استخدام نظرية الألعاب في منظمة الأوبك لإدارة مخاطر تقلبات أسعار النفط في الأسواق الدولية – أ.د. محمد سالم الصفدي

استخدام نظرية الألعاب في منظمة الأوبك لإدارة مخاطر تقلبات أسعار النفط في الأسواق الدولية – أ.د. محمد سالم الصفدي

تمثل التنمية الاقتصادية مع التغير الإستراتيجي للاقتصاد العالمي التحدي القديم -الجديد لدول العالم ، ويكمن هذا التحدي في زيادة الطفرة الإنتاجية والعرض والطلب على السلع والتطور التكنولوجي والأسعار، والذي تلعب به قضايا الطاقة الدور الأساسي والفعال في تخفيض تكاليف الإنتاج وتبادله التجاري ،وستظل عمليات التنمية من أهم قضايا العصر ما لم نسيطر على قضايا الطاقة وأسعار النفط ، وسيظل هذا الأمر تحديا تواجهه مختلف الدول بصور مختلفة ، وحسب موقعها الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي ، أكانت دولا غنية أم فقيرة ، متطورة أم نامية ، مصدرة للنفط أم مستوردة له ، حيث ظهرت في السنوات الخمسين الماضية أهمية تغير أسعار النفط وانعكاساتها على اقتصاديات التنمية وأسعار البضائع والسلع الأخرى في السوق الدولية ، وأزمات التضخم المالي وضعف القوة الشرائية للعملات في مختلف  دول العالم المتطورة والنامية ،غير أن هذه القضية ما زالت قائمة تماما في الألفية الثالثة وكما كانت في النصف الثاني من القرن العشرين ، بل أصبحت أكثر وضوحا واستفحالا في التنافس على مصادر الطاقة ،والذي يمثل النفط فيه الجانب الأكثر أهمية بمسائل التحدي التنموي والاقتصادي ، حيث تلعب أسعار النفط دورا أساسيا وفعالا في الاقتصاد العالمي ، وتمثل إحدى أهم السلع المحورية التي تنعكس إيجابا أو سلبا  على أسعار باقي السلع  في الأسواق الدولية والمحلية ، لأن أسعار النفط تؤثر سلبا أو إيجابا على اقتصاديات جميع الدول  المصدرة منها للنفط أو المستوردة ، فتؤثر على نمو اقتصاده وازدهاره ، ومستوى الرفاهية لشعوبها ،وخاصة بلدان العالم الثالث  حيث تتأثر أسعار مختلف البضائع المحلية أو المستوردة   ، إضافة إلى أن النفط عامل مهم في الاستقرار السياسي في هذه الدول ، إذ أن عدم استقرار أسعار النفط ومشتقاته يؤدي إلى خلل في العرض والطلب والى إثارة مشاكل اقتصادية وإدارية تتعدى الحدود السياسية والديمغرافية لهذه البلدان وتوقف المشاريع التنموية وخطط التطور الحضاري والقطاعي ، وتعمل على إظهار الخلل الخلل الكبير في تكامل العناصر الاقتصادية والإدارية إضافة للعناصر السياسية ، وخاصة في مجال التبادل التجاري بين الدول ، وان عمليات الوصول إلى نقاط التوازن بأسعار النفط ومشتقاته  من خلال اتباع سياسات تسعيرية مدروسة ، أمر هام للتعاون بين الدول ولتوازن السوق الدولية ، ووضع سياسات تسعيرية مقبولة لباقي السلع الاستهلاكية والتي تنعكس إيجابا أو سلبا على اقتصاديات الدول وشعوبها ، وهذا ما تسعى إليه منظمة الأوبك والدول الخارجة عنها، وقد استطاعت هذه الدول فيما سبق من السيطرة على أسعار سوق النفط من خلال كثير من الدراسات الاقتصادية و الإدارية  دقيقة ومحكمة حيث كانت العوامل المؤثرة على هذه الأسواق قبل حرب 1967  تقتصر على العرض والطلب ، إلا أن هذا قد تغير بعد ذلك ، ففي نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة  ظهرت ذبذبات كبيرة في الأسعار ، تبين من خلالها عدم إمكانية السيطرة على السوق بالطرق السابقة ، فقد ظهرت عوامل جديدة وهامة أثرت على الأسعار ، وبدأت  تلعب بالسوق الدولية وتجعله يتحرك ويتأرجح بخطوط بيانية مرعبة وغير منتظمة ، تلعب بها الأزمات السياسية والتحديات العالمية والحروب وفرض الحصار الاقتصادي على بعض الدول المنتجة ، وانطلاقا من هذا كان لابد من البدء بشكل جديد من الدراسات الاقتصادية لا تعتمد على الظاهرة التاريخية لتطور أسعار النفط ، ولا تعتمد على العرض والطلب فقط ، وإنما تعتمد على الاستراتيجيات المؤثرة على الأسعار ، ثم التحكم بها من خلال نماذج نظريات الألعاب للتوقف على الاستراتيجيات التي تحقق التوازن في الأسعار لينعكس هذا إيجابا على اقتصاديات دول العالم ورفاهية شعوبهم وخاصة دول العالم الثالث .