حوكمة الشركات هي المدخل الأساسي لإدارة المستقبل – سمية الميمني

في منتدى الحوكمة الذي نظمته شركة الاستثمار البشري ,, حوكمة الشركات هي المدخل الأساسي لإدارة المستقبل
بقلم: سميّة الميمني
انطلقت فعاليات منتدى الحوكمة الذي نظمته كل من شركة الاستثمار البشري للتدريب وغرفة تجارة وصناعة الكويت (مركز عبد العزيز الصقر للتدريب)، بالتعاون مع بيت التمويل الكويتي، وقال مدير عام شركة الاستثمار البشري الدكتور عمار الحسيني أن حوكمة الشركات هي المدخل الأساسي لإدارة المستقبل، وهي من أكثر الموضوعات المطروحة على الصعيدين العالمي والإقليمي وتتزايد أهميتها مع زيادة حدة المنافسة بين الشركات ومع الاطراد في تطبيق مفهوم العولمة، وهو ما جعل كثيرا من بلدان العالم والمنظمات الدولية تهتم بوضع مبادئ ومعايير الحوكمة نصب عينيها في تعاملاتها مع المنظمات العالمية والمحلية.
أشار في كلمته التي ألقاها بمناسبة افتتاح أعمال المنتدى إلى أن مصطلح الحوكمة بات لفظا متداولا في القاموس الاقتصادي وهو من أهم المعايير التي تقيس بها مؤسسات التقييم الدولية قدرة المنشأة والشركة على الأداء والالتزام بالقواعد العامة، فالحوكمة ظهرت وفرضت نفسها بشكل واضح بعد انهيار شركة انرون الأميركية العملاقة وذلك بسبب غياب الشفافية وعدم العمل بشكل مؤسسي وضعف المعلومات والتغاضي عن حقوق حملة الأسهم والتزوير في البيانات والميزانيات والأرباح والحسابات وهي كلها أمور تعالجها الحوكمة وتضعها في أطرها الصحيحة.
وأضاف: ‘إن شركة الاستثمار البشري تحرص على تقديم كل ما هو جديد ومتميز من الأفكار والاتجاهات والموضوعات الجديدة، فالمنتدى هو دلالة على الاهتمام الذي نوليه لزيادة الوعي لدى أعضاء مجالس الإدارات والمستثمرين والمساهمين في القطاع الخاص الكويتي ليعرف كل طرف واجباته وحقوقه’
وأوضح الحسيني أن المنتدى يهدف إلى الإجابة عن التساؤلات والاستفسارات التي تدور في أذهان الكثير من القائمين على الشركات والمؤسسات الكويتية ومناقشة جميع الأبعاد القانونية والاقتصادية والإدارية والمحاسبية الخاصة بحوكمة الشركات وتبادل الخبرات بين المشاركين.

مفهوم الحوكمة
من جانبه قال رئيس مركز عبدالعزيز الصقر للتدريب الدكتور عبدالله العبدالجادر إن منتدى الحوكمة هذا جاء حصادا لسلسلة الدراسات المتواصلة من قبل معهد الحوكمة بالتعاون مع شركة الاستثمار البشري في ظل التطورات الاقتصادية في الآونة الأخيرة وما أحدثته من تغيرات لا يستهان بها في المناخ المالي.
وتابع: ‘كما تعلمون فإن مركز عبدالعزيز حمد الصقر للتدريب ومنذ تأسيسه وضع على عاتقه تبني كل ما هو مفيد وحديث للجهات والشركات والأفراد، وهو من أوائل المراكز التي طرحت هذا الموضوع سابقا في برامجها التدريبية للمستويات القيادية والإشرافية’.
وذكر العبدالجادر أن المنتدى يهدف إلى التعرف على مفهوم الحوكمة لتجنيب كل من له صلة في التعامل مع الشركات من الممارسات المالية والإدارية الخاطئة من جهة ولتفعيل وتحقيق أهدافكم المختلفة من جهة أخرى.

