مقال: تجارة العملات عبر الإنترنت ( فوريكس ) – رفيق يونس المصري

تجارة العملات عبر الإنترنت ( فوريكس )
قلم : البروفيسور رفيق يونس المصري
المصدر: موقعه الشخصي
الرابط المباشر:  اضغط هنا
 
فوريكس Forex منحوتة من كلمتين باللغة الإنكليزية Foreign Exchange، ومعناها العملات الأجنبية، أو صرف العملات الأجنبية. وهذه المعاملة جديدة وموجهة لبلدان الخليج خصوصًا، ولمن عندهم فائض نقدي يريدون استثماره، من أجل متابعة شفط أموال المواطنين والمقيمين فيه، لصالح جهات أجنبية خفية، كالجهات الأجنبية المستفيدة من البورصات التي يتم نشرها في جميع بلدان العالم. ويتم الترويج لهذه المعاملة حاليًا بكل الوسائل : الإنترنت، المواقع، القنوات الفضائية التي تحمل اسم المعاملة … إلخ.
 
وتتم هذه المعاملة بأن يقوم شخص بإيداع مبلغ من المال في حساب خاص لهذا الغرض، مثلاً 500 دولار، وهو المبلغ الذي يخاطر به العميل ( مبلغ الخطر )، ويعزز هذا المبلغ (الهامش) بقرض 500 ألف دولار مثلاً، لا يسمونه بهذا الاسم، مراعاة للبيئة الإسلامية، وهو عبارة عن “رافعة” لأرباح وخسائر العميل، وأهم من ذلك أنه رافعة لعمولات البنك وفوائده الخفية. وهذا القرض مضمون الاسترداد هو وفوائده، لأنه يبقى في حساب العميل ضمن البنك، يسترده البنك عند تصفية العملية التي تقع تحت سمعه وبصره من ألفها إلى يائها، وهذا من الهندسات المالية الجديدة التي تحمي البنوك من القروض المتعثرة.
ويتقاضى البنك عمولة ( تختلط بالفائدة، ولكنها تسمى باسم آخر “عمولة” مراعاة لمشاعر المسلمين في بلدان الخليج )، ويتقاضاها البنك عن كل عملية بيع وشراء للعملات الأجنبية من قبل العميل. وقد تبدو العمولة في معدلها المصرح به تافهة جدًا، ولكن هذا المعدل ليس معدلاً سنويًا كمعدل الفائدة، بل هو معدل يومي، بل لحظي،  يؤخذ على كل عملية بيع وشراء. ويطبق هذا المعدل على الرافعة، أي على المبلغ الكبير، فتصبح عمولات فاحشة، هي في حقيقتها عبارة عن عمولات تخفي في باطنها معدلات فائدة على مبلغ الرافعة ( القرض )، سرعان ما تقضي على مبلغ “الهامش” أو مبلغ الخطر الذي أودعه العميل في البنك. هل تصدّق أيها المسلم أن مثل هذه الجهات الخبيثة يمكن أن تمنحك قرضًا بدون فائدة، حتى لو كان بمبلغ تافه؟!
ثم من أجل أي شيء يمنحك مثل هذا الشخص قرضًا بلا فائدة؟ هل تعتقد أنه أسلم؟ أم تعتقد أنه يتفانى في خدمتك وخدمة دينك؟ هل يمنحك قرضًا بلا فائدة من أجل غذاء أم دواء أم من أجل ضرورة من ضرورات الحياة، يمليها عليه ضميره الحيّ؟ إنه يمنحك قرضًا بلا فائدة من أجل أن يعينك على لعب القمار لكي تصير مدمنًا! ألا ترى كم هي الغاية نبيلة، وكم هو نبيل؟ وكم هو محسن؟ إنه ذو إحسان مركّب مثل تركيب الفوائد المركّبة، ومثل تراكب الفواحش التي يجرّ بعضها بعضًا!
هذه المعاملة هي عبارة عن عمليات مضاربة على الأسعار ( قمار )، كالتي تحدث في البورصات، لا علاقة لها أبدًا بتجارة العملات، فليس هناك تجارة عملات حقيقية، إنما هناك عمليات وهمية لا تقابض فيها ( لا قبض ولا دفع )، وهي مجرد فروق أسعار صرف، وتدخل في الاقتصاد المالي الوهمي المضاربي غير الحقيقي، وهو الاقتصاد الذي أشعل الأزمة المالية العالمية 2008م. وقد جاء التعامل بها في وقت غير مناسب أبدًا لحل الأزمة، بل هو مناسب لتأجيج الأزمة. واختيرت هذه العبارة “تجارة العملات” للإيحاء بأن المعاملة مشروعة إسلاميًا، فالإسلام يجيز التجارة بالعملات ما دامت المعاملة عاجلة غير آجلة. 
هذه العملية عبارة عن ربا وقمار وخداع ونهب وابتزاز، وهناك فتوى منشورة على الإنترنت باسم خالد الرفاعي، وهو نكرة اسمًا وعِلمًا، وقد يكون اسمًا مستعارًا، هذه الفتوى في غاية السذاجة من الناحية الفقهية والمنهجية، وترمي لترويج هذه المعاملة المشبوهة في أوساط السذج أو الذين يقعون في فخ القمار في عالمنا الإسلامي. نعم ربما يكون هناك من يساعد هذه الجهات الخبيثة على خداع المسلمين، في مقابل مبالغ مالية ( أجور فتوى! ). وكثيرًا ما يعتمد فن التسويق اليوم، لاسيما تحت حكم الرأسمالية الخادعة وسيطرتها على العالم، كثيرًا ما يعتمد على الخداع، حتى صار يسميه البعض : علم الخداع، أو فن الخداع! نسأل الله العافية من الخداع، وممن يساعدون على الخداع، ممن يرتدون ثياب العلم وأهله! 
ومن الصرعات الحديثة اليوم فتح أبواب التعليق على الفتاوى من جمهور الناس، الذين قد يندسّ بينهم الكثيرون ممن يعملون خفيةً لصالح تلك الجهات الخبيثة، لقاء أجر، من أجل التشغيب على الفتاوى التي لا يريدونها، وتضرّ بمصالحهم اللعينة!