|
||||||
القرار : |
أولًا :
أ- المضاربة المشتركة : هي المضاربة التي يعهد فيها مستثمرون عديدون – معًا أو بالتعاقب- إلى شخص طبيعي أو معنوي ، باستثمار أموالهم ، ويطلق له غالبًا الاستثمار بما يراه محققًا للمصلحة ، وقد يقيد بنوع خاص من الاستثمار ، مع الإذن له صراحة أو ضمنًا بخلط أموالهم بعضها ببعض ، أو بماله ، أو موافقته أحيانًا على سحب أموالهم كليًا أو جزئيًا عند الحاجة بشروط معينة .
ب- المستثمرون بمجموعهم هم أرباب المال ، والعلاقة بينهم -بما فيهم المضارب إذا خلط ماله بمالهم – هي المشاركة ، والمتعهد باستثمار أموالهم هو المضارب ، سواء أكان شخصًا طبيعيًا أم معنويًا ، مثل المصارف والمؤسسات المالية ، والعلاقة بينه وبينهم هي المضاربة ( القراض ) ، لأنه هو المنوط به اتخاذ قرارات الاستثمار والإدارة والتنظيم . وإذا عهد المضارب إلى طرف ثالث بالاستثمار فإنها مضاربة ثانية بين المضارب الأول وبين من عهد إليه بالاستثمار ، وليست وساطة بينه وبين أرباب الأموال ( أصحاب الحسابات الاستثمارية ) .
جـ- هذه المضاربة المشتركة مبنية على ما قرره الفقهاء من جواز تعدد أرباب الأموال ، وجواز اشتراك المضارب معهم في رأس المال ، وإنها لا تخرج عن صور المضاربة المشروعة في حال الالتزام فيها بالضوابط الشرعية المقررة للمضاربة ، مع مراعاة ما تتطلبه طبيعة الاشتراك فيها بما لا يخرجها عن المقتضى الشرعي .
__________
ثانيًا : ومما تختص به المضاربة المشتركة من قضايا غالبًا ما يأتي :
أ – خلط الأموال في المضاربة المشتركة :
لا مانع من خلط أموال أرباب المال بعضها ببعض أو بمال المضارب ، لأن ذلك يتم برضاهم صراحة أو ضمنًا ، كما أنه في حالة قيام الشخص المعنوي بالمضاربة وتنظيم الاستثمار لا يخشى الإضرار ببعضهم لتعين نسبة كل واحد في رأس المال ، وهذا الخلط يزيد الطاقة المالية للتوسع في النشاط وزيادة الأرباح .
ب – لزوم المضاربة إلى مدة معينة ، وتوقيت المضاربة :
الأصل أن المضاربة عقد غير لازم ، ويحق لأي من الطرفين فسخه ، وهنالك حالتان لا يثبت فيهما حق الفسخ ، وهما :
( 1 ) إذا شرع المضارب في العمل حيث تصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي .
( 2 ) إذا تعهد رب المال أو المضارب بعدم الفسخ خلال مدة معينة فينبغي الوفاء ، لما في الإخلال من عرقلة مسيرة الاستثمار خلال تلك المدة .
ولا مانع شرعًا من توقيت المضاربة باتفاق الطرفين ، بحيث تنتهي بانتهاء مدتها دون اللجوء إلى طلب الفسخ من أحدهما ، ويقتصر أثر التوقيت على المنع من الدخول في عمليات جديدة بعد القوت المحدد ، لا يحول ذلك دون تصفية العمليات القائمة .
جـ – توزيع الربح بطريقة ( النمر ) في المضاربة المشتركة :
لا مانع شرعًا حين توزيع الأرباح من استخدام طريقة النمر القائمة على مراعاة مبلغ كل مستثمر ومدة بقائه في الاستثمار ؛ لأن أموال المستثمرين ساهمت كلها في تحقيق العائد حسب مقدارها ومدة بقائها ، فاستحقاقها حصة متناسبة مع المبلغ والزمن هو أعدل الطرق لإيصال مستحقاتهم إليهم ، لأن دخول حصة المستثمرين في المضاربة المشتركة بحسب طبيعتها موافقة ضمنًا على المبارأة عما يتعذر الوصول إليه ، كما أن من طبيعة المشاركة استفادة الشريك من ربح مال شريكة ، وليس في هذه الطريقة ما يقطع المشاركة في الربح ، وهي مشمولة بالرضا بالنسب الشائعة الناتجة عنها .
