي ما زالت تحتكم الى الليبور كأساس لتحديد نسبة أرباحها وهذا يجعلها – ولو نظريا – تسير في فلك الطريقة الربوية لتحديد الإرباح مما يفتح شهية المشككين والحاقدين للقدح بها والتشكيك في اسلاميتها الخالصة بل ورميها بسهام الربا والفائدة مما يسهم في نفور الناس – العامة على الأقل – منها والابتعاد عنها وللجوء إلى البنوك التقليدية على اعتبار أن نسبة الأرباح التي تتقاضها هي نقس نسبة الأرباح التي تتقاضاها البنوك الربوية التقليدية ، لذا ومن اجل أن تتخلص من هذا التشكيك كان لزاما عليها الاستقلالية في كل شيء من حيث الأدوات والصيغ والتي من أبرزها إيجاد (ليبور إسلامي ) خاص يستعمل كأساس ومعيار لتحديد هامش المرابحة وخاصة أن معظم نشاط المصارف الإسلامية هو بيوع تحتاج إلى هامش ربح ، وبغير ذلك فانه لا يليق بالمصرفية الإسلامية وبعد أن وصلت إلى ما وصلت إلية أن تبقى تسير في فلك الليبور الغربي كأساس لتحديد هامش أرباحها ، ويعتبر الوضع المالي العالمي الحالي هو المناخ المناسب لإنتاج مقياس إسلامي لنثبت للعالم أن نظامنا المصرفي قادر على إنتاج كل ما هو جديد وطرحة كبديل لكل ما هو رأسمالي هدفه الربح المركب وتركيم رؤوس الأموال وسحبها من جيوب الفقراء وإيداعها في حقائب الأغنياء ، فهذه دعوة إلى الخبراء والأكاديميين والمصرفيين الإسلاميين للإبداع وإنتاج مقياس إسلامي خاص بالمصرفية الإسلامية يحدد على أساسه هامش الأرباح في المؤسسات المالية الإسلامية لأنه سيلعب -وبلا شك- دورا هاما في استقرارها وتوحيد اتجاهاتها مما يمنحها الثقة والقوة والصلابة والقدرة على مواجهة الأزمات والانتكاسات التي تعصف في سوق المال العالمي والإسلامي يوما بعد يوم .
نشرت في السبيل العدد 1086 تاريخ 18/12/2009
أحدث التعليقات