تقرير: تفوق التبرعات الأمريكية على الإسلامية في دفع مسيرة العمل الخيري

إسراء البدر – بعداد

تكمن أهمية العمل الخيري في كونه سبيلا من سبل تحقيق التكافل الاجتماعي في المجتمع وتحقيق نوع من التقارب بين الطبقات وأبناء الشعب الواحد، وإزالة الفوارق المادية بين فئاته قدر الإمكان، وهذا هدف مهم وأسمى يسعى الشرع الإسلامي إلى تحقيقه بين أغنياء وفقراء المجتمع .. وعلى قدر إمكانية وثراء الشعوب العربية والإسلامية بما انعم  الله تعالى عليها من خيرات ,إلا أنها لم تسعى إلى تفعيل العمل الخيري على المستوى الذي يليق بحجم الإمكانيات للدول العربية وخاصة الخليجية منها , وعلى نحو مغاير هناك قفزات كبيرة للعمل الخيري في أوربا وأمريكا وسعي الكثير من الأثرياء إلى ضرورة تفعيل ذلك والعمل الدؤوب لتحقيقه ونرى ذلك واضحا في دعوة بيل غيتس حيث جعل الأمريكيين فعلا ينجحون في دفع مسيرة الأعمال الخيرية الأمريكية, فلماذا نجح العمل الخيري الأمريكي بهذا ا لشكل والناس ليس عندهم لا دين ولا ورع ، ونحن الذين عندنا الدين والورع تباطأنا كثيرا ؟؟ وما الأسباب والدواعي؟

وهل له علاقة مثلا بالإعفاء الضريبي عندهم للمساهمين في الأعمال الخيرية؟؟

وهل نستطيع أن نطرح البديل وهو أن تقوم الزكاة بالإعفاء الضريبي في بعض البلدان مثلا حتى يتشجع أهل الخير لدفع مسيرة الخير في البلدان الإسلامية؟؟

أسئلة حملها “مداد” إلى مجموعة من الباحثين والمختصين في الاقتصاد والعمل الخيري واختصاصات أخرى مختلفة فكانت هذه إجاباتهم..

 ابتعادنا عن الممارسة السلوكية

الدكتور إبراهيم قويدر مدير منظمة العمل العربية السابق والخبير في السياسات الاجتماعية قال : البحث في هذا الموضوع مهم جدا حيث يذكرني بقول الشيخ محمد عبده عندما زار فرنسا واقترب من سلوكيات التعامل بين الناس في المجتمع الفرنسي فقال:” وجدت في المجتمع الفرنسي أسلاما بدون مسلمين أما هنا فيوجد مسلمين بدون إسلام “….. حقيقة أن مشكلتنا الحقيقية هو ابتعادنا عن الممارسة السلوكية الفعلية لتعاليم الإسلام وحتى القرآن والدعاء أصبحنا نرتل بدون فهم واستيعاب فكثير منا يصلى ويقرأ القرآن ولا يعرف معنى (الله الصمد) على سبيل المثال هذا الابتعاد عن الممارسات السلوكية الاسلاميه هو الذي أبعدنا بحق عن الإسلام خاصة في مجالات التراحم والتكافل الاجتماعي والصدق في التعامل والإخلاص في أداء الواجب.

والغرب توصل إلى ما توصل أليه نتيجة تفعيله وتجسيده لهذه السلوكيات فعلا وقولا في الشارع والمنزل ومؤسسات المجتمع الرسمية وغير الرسمية .

إن الأثرياء العرب الكثير منهم بعيد كل البعد عن سلوكيات الحلال والربح الصافي من كل الشوائب المحرمة للحصول عليه وجزء لا بأس منهم استغنوا نتاج لطرق غير مشروعة أو بطرق يحوم حيالها كل شبهات التحايل والاستغلال وبالتالي فهم لا يرغبون بالبوح عن أموالهم ولا يريدون الإسهام في أفعال الخير لأنها تفضح أمرهم وأنهم لديهم مالا مكتسب بطرق غير مشروعة نتيجة الفساد المالي والإداري الآن في معظم الأقطار العربية .

