مقال: ثنائية الأمن والاقتصاد كما يراها الإسلام – هايل طشطوش

ثنائية الأمن والاقتصاد كما يراها الإسلام

هايل عبد المولى طشطوش

    ارتبط النمو الاقتصادي والتطور المعاشي للإنسان منذ البدء بحالة الاستقرار والأمن التي تسود ربوع مناطق سكناه وعمرانه وهذا مما لاشك فيه أمر مستساغ تقبله الفطرة ، فبغير الأمن يصعب على الإنسان التحرك والبحث وبالتالي القيام بما هو ضروري لمعاشة ونمو حياته وتقدم صناعته وزراعته وتجارته ، ولنفهم ذلك علينا أن نتخيل مجتمعا يغص بالحروب والمشكلات المختلفة ما بين قتل وذبح وسرقة وخوف واعتداء على الأنفس والأموال والأعراض فكيف يكون حال النمو الاقتصادي والتطور العمراني فيه ..؟؟؟ إن واقع المجتمعات التي فقدت الأمن صعبة لا مجال لوصفها ، والإسلام ممثلا بالقران العظيم وسنه الحبيب الكريم جسد هذه الثنائية بابهى صورها حيث لا ينفصم عرى الحبل المتين والرباط الوثيق بين المعاش وبين الأمن والاستقرار ، حيث يقول ربنا جل وعلا في محكم تنزيلة :” الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ” فإذا توفر الطعام لابد ان يصاحبه توفر الأمن لكي يهنأ  الإنسان بهذا الطعام ولا يمكن تحصيل وإدراك الطعام وأدوات العيش بغير امن واستقرار ، ولبيان ذلك يقول نبينا الكريم :” من بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ”  ، يتحقق الأمن بتوفر الاقتصاد الرغيد وينعم الإنسان بهذا الخير الوفير إذا كان توأمه الأمن والسكينة وراحة البال ، وقد شجع الإسلام على الاهتمام بتوفير الاقتصاد القوي ليتاتئ من خلاله الأمن حيث أمر علية الصلاة والسلام بزراعه الأرض وعدم تعطيلها وتشجيعه على زراعتها وفلاحتها حيث يقول :” من كانت له ارض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ”  ، ويتبين الارتباط بين الجانبين من خلال الحث على العمل والبذل والنشاط ليتوفر لإفراد الأمة كل ما يحتاجون من سلع وخدمات ومن ابرز الادله على ذلك هو ذكر كلمة العمل وما يتعلق بها أكثر من ثلاثمائة مرة في القرآن الكريم، ومن تمام توفر الأمن والاستقرار في المجتمع هو التوزيع العادل للثروة والإنتاج المتحقق بين أعضاء المجتمع المسلم وضرورة أن يستفيد كل أفراد المجتمع  من هذه الخيرات بما فيهم الضعفاء والعجزة والفقراء من خلال نظام دقيق للتكافل والضمان الاجتماعي ، وقد وردت توجيهات عديدة في شأن الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، وكلها تضمن ضبط هذه العناصر لتحقق أثرها في استقرار المجتمع المسلم وضمان أمنه ، وأكد الإسلام على ضرورة توازن العلاقة بينها كي لا يفسد اقتصاد المجتمع وبالتالي يفسد امن المجتمع  واستقراره . ولا شك أن ضبط عملية الإنتاج والتوزيع والاستهلاك يساهم وبشكل واضح في توفر الأمن الاقتصادي في المجتمع المسلم .

نشرت في جريدة الرأي الأردنية العدد 14499 تاريخ 22/6/2010