الوقف مفهومه ومقاصده – أ . د . عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان

الوقف مفهومه ومقاصده – أ . د . عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان

بحث مقدم إلى ندوة المكتبات الوقفية في المملكة العربية السعودية

ملخص البحث :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسّلام على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :

فإن الوقف تشريع إسلامي أصيل ، يستمد مشروعيته من السنة النبوية القولية والفعلية .

ينتمي أصالة في الشريعة الإسلامية إلى قسم ( القربات ) ، بل هو من أحسن القربات ، إذ هو المعني بالحديث الشريف بـ ( الصدقة الجارية ) ، و لا تكون جارية بعد الموت إلا بالوقوف .

للوقف تعريفات عديدة في المذاهب الفقهية الأربعة المتبعة ، وبحسب هذه التعريفات يكون الوقف مؤبداً ومؤقتاً ، مملوكاً للواقف ،أو مستأجراً ، بقصد القربة، أو المجاملة والتودد ، أو كليهما .

مقياس الوقف الصحيح مطابقته لتعاليم الشريعة ،وانتفاء المعصية عن الجهة الموقوف عليها.

تطورت مصارف الوقف في الإسلام حسب حاجات المجتمع وتطوره الحضاري ، فمن ثم أدى الوقف بجميع أقسامه : الخيري ، والأهلي ، والمشترك وظائفه كاملة في تنمية المجتمع وتطويره ، سواء قصد به التقرب ، أو الهبة والعطية ، أو كليهما ، فقد حقق من المقاصد العامة : الضرورية ، والحاجية ، والتحسينية للأفراد والمجتمع كافة، عدا المقاصد الخاصة لكل وقف معين  .

في تاريخ أوقاف الحرمين الشريفين كما هو في تاريخ أوقاف بقية البلاد الإسلامية نماذج رفيعة نهضت بالحياة العلمية والاجتماعية فيها على مدار التاريخ الإسلامي ، هي  دليل صادق باق ما بقيت على ما قدمه الوقف من خدمات جليلة خالدة ما كانت لتتحقق بدون وجود الأوقاف  .

وقفية الكتب هي في مدلولها ومعناها إشاعة العلم والمعرفة ، وهذا مقصد عظيم تحثّ عليه الشريعة الإسلامية، فمن ثَمَ كثر وقف الكتب ، وتأسيس المكتبات على كامل مساحات ديار الإسلام الشاسعة ، وفي مختلف العصور حتى أصبح في الفقه الإسلامي ما يسمى ( فقه تحبيس الكتب ) .

      يتميز الوقف عن أي مشروع خيري بخصائص وميزات لا تتوافر فيما عداه، فهو من محاسن الشريعة الغراء ، وقد أثبت الواقع المعاصر والدراسات العلمية والاقتصادية أن الوقف أنجح وسيلة لاستمرار المؤسسات العلمية والاجتماعية في أداء وظيفتها ورسالتها دون انقطاع إذا استثمرت أموال الأوقاف الاستثمار الصحيح، واستفاد منها الموقوف عليهم بما يحقق غرض الواقف ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .