حوار المشرف العام على موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي مع جريدة السبيل

في أول حوار شامل للمشرف العام على موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي مع وسيلة إعلامية

موفق لـ «السبيل»: الموسوعة منبر عالمي ومكتبة ضخمة متاحة بعدة لغات للباحثين المسلمين وغير المسلمين

 

تاريخ النشر : 08/10/2009 – 07:47 م

 حاوره : أحمد فايز الهرش

 قال المشرف العام على موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي الدكتور بشر محمد موفق

إن الموسوعة تهدف لخدمة الباحثين والمتخصصين في علم الاقتصاد والتمويل الإسلامي.

وأضاف “أن الموسوعة تهدف أيضا إلى أن تكون مكتبة موسوعية من المادة العلمية تتاح لغير المسلمين ممن التفتوا إلى التمويل الإسلامي في ظل الأزمة المالية الراهنة”.

ولفت إلى “أن الموسوعة “منبر عالمي في موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي وتقدم موضوعاتها بعدة لغات إضافة للعربية وكذلك باللغة الانجليزية واللغة الماليزية (المالوية) واللغة الفرنسية”.

وحول الأولويات الرئيسة للاقتصاد الإسلامي أشار الدكتور بشر إلى أنها «أسلمة البنوك المركزية في الدولة العربية والإسلامية وأسلمة القنوات الاقتصادية المتعددة مثل الأسواق المالية، ونظم التمويل الداخلي والخارجي، وكذلك إحياء المؤسسات الاقتصادية الإسلامية الهامة والرئيسة مثل مؤسسة الزكاة، ومؤسسة الوقف الإسلامي،.وكذلك تفعيل نظام التوزيع الإسلامي ونظام الملكية الإسلامي وفق المؤسستين السابقتين (الزكاة والوقف). وإليكم نص الحوار…

السبيل: حبذا لو عرفتنا بموسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي وفكرتها؟

إن فكرة الموسوعة كانت قد رافقتني في دراستي الأكاديمية لمرحلة الماجستير لتخصص الاقتصاد والتمويل الإسلامي، ولكنني قررتُ حينها أن أنتظر لحين التمكُّن من هذا العلم، حتى لا أقْدِم على مشروع كهذا إلا بعد رسوخٍ في التخصص، حتى يكون العمل متقَناً إن شاء الله، ويبقى الجهد البشري ناقصا، لكن لا يمنع أن نطمح للكمال ونسعى إليه بما آتانا الله من إمكانيات..

أما عن تنفيذ فكرة موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي فقد بدأت التنفيذ أثناء دراستي لبرنامج الدكتوراه في ذات التخصص، وقد كانت أول خطوة عملية هي دراسة الجدوى العلمية للمشروع، فأحصيت أكثر من 700 موقع الكتروني تتحدث في الاقتصاد والصيرفة الإسلامية، وضنفتُها إلى 9 فئات منفصلة، تتنوع بين المنتديات المتخصصة، ومواقع الهيئات العلمية والجامعات التي تدرس هذا التخصص، وبين المواقع التي تخصص صفحة لهذا العلم مثل جريدتكم الموقرة جريدة السبيل، وكذلك المواقع الشخصية لأعلام الاقتصاد الإسلامي، وهكذا بقية فئات المواقع.

وقد كان لهذه الخطوة أثرٌ كبيرٌ في تجلية فكرة الموسوعة، حتى تكون بموسوعيتها التي نطمح لها بعونه تعالى.

أما عن موقع إدارة الموسوعة، فإن عالم الانترنت جعل العالم غرفة واحدة وليس قرية واحدة، ومع ذلك فقد حرصتُ أن لا أحصر الموسوعة بمكان أو بقعة معينة، بل هي لكل الباحثين في العالم دون تحيز إلى جنسية أو دولة.

السبيل: هل من ممول لها؟ وماذا عن أهدافها ؟

مازال التمويل فرديا وشخصيا حتى الآن، رغم التكلفة العالية للموسوعة نظرا للتجهيزات التقنية العالية التي تتطلبها الرؤية المستقبلية للموسوعة وفعالياتها المصاحبة مستقبلا بإذن الله، وقد قام أحد الزملاء بدعم الموسوعة قبل أيام بمبلغ مأجور ومبارك بعد اطلاعه وإعجابه بفكرة الموسوعة، ولكن يبقى الجهد فرديا، وقد خاطبتُ بعد المؤسسات المالية والمصارف، ولكن لم يتم التجاوُب حتى الآن، خصوصا أن كثيرا من المصارف تعاني من أزمةٍ وشحٍ في السيولة في ظل الأزمة المالية العالمية.

وضعف الدعم المادي لا شك أنه يشكل عائقا أمام طموح الموسوعة وتنفيذ المراحل القادمة من هذا المشروع الإسلامي العالمي للاقتصاد الإسلامي.

ولكن مادام الله قد وفقني للبدء فيه فإني على ثقةٍ بأنه سيعينني على إتمامه، ولكن أسأله سبحانه التوفيق والسداد مع الإخلاص والقبول.

أما عن أهداف الموسوعة فلا شك أنها تهدف لخدمة الباحثين والمتخصصين في علم الاقتصاد والتمويل الإسلامي.

كما تهدف إلى إتاحة هذه المكتبة الموسوعية من المادة العلمية لغير المسلمين ممن التفتوا إلى التمويل الإسلامي في ظل الأزمة المالية الراهنة.

كما أن الموسوعة تهدف إلى إتاحة الثقافة الاقتصادية الإسلامية والمصرفية الإسلامية للمهتمين بها باللغة العربية وكذلك باللغة الانجليزية واللغة الماليزية (المالوية) واللغة الفرنسية.

وهناك أهداف أخرى تأتي لاحقا مع تنفيذ المراحل القادمة لموسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامية.

السبيل: ما الجديد الذي تأملون الإتيان به من خلالها؟

بالنسبة للجديد المنشود نجده يتلخص في أمور معينة، منها:

أن نقوم بجمع ما يوفقنا الله لجمعه من المواد العلمية والأبحاث المحكمة وغير المحكمة والأوراق في المؤتمرات التي تعين الباحثين وتطلعهم على آخر مستجدات البحث العلمي في هذا التخصص.

أن نقوم بإتاحة الرسائل العلمية (مشاريع التخرج ورسائل الماجستير ورسائل الدكتوراه) حسب تجاوب الجهات الأكاديمية في ذلك، فقد راسلنا بعض الجهات والجامعات لكنها اعتذرت عن نشر الرسائل العلمية، ولكن نشكر الجهات القليلة التي وافقت على تزويد الموسوعة بالرسائل العلمية التي نوقشت فيها، وإتاحتها للباحثين من شتى أنحاء العالم.

أن نقوم بإتاحة منبر عالمي في موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي ومهمة هذا المنبر أن يقوم من خلاله الباحثون والطلاب المبتدئون بنشر مقالاتهم وتقاريرهم الاقتصادية الإسلامية، خصوصا أن مثل هؤلاء الباحثين يشكون من عدم نشر الصحافة المتخصصة لمقالاتهم واكتفائها بالنشر للأعلام فقط، فتأتي الموسوعة لتدخلهم مسرح الاقتصاد الإسلامي وتنشر لهم هذه الكتابات مادامت ملتزمة بأدبيات البحث العلمي.

تعريف المهتمين بهذا التخصص ببعضهم البعض من خلال الكتابات والأطروحات التي يتم نشرها، والتي بإمكان كل باحث أن ينشرها بنفسه من أي موقع في العالم بعد التسجيل في الموسوعة، وكذلك من خلال قسم كتاب اليوم وأعلام الغد وقسم أعلام الاقتصاد الإسلامي.

كما نأمل أن تكون الموسوعة نواةً لمشاريع قادمة مصاحبة لعمل الموسوعة وتصب في ذات التخصص بعون الله تعالى.

السبيل: ما رؤيتكم المستقبلية للموسوعة ؟

لا شك أن الرؤية المستقبلية تنطلق من ثلاثة رئيسة: التفاعُل والتعاطي الجماهيري مع الموسوعة من قِبَل الباحثين والزوار، وقد لاحظتُ أن هذا التفاعل والتعاطي يسير في وتيرة متزايدة ولله الحمد والمنة، وكذلك من خلال التغذية الراجعة من بعض المتخصصين.

توفيق الله لنا في إنجاز المسيرة المرحلية للموسوعة، فقد تم إنهاء مرحلتين من أربع مراحل رئيسة لعمل الموسوعة، ونحن في المرحلة الثالثة، وآمل من الله تعالى أن يكون لنا معينا ومسانداً وظهيرا نحو الخير وإتمام ما بدأناه في هذا المشروع.

الدعم المادي وتمويل مناشط الموسوعة وبرامجها، وهذا هو العائق الأكبر حتى الآن، ونسأل الله أن يعيننا سواء بالإمكانات الشخصية أو بدعم المؤسسات المالية الإسلامية قريبا إن شاء الله تعالى، حتى تمشي الموسوعة كما رُسِمَ لها.

السبيل: يأخذ البعض على الموسوعة عدم وجود منابر تفاعلية مع الجمهور او منتديات؟ ما رأيكم؟

في الحقيقة بالنسبة للمنتديات مازال أمرها موجودا ضمن قائمة المقترحات، إلا أن الموسوعة تتيح للزوار التعليق والمناقشة حتى دون التسجيل فيها، فيحق لأي زائر أن يعلق كما يحب على الموضوع الذي يرغب بمناقشته والتعليق عليه، وقد سعدت ببعض الأساتذة الذين أبدوا رغبتهم بإخبارهم في حال الرد على أبحاثهم حتى يناقشوا الزوار في ردودهم وأفكارهم..

وهذا مجال طيب للمناقشة والتفاعل بين الزوار وبين الباحثين أنفسهم أيضا..

ومع ذلك فهناك أفكار أكثر فعالية من مجرد منتدى يلحق بالموسوعة، وستظهرها الأيام القادمة إن شاء الله.

السبيل: كيف يستطيع المهتمون المشاركة بالموسوعة؟

إن الفكرة التي تقوم عليها الموسوعة أنها موسوعة متطورة وتراكبية، بحيث يستطيع المهتمون من أي مكان في العالم أن يسجلوا في الموسوعة ثم يشاركوا ويرفعوا أبحاثهم ومقالاتهم إلى الموسوعة ليستفيد منها الباحثون في أنحاء العالم.

بل إن الموقع الرابع المختص باللغة الفرنسية كان من تفاعل بعض الأساتذة من المغرب والجزائر مما شجعني على برمجة اللغة الفرنسية وإتاحتها للباحثين والمهتمين.

السبيل: ما أولويات الاقتصاد الإسلامي كما تراها؟

لا شك أنا هناك أركان عديدة للاقتصاد الإسلامي، ومن الخطأ أن نحجم الاقتصاد الإسلامي ونختزله في الصيرفة الإسلامية، فالصيرفة والتمويل جزء بسيط من مناحي الاقتصاد الإسلامي ككل، حتى في الاقتصاد الأمريكي لم يشكل قطاع البنوك في أفضل أحواله إلا ما نسبته 6- 11 % من الدخل القومي الإجمالي للولايات المتحدة.

ولذا فمن الخطأ أن ننظر إلى المصارف الإسلامية وحدها أنها النظام الاقتصادي الإسلامي، وهذا يرتب أوليات رئيسية للاقتصاد الإسلامي، ومن أهمها:

أسلمة البنوك المركزية في الدولة العربية والإسلامية، خصوصا بعدما تبين للعالم كله تخبط السياسات التقليدية في الغرب، والويلات التي جرتها على العالم كله.

أسلمة القنوات الاقتصادية المتعددة مثل الأسواق المالية، ونظم التمويل الداخلي والخارجي، وأساليب الرقابة والتفتيش، والقيود النقدية المطبقة، وغيرها.

إحياء المؤسسات الاقتصادية الإسلامية الهامة والرئيسة بجهود حكومية مباركة مثل مؤسسة الزكاة، ومؤسسة الوقف الإسلامي، بوظائفهما التي تحمل عن الدولة الإسلامية كثيرا من الأعباء والمهام المالية والتمويلية والإغاثية أيضا.

تفعيل نظام التوزيع الإسلامي ونظام الملكية الإسلامي وفق المؤسستين السابقتين (الزكاة والوقف)، وهذا معناه تحقيق العدالة الاجتماعية بأبهى وأروع صورها، مما يعني قوة اجتماعية وتماسكا وتلاحماً بين شرائح المجتمع المختلفة.

السبيل: ما أبرز المشاكل التي تعانيها المصرفية الإسلامية؟

ما زلت في الجانب الأكاديمي لعلم الاقتصاد والمصارف الإسلامية، لكن علاقتي بالمصارف الإسلامية هي علاقة تدريب ودورات مهنية، وهذا يجعلني بعيدا قليلا عن المشاكل التي تعانيها المصارف الإسلامية بشكل تفصيلي، لكن أهم المشاكل من وجهة نظري القاصرة هي:

أ ) وجود المصارف الإسلامية في بيئة ربوية تقليدية، سواء بدءا من البيئات المحلية كالبنوك المركزية التي تعمل وفق النظام التقليدي وأنظمة صندوق النقد الدولي، أو في البيئات الخارجية في التعامل مع البنوك الخارجية المراسلة في كثير من الخدمات كشركة الفيزا والقروض والحسابات الخارجية.

ب) ضعف التدريب المهني والأخلاقي والشرعي أيضا للكوادر البشرية العاملة في كثير من المصارف الإسلامية، وإن كان هناك كوادر تعمل على تطوير ذاتها ذاتيا، ومع ذلك لا يخلو الأمر من بعض المصارف التي تشرك موظفيها في دورات متخصصة ومتميزة وتخصص ميزانية للتدريب.

جـ) قلة الاهتمام بآخر مستجدات الأبحاث الشرعية والمصرفية، حتى يكاد الباحث في بعض المسائل يرى الأبحاث العلمية والمجامع الفقهية في وادٍ والمصارف في وادٍ تطبيقي آخر، وهذا ما يثير حفيظة العديد من الباحثين تجاه المصارف، ويثير تشكُّك العديد من جماهير المتعاملين مع المصارف.

السبيل: ألا ترى أن الازمة الاقتصادية كانت فرصة مناسبة للاقتصاد الإسلامي لإبرازه وتوضيح معالمه ولو إعلاميا؟

لا شك أن الأزمة المالية العالمية كانت بمثابة صدمة كهربائية نبهت العالم كله والعالم الغربي على وجه الخصوص إلى أهمية التمويل الإسلامي، وكذلك أهمية مبادئ الاقتصاد الإسلامي، بدءاً من وظائف الدولة في الحياة الاقتصادية، مرورا بالفائدة الصفرية في البنوك المركزية، تعريجا على الرقابة على الأسواق، وانتهاء بالمنظومة القيمية والأخلاقية التي ينادي بها العالم في الوقت الراهن.

كما أن الأزمة المالية زادة من عمليات المراجعة لمدى شرعية المعاملات والخدمات المصرفية في المصارف الإسلامية، وهذه خطوة صحية وصحيحة، فجاءت الأزمة داعمةً لها.

السبيل: هل من كلمة أخيرة؟

في الختام يسرني أن أشكر لكم لقاءكم الظريف ذا الدم الخفيف، آملا لصفحتكم ولمنبركم التوفيق والبركة والأجر وتحقيق الغايات النبيلة.

المصدر: صفحة المال والإسلام – جريدة السبيل