ولكنى أعرف جيدا العديد من أغنياء العرب الذين كسبوا أموالهم بالحلال يقومون بأفعال خيريه بأشكال عديدة ويسهمون في برامج التكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية في أوطانهم وفى كافة الأقطار العربية والاسلاميه .

المصطلحات لا تروعنا

في حين يرى الدكتور مهند العلام مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والبحوث نظرة توضح اختلاف المفاهيم بالقول : نحن هنا نتحدث عن مفهومين مختلفين ومنظومتين للمعرفة متناقضتين تنقسم في مفهومنا إلى أهل حقٍّ وأهل باطل لذلك لا بد من الحديث عن تقابلٍ يُظهر خلفية كلٍّ من الفريقين، وهو التقابل بين الكفر والإيمان.ولا ينبغي أن يروِّعنا استخدام الآخرين لبعض المصطلحات التي يستعيرونها من الثقافة الإسلامية ثم يغيِّرون وجهتها، مثل كلمات الإرهاب والتكفير والعمل الخيري ومن ثم ارتباط كل منهم بالأخر.. فالقرآن جاء فيه كلمة الإرهاب بمعنى: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60] ودلَّ بكلمة “الإرهاب” على بناءٍ حضاريٍّ إيجابيٍّ يخيف العدو فلا تمتد يده لسرقة الأمة وللعدوان عليها.وأصبحنا اليوم نحتاط لكثرة ما مارسه الإعلام من إساءة لهذا المفهوم من ترديد كلمة “الإرهاب” على أنها مرادفة للتطرف، والإرهاب لا يكون في التطرُّف بل يكون في الوسطية، لأنه بناء حضاريّ.أو في المصطلح الآخر وهو “التكفير” حين يطلقونه أيضًا في هذه الأيام على من انحرف فكرُه وشذَّ عن الصراط المستقيم. في حين أن مصطلح “التكفير” يُذكر مئات المرات في القرآن على أن الذي يقع في الكفر فهو الذي ينطلق من العمى، لأن الكفر هو الستر، ومن كان ينطلق من الغطاء لا من البصيرة ومن العمى لا من الإبصار فإنه سيتخبط تخبط عشواء.

بواعث الخير وبواعث الشر

ويضيف: الذي يشهده العالم اليوم وهذه الفوضى المحلية والعالمية وتفسير ما يجري على أرض العراق وما يجري من الإساءات تفسيرًا منطقيًّا وما الذي ينتج ذلك السلوك؟ ثم التوصيف السلوكيّ الظاهر والدخول إلى دوافعه وبواعثه الباطنة؟ فالبواعث هي التي تحرك الإنسان وقد تكون بواعث خيِّرة، ولا يمكن أن يرقى باعثٌ في خيريته إلى درجة الإيمان بالله فهو أعظم باعث.نعم، ربما تكون المصلحة والمسالمة والمواطَنة من البواعث التي تحدُّ من السلوك الشرير، لكن الإيمان يبقى خيرَ باعث، ومن هنا فإن القرآن صرح تصريحًا لا مجال للّبس فيه، حين أخبر العالم أنه سيبقى في فوضويته وحيرته وجمع الفريقين: الفريق الملحد اللادينيّ الوثنيّ ومعه أهل الكتاب الذين تمردوا على الدين، من الفريق الذي يرفض الإسلام،مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ …. أليس من يفعل ما يفعل على أرض العراق ينتمي إلى أهل الكتاب؟أليس أولئك الذين يتحدثون عن تقربهم إلى الله في أمريكا في دعمهم لذلك الكيان الصهيونيّ ينتمون إلى أهل الكتاب؟أليست المادية على الدين في أوربا تمارس اليوم أبشع الممارسات بدعوى حرية التعبير؟

إذًا: هم في خطواتٍ عملية في تزوير المصطلح، فالإرهاب الذي هو بناءٌ حضاريٌّ صار في أذهاننا يعني التطرف، والتكفير مخيف، والجهاد ينبغي أن يُنسى، وهم يدعون إلى وحدة الأديان ويقولون: الإسلام يساوي اليهودية، ويقولون: ينبغي أن يدخل الإسلام إلى المسجد، لكن إذا لم يكن لدينا أن “أعمالهم كسراب” فإننا سنتأثر وسوف ننحرف عن طريقنا.