د – تأليف لجنة متطوعة لحماية حقوق أرباب المال ( لجنة المشاركين ) :
حيث إن للمستثمرين ( أرباب الأموال ) حقوقًا على المضارب تتمثل في شروط الاستثمار المعلنة منه والموافق عليها منهم بالدخول في المضاربة المشتركة ، فإنه لا مانع شرعًا من تأليف لجنة متطوعة تختار منهم لحماية تلك الحقوق ، ومراقبة تنفيذ شروط المضاربة المتفق عليها دون أن تتدخل في قراراته الاستثمارية إلا عن طريق المشورة غير الملزمة للمضارب .
__________
هـ – أمين الاستثمار :
المراد بأمين الاستثمار أي مصرف أو مؤسسة مالية ذات درجة عالية في التصنيف وخبرة وملاءة مالية يعهد إليه تسلم الأموال والمستندات الممثلة للموجودات ليكون مؤتمنًا عليها ، ولمنع المضارب من التصرف فيها بما يخالف شروط المضاربة . ولا مانع من ذلك شرعًا بشرط أن يكون ذلك مصرحًا به في النظام ( المؤسسة أو المضاربة ) ليكون المساهمون على بينة ، وبشرط ألا يتدخل أمين الاستثمار في القرارات ، ولكن يقتصر عمله على الحفظ والتثبت من مراعاة قيود الاستثمار الشرعية والفنية .
و – وضع معدل لربح المضاربة وحوافز للمضارب :
لا مانع شرعًا من وضع معدل متوقع للربح ، والنص على أنه إذا زاد الربح المتحقق عن تلك النسبة يستحق المضارب جزءًا من تلك الزيادة ، وهذا بعد أن يتم تحديد نسبة ربح كل من الطرفين ، مهما كان مقدار الربح .
__________
ز – تحديد المضارب في حال إدارة المضاربة من قبل الشخص المعنوي ( المصرف أو المؤسسة المالية ) :
في حال إدارة المضاربة من قبل شخص معنوي ، كالمصارف والمؤسسات المالية ، فإن المضارب هو الشخص المعنوي ، بصرف النظر عن أي تغيرات في الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية ، ولا أثر على علاقة أرباب المال بالمضارب إذا حصل تغير في أي منها ، ما دام متفقًا مع النظام المعلن والمقبول بالدخول في المضاربة المشتركة ، كما لا تتأثر المضاربة بالاندماج بين الشخص المعنوي المدير لها مع شخص معنوي آخر . وإذا استقل أحد فروع الشخص المعنوي وصارت له شخصية معنوية مغايرة فإنه يحق لأرباب المال الخروج من المضاربة ولو لم تنته مدتها .
وبما أن الشخص المعنوي يدير المضاربة من خلال موظفيه وعماله فإنه يتحمل نفقاتهم ، كما يتحمل جميع النفقات غير المباشرة ، لأنها تُغطى بجزء من حصته من الربح .
ولا تتحمل المضاربة إلا النفقات المباشرة التي تخصها ، وكذلك نفقات ما لا يجب على المضارب عمله ، مثل من يستعين بهم من خارج جهازه الوظيفي .
ح – الضمان في المضاربة ، وحكم ضمان المضاربة :
المضارب أمين ، ولا يضمن ما يقع من خسارة أو تلف إلا بالتعدي أو التقصير ، بما يشمل مخالفة الشروط الشرعية أو قيود الاستثمار المحددة التي تم الدخول على أساسها ، ويستوي في هذا الحكم المضاربة الفردية والمشتركة ، ولا يتغير بدعوى قياسها على الإجارة المشتركة ، أو بالاشتراط والالتزام . ولا مانع من ضمان الطرف الثالث طبقًا لما ورد في قرار المجمع رقم 30 ( 5 / 4 ) فقرة ( 9 ) .
والله أعلم .
http://www.islamfeqh.com/Kshaf/KshafResource/List/ViewDecisionDetails.aspx?DecisionID=802
أحدث التعليقات