نعم.. الحاجة ماسة لمفوضية سعودية للعمل الخيري الإسلامي! – محمد خضر الشريف

نعم.. الحاجة ماسة لمفوضية سعودية للعمل الخيري الإسلامي!

محمد خضر الشريف

فرحت كثيرا بالدراسة التي تقدم بها نائب رئيس مجلس الشورى السعودي المهندس محمود طيبة وعدد من زملائه الأعضاء بالمجلس لإنشاء مفوضية سعودية خارجية للعمل الخيري الإسلامي..

ومصدر فرحي بهذه الدراسة أن العمل الإسلامي بعد الأحداث المشؤومة للحادي عشر من سبتمبر ، أصبح شبيها بالأيتام على موائد اللئام. بل أصبح ترجمة للمقولة النبوية الشريفة:”ولكن حمزة لابواكي له”. وهي الجملة التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم إثر عودته للمدينة من موقعة أحد ليجد بيوتات المدينة المنورة تبكي شهداءها- قبل تحريم البكاء على الميت- وبيت عمه حمزة- أسد الله وأسد رسوله- لا يجد من يبكيه، فأخذته حسرة، منبثقة من حسرته على مقتل عمه، فتلفظ بها في إشارة إلى أنه مات غريبا عن أهله ودياره، وهو ابن عبد المطلب سيد قريش وسيد العرب، ومع ذلك لايجد من يندبه!!

وهكذا العمل الخيري الإسلامي يذبل ويكاد يموت وهو سيد الميدان وصاحب التاريخ في الزمان والمكان، وصاحب الريادة في التواصل والتآزر والتلاحم الانساني، ومع ذلك يموت ولايجد من يندبه أو يبكي عليه!!

ومبعث فرحي بالفكرة المقدمة أيضا أنها ستعمل على توحيد الجهة المسؤولة عن العمل الخيري الإسلامي الخارجي، الذي انكمش دوره، وتثاقلت خطاه، بعد أن جلس له أعضاء مكرة في الكونجرس الامريكي، يترصدون له ويثبطون من خيريته، ويشككون في هويته ويرمونه بتهمة الإرهاب، وهو منها براء،

حتى إن الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية في الخارج التي انشئت لتكون جهة منظمة وموحدة للعمل الخيري الإسلامي السعودي في ا لخارج لم تسلم هي الأخرى من مكر الماكرين، فقد اتهمها القوم بأنها منظمة داعمة للإرهاب، وأدرجتها محكمة المقاطعة الجنوبية في نيويورك كذلك؛ والسبب في نظرهم “ان نظامها تضمن أنها حصرية وأنها وريث عن المؤسسات الخيرية الأهلية السعودية المعنية بالخارج بل وجهة تنفيذية” .

ويطرح بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي- بشكل متكرر وللعام الخامس على التوالي- إشكالية عدم تنظيم السعودية عمليات العمل الخيري والتبرعات رغم إلغاء الصناديق والتبرعات العامة وإيقاف الحوالات من المؤسسات الخيرية للخارج..

وللأسف الشديد هذا هو التصنيف الأمريكي لمنظماتنا الخيرية التي تجعل الدعوة لمثل هذه المفوضية أمرا ملحا الآن، ولا تمل من تكراره أو قل “لوكه” في كل مجلس ومحفل.

وإذا كان تجاوز الضغوط- كما أشارت الدراسة- لن يأتي إلا من خلال انطلاق عمل مؤسسي أهلي منظم والمحاسبة المحلية والخارجية تكون على الأخطاء الناتجة من المؤسسات الخيرية الأهلية بأعمالها التنفيذية- إن وجدت تلك الأخطاء- وليس على النظم واللوائح والهيئة المنظمة، وهذا كلام صادق والمفروض أن يكون لأن أعمال لهذه المؤسسات حق سيادي، فلا يجب أن تجرم و تكال لها التهم هكذا جزافا .

والوضع العام يجعلنا نتفق مع مقدمي الدراسة ونؤكد معهم على أن هذا النظام يجعل العمل الخيري قادراً على أداء واجباته ويحقق السرعة والمرونة التي يحتاجها ويتميز بها أصلاً عن العمل الحكومي.

كما يحقق مقترح المشروع- من وجهة نظرهم- إخلاء الدولة من أي مسئولية عن خطأ يقع من إحدى مؤسسات العمل الخيري، ويتيح في الوقت نفسه للدولة فرصة الرقابة الكاملة والمحاسبة لأي مؤسسة منها.

ولم تكن المملكة بدعا في إنشاء هذه المفوضية المهمة جدا الآن؛ لأن هذا التنظيم الأهلي المستقل للمؤسسات الخيرية الأهلية المعنية بالخارج يعمل به في أمريكا وكندا ودول أوربا ومعظم دول العالم.

بقي أن نعرف القاريء الكريم أن هذه المفوضية سيكون مقرها الرياض ، بالإضافة لفروع داخل وخارج المملكةمن مجلس أمناء لا يقل عددهم عن 13 عضواً يتم تشكيلهم من 4 أعضاء من الشخصيات المعروفة و3 من مسئولي الجمعيات والمؤسسات الخيرية الإسلامية الرائدة و3 من المهتمين بالدعوة والتعريف بالإسلام و3 من رجال الأعمال المهتمين بالأعمال الخيرية.

وسيعد مجلس الأمناء بمثابة السلطة العليا في المفوضية الذي يرسم السياسة العامة لها ويشرف على تنفيذها وله إقرار اللوائح المالية والإدارية لها وإقرار هيكلها التنظيمي واختيار أعضاء المجلس التنفيذي وتعيين أمين عام للمفوضية والنظر في التقرير السنوي وإقرار الحساب الختامي واعتماد الميزانية ورهن ممتلكات المفوضية أو بيعها أو التصرف لخدمة أهداف المفوضية واستثمار أموالها والتوصية بحل المفوضية أو دمجها إذا أصبحت عاجزة عن تحقيق أهدافها.

إن هذه المفوضية- التي يؤمل أصحاب فكرتها أن تكون على غرار المفوضية الخيرية لانجلترا وويلز- آمل أن أراها واقعا ملموسا، ومشاهدا، بعد تلافي الجوانب السلبية في نظام الهيئة الجديدة، و تلافى جميع أسباب الأزمة والتحديات، وإذا تم ذلك فستكون هذه المفوضية فاتحة خير للعمل الخيري الإسلامي، و يمكن من خلالها السماح للمؤسسات الخيرية المعنية بالخارج باستئناف أعمالها وأنشطتها الخارجية كالوضع السابق, وتتحمل المفوضية بنفسها كافة المسؤوليات داخليا.

المصدر: http://www.medadcenter.com/Articles/show.aspx?Id=20