أما الأستاذ خالد المصري (كاتب صحفي متخصص في الشأن ألتنصيري) قال : بدايةً علينا أن نعترف أن الغرب في مجمله يتصف ببعض الصفات العالية والأخلاق الرفيعة التي لابد أن تكون في المسلمين أكثر مثل صفات الإخلاص والأمانة والإتقان في العمل ومراعاة الضمير والهمة والنشاط وغيرها من الصفات ، وذلك على الرغم من انعدام الدين بالكلية في حياتهم إلا أن هذه الأخلاق هي أحد أهم أسباب تقدمهم ورقيهم ، ولا عجب أن نعلم أن هذه الأخلاق هي في الأصل أخلاق الإسلام ، وهذا ما يفسر مقولة أحد المفكرين حينما سافر إليهم وعاد قائلاً شاهدت هناك إسلاماً بلا مسلمين وحينما راجعت وجدت مسلمين بلا إسلام  ..

أما بخصوص العمل الخيري في الغرب فهو ينقسم إلى قسمين :

عمل خيري شرعي : وهو بالفعل عمل يستحق الثناء وتشرف عليه بعض الدول وتخص ميزانيات خاصة بها في مساعدة دول أخرى فقيرة ، وكذلك الجمعيات والمنظمات الأهلية وهي تقدم المساعدات للفقراء ، وتقوم بأعمال التنمية في الدول الفقيرة والنامية ، وتتواجد باستمرار في الدول المتضررة لتقدم يد العون ..

وعمل خيري غير شرعي : وهو الذي يكون فيه العمل الخيري عبارة عن غطاء لأعمال أخرى غير شرعية مثل التنصير أو تجارة السلاح مثلا وهذا للأسف الغالب على جل الأعمال الخيرية في الغرب ، فتكون الأعمال الخيرية ستار وغطاء فقط وهو في الحقيقة عبارة عن أعمال تنصيرية ، وتتزعم هذه الأعمال الخيرية منظمة ” كاريتاس ” التنصيرية وهي أكبر منظمة أمريكية عالمية تنصيرية تعمل تحت ستار المساعدات الخيرية ، وتتواجد باستمرار في أي مكان يحتاج لمساعدات خيرية ولكن في نفس الوقت يتواجد معها جيش من المنصرين يقومون بنشر المسيحية على الناس التي تحتاج لأدنى درجات المساعدة ..

مزايا عديدة تدفع الأمريكيين للعمل الخيري

 في حين يرى الخبير في الاقتصاد الإسلامي الدكتور بشر محمد موفق (مدير موسوعة الاقتصاد الإسلامي) أنه : لا شك أن هناك مزايا عديدة مدنية تدفع ببعض رجال الأعمال الأمريكيين إلى العمل الخيري أو التبرع بلا عائد كما تسميه بعض الدراسات الغربية..

وقلت كلمة مزايا مدنية؛ لأنها تصرفات تأتي استجابة للمزايا المدنية وليس لدافع ديني، وهذا هو الحال غالبا..

أما فيما يتعلق بالإعفاء الضريبي عند الأمريكان لمن يقوم ويساهم بالعمل الخيري ، فيقول الأستاذ خالد المصري : نعم هذا عامل مهم في زيادة الأعمال الخيرية الغربية وخاصةً الأمريكية ، وذلك لأن قانون الضرائب الأمريكي يقوم بإعطاء إعفاء ضريبي لكل شخص تبرع بالمبلغ المقرر عليه سنوياً للضرائب لأي جهة دينية سواء مسجد أو كنيسة أو معبد يهودي أو حتى معبد بوذي أو هندوسي أو حتى جمعية أو منظمة غير ربحية تقوم وتختص بالأعمال الخيرية ، وهذا المسلك أعطى سيولة رهيبة لكل المؤسسات الخيرية تستطيع أن تنفق كيفما تشاء من خلال استغلال هذا البند .

فيما يرى الدكتور إبراهيم قويدر  أن مسالة الإعفاء الضريبي مهمة في دعم العمل الخيري بالقول :

طبعا الإعفاء الضريبي لمن يقوم بأعمال خيريه عامل وانا أتذكر هنا تجربة الرئيس عبد الناصر عندما سن قانون لمن يبنى عمارة ويستخدم الدور الارضى مسجد أو مدرسة قرأنيه يعفى من الضرائب العقارية وبالتالي تجدين العديد من العمارات في مصر الدور الأول فيها مسجد .

