المسؤولية الاجتماعية التجميلية

المسؤولية الاجتماعية التجميلية

أ.وهيبة مقدم

تعتبر ممارسات المسؤولية الاجتماعية في كثير من الشركات الدولية بمثابة عمليات تجميلية لإخفاء العيوب الخطيرة التي تمارسها هذه الشركات على البيئة و المجتمع، فهي أقرب ما تكون إلى محاولة للفت الأنظار و توجيهها من الاهتمام بمخاطر نشاطات هذه الشركات البيئية و الاجتماعية إلى البرامج الاجتماعية و التنموية التي تقوم بها.

الحديث عن هذه النقطة يدفعنا إلى الحديث عن الدافع من تبني برامج المسؤولية الاجتماعية، فطبيعة الدافع تؤثر بشكل كبير على جدوى هذه البرامج و على استمراريتها و على جديتها.

و بتمحيص دوافع الالتزام الاجتماعي ميزنا بين ما يلي:

قد يكون الدافع كما ذكرنا آنفا، هو أن تداري المؤسسة الأضرار الناجمة عن نشاطاتها عن أعين المنظمات غير الحكومية و منظمات حماية البيئة و منظمات حقوق الإنسان من خلال هذه البرامج الاجتماعية، و في مثل هذه الحالة تعد المسؤولية الاجتماعية عملية ترقيعية لا جدوى منها، فما الفائدة من نصلح من ناحية و نخرب بشكل اكبر من ناحية أخرى، فالأولى درء المفاسد بدلا من جلب النعم.

كما قد تمارس الشركات المسؤولية الاجتماعية لما لها من أثر نفعي مالي مستقبلا، إذ أن الالتزام الاجتماعي للشركات يحسن من صورتها، و المستهلك اليوم أضحى واعيا بما يدور حوله، و أصبح اختياره للمنتجات و الخدمات لا يأتي من فراغ، إنما يبنى على أسس كثيرة من أهمها سمعة الشركة التي يتعامل منها، و في هذه الحالة نجد الشركة تحيط هذه البرامج بزخم إعلامي هائل يوحي بان ما تقوم به هو تفضل منها على المجتمع، و قد تتوقف عن مثل هذه البرامج بمجرد تحقيقها لغايتها المادية.

الدافع الثالث يتمثل في ممارسة أنشطة المسؤولية الاجتماعية باعتبارها موضة إدارية هذه الأيام، فما من شركة إلا و عليها أن تتبنى برنامجا يشمل حماية أصحاب المصلحة و رعاية حقوقهم، فعليها أن تجنح لما جنحوا له و إلا ستتخلف عن مركزها التنافسي و قد تتعثر في قطاع الأعمال الذي تتواجد فيه مقارنة بباقي الشركات المسئولة اجتماعيا، لا يختلف هذا الدافع عن سابقه، فمصير أي موضه هو الزوال و الاندثار.

الدافع الأخير و هو الدافع الرشيد و يتمثل في النزعة الدينية و العقيدية، و هذا ما هو مطلوب من الشركات الإسلامية على وجه الخصوص، فممارسة المسؤولية الاجتماعية في هذه الحالة ليست لتعظيم العائد المادي أو لإخفاء تشوهات في نشاطات الشركة، أو لأنها موضة إدارية، إنما لأن التكافل الاجتماعي هو اصل من أصول الدين الإسلامي، فهو بذلك واجب يتعين أداؤه، و ليس للفرد في ذلك فضل على المجتمع، هذا الدافع كفيل بأن يضمن استمرارية هذه النشاطات و أداءها بالشكل المطلوب و يكون الجزاء في الدنيا و الآخرة.

المصدر:http://www.iso26000arab.com/index.php?page=view_social&id=3