التحديات
كما تحدث في المنتدى المدير التنفيذي لمعهد حوكمة الشركات والرئيس الاقتصادي لمركز دبي المالي والعالمي الدكتور ناصر السعيدي فتطرق إلى التحديات التي تواجه تطبيق حوكمة الشركات قائلا: ‘لا يوجد ما هو أصعب في حالة تطبيقه، والأكثر ريبة فيما يتعلق بنجاحه، والأكثر خطورة في إدارته من إدخال نظام جديد للقيام بالأعمال، فمبتكر النظام الجديد يكون له أعداء ممن كانوا يبلون بلاء حسنا في ظل النظام القديم، ولا يستفيد من النظام الجديد سوى المدافعين المترددين’.
وأشار إلى أن المؤسسات التي تبلي بلاء حسنا في أدائها، وتمكين البنية التحتية القانونية والأنظمة التشريعية والتنفيذية والحوكمة الرشيدة فهي التي ستساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي وتحقيق الرخاء والديموقراطية.
ولفت السعيدي إلى أن من أهم قضايا الحوكمة العامة التي تساعد على تطبيق حوكمة الشركات بصورة فعالة هي مكافحة الفساد، والجودة التنظيمية وسيادة القانون، وفعالية الحكومة مشددا في الوقت نفسه على أن ‘الحوكمة الرشيدة’ مطلوبة من قبل القطاعين العام والخاص على حد سواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تعريف الحوكمة
وعرف السعيدي الحوكمة على أنها مجموعة علاقات بين إدارة الشركة ومجلس إدارتها ومساهميها وأصحاب الشأن الآخرين، كما أنها توفر الهيكل الذي يتم من خلاله وضع أهداف الشركة، وتحديد طرق تحقيق هذه الأهداف ومراقبة الأداء.
وعلل السعيدي السبب في التحدث عن حوكمة الشركات في العالم قائلا: أنه يعود إلى إخفاقات الشركات، وشراهة المسؤولين التنفيذيين، والركود الاقتصادي، وقنبلة المعاشات، والعولمة، والخصخصة، فضلا عن الوعي الداخلي بحالة الأعمال أي خلق نمو طويل المدى وقيمة للمساهمين.
وشدد على أن الحوكمة الرشيدة ضرورية من أجل حماية أصول الشركة والحفاظ على ثقة المستثمرين وتقليل احتمال التعرض للغش والتدليس، وان الشركات التي تنفذ حوكمة ضعيفة ستجد أنه من الصعب عليها أن تصل إلى رأس المال الخارجي وستواجه زيادة في تكاليف التمويل كما أن تصنيفاتها الائتمانية ستتعرض للانخفاض وستتراجع ثقة المستثمرين بها.

التركيز على الأسواق المالية
من جانبه، قال الخبير الدولي في الاستشارات الاستراتيجية الدكتور المصطفى حجازي أن التركيز ينصب في الوقت الحالي على الأسواق المالية بسبب أن القيمة المقدرة للاستثمارات الجاري العمل فيها، أو المخطط للقيام بها في البنية التحتية تصل إلى 1.4 تريليون دولار أميركي، وذلك فقط في دول الخليج والهند وإيران، وأن رسملة السوق في دول الخليج زادت من 200 مليار دولار أميركي في عام 2002 إلى تريليون دولار في عام 2006، وكذلك الرواج الذي يشهده السوق العقاري وارتفاع أسعار الأصول وازدهار سوق الائتمان بالإضافة إلى ازدهار سوق الأسهم الإقليمية.

حوكمة المؤسسات الإسلامية
من جانبها، تطرقت مديرة البرامج في معهد حكومة، ديانا حمادة إلى أهمية حوكمة الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية، وقضايا حوكمة الشركات التي تهم المؤسسات المالية الإسلامية والإطار العام لحوكمة الشركات بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية.
وقالت حمادة أن المؤسسات التي توفر الخدمات المالية الإسلامية توجه 20% من التدفقات المالية في العالم، كما أنها تحمي الأطراف ذات العلاقة، وهي الملجأ الوحيد للأطراف الباحثين عن الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية.
وأشارت إلى أن حوكمة الشركات في المؤسسات المالية الإسلامية تهدف إلى حماية الأطراف ذات المصلحة وتعزيز الأهداف الاجتماعية والإسلامية وإجراء الأنظمة المالية طبقا للقاعدة الشرعية التي تمنع الربا والعوز وتوفير الخدمة للمجتمع بأسره بما في ذلك لغير المسلمين.

فوائد التطبيق
قال ناصر السعيدي أن فوائد تطبيق الحوكمة من وجهة نظر الشركات تكمن في التالي:
-1 تحسين الكفاءة التشغيلية إلى الوضع الأمثل.
-2 تحسين إمكانية الوصول إلى رأس المال الخارجي.
-3 تحسين التقييم وتخفيض التكلفة الرأسمالية.
-4 بناء سمعة الشركة والثقة فيها وتحسينها.

سلبيات عدم التطبيق
لخص ناصر السعيدي الآثار المترتبة على عدم تطبيق ‘الحوكمة الرشيدة’ في الشركات بالتالي:
-1 وجود سلطة كبيرة مركزة في شخص واحد لا يخضع لرقابة مناسبة.
-2 تدخل إلى سوق لا تفهمه وتخفق في وضع استراتيجية مناسبة وتخفق في إدارة المخاطر.
-3 يخفق مجلس الإدارة في أن يضمن أن الضوابط صارمة وان يتحقق مما هو غير معتاد أو غير واقعي.
-4 يصبح ضعف مستوى الإفصاح والشفافية أمرا شائعا.