بدون شك لو استطعت الحكومات العربية تنظيم دفع الزكاة وربط  من يدفعها بانتظام بتقديم إعفاءات ضريبية 50% مثلا سيكون الأمر جيد في حالة أن يكون استخدام أموال الزكاة استخدما منزها من كل الشوأب ويخدم المجتمع في برامج الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية لان الأمر لا يوجد به خسارة على خزينة المجتمع لان أصل جبي الضرائب هو صرف حصيلتها لبرامج رعاية الناس وإذا توفر ذلك من خلال الزكاة أو برامج التكافل الاجتماعي المختلفة فان الغرض تحقق ولكن تحقيقه تم بطريقة يشعر بها فاعله بالرضا والسعادة لأنه تم برغبة ومصداقية فعلا حثه عليها دينه ويقربه من المولى عز وجل .

الإعفاء الضريبي

أما الدكتور بشر محمد موفق فيرى أن مسالة الإعفاء الضريبي مسالة في غاية الأهمية معللا ذلك بالقول: وما دمنا نتكلم عن الدافع فبعد الإشارة إلى أن الدوافع دوافع مدنية، لا بد من الإشارة إلى أن أهم هذه الدوافع أربعة دوافع رئيسة ومن خلالها سأعقد المقارنة أو المقابلة مع عالمنا العربي الحبيب، وهذه الدوافع الرئيسة هي:

=    دافع الإعفاء الضريبي، وهذا دافع واضح لا داعي للتفصيل فيه، ومن المؤكد أنه يشمل حتى العمل الخيري غير النقدي، بحيث تقدم المؤسسة أو الفرد استشارات خيرية ويتم تكبيرها في القوائم المالية لتحقيق إعفاء ضريبي أو تهرب ضريبي أحيانا.

= فلسفة النظام الاقتصادي القائم وهو النظام الخاص أو نظام السوق أو النظام الرأسمالي، حيث إن الدولة في النظام الخاص الرأسمالي محيَّدة عن الحياة الاقتصادية إلا الوظائف السياسية الثلاثة المعروفة (القضاء – الأمن – الدفاع)، وحتى هذه في ظل شركات الأمن الخاصة في أمريكا باتت مسحوبة من وظائف الدولة الاقتصادية أيضا..

بل إن الدولة حتى إن رغبت في توفير مورد مالي للدولة لتحقيق وظائفها أو المهام المنوطة بها فإنها تحتاج إلى استئذان الجهة التشريعية مثل مجلس الشيوخ أو الكونجرس للسماح لها بهذا المورد المالي، مع بيان الأسباب التي تتطلب هذا المورد.

وفي ظل هذه القيود على شخصية الدولة لا يكون للدولة إلا أن تتوجه عبر وسائل الإعلام لتشجيع القطاع الخاص – الأكبر حجما في الولايات المتحدة وأكثر البلاد الغربية – على التبرع وتقديم العمل الخيري أو التطوعي لمصلحة كثير من الأعمال والمشاريع الاجتماعية العامة.

وليس المقام محلا لتفصيل الدعايات والإعلانات والمحاور التي تدق عليها لتشجيع الناس على العمل التطوعي.

ولا أدل على ذلك من أن التبرعات الفردية تشكل أكبر مصدر للتبرعات في أمريكا، حيث بلغت التبرعات الفردية 77% من مجموع التبرعات بالولايات المتحدة لعام 2005م.

في حين إن فلسفة الأنظمة الاقتصادية القائمة في أكثر الدول الإسلامية تقوم على دور الدولة في تحقيق هذه المشاريع العامة والاجتماعية مثل مجانية التعليم، وإلزامية العلاج الصحي، والخدمة العسكرية الإلزامية، وغيرها من الجوانب..

وهذا كله يقلل من الحاجة للعمل التطوعي والخيري العربي، ويقلل أيضا بل يكاد يعدم الدعايات والوسائل الإعلامية الداعية للعمل الخيري..

باستثناء المبادرات الفردية لبعض المراكز الصحية الخيرية الخاصة مثل علاج الأطفال المصابين بالسرطان وما شابهها.

=  دافع التشريعات.. وهذا سأقف معه بشيء من التفصيل.

في ظل النظام الاقتصادي وفلسفته كما تقدم معنا في الدافع الثاني، فإن العاقل بعرف أن النشاط الذي تقود الدولة أو على الأقل تشرف عليه لا بد أنه سيكون أدعى للقبول والتطبيق أكثر من مجرد مبادرات فردية، وفي هذا الخصوص نقرأ قول النبي صلى الله عليه ويسلم: “إن الله لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن”، فإن التشريعي الديني يمثل وازعا ذاتيا داخليا، وهذا الوازع إن حصل وتمكَّن من نفس الفرد فلن يهزه أو يغيره شيء، ولكنه لا يتحقق في نفس كل الناس وآحادهم، ولذا قال تعالى: “وما أكثر الناس ولو حرصتَ بمؤمنين”، خصوصا في ظل حرية اختيار الدين التي جاء بها الإسلام وعدم إكراه الناس على اعتناق دين الإسلام.

بينما في حالة الوازع الخارجي وهو سلطة الدولة – على خلاف الوازع الداخلي الذاتي – نجد أنه أكثر تجاوُبا وتفاعُلا من طرف الناس وأفراد المجتمع.

وهذا أمر آخر يفسر نجاح العمل الخيري وسعة آفاقه في أمريكا وغيرها، أكثر من توسعه وانتشاره في العالم العربي والإسلامي.

=  النظرة السياسية لمن يقوم بالعمل الخيري خصوصا في العالم الخارج عن الغرب، حيث يصنفونه على ضمن قائمة الإرهاب العالمي، وهذا وحده كفيل بتجفيف منابع العمل الخيري كما يقولون، في حين إن الجمعيات الخيرية اليهودية مصرح لها بالجمع بشكل كبير، وتسخَّر وسائل الإعلام لهذا الهدف أيضا كما أسلفنا. والشواهد على ذلك أكبر من إحصائها في مقابلة صحفية، خصوصا في ظل تنفيذ الدول العربية والإسلامية لها دون اعتراض أو تمحيص أو تمييز غالبا.

وينتهي بالقول: لكن يجدر بدولنا العربية والإسلامية أن تميز بين العمل الإرهابي الحقيقي وبين العمل الخيري المدني الذي يخدم المواطن العربي والمسلم وغير المسلم في بلادنا الحبيبة، خصوصا إذا علمنا أن أكثر من 55 % من الجمعيات الخيرية الأمريكية تقوم على أساس ديني يهودي تحديدا.

الأمريكان والجانب الدعائي

ويشير إلى ملاحظة مهمة بقوله:

أحب أن أشير إلى أن بعض الأمريكان يرون أنهم بطبيعتهم يشعرون بامتنان لما قدمه لهم العالم من خير، وهم يردون الجميل، كما قالت “سارة إنغلهارت” رئيسة مركز مؤسسة “أندرو كارنيغي” بنيويورك.

ولكن من وجهة نظري هو جانب دعائي أيضا، ولذلك فإن أكثر هذه الأموال الخيرية تذهب إلى إسرائيل، ولا أحد يمكن أن يقول إن إسرائيل هي من دعمت أمريكا، بل هي نقطة استنزاف للموارد المالية الأمريكية دائما.

وأختم بنقطة أصيلة في نظامنا الاقتصادي الإسلامي والعمل الخيري والتطوعي فيه، وهي نقطة مضيئة أضاءت التاريخ الاقتصادي الإسلامي لقرون طويلة، وهي نظام الوقف الإسلامي، والذي كان على مر القرون الإسلامية مصدر رغد ورفاهية اجتماعية لكل من كان يعيش في الدولة الإسلامية العظمى شرقا وغربا، من مسلمين وغير مسلمين..

والوقف يحتاج إلى حلقات وحلقات ولقاءات، ولكن أختصر القول بأن نظام الوقف كان يختصر كثيرا من النفقات المناطة بالدولة الإسلامية والوظائف الاقتصادية التي تحتاج لموارد مالية وبشرية، وذلك من خلال ما يوفره من مشاريع متنوعة تغطي كافة الاحتياجات الاجتماعية التي تكلمت عنها كتب التاريخ الاقتصادي.

الزكاة فقط وليس ضرائب

أما فيما يخص طرح البديل وهل أن نطرح البديل وهو أن تقوم الزكاة بالإعفاء الضريبي في بعض البلدان مثلا حتى يتشجع أهل الخير لدفع مسيرة الخير في البلدان الإسلامية؟؟

في هذا السياق يبين الأستاذ خالد المصري انه لا يوجد شيء في الإسلام اسمه ضرائب ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام يأخذون ضرائب من المسلمين على أموالهم ، وإنما هناك في الإسلام الزكاة على اختلاف أنواعها فهناك ” زكاة المال ” وزكاة الفطر ” والزكاة فرض على كل مسلم ومسلمة وهناك ” الصدقات ” وهي ليست فرضاً ولكن الله كتب أجراً عظيما لمن يخرج الصدقات في الإسلام ..

يستطيع المجتمع الإسلامي أن يزدهر وينمو وتدفق السيولة في الاقتصاد بمجرد فقط الالتزام بالزكوات والصدقات المفروضة على المسلمين ، وهذا قمة الأعمال الخيرية التي تقدم للفقراء والمساكين والمحتاجين ، وفي هذا تفرد المشرع الإسلامي بفرض أمر الزكاة على الفقراء والمحتاجين حتى لا يكون في المجتمع طبقية يحقد فقيرها على غنيها ، ويكون بذلك التشريع الإسلامي قد سبق الحضارات الغربية بأسرها في الأعمال الخيرية وأمر الإنفاق على الفقراء والمحتاجين ..

أما الدكتور بشر محمد موفق فيبين عن إمكانية طرح البديل بالقول : من المؤكد أن هذا غاية في الصعوبة، خصوصا في بعض الدول التي تفرض ضريبة على أموال الزكاة التي تقوم الجمعيات المرخصة بجمع الزكاة من الجهات الحكومية مثل وزارة الأوقاف وغيرها، فيصعب تنفيذ ها المقترح في ظل هذه التشريعات.

ولكن بالإمكان أن يتم ذلك في الدول العربية والإسلامية التي لا تفرض مثل هذه الضرائب، كما أن هذا الأمر يحتاج إلى استقلال سياسي من طرف بلادنا الحبيبة، حتى لا يخاف المتصدق والمتربع من تبعات صدقته وتبرعاته الخيرية.

أما في ظل هذه السياسات فسيبقى حال الفرد مثل السائق الذي رأى حادثة دهس امرأة في الشارع أمامه، حيث إنه حين أسعف تلك المرأة ونقلها إلى المستشفى، فقد تم اتهامه بأنه هو القاتل مرتكب الحادث، وعلى ذلك صار الناس يفضلون أن يتركوا المصابين في الشارع خوفا من أن يتحملوا جرم المصيبة إن قدموا هذه الخدمة والمساعدة للمصابين.

لذلك فإن الأمر يحتاج إلى تضافر القوى الحكومية والوعي الفردي، والتسخير الإعلامي الهادف، والتثقيف الشرعي، وحين تكامل هذه الجوانب سنرفع رأسنا بالعمل الخيري في بلادنا الحبيبة.

أخطاء العمل الخيري الأمريكي

أما عن أسباب نجاح العمل الخيري الأمريكي بهذا الشكل والناس ليس عندهم لا دين ولا ورع ، ونحن الذين عندنا الدين والورع تباطأنا كثيرا ؟؟

فيقول الدكتور مهند العلام :

لم ينجح العمل الخيري الأمريكي من المنظور الإسلامي لأنه وقع في أخطاء في ثلاثةً مستوياتٍ:

§       أخطاء تمس العقيدة، فوقعوا بسبب الكفر من خلال تعظيم غير الله بقلوبهم واستهزاؤهم برسل الله عليهم الصلاة والسلام حين نرى إعادة الاستهزاء وترسيخَه ليكون ظاهرةً لتضغط النصرانية الغربية فيها على المسلمين، ليكون انفجارًا مما يغيِّر سلوكهم ليكون ذلك ذريعةً لضربهم واستئصالهم.