واجبات وحقوق
ومن جانبه تحدث المستشار أحمد شريف الخبير الاستراتيجي عن واجبات وحقوق ومسؤولية عضو مجلس إدارة الشركات المساهمة فقال أن هناك عدة واجبات لأعضاء مجلس الإدارة تتركز في:
< القيام بكل عمل يخدم مصلحة الشركة ويحقق أغراضها في حدود سلطات واختصاصات مجلس الإدارة المبينة في نظام الشركة مع مراعاة ما يفرضه أو الجمعية العامة من قيود.
< حضور اجتماعات مجلس الإدارة وإبداء الرأي والتصويت لما فيه مصلحة الشركة.
< أن لا يكون عضوا في مجلس إدارة أكثر من ثلاث شركات مساهمة، وأن لا يكون منتدبا للإدارة أو رئيسا لمجلس الإدارة في أكثر من شركة مساهمة واحدة مركزها الكويت (المادة 1/140 من قانون شركات).
< عدم استغلال المعلومات التي وصلت إليه بحكم منصبه في الحصول على فائدة لنفسه أو لغيره (المادة 2/140 من قانون الشركات).
< أن لا يكون له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود والصفقات التي تبرم مع الشركة لحسابها إلا إذا كان ذلك بترخيص من الجمعية العامة (المادة 151 من قانون الشركات).
< أن لا يشترك في إدارة شركة مشابهة أو منافسة لشركته (المادة 151 من قانون الشركات).
< عدم شراء أو بيع أسهم الشركة (المادة 2/140 من قانون الشركات).
< أن لا يستقيل من عضوية المجلس في وقت غير مناسب (المادة 718 من القانون المدني).

الحقوق الكاملة
وحول حقوق أعضاء مجالس الإدارات قال شريف في مقابل واجبات عضو مجلس الإدارة المذكورة أعلاه فان له حقوق لدى الشركة، تنحصر في التالي:
< الحصول على مكافأة في نهاية السنة المالية للشركة وذلك وفقا لما حددته المادة 150 من قانون الشركات التجارية.
< حق الاستقالة من عضوية المجلس.
< نظرا لما استقر عليه الفقه من اعتبار مجلس الإدارة وكيلا عن الشركة فإن عضو المجلس يستحق تعويضا عن المصاريف التي تكبدها في سبيل إدارة الشركة وحماية مصالحها (المادة 712 من القانون المدني) وتعويضا عن الإضرار التي أصابته في سبيل إدارة الشركة ما لم يكن هذا الضرر راجعا إلى خطأه (المادة 713 من القانون المدني). وتحدث المستشار أحمد شريف عن مسؤولية أعضاء مجالس الإدارات وركزها في عدة نقاط هي:
– يسأل عضو مجلس الإدارة وحده إذا ارتكب المخالفة بمفرده أو بالتضامن إذا اشترك في ارتكاب المخالفة مع بعض أعضاء المجلس أو جميعهم، تجاه الشركة والمساهمين والغير في حال ما إذا أخل/أخلوا بواجباتهم وذلك سواء كان مصدر هذه الواجبات القانون أو عقد الشركة أو نظامها أو قرارات الجمعية العامة (المادتين 148 و 149 من قانون الشركات).
– ليس للمتضرر سواء أكان الشركة أو المساهمين أو الغير أن يرجع بالتعويض على العضو أو الأعضاء الذين اعترضوا على قرار المجلس الخاطئ المتسبب في تحقق المسؤولية متى ما قام/قاموا بإثبات اعتراضهم في محاضر جلسات المجلس، هذا وتلحق المسؤولية بالعضو الغائب بعذر أو بدون عذر إذا لم يعترض على القرار الذي اتخذ في غيابه ما لم يكن القرار قد نُفذ بسرعة قبل علمه به.
ـ تنص المادة 2/148 م قانون الشركات على انه (ولا يحول دون إقامة دعوى المسؤولية اقتراح من الجمعية العامة بإبراء ذمة مجلس الإدارة).
– تسقط دعوى المسؤولية بالتقادم بانقضاء خمس سنوات من تاريخ عقد الجمعية العامة التي أدى فيها مجلس الإدارة حسابا عن إدارته (المادة 149 من قانون الشركات).
– بالإضافة إلى المسؤولية المدنية يسأل عضو/ أعضاء مجلس الإدارة جزائيا في حال ما إذا كان إخلاله / إخلالهم بواجباتهم يشكل جريمة، مثال ذلك ما نص عليه قانون الشركات التجارية في المادة 184 مكرر وما نص عليه القانون التجاري في المادتين 789 و 791 وما نص عليه قانون الجزاء في المواد من 231 إلى 236 عقوبات وفي المادة 240 .