§       ووقعوا في الأخطاء السلوكية. الرغبة في القتل، والرغبة في الإخراج، والرغبة في سجن أهل الحق…

§       ووقعوا في الأخطاء الخلقية. وهي تمثل توصيفًا للسلوك بسبب الباعث، فالباعث هو الكفر لأنه حالةُ تيهٍ وحيرة، وبعد ذلك يظهر الاعوجاج الخلقي مما يعين على عدم الوصول إلى الهداية ما يُرى من الإباحية والفسوق على أرض الغرب، وقد سرى هذا الأمر مع الأسف إلى بلاد الإسلام، وبدأ ينتشر فيها انتشارًا شديدًا.

هم يريدون إلغاء المقاومة، ويريدون إلغاء فكرة الجهاد، فقد ألغي الجهاد الآن من الخليج، حيث ألغي تشريع الجهاد من الكتب، فالمناهج صدرت في دول الخليج ألغي فيها ذكر الجهاد إلغاء تامًّا.

ومثلها تماما الباعث للأعمال الخيرية التي ينادون به. فباعثه هو الكفر ولذا سنتوقع الكثير منهم ليس في خير البشرية بقدر ما هو تعزيز لنظامهم الرأسمالي.

إحصاءات مهمة عن التبرعات الأمريكية

وأخيرا لكي نبين حجم التقدم الغربي في مجال العمل الخيري والتبرعات نقدم بعض الإحصاءات عن التبرعات في الغرب :

–         في أمريكا وصل مجموع التبرعات لسنة واحدة فقط 212 بليون دولار وهذا رقم كبير جدا .

–         مجموع التبرعات من الوصايا للعمل الخيري في أمريكا 16.33بليون دولار.

–         مجموع تبرعات الأوقاف في أمريكا 25.9 بليون دولار.

–         مجموع التبرعات للمنظمات الدينية في أمريكا 80.96 بليون دولار.

–         مجموع التبرعات للخدمات الإنسانية 20 بليون دولار .

–         مجموع التبرعات للحيوانات في سنة واحده 6 بليون دولار.

–         تطوع الأفراد خلال خلال 12 شهراً 89% من ألأسر الأمريكية متوسط تبرع الأسرة 1600 دولار .

–         وفي بريطانيا 30% من المواطنين يتبرعون للأعمال الخيرية مجموع تبرعاتهم في سنة واحدة فقط 5.76 بليون جنية إسترليني.

–         وفي هونكو وصل مجموع التبرعات 26بليون دولار.

–     وحتى فلسطين المحتلة لها نصيب  في التبرعات للأعمال الخيرية حيث أن 57% من المواطنين  يتبرعون بحوالي 47 مليون شيكل  وستة ملايين ساعة في السنة.

–     وصلت تبرعات اليهود إلى حوالي 465 مليون شيكل ومائة وخمسة وخمسون ساعة لكل فرد.

وأن هناك تبرعات مميزة  ووهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام:-

الأول:      تبرعات تزيد عن بليون دولار   أشهر من عرفوا في هذا القسم من التبرعات هم :

‌أ-    ويليم هليوت تبرع ب6بلايين  دولار

‌ب-بيل جيتس وزوجته تبرعوا بـ بليون دولار

الثاني:     تبرعات تفوق مائة مليون دولار ( أي تتراوح مابين 100مليون دولار- إلى 360 مليون دولار ).

الثالث:      تبرعات من 10 مليون دولار  – إلى 100 مليون دولار.

في حين أن التبرعات للعمل الخيري في بلادنا العربية والإسلامية لم تصل إلى ذلك المستوى والحجم فلماذا لا تترقي مستويات التبرعات من قبل رجال الأعمال والأغنياء في بلادنا إلى المستوى الغربي ؟؟, هذه دعوة منا ودعاء أن ينشط العمل الخيري في بلادنا الإسلامية فنحن أولى بهذا العمل من غيرنا لان شرعنا الإسلامي يحثنا ويدعونا إليه .

المصدر: http://www.medadcenter.com/Investigations/ItemDetails.aspx?ID=283